تشكرات
10-22-2014, 03:51 PM
https://scontent-b-atl.xx.fbcdn.net/hphotos-xaf1/v/t1.0-9/p526x296/10354736_712097242204022_6600553024343052989_n.jpg ?oh=1e1d1c64aa2161b7edd06c242a58883f&oe=54AEE105
© Damas post
║▌│█│║ │█║▌│║│║ │█║▌│║
انتهت منذ أيام قليلة مهمتي كنائب لعميد كلية الإعلام، بعد أربع سنوات من السير كبهلوان على حبال العمل الإداري، الذي بقدر ما يبدو مضبوطاً، ومقنناً حد التكرار والتنميط والتدجين، بقدر ما هو مراوغ، وملتبس، وحمّال أوجه، ناهيك عن كونه محبطاً، ومبدداً للحلم، وأمهر وأسرع قاتل مجانٍي للصداقات.
والغريب، أنه فور خروجي من هذا القصر الكرتوني، أو بالأحرى الجحيم الداجن، شعرت أنني عدت للحياة، عدت للدهشة، وعاد قلبي للتواصل مع شتات الحياة، ذاك الشتات بعيد الغور، الذي يسمح للمرء منا بعيش الحياة عدة مرات في عمر واحد قبل أن يصل إلى اكتماله، في ظل حقيقة جوهرية، أن الكامل الوحيد هو الموت، وأن الوصول إلى الاكتمال عبره، يفترض العيش (ولا أعني بذلك الوجود المادي فقط) أولاً.
ورغم كل الخراب حولنا، والذي يجعل حتى مجرد العيش بالمعنى المادي، في حده الأدنى، إلّا أنني وبعيداً عن التواقيع والأختام والاسطبمات، وعبارات التدبيج المملة (يرجى الاطلاع، وشاكرين تعاونكم..الخ)، واجتماعات اجترار المجتر، عدت وسط الدمار، لرؤية أساسات الأبنية المقبلة، وعدت لتلمس البذرة الحية الكامنة في جذور الأشجار المحروقة، وحبة القمح الصامدة في تراب الهشيم.
عدت من موت هابيل، لمعاودة القتال دفاعاً عن حياته في صراعه مع قابيل، خاصة وأن القبابيل باتوا كثراً، وصنّاع التوابيت يغتالون الأطباء، وحفاري القبور يتظاهرون ضد العمر الطويل والخلود، وأمريكا وسيلتهم وداعش عنوانهم!.
أخيراً انتهى زمن وحلي الإداري بقضه وقضيضه، وها أنا أعود من جديد إلى عشوائية الحياة، وغرابة أطوارها، حيث السيد الموت ينتظرنا عند كل منعطف طريق، ومنعطف نوم!.
ويكمن لنا في مواسير المياه في البيت، وفي مواسير صمت وتواطؤ العالم على موتنا، ويكمن لنا في مواسير البنادق في التخوم القريبة، ومواسير الهاون في خدمة التوصيل المجاني إلى شوارع سيرنا وأسرّة نومنا، وفي مواسير صواريخ أمريكا، التي كلما كثفت ضرباتها الجوية على داعش، تمددت داعش على الأرض، وتوغلت، واستشرست، في معادلة تبدو أقرب للزواج المتناغم بين المبنى والمعنى، وبين الوسيلة والوعاء، وبين الادعاء والحقيقة!.
والحقيقة، أن أمريكا وتحالفها المزعوم، أشبه بالغواني المتنكرات بلباس الراهبات، يغطين وجوههن بالأثواب التي تكشف عن سيقانهن، وسيقانهن داعش، وكلنا نعرف كم حكام خليجنا مغرمون بالسيقان، وبالعيش في ظلالها، وفي إقامة تماثيل من أشلائنا قرباناً لها!.
داعش تستطيل وتتمدد في ظل حفاوة رعاتها وحماتها، وأنا لملمت حقائب موتي المهني، وبدلت كابوسي برضا التفرغ للعيش في بلاد التجول فيها مغامرة، والصحو عذاب، والمطر وحل، والثلج رعب من أيام لا دفء فيها، والغد حلم أشبه بالوهم، والموت قط بسبع أرواح، بل ميدوزا، كلما قطع منها عضو نبت مكانه مئة عضو!.
لكنها بلادي، أسطورة بروميثوس الساعي إلى سرقة النار المقدسة (المعرفة) لمنحها للبشر مهما كان الثمن والعقاب، إنها سيزيف الصاعد أبداً جبل الآلام ليدحرج صخرة العجز الإنساني من أسفل إلى أعلى، ومن أعلى إلى أسفل، ليهب سر النار للإنسان.
