زهير
11-25-2014, 04:15 PM
من قلم : موسى الرضا - عرب تايمز
moussa11@gmx.net
إنتصارات القوات العراقية والحشد الشعبي وإستعادتهم لكثير من المدن والقرى في جلولاء والسعدية يقابله تقدم مهم للجيش السوري في ريف حلب يشكّل فاتحة عهد جديد .. إنه عهد جلاء الاحتلال الداعشي البغيض عن قرى ومدن العراق و سوريا ذات الثقل الديموغرافي السني.
يمكن القول وبدون أي مبالغة أن إختفاء داعش من المشهد العراقي – السوري سيجر معه إختفاء قسريا لثقل النفوذ السياسي والديموغرافي للطائفة السنية الكريمة وسيؤسس لضمور عميق في دور المكون السني في كل من العراق وسوريا.
أود أن أشير قبل أن أكمل أن الحديث هنا يدور حول المعنى الجيواستراتيجي للصراع الدائر في المنطقة. فواقع العراق بين إيران وتركيا من جهة والأردن وسوريا من جهة أخرى أعطى الصراع صبغة طائفية كاذبة أريد لها أن تحجب وتغيّب حقيقة الصراع السياسي والعسكري في المنطقة. وإلا فما معنى ما يجري في ليبيا أو في تونس ومصر والجزائر؟؟ إنه صراع عميق ودامي حول خيارات سياسية واقتصادية وعسكرية بين مجموعات تنتمي الى نفس الدين والعرق والطائفة والمذهب ولا يمكن بأي حال من الأحوال الزعم بأن دوافع ذلك الصراع أيديولوجية أو مذهبية.
ومن جهة أخرى نرى أن تركيا والسعودية وقطر والامارات والبحرين مازالوا في حالة إصرار وإجماع على إعطاء الحرب الدائرة في كل من العراق وسوريا صفة المظلومية السنية. هذا الاجماع المجترح تكذبه حقيقتان ناصعتان: الأولى هي العداوة والمنافسة العميقة التي تقسم هذا المعسكر بين حلف سعودي إماراتي مدعوم بمصر السيسي يقابله تكتل تركي قطري مدعوم من يتامى الاخوان وشراذمهم في عموم العالمين العربي والإسلامي.
أما الحقيقة الناصعة الثانية والتي تفوق الأولى هولا وقسوة فهي حقيقة الكذب والخواء الذي اريقت لأجله دماء السوريين والعراقيين وهتكت أعراضهم وقطعت رؤوسهم لأجل كرامة المذهب وأهله... وحين وصل هذا الشعار ( نصرة أهل السنة لرفع الغبن عنهم) إلى فلسطين وأهلها تبين أن هذا الشعار الحار لا يعدو أن يكون بالونا عارما بالزفرات الباردة.
إذن فقد فضحت فلسطين السنية كذب وخواء وتهافت المعسكر الرجعي العربي المتحالف بالضرورة مع تركيا الطورانية الأطلسية والملتحف زورا وبهتانا بعباءة أهل السنة والجماعة.
ولكن وللأسف الشديد فإن كذب وخواء وتهافت "الشعارات السنية" التي رفعتها تلك الدول سينجم عنه خسارات فعلية لأهل السنة الذين ظلموا مرتين. مرة عند رفع شعار مظلوميتهم ومرّة أخرى حين تركوا لمصيرهم بين وحوش داعش وأخواتها.
أنظروا الى خارطة العراق....سترون في الأعلى جرابلس على الحدود مع تركيا.. أنظروا الى الجنوب ذو الثقل الشيعي سترونه محاذيا للكويت .. أما لو نظرتم الى يمين الوسط لجهة أربيل فسترون الحدود الإيرانية يقابلها في آخر الصحراء العراقية كلا من الأردن والسعودية.
لو عدنا الى التاريخ القديم والحديث لرأينا أن العراق كان دائما وعبر السنين شيعي الهوى ولكن السلطة فيه كانت دائما من نصيب أهل السنة والجماعة. فلطالما شكلت تركيا عبر نفوذها الضارب في الأراضي السورية إختراقا استراتيجيا مهما لصالح الستاتيكو الذي كان قائما على الدوام في بلاد ما بين النهرين ولكن هذا التأثير سدت أبوابه السورية ولم تستطع بوابتي السعودية والأردن أن تملآ الفراغ التركي الاستراتيجي خصوصا بعدما استولت داعش على الموصل وأصبحت تشكل تهديدا جديا لكل من الأردن والسعودية.
