المهدى
04-07-2005, 08:17 AM
خالص جلبي
أحرز النادي الأدبي في مدينة جدة غرب السعودية اختراقاً نوعياً حينما شاركت المرأة بحماس ووعي ومن خلال صوتها من خلف (حاجز) في مؤتمره الخامس حول مكة المكرمة عاصمة الثقافية الإسلامية بتاريخ 29 ـ 31 مارس الماضي في "ملتقى قراءة النص". وكانت ورقتي حول (الإعلان الإبراهيمي) بالتوقف عن التضحية بالقربان الإنساني على أية صورة وتحت أي شعار، وقلت في تعليقي على المداخلات إنني اتطلع في العام القادم أن تشارك المرأة معنا فتجلس حيث نجلس، وتلقي ورقتها من حيث نفعل، ولن يستقيم شأن العالم العربي حتى تشارك فيه النساء. ولكن ثقافتنا تقوم على الثلاثي: ممنوع . مستحيل. حرام.
أكثر من يناله النصيب مترعاً من هذه التضييقات هي المرأة، وهناك من اعتبر صوتها عورة، وهناك من رأى أنها لا تخرج إلا ثلاث خرجات: من رحم أمها إلى الدنيا، ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى القبر، ألا ساء ما يحكمون.
وهناك من يخلط بين (الحجاب) و(لباس المرأة)، فالحجاب خصوصية لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فالآية الكريمة تقول "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب" وهو الفصل الكامل في اللباس والرؤية والخطاب، وهو غير (اللباس) المنصوص لنساء المسلمين عن الخمار الذي يضرب به على الجيوب.
ومن خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا عدم الزواج من زوجاته بعد وفاته، فهن أمهات المؤمنين "وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا". ومنها مصافحة النساء التي لم يكن يفعلها "إني لا أصافح النساء".
وهذه الأمور شرحها صاحب كتاب (تحرير المرأة في عصر الرسالة) الشيخ عبد الحليم أبو شقة، رحمه الله تعالى، وهو كتاب تعب عليه صاحبه ربع قرن من الزمن واستخرجه من الصحاح التسعة، وكان يزورني في ألمانيا ويقول لي: كل ما أريد فعله أن أضع النصوص بين يدي المسلمين وأتركهم يحكمون في مواجهة النصوص. وقد أطلعني على نصوص ذهلت منها.
مع هذا فإن أربعين حديثا وصل إليها ليقرر أن الأصل كان كشف الوجه في جو الصحابة الأول، استشهد بها فقيه آخر ليقول إن الأصل هو تغطية الوجه!! وهذا يعني أن الجدل في النصوص عقيم.
وفي حرب الخليج الثانية اجتمع أناس شتى في بغداد ومكة وكلهم استشهد بالنصوص على صحة موقفه، فلم يحلا المشكلة، ومن حل المشكلة وطرد صدام كانت أمريكا.
يدور الصراع ضاريا حول امتلاك جسد الأنثى، ومن بالغ في الستر كان قرين من بالغ في التبرج، وقد يكون الثاني واضحا والأول خفيا، ولكنه ليس دليل التقوى، بل مؤشر خفي على الدافع الجنسي، كما ذكر ذلك (مالك بن نبي). فكلٌ من الإغراق في (التبرج) و(التستر) وجهان لعملة واحدة، والاستبداد الديني هو جد الاستبداد السياسي، وزعماء العالم العربي اليوم يشبهون شيوخ الطرق الصوفية، وانتخابات رؤساء الجمهوريات الثورية مثل توزيع الحرز والأيقونات في حلقات الصوفية.
وإذا انتقلنا الى الغناء والموسيقى فإنه لا يوجد نص واضح في القرآن بمنعه، ويقول الفقيه الاندلسي ابن حزم إنه لم يعثر على أي نص في ذلك من حديث صحيح، وكتب الرجل كتابا في تجربته العاطفية (طوق الحمامة) يخجل البعض من قراءتها، ولكن لا بأس من قراءة ما هو أقبح بكثير سرا. لأن بعضنا تعود على النفاق!.
وهناك من يعتمد حديثا ظنيا عن عدم جواز تولي المرأة ولاية "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" مع أنها ليست حكما بل خبرٌ وتعليقٌ من الرسول صلى الله عليه وسلم على الأحداث التي كانت تنقل له من تردي الأوضاع في بلاد فارس، أكثر منها امرأة جاءت إلى الحكم أو رجل. كما حصل في عهد الإمبراطور (جوانكسو) في الصين حين قامت (سيكسي) خالته بانقلاب عليه في 21 أيلول 1898م فكانت الكارثة وسقطت الإمبراطورية الكونفوشيوسية كما سقطت من قبل الساسانية.
وحينما استعرض القرآن قصة سليمان وملكة سبأ ظهر أن من احتوى المسألة بدون حرب مدمرة امرأة حكيمة تحمي بلادها من الملوك الذين قالت عنهم "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون".
