مرجان
12-13-2014, 05:20 AM
علي الغانم: التجّار ... هم من بدأوا بترسيخ الديموقراطية وانتخبوا العائلة الحاكمة ... ووقفوا معها إلى اليوم
فتح لـ «الراي» وبرنامج «شخصيات كويتية» صفحات مؤثرة في تاريخ الكويت ... أملاً بمستقبل مشرق
13 ديسمبر 2014
http://s3.alraimedia.com/CMS/Attachments/2014/12/12/420936_30240_Org__-__RT728x0-_OS945x1260-_RD728x970-.jpg
علي الغانم
| حوار حمد السهيل |
الخطيب كان يقود المعارضة ويعمل بإخلاص ولم يسيء لأحد ... هذه هي الديموقراطية للشباب أقول ... الحكومة قد تعجز عن دفع رواتبكم فاضمنوا مستقبلكم وأطرقوا باب «الخاص»
• «الدغدغة» أدّت إلى نتائج سلبية وأهدرت مليارات الدنانير في طريق غير صحيح
• الشعب الألماني من الشعوب التي أفتخر وأعجب بها جداً لأنه محب لوطنه
• جلسنا أنا والشيخ سعد والنيباري لمناقشة «تحرير النفط» واقتنع رحمه الله ووافق على إيقاف هيمنة الشركات الأجنبية ... وهذا مفخرة للكويت
• الشيخ جابر - رحمه الله - من الشخصيات المميّزة وعقليته لعبت دوراً أساسياً في تطوّر الكويت
• كنا جميعاً إخواناً شيعة وسنّة ... نعتبر أنفسنا مسلمين وكويتيين ولا يفرّقنا شيء
• أسّس الشيخ جابر في العام 1960 لجنة استشارية من شخصيات عالمية اقترحت إنشاء «الشعيبة الصناعية» كمنطقة خاصة بالصناعات النفطية
• كلّفني الشيخ جابر متابعة مشروع «الشعيبة الصناعية» على الرغم من صغر سنّي وأظهر دعماً كبيراً لي حفّزني على القيام بتلك المهمة
• الإنسان المؤمن بحق ... يعتبر الزوجة شيئاً أساسياً في حياته
• مجلس 1971 من أنجح المجالس ... عملنا بقلب رجل واحد
بكلمات «ناصحة»، من أجل المستقبل، و«ناقدة» لماحدث وما قد يحدث، و«شاهدة» على محطات وأحداث وحقبات في تاريخ الكويت، فتح رئيس مجلس ادارة غرفة التجارة والصناعة، العم علي الغانم، الصفحات المؤثرة في حياته الدراسية والتجارية والسياسية، وحياة الوطن «الذي يستحق الاخلاص والعمل والتضحيات».
ففي لقاء، اعتبره «من النقاط المسجلة في تاريخ حياتي»، تحدّث الغانم لـ «الراي» وبرنامج «شخصيات كويتية» الذي سيبث عبر اذاعة وتلفزيون الكويت لاحقاً عن «البدايات غير السهلة»، ونقاط التحول الى الايجابيات، ودور المغفور له الشيخ جابرالاحمد - رحمه الله - في تطوّر الكويت، وتجربة تأسيس منطقة الشعيبة الصناعية، بما حملته من تحديات ونجاحات... وقرارات شجاعة.
ومن عالم الاقتصاد الى عالم السياسة، كان الحديث عن «تجربة وطن ورجال دولة، ضحوا كثيراً في سبيل الديموقراطية»، وفي هذا السياق قال:«والدي رحمه الله كان لديه بعض الأمور السياسية، واستكملها أخي عبداللطيف رحمه الله مع مجموعة من رجال الكويت في مجلس 1938... ونتيجة لذلك قام المرحوم عبدالله السالم، وبسبب علاقته مع هذه المجموعة وقناعته وإيمانه بالديموقراطية بترسيخ مبادئها في أوائل الستينات، فكان أول رئيس للمجلس التأسيسي هو أخي عبداللطيف الغانم... تلك الظروف التي مرت غرست في نفسي الأمور السياسية».
وبكثير من الدقة أشار الغانم الى ان «مجلس 1971 كان من أنجح المجالس، فقد عملنا بقلب رجل واحد... فكلنا كويتيون ولا توجد تفرقة بيننا، و كان الجميع معارضة وحكومة ومؤيداً لها ينبثق منهم جميعاً الإيمان الصادق بهذا الوطن، لذلك كنا جميعاً إخوان شيعة وسنة نعتبر أنفسنا مسلمين وكويتيين ولا يفرقنا شيء». وعن المعارضة قديماً، ذكر ان «الدكتور أحمد الخطيب كان يقود المعارضة، ويعمل بحب وإخلاص للبلد، ولم يتعرض بكلمة تسيء لأي شخص... فهذه هي الديموقراطية» مضيفا: «للأسف الشديد في بداية منتصف الثمانينات، بدأت المجالس النيابية تتغير في أدائها، وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات أصبح كل تفكيرالنائب كيفية إعادة انتخابه، وبدأت دغدغة المشاعر التي أدت إلى نتائج سلبية، وأهدرت بلايين من الدنانير في طريق غير صحيح».
وتحدث الغانم عن تاريخ التجار في الكويت، «فهم من بدأوا في التفكير بترسيخ الديموقراطية وهم من انتخبوا العائلة الحاكمة... ووقفوا معها إلى اليوم، فقبل النفط كان التجار هم الممولون لميزانية الدولة»، مبينا أن غرفة التجارة والصناعة مستقلة وبعيدة عن البيروقراطية ولا تتلقى أوامر ولا مساعدات من أحد ولا تتدخل الحكومة في أمورها».
ووجه الغانم أملا بمستقبل مشرق لهذا الوطن رسالة مفادها:«لا تغرنكم الوظائف الحكومية، فهناك مجالات شاسعة في القطاع الخاص ومردودها المالي والاجتماعي أضعاف ما تتقاضونه في الوظائف الحكومية»،مشيرا الى ان«الحكومة في يوم من الأيام قد تضطر، ومع انخفاض سعر النفط، واستمراره في الهبوط، أو قد تعجزعن دفع رواتبكم، لذلك اضمنوا مستقبلكم وأطرقوا باب القطاع الخاص، لأن به كثيراً من المجالات».
وفي مايلي تفاصيل اللقاء:
• العم علي الغانم... شكراً لقبولك الدعوة، وتخصيص جزء من وقتك لنا في هذا اللقاء الخاص.؟
- أنا أعتزوأفتخر دائماً بوجودي بين مجموعة من الشباب الكويتيين، لإيماني الكامل بهم، لذلك هذه المقابلة ستكون من النقاط المسجلة في تاريخ حياتي، لأنه بعد خبرتي الحياتية الطويلة يهمني جداً أن ألتقي بالشباب، وأن أوجّه لهم كل التحية... وأقول للشباب الكويتي، أنهم هم مستقبل الكويت، وهم من بإمكانهم أن ينجزوا، ويحفظوا وطننا مستقبلاً.
البدايات... وأهمية التعليم
• من المؤكد أن كل إنسان مرّ في حياته بعدة مراحل... حدثنا عن بدايات حياتك ؟
- أي إنسان عندما يتكلم عن مراحل حياته، فدائماً الأمور فيها ليست بتلك السهولة، ولا يمكن أن تختصرها بوقت معين.. فمن الممكن أن يحتاج الإنسان لساعات وساعات لسرد ما مر به من أحداث، ولكن من الممكن قياسها بمراحل الإنجازات في حياة الشخص أثناء شبابه، وفي حياته العائلية، وفي حياته العملية، وفي خدمة وطنة، ومشاركته بأمور يكون مؤداها في النهاية خدمة هذا الوطن ورفعته.
أنا ولدت في منطقة القبلة في الكويت في العام 1937، وكانت دراستي الأولية في الكويت، ثم ذهب والدي رحمه الله إلى البصرة مع مجموعة من التجار الكويتيين بسبب تجارة التمور والتي كانت رائجة في ذلك الوقت عند الكويتيين بسبب ارتباطهم تجارياً عن طريق السفن الشراعية مع دول الهند وافريقيا وبعض الدول.
