المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كذبة إبريل.. مزحة قد تتحول إلى مأساة!



جمال
04-01-2005, 12:17 PM
مقالب أصابت البعض بالضحك والبعض الآخر بالبكاء


تحقيق: ثائرة محمد

أصبح الأول من ابريل بكذبه الكثير الأبيض والأسود، أو يوم الكذب، مناسبة عالمية تحتفل بها الكثير من الدول. وفي هذا اليوم بالذات تحدث مواقف كثيرة بعضها طريف والبعض الآخر محزن جراء اعتياد الناس الكذب في هذا اليوم.

فما اثر كذبة إبريل ووقعها على الآخرين سواء كانت مزاحا طريفا كما يعتبره البعض أو صدمة شاقة تلحق الأذى بالآخرين؟ وماذا يقول عنها الناس؟


لرنا عيسى موقف يكاد يكون غريبا ومضحكا في الوقت نفسه وهو كذبة مصحوبة بمقلب قامت به لمصلحتها وتقول:

ـ وقع الحادث الذي سأرويه قبل عامين حيث كنت أعيش مع أبنائي الأربعة في سوريا وكان زوجي يعمل في الكويت وطلبت منه أن يعمل لي «بطاقة زيارة» وبالفعل قام بذلك وبعثها إلي.. وحاولت إقناع والدتي التي تسكن مع زوجها وولديها بان اترك أبنائي لديها إلا أنها رفضت بشدة بسبب شقاوة أبنائي التي لا يستطيع أحد غيري السيطرة عليهم.

وحاولت رنا مرارا وتكرارا من دون جدوى مع أمها وكان ذلك في نهاية شهر مارس وأظهرت لامها انزعاجها واقلاعها عن فكرة السفر إلى الكويت نهائيا.. وفي نهاية الشهر تذكرت رنا أن موعد انتهاء بطاقة الزيارة قد اقترب وكذلك الأول من إبريل، فقررت على الفور إعادة إصلاح العلاقة مع والدتها ثم ذهبت في صبيحة أحد الأيام بملابس البيت مرتدية العباءة إلى أمها وقالت لها سأترك لك الأولاد قليلا لان «المجاري طفحت» ولا أريد أن يتسخ الأولاد وأعطت أمها مبلغا من المال وقالت لها اشتري لهم دجاجا وتناولوا الغداء وأنا سأذهب ساعة لاقف مع «السباك» وانظف المنزل ثم أعود.. فقالت لها أمها: أخاف أن تتأخري وأولادك لا يتحملهم حتى الجن.. ووعدت أمها بالعودة السريعة وعدم التأخير.

وعلى الفور عادت رنا إلى المنزل ورتبت حقيبتها وغيرت ملابسها وانطلقت إلى المطار لتستقل الطائرة المتجهة إلى الكويت بعد أن تركت ملابس للأطفال عند محل «غسل الملابس» المجاور لمنزل والدتها وطلبت منه إيصالها اليها واستقبلها زوجها بعد غياب عامين وفور وصولها قامت بالاتصال بوالدتها التي كانت قد وصلت إلى درجة الغليان من شيطنة الأولاد. وبادرتها بالسؤال كل هذا وتقولين انك ستغيبين ساعة فقط. المشكلة أن رنا لم تخبر والدتها بأنها أصبحت في الكويت وانما استمرت في الكذبة قائلة أن السباك لم ينته بعد التصليح لان السباكة قد تلفت تماما وان البيت غارق ولن تتمكن من الحضور لبيت أمها لان وضع المنزل في غاية الصعوبة.. ثم أخبرت زوجها بما فعلته وكيف تركت الأبناء من دون أن يعرفوا أنها ستغادر إلى الكويت وستبقى شهرا بأكمله..

عندها وجه زوجها اللوم إليها وطلب منها في نهاية اليوم الاتصال بوالدتها وإخبارها بحقيقة الأمر.. ولما فعلت جن جنون الام التي شربت مقلبا كبيرا شهرا كاملا فكان إبريل بكامله أكذوبة كبيرة قضت على مصداقية ابنتها نهائيا..

هبوط قلب الأم

وتؤكد ايمان الحساني أن بعض الأكاذيب التي يتلقاها الناس في أول إبريل تنقل غما ونكدا حيث أصبح إتقان الكذب كبيرا لدى البعض ومن الصعب حتى تخيل انه كذب. وتروي لنا ما حدث مع أحد معارفهم:

ـ أبلغت أم من خلال الهاتف ان ابنها المسافر للدراسة في الخارج قد وافته المنية.. وأخذت المكالمة كل أشكال الجدية حتى في طريقة العرض وحبكته.. ولم تتحمل الام الصدمة وهبط قلبها وأصيبت بالإغماء.. واثناء ذلك وعند التحري والاتصال تأكدت الأسرة ان ابنها بخير.. وعندما أفاقت الام في المستشفى اخبروها بأنها كانت كذبة إبريل التي كادت تخسر حياتها بسببها.. من دون أن يعلموا من أطلق تلك المزحة غير المعقولة أو المقبولة.