ومن هزم العرب أجمعين في حرب 1967 كانت امرأة إسرائيلية اسمها جولدا ماير. والعصر الذهبي في بريطانيا يدين للملكة فكتوريا، ومن هزم الإسبان وأباد أعظم قوة بحرية في معركة الأرمادا عام 1587م كانت اليزابيث الأولى، ومن هزم الأرجنتين في حرب الفوكلاند كانت (تاتشر) البريطانية، السيدة الحديدية كما لقبت، ومن القارة الهندية نسمع عن سونيا وحسينة وانديرا غاندي.
ومن الغريب أن كتاب (تحرير المرأة في عصر الرسالة) لعبد الحليم أبو شقة أظهر أن العروس هي التي تخدم الضيوف، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام عند (أم حرام) فيبشرها أنها ستكون ممن يركبون ثبج البحر الأخضر من الفوج الأول من الغزاة في سبيل الله، وأن (أم سليم) تعلمت سورة (ق) من فم الرسول صلى الله عليه وسلم من على المنبر، وكانت إذا سمعت دعوة أيها الناس قالت وأنا من الناس فهرعت مع الرجال إلى المسجد، وأن الرسول يحث (أم الدرداء) أن تعتني بزينتها أمام زوجها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة وعائشة تسابقه، أما نحن فالنساء موؤودات، وإن وجدن ففي الخلف...
وروت لي سيدة كندية شاركت في مؤتمر إسلامي أمريكي فمنعت من الاستماع في الصالة الرئيسية وطلب منها الانزواء في الخلف مع الأطفال فلما رفضت طلبوا لها البوليس الأمريكي ليلقي عليها القبض ويخرجها بقوة السلاح من القاعة الرئيسية.
على كل حال هناك خبر غير سار للذكور، فقد توصل 250 عالماً في علم الجينات، إلى كشف كامل الكود الوراثي للكروموسوم الأنثوي الذي يرمز له بالحرف إكس باللغة الإنجليزية (X) ، وأن الذكور يحملون كروموسوم إكس وحيدا بجانب كروموسوم ذكري ضئيل (Y)، بينما تحمل الأنثى إكس مضاعف (XX)، ونشر البحث في مجلة الطبيعة (Nature) في منتصف مارس 2005 م، ليقولوا إن الكروموسوم الذكري تآكل معظمه خلال 300 مليون سنة الفائتة، وهو ماضٍ في رحلة التحلل بدون توقف.
وهو يعني أنثروبولوجياً أن المجتمع الطبقي الآبائي الهيراركي سيزول ليحل محله المجتمع الأمومي الأفقي الماترياركي... والله سبحانه رب الجميع، الذكور والاناث.
أحرز النادي الأدبي في مدينة جدة غرب السعودية اختراقاً نوعياً حينما شاركت المرأة بحماس ووعي ومن خلال صوتها من خلف (حاجز) في مؤتمره الخامس حول مكة المكرمة عاصمة الثقافية الإسلامية بتاريخ 29 ـ 31 مارس الماضي في "ملتقى قراءة النص". وكانت ورقتي حول (الإعلان الإبراهيمي) بالتوقف عن التضحية بالقربان الإنساني على أية صورة وتحت أي شعار، وقلت في تعليقي على المداخلات إنني اتطلع في العام القادم أن تشارك المرأة معنا فتجلس حيث نجلس، وتلقي ورقتها من حيث نفعل، ولن يستقيم شأن العالم العربي حتى تشارك فيه النساء. ولكن ثقافتنا تقوم على الثلاثي: ممنوع . مستحيل. حرام.
أكثر من يناله النصيب مترعاً من هذه التضييقات هي المرأة، وهناك من اعتبر صوتها عورة، وهناك من رأى أنها لا تخرج إلا ثلاث خرجات: من رحم أمها إلى الدنيا، ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى القبر، ألا ساء ما يحكمون.
وهناك من يخلط بين (الحجاب) و(لباس المرأة)، فالحجاب خصوصية لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فالآية الكريمة تقول "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب" وهو الفصل الكامل في اللباس والرؤية والخطاب، وهو غير (اللباس) المنصوص لنساء المسلمين عن الخمار الذي يضرب به على الجيوب.
ومن خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم أيضا عدم الزواج من زوجاته بعد وفاته، فهن أمهات المؤمنين "وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا". ومنها مصافحة النساء التي لم يكن يفعلها "إني لا أصافح النساء".
وهذه الأمور شرحها صاحب كتاب (تحرير المرأة في عصر الرسالة) الشيخ عبد الحليم أبو شقة، رحمه الله تعالى، وهو كتاب تعب عليه صاحبه ربع قرن من الزمن واستخرجه من الصحاح التسعة، وكان يزورني في ألمانيا ويقول لي: كل ما أريد فعله أن أضع النصوص بين يدي المسلمين وأتركهم يحكمون في مواجهة النصوص. وقد أطلعني على نصوص ذهلت منها.
مع هذا فإن أربعين حديثا وصل إليها ليقرر أن الأصل كان كشف الوجه في جو الصحابة الأول، استشهد بها فقيه آخر ليقول إن الأصل هو تغطية الوجه!! وهذا يعني أن الجدل في النصوص عقيم.