ووالدي رحمه الله كان أهم ما عنده هو غرس قيم الإيمان الصادق والتعليم الجيد في أبنائه، ولهذا السبب كان حريصاً رحمه الله عليّ وعلى اخوتي بالحاقنا في التعليم الجيد، ولذلك أرسلني والدي في العام 1949 إلى الإسكندرية للالتحاق بكلية فيكتوريا، وكانت كلية إنكليزية مشهورة ومعروفة بمستواها التعليمي العالي، وهناك شخصيات قيادية عربية عديدة خريجة كلية فيكتوريا.
بين أميركا وألمانيا
أمضيت الفترة من العام 1949 إلى العام 1954 في كلية فيكتوريا، وفي العام 1954 وبعد دراستي للهندسة الميكانيكية والتي اخترتها لشغفي بها منذ الصغر، قررت أن أكمل دراستي الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية، وفعلاً قمت بالاتصال بعدة جامعات وحصلت على القبول من جامعة مميزة جدا هي جامعة ميتشغن، وقررت السفر إلى هناك والدراسة فيها، وكان ذلك وأنا في عمر 21 عاماً.
وفي العام 1955 قرر المرحوم والدي أن يقوم بزيارة إلى ألمانيا، وطلب مني أن أرافقه في تلك الرحلة، وبعد أن تنتهي الزيارة أقوم بالسفر إلى الولايات المتحدة للدراسة، وهم يعودون إلى أرض الوطن.
كان مشهوراً في تلك الأيام مشروب «سينالكوا»، وكان والدي وكيل هذا المنتج في الكويت والعراق، وأثناء وجودنا في هامبورغ دعانا رئيس مجلس إدارة تلك الشركة إلى دعوة عشاء عائلية.
وفي أثناء العشاء سألني مضيفنا الألماني (السيد جلو) عن سبب اختياري للولايات المتحدة لتكون مكاناً لاستكمال دراستي، وأجبته لأن جامعاتها من الجامعات المشهورة والكبيرة، وأيضاً للغتي القوية، وثقافتي الإنكليزية وغيرها من الأسباب التي جعلتني أختار الولايات المتحدة، وقد حاول السيد جلو أن يقنعني بالبقاء في ألمانيا، وتوافق اقتراحه مع رغبة الوالد في عدم ذهابي إلى الولايات المتحدة.
نقطة تحوّل
وبعد محاولات عدة، اقتنعت بالبقاء في ألمانيا، وقررت أن استكمل دراستي في ألمانيا، وكانت هذه نقطة من النقاط التي حولت مجرى حياتي إلى إيجابيات لن أنساها.
الشعب الألماني من الشعوب التي أفتخر وأعجب بها جداً، لأنهم من الشعوب المحبة لوطنهم بطريقة كبيرة، ولديهم إيمان قوي بحب الأرض والتكاتف في الأزمات، وعدم وجود تفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وإيمانهم بأهمية العمل، وأن من يعمل ويجد، فمن حقه أن يكون في مستوى مادي أكبر من الآخر.
تلك الأمور تعلمتها من الألمان وكانت هي الوازع الحقيقي، واستفدت من الدراسة في ألمانيا، وكانت تلك الفترة هي التي بلورت شخصيتي العملية، وكان ذلك الوقت بعد الحرب العالمية، وكانت بداية صناعة السيارات الألمانية، وكانت شركةbmw مصنعا لمحركات الطائرات، وبدأوا قبل الحرب بقليل بإنتاج السيارات، وبدأت شركة bmw بعد الحرب بقليل بإعادة إنتاج السيارات، وقامت بإنتاج سيارة صغيرة «باب واحد»، وكانت تلك أول سيارة أمتلكها في حياتي، ولدي اعتزاز خاص بها، لدرجة أنني بعد زمن نشرت إعلاناً للبحث عن سيارة مماثلة، وقمت بشرائها وموجودة عندي إلى الآن.
المغفور له الشيخ جابر الأحمد
• وماذا ما بعد ألمانيا؟
- بعد تخرجي في العام 1961، وعودتي إلى الكويت، كانت تربطني عن طريق بعض الأخوة علاقة مع المرحوم الشيخ جابر، وكان بيننا اتصال اسبوعي، وكانت لدي قناعة بأن الشيخ جابر الأحمد من الشخصيات المميزة في الكويت، وعقليته سوف تلعب دورا أساسياً في تطوير الكويت.
ومن النقاط المهمة التي أود ذكرها أن الشيخ جابر رحمه الله، وأثناء توليه وزارة المالية في العام 1960، قام بتأسيس لجنة استشارية مالية، وهذه اللجنة مكونة من شخصيات عالمية مميزة منها، لوجين بلاك رئيس البنك الدولي في ذلك الوقت، والبروفيسور أبس، وهو من الشخصيات الاقتصادية الألمانية المشهورة، ورئيس مجلس إدارة بنك الدوتشه، وهو أكبر بنك في ألمانيا، ورئيس مجلس إدارة ubs من أكبر بنوك سويسرا ومعهم الدكتور فخر شهاب.
كانت هذه اللجنة تجتمع من 3 إلى 4 مرات سنوياً مع الشيخ جابر، وتعطيه بعض الآراء الاقتصادية ومنها هيئة الاستثمار، والصندوق الكويتي للتنمية العربية، واقترحت أن يقوم بإنشاء منطقة صناعية خاصة بالصناعات النفطية في الكويت وهي منطقة الشعيبة الصناعية، وأمور كثيرة قامت بها هذه اللجنة.
تأسيس «الشعيبة الصناعية»
في أحد الأيام استدعاني سكرتير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله عندما كان وزيراً للمالية، وقال لي بأنه يريد تأسيس منطقة صناعية على مستوى عالمي، وأنه قد استدعى شخصية عالمية في صناعة البتروكيماويات وهو الدنماركي هالدر توبسو.
قام السيد توبسو بعمل تصميم لمنطقة صناعية (الشعيبة) وقام الشيخ جابر رحمه الله بتكليفي بمتابعة تلك المنطقة الصناعية على الرغم من صغر سني وحداثة تخرجي في الجامعة، وأظهر دعماً كبيراً لي ما حفزني على القيام بتلك المهمة.
وبعد موافقتي على القيام بذلك، قلت له رجاء لدي بعض الملاحظات، فإنني أتمنى أن تأخذ تلك المؤسسة الصناعية صفة تختلف عن مؤسسات الدولة، فتكون كمؤسسة تملكها الحكومة لكن قطاع خاص، أي كهيئة مستقلة لا تخضع للروتين الحكومي، وكانت تدار من قبل مجلس إدارة مكون من 15 شخصية كويتية، وطلب مني الشيخ جابر رحمه الله أن أكون رئيس مجلس الإدارة، فاقترحت بأن يكون الشيخ جابر رئيس مجلس الإدارة، وأن أكون عضوا منتدبا متفرغاً لأعمال الإدارة، لأن نجاح مؤسسة الشعيبة مرتبط بأن يكون على رأسه قيادة مهمة بحجم الشيخ جابر، وأصبح الشيخ جابر رئيس مجلس الإدارة، وكانت القرارات تؤخذ من مجلس الإدارة ولا تؤخذ بصفة فردية من رئيس مجلس الإدارة، وكان ذلك تأسيساً للمبدأ الديموقراطي والإداري الصحيح في اتخاذ القرارات، وبدأنا بالعمل في منطقة الشعيبة الصناعية، وأصبحت مثالاً على مستوى دول الخليج.
تنمية صناعة البتروكيماويات
• ما الإنجازات التي تمت من مشروع المنطقة الصناعية بالشعيبة؟
- كان الهدف من المنطقة كلها هو تنمية صناعة البتروكيماويات، وفعلاً قمنا بإنشاء أول مصنع للأسمدة الكيماوية في الكويت، ثم بدأنا في بناء إحدى أكبر محطات الكهرباء في الشعيبة، وأيضاً بناء الميناء حيث بدأ البناء في العام 1962، وانتهى في العام 1968، وأثناء مراحل البناء كانت الكويت معتمدة على ميناء الشويخ، في حين كان العراق في نهضة، وتعتمد شبه اعتماد كلي على ميناء الشويخ، ومع هذا الضغط الكبير على ميناء الشويخ من السفن، وانتظار السفن العراقية قام رئيس الوزراء العراقي في ذلك الوقت بزيارة لمناقشة مشاكل الميناء، واجتمع مع الشيخ جابر الصباح، واتصل بي الشيخ جابر لزيارته وطرح المشكلة عليّ، وأفاد بأنه لا يمكن أن تستوعب طاقة ميناء الشويخ كل تلك السفن المتجهة إلى الكويت بالبضائع العراقية.
