المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يهود الكويت: انغماس في التجارة والموسيقى



yasmeen
11-07-2014, 08:17 AM
ارتباط البقية القليلة من اليهود في الكويت بالصهيونية كان ضعيفاً مع وجود بعض عمليات التهريب إلى إسرائيل ضخمتها الصحف والمجلات العربية والخليجية بدافع التحريض.

خلاصة من بحث يوسف المطيري 'يهود الكويت وجودهم أحوالهم وهجرتهم'، ضمن الكتاب 93 (سبتمبر 2014) التنوع العرقي والمذهبي في الخليج بين الواقع والتوظيف' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.


ميدل ايست أونلاين

http://www.middle-east-online.com/meopictures/slidea/_187378_untitledbb.gif

عاشوا وارتحلو حاملين ذكرياتهم


جاء استقرار اليهود في الكويت بسبب عوامل وظروف دفعتهم للهجرة غالباً من العراق، وكان بعض هذه العوامل والظروف متعلقا بظروف استقرارهم في مواطنهم الأصلية والمشاكل التي واجهوها, وبعضها لتحسين مستوى حياتهم الاقتصادي والاجتماعي، مثل البحث عن فرص اقتصادية وتجارية أفضل ولتحقيق الثراء، والعمل في بعض الشركات النفطية والأجنبية والمحلية أو اليهودية.

كان سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعيشها اليهود في بلاد فارس تحت حكم الأسرة القاجارية (1795-1925)، دافعاً آخر لهجرة بعض اليهود إلى الكويت والمناطق الأخرى من الخليج العربي، ومن بقي فرض عليه الإسلام قسراً فتحول بعضهم إلى يهود متخفين, كما دفع الهروب من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش العثماني في بغداد والبصرة أو دفع بدل نقدي عن الخدمة العسكرية سنوياً، الذي فرض على الطائفة اليهودية، مجموعة من اليهود للهجرة إلى الكويت والبحرين.


نشاط مالي وتجاري

كان غالبية اليهود في الكويت من الطبقة الوسطى التي مارست نشاطاً تجارياً وحرفياً محدوداً على الرغم من بروز طبقة ثرية من كبار التجار الذي مارسوا عملاً تجارياً ضخماً واستثمروا فيه مبالغ كبيرة نسبياً في ذلك الوقت، ومن هؤلاء: صالح ساسون محلب، وجورجي ساسون، ومناشي إلياهو، وهذا ما أكده المعتمد البريطاني في الكويت هاورد ديكسون H. DICKSON في تقرير كتبه عام 1933م وذكر فيه أن القليل من اليهود في الكويت تجار أثرياء، والأغلبية بائعو ملابس وأقمشة وصائغو ذهب.

تعتبر الأنشطة المالية من أهم الأنشطة الاقتصادية التي عمل بها اليهود في الكويت، خصوصاً القروض المالية بفائدة، والصرافة والتحويلات المالية, وكان غالبية من يعمل في هذه الأنشطة من أثرياء اليهود وبعض أفراد الطبقة الوسطى, وعلى الرغم من اشتهارهم بممارسة هذا النشاط فإنه قد شاركهم في ممارسته فئات أخرى, أي إنهم لم يحتكروا مثل هذا العمل ولم يكن مقصوراً عليهم.

اسم "سوق اليهود" تم إطلاقه على مكانين مختلفين في فترتين زمنيتين مختلفتين وليس مكاناً واحداً كما يعتقد بعض الباحثين، فقد أطلق على قيصرية خليل القطان، وهي سوق مسقوف يقع بالقرب من مسجد السوق الداخلي، أو سوق الصفافير الآن في مدينة الكويت، وحتى أواخر عشرينيات القرن الماضي اسم "سوق اليهود"، ثم بنى راشد بن رشدان العازمي سوقا أو قيصرية جديدة بالقرب من السوق الداخلي والأسواق الأخرى, وقام بإغراء تجار الأقمشة للانتقال إلى سوقه الجديد عن طريق تخفيض قيمة الإيجار الشهري للدكاكين إلى روبية واحدة مع الإعفاء من الإيجار لمدة سنة، مما جعل باعة الأقمشة من اليهود ينتقلون إلى هذا السوق فانتقلت معهم التسمية، وكان سوق اليهود -وجميع دكاكين اليهود- يغلق يوم السبت، الذي هو يوم العطلة الأسبوعية الدينية لليهود، مما يؤثر سلباً على حركة التجارة في سوق الكويت في هذا اليوم، وينشّط الحركة التجارية يوم الجمعة تحسباً لإغلاقه يوم السبت.

عمل اليهود كباراً وصغاراً في الكويت باعة متجولين، حيث يتجولون بين الأسواق والأحياء السكنية حاملين معهم بضائعهم المختلفة, كما عملت المرأة اليهودية كذلك بائعة متجولة حيث تزور المنازل والبيوت لبيع الأقمشة وبعض البضائع الأخرى خاصة النسائية على النساء في منازلهن, فكان جميع أفراد الأسرة اليهودية (رجالهم ونساؤهم وأولادهم) يتكسبون.