هذا الاختناق الاستراتيجي التركي من جهة سوريا هو التفسير العملي لنوبات الصرع التي أصابت أردوغان وحكومته ودفعته الى الهذيان في أثناء الهجوم الداعشي على كوباني السورية. فداعش تحولت وظيفيا الى ماكينة مهمة لفتح قنوات النفوذ التركي المسدودة باتحاه العراق عبر سوريا مما سيؤدي بالضرورة الى تحقيق مكاسب تركية استراتيجية أولها منع الاختناق الإستراتيجي التركي في منطقة نفوذه التاريخية وثانيها منع ايران من الاستفراد بكل من العراق وسوريا وبالتالي منع تحويلهما إلى مدى إستراتيجي للملعب الإقليمي الايراني. هل نجحت تركيا في دعمها الخفي والمعلن لداعش؟؟ الجواب كلا. في المقابل هل أفلحت السعودية في حشد العصبية السنية وتحويلها الى عصا سحرية لتطبيق اجندتها السياسية؟؟ الجواب أيضا كلا بدليل اضطرار السعودية الى تكفير داعش ومواجهتها بعدما تحولت داعش من مجرد أداة الى تهديد مستفحل في قلب النظام السعودي.
وعلى المقلب الآخر استطاعت إيران أن تحافظ على حلفائها في كل من العراق وسوريا وأن تمد نفوذها عبر اليمن الى باب المندب وتدخل بغواصاتها الى البحر الأحمر لا بل استطاعت أن تعيد كرة النار الداعشية الى أحضان أميركا وتركيا والسعودية قاطعة بذلك الطريق على الهدف الاساسي من إنشاء داعش ألا وهو إغراق ايران في حرب طائفية تشبه الحرب المفروضة التي شنها صدام حسين عليها لمدة ثماني سنوات وبدعم سعودي وأمريكي وعالمي منقطع النظير.
وعلى أرض الواقع لا تزال جثث رجال العشائر السنة من عشيرة الشعيطات في سوريا ومن قبيلتي البونمر والبوفهد في العراق, والذين قتلتهم داعش, مرمية في الشوراع وعلى مفارق الطرقات دون أن تجد من يواريها في الثرى. من المرجح أن يكون ثأر هذه القبائل أبعد من القاتل نفسه, لن ترضى العائلات والعشائر التي مستها داعش بشرفها أو دم أبنائها بعد عودتها مع قوات الجيشين العراقي والسوري بأقل من التأر من كل مشارك بالجريمة أو صامت عنها وسيكون القتل المروّع هو السمة الأبرز .
كل هذا حدث وسيحدث بفضل داعش ورعاتها الأتراك والسعوديين الذين رفعوا شعارات مظلومية أهل السنة لكي لا يبقوا من أهل السنة باقية فداء لمطامعهم ومطامحهم السياسية والاقتصادية.
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=37000
moussa11@gmx.net
إنتصارات القوات العراقية والحشد الشعبي وإستعادتهم لكثير من المدن والقرى في جلولاء والسعدية يقابله تقدم مهم للجيش السوري في ريف حلب يشكّل فاتحة عهد جديد .. إنه عهد جلاء الاحتلال الداعشي البغيض عن قرى ومدن العراق و سوريا ذات الثقل الديموغرافي السني.
يمكن القول وبدون أي مبالغة أن إختفاء داعش من المشهد العراقي – السوري سيجر معه إختفاء قسريا لثقل النفوذ السياسي والديموغرافي للطائفة السنية الكريمة وسيؤسس لضمور عميق في دور المكون السني في كل من العراق وسوريا.
أود أن أشير قبل أن أكمل أن الحديث هنا يدور حول المعنى الجيواستراتيجي للصراع الدائر في المنطقة. فواقع العراق بين إيران وتركيا من جهة والأردن وسوريا من جهة أخرى أعطى الصراع صبغة طائفية كاذبة أريد لها أن تحجب وتغيّب حقيقة الصراع السياسي والعسكري في المنطقة. وإلا فما معنى ما يجري في ليبيا أو في تونس ومصر والجزائر؟؟ إنه صراع عميق ودامي حول خيارات سياسية واقتصادية وعسكرية بين مجموعات تنتمي الى نفس الدين والعرق والطائفة والمذهب ولا يمكن بأي حال من الأحوال الزعم بأن دوافع ذلك الصراع أيديولوجية أو مذهبية.
ومن جهة أخرى نرى أن تركيا والسعودية وقطر والامارات والبحرين مازالوا في حالة إصرار وإجماع على إعطاء الحرب الدائرة في كل من العراق وسوريا صفة المظلومية السنية. هذا الاجماع المجترح تكذبه حقيقتان ناصعتان: الأولى هي العداوة والمنافسة العميقة التي تقسم هذا المعسكر بين حلف سعودي إماراتي مدعوم بمصر السيسي يقابله تكتل تركي قطري مدعوم من يتامى الاخوان وشراذمهم في عموم العالمين العربي والإسلامي.