وكان الحل هو ميناء الشعيبة، ومع طول فترة إنجاز الميناء طلب الشيخ جابر رحمه الله أن يتم إنجاز الميناء في فترة ثمانية أشهر لحل مشكلة الضغط على ميناء الشويخ، فوعدته بالمحاولة والرد بعد الاجتماع مع اللجنة المسؤولة عن الميناء والاستشاريين والمقاول وكانت شركة ألمانية.
وكان رد المقاول أنه يستطيع ذلك، ولكن تواجهه مشكلة في الحفر، ولكن في حال تعويضه، سيستطيع جلب حفارات أكثر لإنجاز المشروع في وقت أقل، وطلبت منه أن يعطيني عرض سعر بالزيادة المطلوبة لإنجاز المشروع، وبعد ثلاثة أيام طلب 250 الف دينار في العام 1964 وهو ما يعادل 50 الى 60 مليون دينار اليوم.
وشرحت للشيخ جابر الوضع الحالي، ورؤية المقاول وأجابني بالموافقة شريطة، أن يتم إنجاز المشروع في الوقت المطلوب.
بعد ذلك تم انجاز المشروع في الوقت المحدد، وتم تشغيل ميناء الشعيبة، وتدفقت السفن خاصة العراقية على الميناء، ونتيجة لهذا التدفق ازدادت الأرباح على الميناء بما يوافق تقريباً 600 ألف دينار في هذه الفترة، وهو أكثر من ضعف ما صرفناه، وهذا يبرز مدى بعد رؤية الشيخ جابر رحمه الله وشجاعته في اتخاذ القرار.
الديموقراطية
• كما تحدثت سيادتكم عن طريقة اتخاذ القرارات في مجلس الإدارة فإننا يحق لنا أن نفتخر بالديموقراطية الموجودة عندنا في الكويت.
- فعلاً ليس فقط أن نفتخر بالديموقراطية بل نفتخر بالقيادة، الشيخ جابر رحمه الله كان وزيراً للمالية، وكان قبله الشيخ عبدالله السالم، ويعتبر الشيخ جابر من أبنائه المميزين، وكان له ثـــقة كبيرة فيه، والشيخ جابر كان دائماً حريصاً على ارتباطه القوي بكثير من اخوانه الكويتيين، وكان لديه طابع مميز في الاســـــتئناس بــآراء أكبر مجموعة ممكنة.
الحياة الأسرية
• ماذا بعد مرحلة أول وظيفة شغلها السيد علي محمد ثنيان الغانم، ماذا عن الزواج وتكوين الأسرة... هل شغل تفكيرك في ذلك الوقت؟
- أعتقد أي إنسان يفكر في مستقبله لابد أن يأخذ بالاعتبار الحياة الزوجية، لأن الإنسان المؤمن بحق يعتبر الزوجة شيئا أساسيا في حياته، والإنسان الذي يوفق بالزوجة الصالحة، فهي أساس الحياة وهي أساس تنمية الأبناء، فالمجتمعات الناجحة في كل العالم تبدأ بنجاح الزوجة، ونجاح المرأة لما لها دور كبير، فهي التي تبني المنزل الصالح، وهي التي تغرس في أبنائها مستوى التربية ومستوى الأخلاق.
تزوجت في العام 1967 ولله الحمد، وبفضله عليّ فقد رزقني الله بالزوجة الصالحة، والتي لها فضل كبير عليّ ألا وهو تربية الأولاد، فقد ضحت بالكثير من وقتها في سبيل الأبناء وقامت بتربيتهم تربية صالحة وغرست فيهم قيم الإيمان.
وهذا لم يمنعها من تبوؤ مناصب عليا في عملها، ولكن كانت الأولوية لتربية أبنائها، وضحت بالكثير من وقتها وجهدها في سبيل تربيتهم.
الحياة السياسية
• ماذا عن انتخابك لعضوية مجلس الأمة عام 1971 ؟
- عندما نتكلم عن الحياة السياسية، فإنها متأصلة منذ الصغر، فقد كان والدي رحمه الله لديه بعض الأمور السياسية مع مجموعة من الكويتيين واستكملها أخي عبداللطيف رحمه الله مع مجموعة من رجال الكويت في مجلس 1938، وهم ضحوا كثيراً في سبيل العملية الديموقراطية في الكويت، ونتيجة لذلك قام المرحوم عبدالله السالم، وبسبب علاقته مع هذه المجموعة وقناعته وإيمانه بالديموقراطية بترسيخ مبادئها في أوائل الستينات، وكان أول رئيس للمجلس التأسيسي في الكويت هو أخي عبداللطيف الغانم... تلك الظروف التي مرت قد غرست في نفسي الأمور السياسية.
ومجلس 1971 أعتبره من أنجح المجالس التي قامت بأمور إيجابية للكويت، فقد كنا نعمل على قلب رجل واحد، وكلنا كويتيون، ولا توجد تفرقة بيننا ونضع الكويت نصب أعيننا، ومصلحتها أولاً، وكان الجميع سواء كان معارضة أو حكومة أو مؤيدا للحكومة ينبثق منهم جميعاً الإيمان الصادق بهذا الوطن، وبمصلحته وتنميته، لذا لم تجد أي شيء طائفي، فقد كنا جميعاً إخوان شيعة وسنة نعتبر أنفسنا مسلمين وكويتيين لا يفرقنا شيء.
في ذلك الوقت كان الدكتور أحمد الخطيب يقــــود المعارضة وكان يعمل عن حب وإخلاص للبلــد، ومن خلال احتكاكي به خلال الأربع سنوات مدة وجودي بالمجلس فقد كان في كل خطاباته وكل نقاشه لم يسئ في التعبيــر، ولم يتعــرض بكلمــــة تـــســيء لأي شخص سواءً كان وزيرا أو عضوا في مجلــــس أمة... هذه هي الديمـــوقراطية.
تحرير النفط
مجلس 1971 هو الذي حرر الثروة النفطية في الكويت من هيمنة الشركات الأجنبية، وهذا يعد من أكبر الإنجازات، وفي أثناء النقاش بخصوص تحرير النفط من هيمنة الشركات الأجنبية، احتد النقاش بين الأعضاء والحكومة، وكنت مسؤولاً أنا، والسيد عبدالله النيباري فنياً عن ذلك النقاش، وفي يوم من الأيام اتصل بي أحد الأعضاء من المؤيدين للحكومة وقال لي:«أنت سليل عائلة عريقة وأعلم أن هدفك مصلحة الكويت وللصراحة أنا أجهل هذا الموضوع فأريد أن أجلس معك على انفراد لتشرح لي تلك الأمور كي أكون على علم ويكون قراري عن يقين»، وبعد جلسة معه لمدة ساعتين، شرحت له ما التبس عليه من أمور وبالأرقام، قلت له ان الجميع لديه وجهة نظر، والحكومة أيضاً لديها وجهة نظر في هذا الموضوع والكل هدفه مصلحة الكويت.
وبعد فترة رآني الشيخ سعد - رحمه الله - فناداني باسماً، وضحك بوجهي وقال لي:«أقنعت الشخص الفلاني» (مسمياً الزميــل الذي جلست معه).. فقلت له أنا ما أقنعته انــــا فقــط شرحت له قناعتي، وأثناء النقاش رد عليّ الشيخ سعد رحمه الله، وقال لي هل من الممكن أن نجلس أنا وإياك، والدكتورعبدالله النيباري لنناقش هذا الموضوع؟ وفعلاً جلسنا وناقــــشنا هــــذا الموضـــــوع واقتنع الشيخ سعد ووافق والحكومة على إيقاف هيمنة الشركات الأجنبية على النفط، وهذا يعتبر مفخرة للكويت ونموذجا طيبا للعملية النيابية من أجل تنمية الكويت.