وللكذب طرق كثيرة ساهمت التكنولوجيا في كثرتها فهي تخدم الإنسان حتى عندما يرغب في الكذب..

ومن ضمن أكاذيب إبريل العام قبل الماضي ما يقوله محمد سالم عن إرسال ماسجات عبر الموبايل بوجود حالات وفاة نتيجة انتشار غازات سامة في احد مناطق الكويت. وذلك لإشاعة القلق والخوف..حتى اكتشف انه الأول من نيسان..

ويشير محمد سالم إلى أن كذبة إبريل أصبحت عادة سنوية اعتاد عليها كل عام لكثرة المقالب التي يتلقاها من الأصدقاء والمعارف حتى انه اصبح يكشفها ويستعد لها على الفور.. ويقول:

ـ إن الناس أصبحوا يتذكرون الأول من إبريل جيدا نتيجة مواقف وحوادث سارة ومحزنة في هذا اليوم حتى أن بعض الصحف تشارك في الترويج لهذه الكذبة واصبح هذا اليوم كأنه احتفال سنوي نحتفل به من دون أن نشعر أو نعي مخاطره..

العشاء الوهمي

ويبدو أن مناحي الرشيدي تعرض إلى العديد من الأكاذيب في إبريل، عنها يقول:

ـ أبرزها كان في العام الماضي عندما اتصلت بي إحدى الشركات واخبرتني أني فزت بالجائزة الأولى لمسابقة تنظمها وان جائزته سيارة موديل العام.. وطرت من الفرحة وذهبت إلى موقع الشركة لتسلم السيارة لأكتشف أنها كذبة إبريل ومداعبة من صديقي الذي استطاع أن يحبك الكذبة جيدا ويتنكر حتى في صوته عندما ابلغني بالفوز.. فشعرت بالإحباط بعد أن فرحت بالجائزة المزعومة..

أما المقلب الثاني فكان قبل عامين عندما اتصل به صديقه في الصباح واخبره بأنه سينتظره في المساء لتناول العشاء في الفندق الفلاني وعليه أن لا يتأخر لانه سيجد مفاجأة سارة وصديقا لم يره منذ فترة طويلة.. وحان الموعد وذهب مناحي إلى الفندق واخذ ينتظر وصول صديقه ومن معه.. حتى رن جرس النقال ليسمع صوت صديقه ضاحكا ويقول تعيش وتأكل غيرها.. اليوم أول إبريل..

طلقها لكذبة إبريل

عندما تصارح المرأة زوجها لأول مرة بأنها تخونه.. فما اثر الصدمة عليه؟

يروي خالد مروي هذه القصة التي سمعها من أحد أصدقائه قائلا:

ـ اعترفت زوجة لزوجها بالخيانة.. وبدأت تسرد له قصة نسجتها من خيالها عن الخيانة وكيف أن الشيطان غلبها.. الأمر الذي جعل الزوج بارد الأعصاب يقول لها بعد أن انتهت من سرد قصتها «وماله يا حبيبتي اذهبي وتزوجيه ومن جهتي فأنت طالق» هنا تغير لون الزوجة وسارعت بمصارحته والاعتراف له بأن الأمر مزحة كذبة إبريل لكنه أصر وقال: «جاءت من الله.. كنت انوي ذلك منذ فترة..واشكرك على مساعدتي».

لم تستقبل في المطار

منار عبد الله لم يستقبلها أهلها في المطار عندما عادت من السفر، والسبب؟ تقول منار:

ـ في العام السابق قمت بعمل مقلب لهم حيث أخبرتهم أني سأصل في الأول من إبريل. وبعد أن ذهبت الأسرة بأكملها إلى المطار حادثتهم واخبرتهم بأنها كذبة إبريل. وحينما وصلت في العام التالي لم يستقبلني أحد معتقدين أني عاودت الكذب عليهم مع أن موعد وصولي لم يكن في الأول من إبريل.. واضطررت إلى الذهاب إلى المنزل بالتاكسي.. وعندما وصلت الى المنزل تفاجأوا بي لكنهم اخبروني ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.

وتعتبر منال تكلا أن كذبة إبريل لا بد ألا تخرج عن إطار كونها مزحة خفيفة تؤدي إلى الضحك ولا بد ألا تمس أو تستخف بالمشاعر الناتجة عن هذه المزحة حتى لا تنقلب إلى غم ونكد.