وفي حرب الخليج الثانية اجتمع أناس شتى في بغداد ومكة وكلهم استشهد بالنصوص على صحة موقفه، فلم يحلا المشكلة، ومن حل المشكلة وطرد صدام كانت أمريكا.
يدور الصراع ضاريا حول امتلاك جسد الأنثى، ومن بالغ في الستر كان قرين من بالغ في التبرج، وقد يكون الثاني واضحا والأول خفيا، ولكنه ليس دليل التقوى، بل مؤشر خفي على الدافع الجنسي، كما ذكر ذلك (مالك بن نبي). فكلٌ من الإغراق في (التبرج) و(التستر) وجهان لعملة واحدة، والاستبداد الديني هو جد الاستبداد السياسي، وزعماء العالم العربي اليوم يشبهون شيوخ الطرق الصوفية، وانتخابات رؤساء الجمهوريات الثورية مثل توزيع الحرز والأيقونات في حلقات الصوفية.
وإذا انتقلنا الى الغناء والموسيقى فإنه لا يوجد نص واضح في القرآن بمنعه، ويقول الفقيه الاندلسي ابن حزم إنه لم يعثر على أي نص في ذلك من حديث صحيح، وكتب الرجل كتابا في تجربته العاطفية (طوق الحمامة) يخجل البعض من قراءتها، ولكن لا بأس من قراءة ما هو أقبح بكثير سرا. لأن بعضنا تعود على النفاق!.
وهناك من يعتمد حديثا ظنيا عن عدم جواز تولي المرأة ولاية "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" مع أنها ليست حكما بل خبرٌ وتعليقٌ من الرسول صلى الله عليه وسلم على الأحداث التي كانت تنقل له من تردي الأوضاع في بلاد فارس، أكثر منها امرأة جاءت إلى الحكم أو رجل. كما حصل في عهد الإمبراطور (جوانكسو) في الصين حين قامت (سيكسي) خالته بانقلاب عليه في 21 أيلول 1898م فكانت الكارثة وسقطت الإمبراطورية الكونفوشيوسية كما سقطت من قبل الساسانية.
وحينما استعرض القرآن قصة سليمان وملكة سبأ ظهر أن من احتوى المسألة بدون حرب مدمرة امرأة حكيمة تحمي بلادها من الملوك الذين قالت عنهم "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون".
ومن هزم العرب أجمعين في حرب 1967 كانت امرأة إسرائيلية اسمها جولدا ماير. والعصر الذهبي في بريطانيا يدين للملكة فكتوريا، ومن هزم الإسبان وأباد أعظم قوة بحرية في معركة الأرمادا عام 1587م كانت اليزابيث الأولى، ومن هزم الأرجنتين في حرب الفوكلاند كانت (تاتشر) البريطانية، السيدة الحديدية كما لقبت، ومن القارة الهندية نسمع عن سونيا وحسينة وانديرا غاندي.
ومن الغريب أن كتاب (تحرير المرأة في عصر الرسالة) لعبد الحليم أبو شقة أظهر أن العروس هي التي تخدم الضيوف، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام عند (أم حرام) فيبشرها أنها ستكون ممن يركبون ثبج البحر الأخضر من الفوج الأول من الغزاة في سبيل الله، وأن (أم سليم) تعلمت سورة (ق) من فم الرسول صلى الله عليه وسلم من على المنبر، وكانت إذا سمعت دعوة أيها الناس قالت وأنا من الناس فهرعت مع الرجال إلى المسجد، وأن الرسول يحث (أم الدرداء) أن تعتني بزينتها أمام زوجها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة وعائشة تسابقه، أما نحن فالنساء موؤودات، وإن وجدن ففي الخلف...
وروت لي سيدة كندية شاركت في مؤتمر إسلامي أمريكي فمنعت من الاستماع في الصالة الرئيسية وطلب منها الانزواء في الخلف مع الأطفال فلما رفضت طلبوا لها البوليس الأمريكي ليلقي عليها القبض ويخرجها بقوة السلاح من القاعة الرئيسية.
على كل حال هناك خبر غير سار للذكور، فقد توصل 250 عالماً في علم الجينات، إلى كشف كامل الكود الوراثي للكروموسوم الأنثوي الذي يرمز له بالحرف إكس باللغة الإنجليزية (X) ، وأن الذكور يحملون كروموسوم إكس وحيدا بجانب كروموسوم ذكري ضئيل (Y)، بينما تحمل الأنثى إكس مضاعف (XX)، ونشر البحث في مجلة الطبيعة (Nature) في منتصف مارس 2005 م، ليقولوا إن الكروموسوم الذكري تآكل معظمه خلال 300 مليون سنة الفائتة، وهو ماضٍ في رحلة التحلل بدون توقف.
وهو يعني أنثروبولوجياً أن المجتمع الطبقي الآبائي الهيراركي سيزول ليحل محله المجتمع الأمومي الأفقي الماترياركي... والله سبحانه رب الجميع، الذكور والاناث.