المجالس النيابية
• ما الفرق بين تجربتكم النيابية عام 1971... والحركة النيابية الآن؟
- لابد أن أن أكون صريحا معك، أنا إلى الآن مقتنع بأننا لم نر أي مجلس مميز مثلما كان مجلس 1971 وخاصة بالنسبة للإنجاز، فللأسف الشديد في بداية منتصف الثمانينات بدأت المجالس النيابية تتغير في أدائها خاصة بالنسبة للمجتمع.
بدأت للأسف الشديد الحكومات المتتالية تختلف عن الماضي، ففي الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات كان أعضاء البرلمان اهتمامهم الكلي هو مصلحة الكويت ومستقبلها ومستقبل الفرد الكويتي، هذا الاتجاه بدأ في التغيّر خاصة في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وأصبح النائب كل تفكيره هو كيفية إعادة انتخابه، وكان يدغدغ مشاعر ناخبيه وهذه الدغدغة أدت إلى نتائج سلبية لهذا الوطن، وأهدرت بلايين من الدنانير في طريق غير صحيح.
• هل الحياة البرلمانية الكويتية تغيب عنها الرؤية المستقبلية؟
- مثلما قلت لك، كان كل أعضاء المجلس همّهم وهدفهم مصلحة البلد والفرد الكويتي، والسبب في ذلك الوقت كان تقريباً مئة بالمئة من أعضاء البرلمان كويتيين بحق، أما في الفترة الأخيرة بدأ يطعم مجلس الأمة بفئة قليلة تؤثر على الحركة النيابية، وتضع جذوراّ جديدة في المجلس وهي أن يكون هدف النائب إعادة انتخابه وليست خدمة وطنه، أنا لا أتكلم عن الجميع ولكن البعض، وليست الغالبية
أبناء صالحين.
• كيف استطعت التوفيق بين عملك في غرفة تجارة وصناعة الكويت ومشاريعك الخاصة؟
- بفضل الله قد أنعم علي بأبناء صالحين، وكلهم أكملوا دراسات مميزة، وتركت عملي للأبناء، وتفرغت للغرفة التجارية، ولخدمة الكويت عن طريق عملي بها.
• لأهمية الغرفة، وكونها عصبا أساسيا في الاقتصاد الكويتي وتوجه حكومة دولة الكويت في الفترة الأخير لتطبيق الخطة التنموية وأيضاً رؤية صاحب السمو حفظه الله الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بأن تكون الكويت مركزا ماليا إقليميا... كيف يمكن أن تتحقق هذه الرؤية من خلال غرفة تجارة وصناعة الكويت ؟.
- عندما أتكلم عن غرفة تجارة وصناعة الكويت لابد أن أعود لأكثر من ثلاثمئة سنة، وعند تأسيس الكويت أسست على أسس تجارية، وأسست على رجال الاقتصاد في الكويت، فهم من فكّر في بناء السفن الشراعية، ومن فكّر في بناء سفن الغوص واللؤلؤ، وهم من خاضوا هذه البحار، وبدأت السفن الكويتية طريقاً بين دول الخليج والعراق وإيران إلى أفريقيا والهند.
التجار هم بدأوا في التفكير في ترسيخ الحياة الديموقراطية كأساس لتنظيم العلاقة بينهم، وهم من انتخبوا العائلة الحاكمة، ووقفوا معها إلى اليوم، وقبل النفط كانوا هم الممولون لميزانية الدولة، لكن قديماً كان التجار مجموعة غير منظمة مثل اليوم.
لذلك عندما نرجع إلى تاريخ التجار الكويتيين، فلابد أن نذكر أن حركة 1921-1922 قام بها التجار، 1938 قام بها التجار، الشيخ عبدالله السالم رحمه الله عندما بدأ بوضع أول دستور كويتي كان التجار من أول المؤيدين والواقفين بجواره.
التاجر الكويتي مواطن قبل أن يكون تاجرا، ويهمه المواطنين، والسفن الشراعية كانت تمخر البحار، وكان البحرية كلهم كويتيين ويمولهم التاجر الكويتي، فكان يهمه الفرد الكويتي قبل الربح الاقتصادي، في العام 1959 بدأت الغرفة كأساس، وخرجت بقانون أقره الشيخ عبدالله السالم رحمه الله وبدأت كغرفة نظامية.
•ما هو دور«الغرفة»الآن بشكل مباشر؟
-«الغرفة»لها أهمية كبيرة جداً لأنها تمثل رجال الاقتصاد بدولة الكويت، فمن مميزاتها أنها مستقلة مئة بالمئة، وبعيدة عن البيروقراطية، ولا تتلقى أوامر، ولا مساعدات من أحد، ولا تتدخل الحكومة في أي من أمورها
• ما رسالة العم علي محمد ثنيان الغانم للشباب الكويتي ؟
- الشباب هم عصب أي دولة في العالم، فلا يمكن القيام بتنمية في أي قطاع من قطاعات الدولة قبل أن يسبقها التنمية البشرية، والتنمية البشرية لا يمكن أن تتم إلا بتنمية المجتمع، وتنمية المجتمع لا تتم إلا بتنمية الشباب، وتنمية الشباب لا تتم إلا بالتعليم المبكر وجودة التعليم من المراحل الابتدائية.
لا يمكن أن نصل إلى هذه الأمنية إلا بتنمية التعليم وبإنتاج مدرس على مستوى عال... فيجب تنمية مستوى التعليم، وهذه مشكلة غالبية الدول العربية، وكمثال دولة تونس ما تقدمت على الدول العربية إلا بتنميتها للتعليم.
أما رسالتي للشباب الكويتي فأقول لهم... لا تغركم الوظائف الحكومية، فهناك مجالات شاسعة للشباب الكويتي في القطاع الخاص ومردودها المالي والاجتماعي أضعاف ما يتقاضونه اليوم في الوظائف الحكومية، وكمثال نرى ذلك في بعض الشباب الذي دخل القطاع الخاص والنتائج التي حققها، الحكومة في يوم من الأيام قد تضطر، ومع انخفاض سعر النفط، واستمراره في الهبوط أو قد تعجزعن دفع رواتبكم، لذلك اضمنوا مستقبلكم واطرقوا باب القطاع الخاص، لأن به كثيرا من المجالات.
مسيرة إنجاز ... وعطاء
ولد العم علي محمد ثنيان الغانم في العام 1937 في الحي القبلي، وأكمل دراسته الثانوية بكلية فيكتوريا بالإسكندرية وحصل على شهادة بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة هانوفر في ألمانيا الغربية في العام 1961، وانتخب عضواً في مجلس الأمة في العام 1971 ورئيس مجلس إدارة نادي الكويت الرياضي في العام 1980.
اختير نائباً لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصناعة، ونائباً لرئيس مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية وعضوا في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت في العام 1984، ونائباً لرئيس مجلس الإدارة العام لغرفة صناعة وتجارة الكويت في العام 2000 ثم رئيساً لمجلس الإدارة في العـــام 2004. انتخب رئيسا لغرف دول مجلس التعاون الخليجي، ونائب رئيس غرفة التجارة العربية البريطانية، ورئيس مجلس إدارة شركات علي الغانم وأولاده، ورئيس مجلس إدارة شركة أعيان، وحصل على وسام الاستحقاق من ألمانيا في عام 2005.
المال زائل والتربية تدوم
يقول العم علي الغانم ان المنزل يلعب دورا أساسياً في أي عائلة بالكويت، والتربية تلعب دورا أساسيا، ومن النقاط المهمة جداً، ألا يشعر الأبناء الذين ينشأون في كنف رب أسرة ميسور الحال لا يجب أن يشعروا بأن المال هو الأساس، المال لا يسوى أي شيء بالنسبة للتربية الصالحة للأبناء. فالمال زائل لكن التربية تدوم.