إنها بلدي، أريكة اعترافي، وارتدادي لذاتي، وحديقتي الأسطورية التي ألملم فيها جراحي منها في شرنقتها، وأتكوم في حضنها لأتقي الضباب والظلام والضباع، ويطاردني موتي فيها، وأفاجأ في كل صباح أنني لم أمت!.
http://www.damaspost.com/وجهات-نظر/د-نهلة-عيسى-أنا-وأمريكا-وداعش.htm
© Damas post
║▌│█│║ │█║▌│║│║ │█║▌│║
انتهت منذ أيام قليلة مهمتي كنائب لعميد كلية الإعلام، بعد أربع سنوات من السير كبهلوان على حبال العمل الإداري، الذي بقدر ما يبدو مضبوطاً، ومقنناً حد التكرار والتنميط والتدجين، بقدر ما هو مراوغ، وملتبس، وحمّال أوجه، ناهيك عن كونه محبطاً، ومبدداً للحلم، وأمهر وأسرع قاتل مجانٍي للصداقات.
والغريب، أنه فور خروجي من هذا القصر الكرتوني، أو بالأحرى الجحيم الداجن، شعرت أنني عدت للحياة، عدت للدهشة، وعاد قلبي للتواصل مع شتات الحياة، ذاك الشتات بعيد الغور، الذي يسمح للمرء منا بعيش الحياة عدة مرات في عمر واحد قبل أن يصل إلى اكتماله، في ظل حقيقة جوهرية، أن الكامل الوحيد هو الموت، وأن الوصول إلى الاكتمال عبره، يفترض العيش (ولا أعني بذلك الوجود المادي فقط) أولاً.
ورغم كل الخراب حولنا، والذي يجعل حتى مجرد العيش بالمعنى المادي، في حده الأدنى، إلّا أنني وبعيداً عن التواقيع والأختام والاسطبمات، وعبارات التدبيج المملة (يرجى الاطلاع، وشاكرين تعاونكم..الخ)، واجتماعات اجترار المجتر، عدت وسط الدمار، لرؤية أساسات الأبنية المقبلة، وعدت لتلمس البذرة الحية الكامنة في جذور الأشجار المحروقة، وحبة القمح الصامدة في تراب الهشيم.
عدت من موت هابيل، لمعاودة القتال دفاعاً عن حياته في صراعه مع قابيل، خاصة وأن القبابيل باتوا كثراً، وصنّاع التوابيت يغتالون الأطباء، وحفاري القبور يتظاهرون ضد العمر الطويل والخلود، وأمريكا وسيلتهم وداعش عنوانهم!.
أخيراً انتهى زمن وحلي الإداري بقضه وقضيضه، وها أنا أعود من جديد إلى عشوائية الحياة، وغرابة أطوارها، حيث السيد الموت ينتظرنا عند كل منعطف طريق، ومنعطف نوم!.
ويكمن لنا في مواسير المياه في البيت، وفي مواسير صمت وتواطؤ العالم على موتنا، ويكمن لنا في مواسير البنادق في التخوم القريبة، ومواسير الهاون في خدمة التوصيل المجاني إلى شوارع سيرنا وأسرّة نومنا، وفي مواسير صواريخ أمريكا، التي كلما كثفت ضرباتها الجوية على داعش، تمددت داعش على الأرض، وتوغلت، واستشرست، في معادلة تبدو أقرب للزواج المتناغم بين المبنى والمعنى، وبين الوسيلة والوعاء، وبين الادعاء والحقيقة!.
والحقيقة، أن أمريكا وتحالفها المزعوم، أشبه بالغواني المتنكرات بلباس الراهبات، يغطين وجوههن بالأثواب التي تكشف عن سيقانهن، وسيقانهن داعش، وكلنا نعرف كم حكام خليجنا مغرمون بالسيقان، وبالعيش في ظلالها، وفي إقامة تماثيل من أشلائنا قرباناً لها!.
داعش تستطيل وتتمدد في ظل حفاوة رعاتها وحماتها، وأنا لملمت حقائب موتي المهني، وبدلت كابوسي برضا التفرغ للعيش في بلاد التجول فيها مغامرة، والصحو عذاب، والمطر وحل، والثلج رعب من أيام لا دفء فيها، والغد حلم أشبه بالوهم، والموت قط بسبع أرواح، بل ميدوزا، كلما قطع منها عضو نبت مكانه مئة عضو!.
لكنها بلادي، أسطورة بروميثوس الساعي إلى سرقة النار المقدسة (المعرفة) لمنحها للبشر مهما كان الثمن والعقاب، إنها سيزيف الصاعد أبداً جبل الآلام ليدحرج صخرة العجز الإنساني من أسفل إلى أعلى، ومن أعلى إلى أسفل، ليهب سر النار للإنسان.
إنها بلدي، أريكة اعترافي، وارتدادي لذاتي، وحديقتي الأسطورية التي ألملم فيها جراحي منها في شرنقتها، وأتكوم في حضنها لأتقي الضباب والظلام والضباع، ويطاردني موتي فيها، وأفاجأ في كل صباح أنني لم أمت!.
http://www.damaspost.com/وجهات-نظر/د-نهلة-عيسى-أنا-وأمريكا-وداعش.htm