تأسيس لفن الموسيقي

جلب اليهود في الكويت عام 1927 معلماً لتعليم أبنائهم القراءة والكتابة باللغة العبرية مقابل 30 روبية في الشهر، يدفعها كل طالب من الطلاب الذين بلغ عددهم 15 طالباً، ولم تذكر المصادر موقع هذه المدرسة التي ربما كانت في الكنيس, والتي أدى قيامها إلى تناقص عدد الطلاب اليهود في مدرسة الإرسالية إلى طالب واحد في العام الذي افتتحت فيه المدرسة, ولم تستمر طويلاً هذه المدرسة بسبب تناقص عدد اليهود في الكويت بشكل كبير، ولعدم قدرتها على توفير ما يحتاجه اليهود لأبنائهم من تعليم، واقتصارها إلى تعليم القراءة والكتابة باللغة العبرية وبعض الدروس الدينية.

اقتصرت الإسهامات الأدبية والثقافية لليهود في الكويت وعموم منطقة الخليج العربي على الأخوين صالح وداود عزرا الكويتي، اللذين ترجع أصولهما إلى بلاد فارس، حيث ولد والدهما عزرا يعقوب ثم انتقل إلى بغداد ومنها (عام 1905م) إلى الكويت التي ولد فيها صالح في العام نفسه، وداود عام 1910م, وقد اشتهر صالح وداود بالعزف على الكمان والعود والغناء والتلحين, حيث بدءا بتعلم العزف على كمان وعود أحضرهما قريب والدهما وشريكه من الهند، ثم صقلت موهبتهما على يد الفنان الكويتي خالد البكر، وهو ما تنفيه بعض المصادر اليهودية التي تؤكد أن موهبتهما موروثة، برزت من خلال السماع والتقليد، وأنهما نادراً ما اعتمدا على الغير في تعلم الموسيقى.

أخذ صالح وداود العزف في المقاهي والحفلات الخاصة حتى اشتهرا فهاجرا إلى البصرة عام 1922م للعمل مع الفنان المعروف محمد القبنشي، ومنها انتقلا إلى العمارة للعمل في أحد الأندية الليلية، حتى استقرا في بغداد عام 1930م، وقد ارتبطت هجرتهما في ذلك الوقت بكساد أعمال الفن والغناء، خاصة في عهد الشيخ سالم المبارك (1917-1921) ورغبتهما في الارتقاء بفنهما، وهذا لا يكون بالاستمرار في الإقامة بالكويت، وهجرة مجموعة كبيرة من اليهود إلى العراق في عقد العشرينيات من القرن الماضي، وقد كون صالح وداود عزرا الكويتي فرقة غنائية في بغداد، وشاركا في مؤتمر الموسيقيين العرب الأول الذي عقد في القاهرة عام 1932م، واستمرا بتسجيل الأغاني وإقامة الحفلات الغنائية حتى هجرتهما إلى إسرائيل نهاية الأربعينيات من القرن العشرين، حيث أسسا هناك فرقة غنائية في القسم العربي من الإذاعة الإسرائيلية، حيث انحسرت شهرتهما على الرغم من إعادة الاعتبار لفنهما بجهود SHLOMO ALKVITY أي سليمان الكويتي، ابن المطرب صالح الكويتي، الذي أعاد نشر تراث والده وعمه، حتى تم إطلاق اسمهما على أحد شوارع تل أبيب مؤخراً.


لا علاقة بالصهيونية

لم يكن ينظر لليهود في الكويت على أن لهم ارتباطا بالحركة الصهيونية حتى أربعينيات القرن العشرين، عندما أصدرت الأمم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين في نوفمبر 1947م وإعلان قيام دولة إسرائيل 1948م فبدأ البعض الربط بين اليهود في الكويت والبحرين بالحركة الصهيونية ودولة إسرائيل, خصوصاً بعد إعدام التاجر اليهودي العراقي المعروف في الكويت شفيق عدس عام 1948م لاتهامه بتهريب السلاح والبضائع إلى إسرائيل.

عاش اليهود في الكويت في مجتمع متسامح، سمح لهم بممارسة أنشطة اقتصادية مختلفة، وبيع وشراء الممتلكات من منازل وغيرها، من دون أن يكون ذلك محدوداً بحي أو مكان محدد, ولم يمارس في حقهم أي نوع من أنواع التمييز, وتعامل معهم السكان المحليون -بشكل عام- بتسامح وأريحية فتأثروا بالسكان من ناحية الملبس وبعض العادات الاجتماعية.

امتلك اليهود في الكويت مقبرة، وكنيسا يجتمعون فيه خلال أعيادهم ومناسباتهم الدينية، وإن لم يكونوا عامة من المتدينين, واستُخدِم في تدريس أبنائهم، وإن كان الاعتماد الأكبر في تعليم أبنائهم على الوالدين والمنزل، ثم على مدرسة الإرسالية العربية (الأمريكية) حتى جلبوا معلماً من العراق لتعليم أبنائهم, ومع هذا لم يكن لليهود في الكويت أي إسهامات ثقافية وأدبية وفنية ما عدا ما يتعلق بالأخوين صالح وداود الكويتي.

لم يكن لظهور الصراع العربي - الإسرائيلي تأثير كبير على اليهود في الكويت يهدد وجودهم واستقرارهم، لكون الغالبية الكبرى قد هاجرت من الكويت قبل هذه الفترة، وهذا ينفي مسألة الربط بين هجرتهم واندلاع هذا الصراع، ويمكن القول: إن ارتباط البقية القليلة من اليهود في الكويت بالصهيونية كان ضعيفاً على الرغم من ظهور بعض عمليات التهريب من وإلى إسرائيل قامت الصحف والمجلات العربية والخليجية بتضخيمها والتحريض على عدم التعامل مع اليهود في الكويت اقتصادياً واجتماعياً.

http://www.middle-east-online.com/?id=187378