ويزيد«رزقني الله بثلاثة أولاد، وبنتين لكن دائماً أقول عندي 5 بنات، و 5 أولاد لأنني أعتبر زوجات أبنائي كبناتي، وكذلك زوجا بناتي أعتبرهما كأولادي».
http://www.alraimedia.com/Articles.aspx?id=548887
فتح لـ «الراي» وبرنامج «شخصيات كويتية» صفحات مؤثرة في تاريخ الكويت ... أملاً بمستقبل مشرق
13 ديسمبر 2014
http://s3.alraimedia.com/CMS/Attachments/2014/12/12/420936_30240_Org__-__RT728x0-_OS945x1260-_RD728x970-.jpg
علي الغانم
| حوار حمد السهيل |
الخطيب كان يقود المعارضة ويعمل بإخلاص ولم يسيء لأحد ... هذه هي الديموقراطية للشباب أقول ... الحكومة قد تعجز عن دفع رواتبكم فاضمنوا مستقبلكم وأطرقوا باب «الخاص»
• «الدغدغة» أدّت إلى نتائج سلبية وأهدرت مليارات الدنانير في طريق غير صحيح
• الشعب الألماني من الشعوب التي أفتخر وأعجب بها جداً لأنه محب لوطنه
• جلسنا أنا والشيخ سعد والنيباري لمناقشة «تحرير النفط» واقتنع رحمه الله ووافق على إيقاف هيمنة الشركات الأجنبية ... وهذا مفخرة للكويت
• الشيخ جابر - رحمه الله - من الشخصيات المميّزة وعقليته لعبت دوراً أساسياً في تطوّر الكويت
• كنا جميعاً إخواناً شيعة وسنّة ... نعتبر أنفسنا مسلمين وكويتيين ولا يفرّقنا شيء
• أسّس الشيخ جابر في العام 1960 لجنة استشارية من شخصيات عالمية اقترحت إنشاء «الشعيبة الصناعية» كمنطقة خاصة بالصناعات النفطية
• كلّفني الشيخ جابر متابعة مشروع «الشعيبة الصناعية» على الرغم من صغر سنّي وأظهر دعماً كبيراً لي حفّزني على القيام بتلك المهمة
• الإنسان المؤمن بحق ... يعتبر الزوجة شيئاً أساسياً في حياته
• مجلس 1971 من أنجح المجالس ... عملنا بقلب رجل واحد
بكلمات «ناصحة»، من أجل المستقبل، و«ناقدة» لماحدث وما قد يحدث، و«شاهدة» على محطات وأحداث وحقبات في تاريخ الكويت، فتح رئيس مجلس ادارة غرفة التجارة والصناعة، العم علي الغانم، الصفحات المؤثرة في حياته الدراسية والتجارية والسياسية، وحياة الوطن «الذي يستحق الاخلاص والعمل والتضحيات».
ففي لقاء، اعتبره «من النقاط المسجلة في تاريخ حياتي»، تحدّث الغانم لـ «الراي» وبرنامج «شخصيات كويتية» الذي سيبث عبر اذاعة وتلفزيون الكويت لاحقاً عن «البدايات غير السهلة»، ونقاط التحول الى الايجابيات، ودور المغفور له الشيخ جابرالاحمد - رحمه الله - في تطوّر الكويت، وتجربة تأسيس منطقة الشعيبة الصناعية، بما حملته من تحديات ونجاحات... وقرارات شجاعة.
ومن عالم الاقتصاد الى عالم السياسة، كان الحديث عن «تجربة وطن ورجال دولة، ضحوا كثيراً في سبيل الديموقراطية»، وفي هذا السياق قال:«والدي رحمه الله كان لديه بعض الأمور السياسية، واستكملها أخي عبداللطيف رحمه الله مع مجموعة من رجال الكويت في مجلس 1938... ونتيجة لذلك قام المرحوم عبدالله السالم، وبسبب علاقته مع هذه المجموعة وقناعته وإيمانه بالديموقراطية بترسيخ مبادئها في أوائل الستينات، فكان أول رئيس للمجلس التأسيسي هو أخي عبداللطيف الغانم... تلك الظروف التي مرت غرست في نفسي الأمور السياسية».
وبكثير من الدقة أشار الغانم الى ان «مجلس 1971 كان من أنجح المجالس، فقد عملنا بقلب رجل واحد... فكلنا كويتيون ولا توجد تفرقة بيننا، و كان الجميع معارضة وحكومة ومؤيداً لها ينبثق منهم جميعاً الإيمان الصادق بهذا الوطن، لذلك كنا جميعاً إخوان شيعة وسنة نعتبر أنفسنا مسلمين وكويتيين ولا يفرقنا شيء». وعن المعارضة قديماً، ذكر ان «الدكتور أحمد الخطيب كان يقود المعارضة، ويعمل بحب وإخلاص للبلد، ولم يتعرض بكلمة تسيء لأي شخص... فهذه هي الديموقراطية» مضيفا: «للأسف الشديد في بداية منتصف الثمانينات، بدأت المجالس النيابية تتغير في أدائها، وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات أصبح كل تفكيرالنائب كيفية إعادة انتخابه، وبدأت دغدغة المشاعر التي أدت إلى نتائج سلبية، وأهدرت بلايين من الدنانير في طريق غير صحيح».
وتحدث الغانم عن تاريخ التجار في الكويت، «فهم من بدأوا في التفكير بترسيخ الديموقراطية وهم من انتخبوا العائلة الحاكمة... ووقفوا معها إلى اليوم، فقبل النفط كان التجار هم الممولون لميزانية الدولة»، مبينا أن غرفة التجارة والصناعة مستقلة وبعيدة عن البيروقراطية ولا تتلقى أوامر ولا مساعدات من أحد ولا تتدخل الحكومة في أمورها».
ووجه الغانم أملا بمستقبل مشرق لهذا الوطن رسالة مفادها:«لا تغرنكم الوظائف الحكومية، فهناك مجالات شاسعة في القطاع الخاص ومردودها المالي والاجتماعي أضعاف ما تتقاضونه في الوظائف الحكومية»،مشيرا الى ان«الحكومة في يوم من الأيام قد تضطر، ومع انخفاض سعر النفط، واستمراره في الهبوط، أو قد تعجزعن دفع رواتبكم، لذلك اضمنوا مستقبلكم وأطرقوا باب القطاع الخاص، لأن به كثيراً من المجالات».
وفي مايلي تفاصيل اللقاء:
• العم علي الغانم... شكراً لقبولك الدعوة، وتخصيص جزء من وقتك لنا في هذا اللقاء الخاص.؟
- أنا أعتزوأفتخر دائماً بوجودي بين مجموعة من الشباب الكويتيين، لإيماني الكامل بهم، لذلك هذه المقابلة ستكون من النقاط المسجلة في تاريخ حياتي، لأنه بعد خبرتي الحياتية الطويلة يهمني جداً أن ألتقي بالشباب، وأن أوجّه لهم كل التحية... وأقول للشباب الكويتي، أنهم هم مستقبل الكويت، وهم من بإمكانهم أن ينجزوا، ويحفظوا وطننا مستقبلاً.
البدايات... وأهمية التعليم
• من المؤكد أن كل إنسان مرّ في حياته بعدة مراحل... حدثنا عن بدايات حياتك ؟
- أي إنسان عندما يتكلم عن مراحل حياته، فدائماً الأمور فيها ليست بتلك السهولة، ولا يمكن أن تختصرها بوقت معين.. فمن الممكن أن يحتاج الإنسان لساعات وساعات لسرد ما مر به من أحداث، ولكن من الممكن قياسها بمراحل الإنجازات في حياة الشخص أثناء شبابه، وفي حياته العائلية، وفي حياته العملية، وفي خدمة وطنة، ومشاركته بأمور يكون مؤداها في النهاية خدمة هذا الوطن ورفعته.
أنا ولدت في منطقة القبلة في الكويت في العام 1937، وكانت دراستي الأولية في الكويت، ثم ذهب والدي رحمه الله إلى البصرة مع مجموعة من التجار الكويتيين بسبب تجارة التمور والتي كانت رائجة في ذلك الوقت عند الكويتيين بسبب ارتباطهم تجارياً عن طريق السفن الشراعية مع دول الهند وافريقيا وبعض الدول.