إيقافها عن العمل

في أحد الأيام تلقت سارة منذر خبرا من زميلتها في العمل أنهم أوقفوها عن العمل فصدمت وتأثرت كثيرا ولم تذهب إلى عملها.. وفي نهاية الدوام أعادت الصديقة الاتصال بها لتسأل عنها فوجدتها منهارة وفي قمة النكد.. لتعترف لها بأنها كانت مزحة منها بمناسبة الأول من إبريل.. لكن سارة جن جنونها وقاطعت صديقتها بسبب هذا الموقف الذي سبب لها إضافة إلى الأذى النفسي خصم يوم من راتبها..

وتعتبر رحاب أن الأول من نيسان اصبح يشكل لدى الناس مناعة ضد تصديق الأخبار لان الاستعداد النفسي يهيئ الكل لتلقي الأكاذيب في الأول من إبريل.. واصبح الناس مع نهاية مارس يعرفون أنهم سيتلقون أخبارا سيئة أو مفرحة من الآخرين سواء كانوا من الأصدقاء أو المعارف خصوصا ان الكذب بات مرتبطا بالأول من إبريل. وتعتقد أن الصدمات قلت عن ذي قبل وان الناس الذين لا يعرفون التاريخ والأيام نقول لهم «خير انه ليس الأول من إبريل»..

أما هشام علي حسن فقد أخبر صديقته التي تعرف عليها انه من الضروري أن تأتيه حالا لانه في حالة نفسية سيئة لان لديه حالة وفاة واخبرها ان أمه تعبة جدا.. وذهبت الصديقة وهي ترتدي ملابس سوداء ويبدو على ملامحها الحزن.. وعندما دخلت كانت المفاجأة في ان الام في كامل زينتها بينما تغطي الجدران كل مكان في المنزل زينة أخرى وهناك حضور كبير لأناس يرتدون الملابس الخاصة بالحفلات الى جانب موسيقى وجو مرح.. وهي تقدم التعازي للام التي انهالت ضحكا حيث عرفت الفتاة بأنه مقلب من هشام وانه يوم عيد ميلاده..



> حوادث كذبة إبريل كثيرة ومن الناس من اخبر بوفاة ولده أو زوجته أو بعض محبيه فلم يحتمل الصدمة ومات.. ومنهم من أخبر بفصله من وظيفته أو بوقوع حريق أو حادث تصادم لاهله فيصاب بجلطة أو مرض..

> من المآسي التي حدثت بسبب كذبة إبريل أن النيران اشتعلت في أحد المباني في مدينة لندن فخرجت امرأة تطلب النجدة ولم يعرها أحد اهتماما وكان اليوم هو الأول من إبريل.

> لماذا يكذب الناس؟. يقول الباحث الإنكليزي جون شيمل إذا كان الكذب قد اصبح صفة يتميز بها البشر عن سائر المخلوقات في شتى مرافق الحياة واتصالاتهم العامة أو الخاصة فان الأدلة تثبت أن المرأة اكثر استخداما للكذب من الرجل لعاملين أولهما نفسي وعاطفي لأنها اكثر عاطفة من الرجل وترتبط بالجانب العاطفي اكثر من ارتباطها بالجانب العقلاني.. والسبب الثاني هو أن الكذب بصفة عامة سمة من سمات المستضعفين والإنسان غالبا ما يلجأ إلى الكذب لاحساسه بالمعاناة والاضطهاد وللهروب من واقع اليم يعيشه.. والمرأة خلقت أضعف من الرجل وهي في مختلف المجتمعات البشرية تعاني الاضطهاد والقهر ولهذا تلجا إلى الكذب.

> يسمى هذا اليوم عند البعض بيوم «جميع الحمقى والمغفلين» كما أطلقه الإنكليز وذلك لما يفعلونه ويطلقونه من أكاذيب حيث يصدقهم من يسمع فيصبح ضحية ويسخرون منه.



أصل الكذبة


تتفق غالبية آراء الباحثين على أن كذبة إبريل في اصلها تقليد أوروبي قائم على المزاح حيث يقوم الناس بإطلاق الإشاعات والأكاذيب ويطلقون على من يصدقها اسم «ضحية إبريل».. وقد بدأت هذه العادة في فرنسا ثم انتشرت على نطاق واسع في إنكلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي لتنتشر في العالم بعد ذلك.. حيث اصبح هذا اليوم يوما للكذب لدى جميع شعوب العالم باستثناء الشعبين الإسباني والألماني.. والسبب في ذلك يعود إلى أن هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينيا وأما في ألمانيا فهو يوافق يوم ميلاد «بسمارك».