أما الحقيقة الناصعة الثانية والتي تفوق الأولى هولا وقسوة فهي حقيقة الكذب والخواء الذي اريقت لأجله دماء السوريين والعراقيين وهتكت أعراضهم وقطعت رؤوسهم لأجل كرامة المذهب وأهله... وحين وصل هذا الشعار ( نصرة أهل السنة لرفع الغبن عنهم) إلى فلسطين وأهلها تبين أن هذا الشعار الحار لا يعدو أن يكون بالونا عارما بالزفرات الباردة.
إذن فقد فضحت فلسطين السنية كذب وخواء وتهافت المعسكر الرجعي العربي المتحالف بالضرورة مع تركيا الطورانية الأطلسية والملتحف زورا وبهتانا بعباءة أهل السنة والجماعة.
ولكن وللأسف الشديد فإن كذب وخواء وتهافت "الشعارات السنية" التي رفعتها تلك الدول سينجم عنه خسارات فعلية لأهل السنة الذين ظلموا مرتين. مرة عند رفع شعار مظلوميتهم ومرّة أخرى حين تركوا لمصيرهم بين وحوش داعش وأخواتها.
أنظروا الى خارطة العراق....سترون في الأعلى جرابلس على الحدود مع تركيا.. أنظروا الى الجنوب ذو الثقل الشيعي سترونه محاذيا للكويت .. أما لو نظرتم الى يمين الوسط لجهة أربيل فسترون الحدود الإيرانية يقابلها في آخر الصحراء العراقية كلا من الأردن والسعودية.
لو عدنا الى التاريخ القديم والحديث لرأينا أن العراق كان دائما وعبر السنين شيعي الهوى ولكن السلطة فيه كانت دائما من نصيب أهل السنة والجماعة. فلطالما شكلت تركيا عبر نفوذها الضارب في الأراضي السورية إختراقا استراتيجيا مهما لصالح الستاتيكو الذي كان قائما على الدوام في بلاد ما بين النهرين ولكن هذا التأثير سدت أبوابه السورية ولم تستطع بوابتي السعودية والأردن أن تملآ الفراغ التركي الاستراتيجي خصوصا بعدما استولت داعش على الموصل وأصبحت تشكل تهديدا جديا لكل من الأردن والسعودية.
هذا الاختناق الاستراتيجي التركي من جهة سوريا هو التفسير العملي لنوبات الصرع التي أصابت أردوغان وحكومته ودفعته الى الهذيان في أثناء الهجوم الداعشي على كوباني السورية. فداعش تحولت وظيفيا الى ماكينة مهمة لفتح قنوات النفوذ التركي المسدودة باتحاه العراق عبر سوريا مما سيؤدي بالضرورة الى تحقيق مكاسب تركية استراتيجية أولها منع الاختناق الإستراتيجي التركي في منطقة نفوذه التاريخية وثانيها منع ايران من الاستفراد بكل من العراق وسوريا وبالتالي منع تحويلهما إلى مدى إستراتيجي للملعب الإقليمي الايراني. هل نجحت تركيا في دعمها الخفي والمعلن لداعش؟؟ الجواب كلا. في المقابل هل أفلحت السعودية في حشد العصبية السنية وتحويلها الى عصا سحرية لتطبيق اجندتها السياسية؟؟ الجواب أيضا كلا بدليل اضطرار السعودية الى تكفير داعش ومواجهتها بعدما تحولت داعش من مجرد أداة الى تهديد مستفحل في قلب النظام السعودي.
وعلى المقلب الآخر استطاعت إيران أن تحافظ على حلفائها في كل من العراق وسوريا وأن تمد نفوذها عبر اليمن الى باب المندب وتدخل بغواصاتها الى البحر الأحمر لا بل استطاعت أن تعيد كرة النار الداعشية الى أحضان أميركا وتركيا والسعودية قاطعة بذلك الطريق على الهدف الاساسي من إنشاء داعش ألا وهو إغراق ايران في حرب طائفية تشبه الحرب المفروضة التي شنها صدام حسين عليها لمدة ثماني سنوات وبدعم سعودي وأمريكي وعالمي منقطع النظير.
وعلى أرض الواقع لا تزال جثث رجال العشائر السنة من عشيرة الشعيطات في سوريا ومن قبيلتي البونمر والبوفهد في العراق, والذين قتلتهم داعش, مرمية في الشوراع وعلى مفارق الطرقات دون أن تجد من يواريها في الثرى. من المرجح أن يكون ثأر هذه القبائل أبعد من القاتل نفسه, لن ترضى العائلات والعشائر التي مستها داعش بشرفها أو دم أبنائها بعد عودتها مع قوات الجيشين العراقي والسوري بأقل من التأر من كل مشارك بالجريمة أو صامت عنها وسيكون القتل المروّع هو السمة الأبرز .
كل هذا حدث وسيحدث بفضل داعش ورعاتها الأتراك والسعوديين الذين رفعوا شعارات مظلومية أهل السنة لكي لا يبقوا من أهل السنة باقية فداء لمطامعهم ومطامحهم السياسية والاقتصادية.
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=37000