ووالدي رحمه الله كان أهم ما عنده هو غرس قيم الإيمان الصادق والتعليم الجيد في أبنائه، ولهذا السبب كان حريصاً رحمه الله عليّ وعلى اخوتي بالحاقنا في التعليم الجيد، ولذلك أرسلني والدي في العام 1949 إلى الإسكندرية للالتحاق بكلية فيكتوريا، وكانت كلية إنكليزية مشهورة ومعروفة بمستواها التعليمي العالي، وهناك شخصيات قيادية عربية عديدة خريجة كلية فيكتوريا.
بين أميركا وألمانيا
أمضيت الفترة من العام 1949 إلى العام 1954 في كلية فيكتوريا، وفي العام 1954 وبعد دراستي للهندسة الميكانيكية والتي اخترتها لشغفي بها منذ الصغر، قررت أن أكمل دراستي الجامعية في الولايات المتحدة الأميركية، وفعلاً قمت بالاتصال بعدة جامعات وحصلت على القبول من جامعة مميزة جدا هي جامعة ميتشغن، وقررت السفر إلى هناك والدراسة فيها، وكان ذلك وأنا في عمر 21 عاماً.
وفي العام 1955 قرر المرحوم والدي أن يقوم بزيارة إلى ألمانيا، وطلب مني أن أرافقه في تلك الرحلة، وبعد أن تنتهي الزيارة أقوم بالسفر إلى الولايات المتحدة للدراسة، وهم يعودون إلى أرض الوطن.
كان مشهوراً في تلك الأيام مشروب «سينالكوا»، وكان والدي وكيل هذا المنتج في الكويت والعراق، وأثناء وجودنا في هامبورغ دعانا رئيس مجلس إدارة تلك الشركة إلى دعوة عشاء عائلية.
وفي أثناء العشاء سألني مضيفنا الألماني (السيد جلو) عن سبب اختياري للولايات المتحدة لتكون مكاناً لاستكمال دراستي، وأجبته لأن جامعاتها من الجامعات المشهورة والكبيرة، وأيضاً للغتي القوية، وثقافتي الإنكليزية وغيرها من الأسباب التي جعلتني أختار الولايات المتحدة، وقد حاول السيد جلو أن يقنعني بالبقاء في ألمانيا، وتوافق اقتراحه مع رغبة الوالد في عدم ذهابي إلى الولايات المتحدة.
نقطة تحوّل
وبعد محاولات عدة، اقتنعت بالبقاء في ألمانيا، وقررت أن استكمل دراستي في ألمانيا، وكانت هذه نقطة من النقاط التي حولت مجرى حياتي إلى إيجابيات لن أنساها.
الشعب الألماني من الشعوب التي أفتخر وأعجب بها جداً، لأنهم من الشعوب المحبة لوطنهم بطريقة كبيرة، ولديهم إيمان قوي بحب الأرض والتكاتف في الأزمات، وعدم وجود تفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وإيمانهم بأهمية العمل، وأن من يعمل ويجد، فمن حقه أن يكون في مستوى مادي أكبر من الآخر.
تلك الأمور تعلمتها من الألمان وكانت هي الوازع الحقيقي، واستفدت من الدراسة في ألمانيا، وكانت تلك الفترة هي التي بلورت شخصيتي العملية، وكان ذلك الوقت بعد الحرب العالمية، وكانت بداية صناعة السيارات الألمانية، وكانت شركةbmw مصنعا لمحركات الطائرات، وبدأوا قبل الحرب بقليل بإنتاج السيارات، وبدأت شركة bmw بعد الحرب بقليل بإعادة إنتاج السيارات، وقامت بإنتاج سيارة صغيرة «باب واحد»، وكانت تلك أول سيارة أمتلكها في حياتي، ولدي اعتزاز خاص بها، لدرجة أنني بعد زمن نشرت إعلاناً للبحث عن سيارة مماثلة، وقمت بشرائها وموجودة عندي إلى الآن.
المغفور له الشيخ جابر الأحمد
• وماذا ما بعد ألمانيا؟
- بعد تخرجي في العام 1961، وعودتي إلى الكويت، كانت تربطني عن طريق بعض الأخوة علاقة مع المرحوم الشيخ جابر، وكان بيننا اتصال اسبوعي، وكانت لدي قناعة بأن الشيخ جابر الأحمد من الشخصيات المميزة في الكويت، وعقليته سوف تلعب دورا أساسياً في تطوير الكويت.
ومن النقاط المهمة التي أود ذكرها أن الشيخ جابر رحمه الله، وأثناء توليه وزارة المالية في العام 1960، قام بتأسيس لجنة استشارية مالية، وهذه اللجنة مكونة من شخصيات عالمية مميزة منها، لوجين بلاك رئيس البنك الدولي في ذلك الوقت، والبروفيسور أبس، وهو من الشخصيات الاقتصادية الألمانية المشهورة، ورئيس مجلس إدارة بنك الدوتشه، وهو أكبر بنك في ألمانيا، ورئيس مجلس إدارة ubs من أكبر بنوك سويسرا ومعهم الدكتور فخر شهاب.
كانت هذه اللجنة تجتمع من 3 إلى 4 مرات سنوياً مع الشيخ جابر، وتعطيه بعض الآراء الاقتصادية ومنها هيئة الاستثمار، والصندوق الكويتي للتنمية العربية، واقترحت أن يقوم بإنشاء منطقة صناعية خاصة بالصناعات النفطية في الكويت وهي منطقة الشعيبة الصناعية، وأمور كثيرة قامت بها هذه اللجنة.
تأسيس «الشعيبة الصناعية»
في أحد الأيام استدعاني سكرتير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله عندما كان وزيراً للمالية، وقال لي بأنه يريد تأسيس منطقة صناعية على مستوى عالمي، وأنه قد استدعى شخصية عالمية في صناعة البتروكيماويات وهو الدنماركي هالدر توبسو.
قام السيد توبسو بعمل تصميم لمنطقة صناعية (الشعيبة) وقام الشيخ جابر رحمه الله بتكليفي بمتابعة تلك المنطقة الصناعية على الرغم من صغر سني وحداثة تخرجي في الجامعة، وأظهر دعماً كبيراً لي ما حفزني على القيام بتلك المهمة.
وبعد موافقتي على القيام بذلك، قلت له رجاء لدي بعض الملاحظات، فإنني أتمنى أن تأخذ تلك المؤسسة الصناعية صفة تختلف عن مؤسسات الدولة، فتكون كمؤسسة تملكها الحكومة لكن قطاع خاص، أي كهيئة مستقلة لا تخضع للروتين الحكومي، وكانت تدار من قبل مجلس إدارة مكون من 15 شخصية كويتية، وطلب مني الشيخ جابر رحمه الله أن أكون رئيس مجلس الإدارة، فاقترحت بأن يكون الشيخ جابر رئيس مجلس الإدارة، وأن أكون عضوا منتدبا متفرغاً لأعمال الإدارة، لأن نجاح مؤسسة الشعيبة مرتبط بأن يكون على رأسه قيادة مهمة بحجم الشيخ جابر، وأصبح الشيخ جابر رئيس مجلس الإدارة، وكانت القرارات تؤخذ من مجلس الإدارة ولا تؤخذ بصفة فردية من رئيس مجلس الإدارة، وكان ذلك تأسيساً للمبدأ الديموقراطي والإداري الصحيح في اتخاذ القرارات، وبدأنا بالعمل في منطقة الشعيبة الصناعية، وأصبحت مثالاً على مستوى دول الخليج.
تنمية صناعة البتروكيماويات
• ما الإنجازات التي تمت من مشروع المنطقة الصناعية بالشعيبة؟
- كان الهدف من المنطقة كلها هو تنمية صناعة البتروكيماويات، وفعلاً قمنا بإنشاء أول مصنع للأسمدة الكيماوية في الكويت، ثم بدأنا في بناء إحدى أكبر محطات الكهرباء في الشعيبة، وأيضاً بناء الميناء حيث بدأ البناء في العام 1962، وانتهى في العام 1968، وأثناء مراحل البناء كانت الكويت معتمدة على ميناء الشويخ، في حين كان العراق في نهضة، وتعتمد شبه اعتماد كلي على ميناء الشويخ، ومع هذا الضغط الكبير على ميناء الشويخ من السفن، وانتظار السفن العراقية قام رئيس الوزراء العراقي في ذلك الوقت بزيارة لمناقشة مشاكل الميناء، واجتمع مع الشيخ جابر الصباح، واتصل بي الشيخ جابر لزيارته وطرح المشكلة عليّ، وأفاد بأنه لا يمكن أن تستوعب طاقة ميناء الشويخ كل تلك السفن المتجهة إلى الكويت بالبضائع العراقية.
وكان الحل هو ميناء الشعيبة، ومع طول فترة إنجاز الميناء طلب الشيخ جابر رحمه الله أن يتم إنجاز الميناء في فترة ثمانية أشهر لحل مشكلة الضغط على ميناء الشويخ، فوعدته بالمحاولة والرد بعد الاجتماع مع اللجنة المسؤولة عن الميناء والاستشاريين والمقاول وكانت شركة ألمانية.
وكان رد المقاول أنه يستطيع ذلك، ولكن تواجهه مشكلة في الحفر، ولكن في حال تعويضه، سيستطيع جلب حفارات أكثر لإنجاز المشروع في وقت أقل، وطلبت منه أن يعطيني عرض سعر بالزيادة المطلوبة لإنجاز المشروع، وبعد ثلاثة أيام طلب 250 الف دينار في العام 1964 وهو ما يعادل 50 الى 60 مليون دينار اليوم.
وشرحت للشيخ جابر الوضع الحالي، ورؤية المقاول وأجابني بالموافقة شريطة، أن يتم إنجاز المشروع في الوقت المطلوب.
بعد ذلك تم انجاز المشروع في الوقت المحدد، وتم تشغيل ميناء الشعيبة، وتدفقت السفن خاصة العراقية على الميناء، ونتيجة لهذا التدفق ازدادت الأرباح على الميناء بما يوافق تقريباً 600 ألف دينار في هذه الفترة، وهو أكثر من ضعف ما صرفناه، وهذا يبرز مدى بعد رؤية الشيخ جابر رحمه الله وشجاعته في اتخاذ القرار.
الديموقراطية
• كما تحدثت سيادتكم عن طريقة اتخاذ القرارات في مجلس الإدارة فإننا يحق لنا أن نفتخر بالديموقراطية الموجودة عندنا في الكويت.
- فعلاً ليس فقط أن نفتخر بالديموقراطية بل نفتخر بالقيادة، الشيخ جابر رحمه الله كان وزيراً للمالية، وكان قبله الشيخ عبدالله السالم، ويعتبر الشيخ جابر من أبنائه المميزين، وكان له ثـــقة كبيرة فيه، والشيخ جابر كان دائماً حريصاً على ارتباطه القوي بكثير من اخوانه الكويتيين، وكان لديه طابع مميز في الاســـــتئناس بــآراء أكبر مجموعة ممكنة.
الحياة الأسرية
• ماذا بعد مرحلة أول وظيفة شغلها السيد علي محمد ثنيان الغانم، ماذا عن الزواج وتكوين الأسرة... هل شغل تفكيرك في ذلك الوقت؟
- أعتقد أي إنسان يفكر في مستقبله لابد أن يأخذ بالاعتبار الحياة الزوجية، لأن الإنسان المؤمن بحق يعتبر الزوجة شيئا أساسيا في حياته، والإنسان الذي يوفق بالزوجة الصالحة، فهي أساس الحياة وهي أساس تنمية الأبناء، فالمجتمعات الناجحة في كل العالم تبدأ بنجاح الزوجة، ونجاح المرأة لما لها دور كبير، فهي التي تبني المنزل الصالح، وهي التي تغرس في أبنائها مستوى التربية ومستوى الأخلاق.
تزوجت في العام 1967 ولله الحمد، وبفضله عليّ فقد رزقني الله بالزوجة الصالحة، والتي لها فضل كبير عليّ ألا وهو تربية الأولاد، فقد ضحت بالكثير من وقتها في سبيل الأبناء وقامت بتربيتهم تربية صالحة وغرست فيهم قيم الإيمان.
وهذا لم يمنعها من تبوؤ مناصب عليا في عملها، ولكن كانت الأولوية لتربية أبنائها، وضحت بالكثير من وقتها وجهدها في سبيل تربيتهم.
الحياة السياسية
• ماذا عن انتخابك لعضوية مجلس الأمة عام 1971 ؟
- عندما نتكلم عن الحياة السياسية، فإنها متأصلة منذ الصغر، فقد كان والدي رحمه الله لديه بعض الأمور السياسية مع مجموعة من الكويتيين واستكملها أخي عبداللطيف رحمه الله مع مجموعة من رجال الكويت في مجلس 1938، وهم ضحوا كثيراً في سبيل العملية الديموقراطية في الكويت، ونتيجة لذلك قام المرحوم عبدالله السالم، وبسبب علاقته مع هذه المجموعة وقناعته وإيمانه بالديموقراطية بترسيخ مبادئها في أوائل الستينات، وكان أول رئيس للمجلس التأسيسي في الكويت هو أخي عبداللطيف الغانم... تلك الظروف التي مرت قد غرست في نفسي الأمور السياسية.
ومجلس 1971 أعتبره من أنجح المجالس التي قامت بأمور إيجابية للكويت، فقد كنا نعمل على قلب رجل واحد، وكلنا كويتيون، ولا توجد تفرقة بيننا ونضع الكويت نصب أعيننا، ومصلحتها أولاً، وكان الجميع سواء كان معارضة أو حكومة أو مؤيدا للحكومة ينبثق منهم جميعاً الإيمان الصادق بهذا الوطن، وبمصلحته وتنميته، لذا لم تجد أي شيء طائفي، فقد كنا جميعاً إخوان شيعة وسنة نعتبر أنفسنا مسلمين وكويتيين لا يفرقنا شيء.
في ذلك الوقت كان الدكتور أحمد الخطيب يقــــود المعارضة وكان يعمل عن حب وإخلاص للبلــد، ومن خلال احتكاكي به خلال الأربع سنوات مدة وجودي بالمجلس فقد كان في كل خطاباته وكل نقاشه لم يسئ في التعبيــر، ولم يتعــرض بكلمــــة تـــســيء لأي شخص سواءً كان وزيرا أو عضوا في مجلــــس أمة... هذه هي الديمـــوقراطية.
تحرير النفط
مجلس 1971 هو الذي حرر الثروة النفطية في الكويت من هيمنة الشركات الأجنبية، وهذا يعد من أكبر الإنجازات، وفي أثناء النقاش بخصوص تحرير النفط من هيمنة الشركات الأجنبية، احتد النقاش بين الأعضاء والحكومة، وكنت مسؤولاً أنا، والسيد عبدالله النيباري فنياً عن ذلك النقاش، وفي يوم من الأيام اتصل بي أحد الأعضاء من المؤيدين للحكومة وقال لي:«أنت سليل عائلة عريقة وأعلم أن هدفك مصلحة الكويت وللصراحة أنا أجهل هذا الموضوع فأريد أن أجلس معك على انفراد لتشرح لي تلك الأمور كي أكون على علم ويكون قراري عن يقين»، وبعد جلسة معه لمدة ساعتين، شرحت له ما التبس عليه من أمور وبالأرقام، قلت له ان الجميع لديه وجهة نظر، والحكومة أيضاً لديها وجهة نظر في هذا الموضوع والكل هدفه مصلحة الكويت.
وبعد فترة رآني الشيخ سعد - رحمه الله - فناداني باسماً، وضحك بوجهي وقال لي:«أقنعت الشخص الفلاني» (مسمياً الزميــل الذي جلست معه).. فقلت له أنا ما أقنعته انــــا فقــط شرحت له قناعتي، وأثناء النقاش رد عليّ الشيخ سعد رحمه الله، وقال لي هل من الممكن أن نجلس أنا وإياك، والدكتورعبدالله النيباري لنناقش هذا الموضوع؟ وفعلاً جلسنا وناقــــشنا هــــذا الموضـــــوع واقتنع الشيخ سعد ووافق والحكومة على إيقاف هيمنة الشركات الأجنبية على النفط، وهذا يعتبر مفخرة للكويت ونموذجا طيبا للعملية النيابية من أجل تنمية الكويت.
المجالس النيابية
• ما الفرق بين تجربتكم النيابية عام 1971... والحركة النيابية الآن؟
- لابد أن أن أكون صريحا معك، أنا إلى الآن مقتنع بأننا لم نر أي مجلس مميز مثلما كان مجلس 1971 وخاصة بالنسبة للإنجاز، فللأسف الشديد في بداية منتصف الثمانينات بدأت المجالس النيابية تتغير في أدائها خاصة بالنسبة للمجتمع.
بدأت للأسف الشديد الحكومات المتتالية تختلف عن الماضي، ففي الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات كان أعضاء البرلمان اهتمامهم الكلي هو مصلحة الكويت ومستقبلها ومستقبل الفرد الكويتي، هذا الاتجاه بدأ في التغيّر خاصة في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وأصبح النائب كل تفكيره هو كيفية إعادة انتخابه، وكان يدغدغ مشاعر ناخبيه وهذه الدغدغة أدت إلى نتائج سلبية لهذا الوطن، وأهدرت بلايين من الدنانير في طريق غير صحيح.
• هل الحياة البرلمانية الكويتية تغيب عنها الرؤية المستقبلية؟
- مثلما قلت لك، كان كل أعضاء المجلس همّهم وهدفهم مصلحة البلد والفرد الكويتي، والسبب في ذلك الوقت كان تقريباً مئة بالمئة من أعضاء البرلمان كويتيين بحق، أما في الفترة الأخيرة بدأ يطعم مجلس الأمة بفئة قليلة تؤثر على الحركة النيابية، وتضع جذوراّ جديدة في المجلس وهي أن يكون هدف النائب إعادة انتخابه وليست خدمة وطنه، أنا لا أتكلم عن الجميع ولكن البعض، وليست الغالبية
أبناء صالحين.
• كيف استطعت التوفيق بين عملك في غرفة تجارة وصناعة الكويت ومشاريعك الخاصة؟
- بفضل الله قد أنعم علي بأبناء صالحين، وكلهم أكملوا دراسات مميزة، وتركت عملي للأبناء، وتفرغت للغرفة التجارية، ولخدمة الكويت عن طريق عملي بها.
• لأهمية الغرفة، وكونها عصبا أساسيا في الاقتصاد الكويتي وتوجه حكومة دولة الكويت في الفترة الأخير لتطبيق الخطة التنموية وأيضاً رؤية صاحب السمو حفظه الله الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بأن تكون الكويت مركزا ماليا إقليميا... كيف يمكن أن تتحقق هذه الرؤية من خلال غرفة تجارة وصناعة الكويت ؟.
- عندما أتكلم عن غرفة تجارة وصناعة الكويت لابد أن أعود لأكثر من ثلاثمئة سنة، وعند تأسيس الكويت أسست على أسس تجارية، وأسست على رجال الاقتصاد في الكويت، فهم من فكّر في بناء السفن الشراعية، ومن فكّر في بناء سفن الغوص واللؤلؤ، وهم من خاضوا هذه البحار، وبدأت السفن الكويتية طريقاً بين دول الخليج والعراق وإيران إلى أفريقيا والهند.
التجار هم بدأوا في التفكير في ترسيخ الحياة الديموقراطية كأساس لتنظيم العلاقة بينهم، وهم من انتخبوا العائلة الحاكمة، ووقفوا معها إلى اليوم، وقبل النفط كانوا هم الممولون لميزانية الدولة، لكن قديماً كان التجار مجموعة غير منظمة مثل اليوم.
لذلك عندما نرجع إلى تاريخ التجار الكويتيين، فلابد أن نذكر أن حركة 1921-1922 قام بها التجار، 1938 قام بها التجار، الشيخ عبدالله السالم رحمه الله عندما بدأ بوضع أول دستور كويتي كان التجار من أول المؤيدين والواقفين بجواره.
التاجر الكويتي مواطن قبل أن يكون تاجرا، ويهمه المواطنين، والسفن الشراعية كانت تمخر البحار، وكان البحرية كلهم كويتيين ويمولهم التاجر الكويتي، فكان يهمه الفرد الكويتي قبل الربح الاقتصادي، في العام 1959 بدأت الغرفة كأساس، وخرجت بقانون أقره الشيخ عبدالله السالم رحمه الله وبدأت كغرفة نظامية.
•ما هو دور«الغرفة»الآن بشكل مباشر؟
-«الغرفة»لها أهمية كبيرة جداً لأنها تمثل رجال الاقتصاد بدولة الكويت، فمن مميزاتها أنها مستقلة مئة بالمئة، وبعيدة عن البيروقراطية، ولا تتلقى أوامر، ولا مساعدات من أحد، ولا تتدخل الحكومة في أي من أمورها
• ما رسالة العم علي محمد ثنيان الغانم للشباب الكويتي ؟
- الشباب هم عصب أي دولة في العالم، فلا يمكن القيام بتنمية في أي قطاع من قطاعات الدولة قبل أن يسبقها التنمية البشرية، والتنمية البشرية لا يمكن أن تتم إلا بتنمية المجتمع، وتنمية المجتمع لا تتم إلا بتنمية الشباب، وتنمية الشباب لا تتم إلا بالتعليم المبكر وجودة التعليم من المراحل الابتدائية.
لا يمكن أن نصل إلى هذه الأمنية إلا بتنمية التعليم وبإنتاج مدرس على مستوى عال... فيجب تنمية مستوى التعليم، وهذه مشكلة غالبية الدول العربية، وكمثال دولة تونس ما تقدمت على الدول العربية إلا بتنميتها للتعليم.
أما رسالتي للشباب الكويتي فأقول لهم... لا تغركم الوظائف الحكومية، فهناك مجالات شاسعة للشباب الكويتي في القطاع الخاص ومردودها المالي والاجتماعي أضعاف ما يتقاضونه اليوم في الوظائف الحكومية، وكمثال نرى ذلك في بعض الشباب الذي دخل القطاع الخاص والنتائج التي حققها، الحكومة في يوم من الأيام قد تضطر، ومع انخفاض سعر النفط، واستمراره في الهبوط أو قد تعجزعن دفع رواتبكم، لذلك اضمنوا مستقبلكم واطرقوا باب القطاع الخاص، لأن به كثيرا من المجالات.
مسيرة إنجاز ... وعطاء
ولد العم علي محمد ثنيان الغانم في العام 1937 في الحي القبلي، وأكمل دراسته الثانوية بكلية فيكتوريا بالإسكندرية وحصل على شهادة بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة هانوفر في ألمانيا الغربية في العام 1961، وانتخب عضواً في مجلس الأمة في العام 1971 ورئيس مجلس إدارة نادي الكويت الرياضي في العام 1980.
اختير نائباً لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصناعة، ونائباً لرئيس مجلس إدارة التأمينات الاجتماعية وعضوا في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت في العام 1984، ونائباً لرئيس مجلس الإدارة العام لغرفة صناعة وتجارة الكويت في العام 2000 ثم رئيساً لمجلس الإدارة في العـــام 2004. انتخب رئيسا لغرف دول مجلس التعاون الخليجي، ونائب رئيس غرفة التجارة العربية البريطانية، ورئيس مجلس إدارة شركات علي الغانم وأولاده، ورئيس مجلس إدارة شركة أعيان، وحصل على وسام الاستحقاق من ألمانيا في عام 2005.
المال زائل والتربية تدوم
يقول العم علي الغانم ان المنزل يلعب دورا أساسياً في أي عائلة بالكويت، والتربية تلعب دورا أساسيا، ومن النقاط المهمة جداً، ألا يشعر الأبناء الذين ينشأون في كنف رب أسرة ميسور الحال لا يجب أن يشعروا بأن المال هو الأساس، المال لا يسوى أي شيء بالنسبة للتربية الصالحة للأبناء. فالمال زائل لكن التربية تدوم.
ويزيد«رزقني الله بثلاثة أولاد، وبنتين لكن دائماً أقول عندي 5 بنات، و 5 أولاد لأنني أعتبر زوجات أبنائي كبناتي، وكذلك زوجا بناتي أعتبرهما كأولادي».
http://www.alraimedia.com/Articles.aspx?id=548887