المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليوم الوطني السعودي … تراقص الطيور المذبوحة



رستم باشا
09-24-2014, 12:33 AM
Sunday , 21 September 2014

http://www.mepanorama.net/wp-content/uploads/2014/09/img_girls-ly1378471701_921-332x249.png

بقلم / سامي جاسم آل خليفة - بانوراما الشرق الاوسط



رحم الله يا وطني من قال :

لا تحسبوا رقصي بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم

لست في هذه المقالة أعرض التهاني والتبريكات لوطني في عيده فقد كفاني مؤنة ذلك الأمر كثير من الأقلام والألسن لكني أجد نفسي معنيا بنقل صورا لمشاهد حية من تراقص الطيور المذبوحة على أنغام الوطنية وكأني بها تقدم الوصلة تلو الأخرى تهز أردافها تارة وصدرها تارة أخرى تقبل ولي نعمتها صباحا وتداعب حواس ذلك الوزير ليلا إلى أن ينتهي بها الأمر متعبة في حضن أحد الديكة الذي يضاجعها بالفتاوى ويذكرها بالصبر والاحتساب في سبيل الله وأن نزيفها بعد كل إيلاج تحت ساند وساهر وأقساط البنوك والشركات وسداد الفواتير إنما هو عربون وطنية لثرى الوطن وأصحابه رضي الله عنه وعنهم.

على الوطن وهو يحتفل بعيده الرابع والثمانين أن يقف أمام تلك المشاهد بمزيد من المسؤولية والوعي فليس من المعقول أن تفرح الطيور وتلبس الأخضر وتقدم الهز والرهز وهي ما تأخذه بالليل تصرفه في النهار على العلاج لوقف نزيفها وليس من المنطق أن تقدم تلك الطيور الولاء والطاعة وفروض الوطنية والتقديس وسيدها يقابلها بالتنكر واللامبالاة وقضاء الإجازات في الجزر الأسبانية وليالي موناكو وباريس ثم لا شيء غير مزيد من ثقل الدين والهم على كاهل تلك الطيور المذبوحة.

نعم يا وطن طيورك مذبوحة !وإن رقصت وتمايلت وتعرت من أجل رضاك من أجل أن تفرح وتخضر خزائنك وتكبر أملاكك وأفلاكك في البر والبحر أما هي فلتشرب ماء البحر ولتحرث الصحاري وإن أردت يا وطن مزيدا من الذبح لها فلا تقلق فحتى فراخ تلك الطيور تجوع من أجل أن توفر مبلغا تشتري به علما أخضر ترقص به في الطابور الصباحي أو في الشوارع العامة ولكنها – وإن لم تعِ – سرعان ما ترث من أهلها الحزن والتعب والغم نهاية كل شهر حينما يطرق الأسياد الأبواب لدفع مخالفة مرور أو سداد قرض أو حلول إيجار ليسأل كل فرخ أباه وأمه أين الوطن الذي رقصنا ورقصتم من أجله لماذا غاب وتنكر وفي ظني أن الجواب سيكون : أنه يستعد لعيده القادم .

أعتقد أننا أمام حالة غريبة من الوطنية في الشكل والمضمون وطنية لا تتجاوز أدراج المكاتب ونفض الأكتاف وطنية ورقية وجدتها في تعاميم الدوائر الحكومية التي تؤكد على الاحتفال باليوم الوطني وبتوجيه أقل ما يقال إنه مضحك حتى الثمالة وذلك من خلال إقامة مسابقات أو توزيع مطويات أو عرض صورة وتوثيق ذلك في الصحف والسجلات الرسمية وكأن الوطنية عالم من ورق وصور ورسومات كئيبة تفتقر إلى روح المواطنة الصادقة والإحساس الجميل بتلاحم وتكاتف كل أفراد الوطن .

إن تراقص الطيور مذبوحة ما كان ليتم لو استشعرت تلك الطيور وتربت على الوطنية الحقيقية التي يقف فيها المواطن والأمير والوزير في صف واحد مواطنة مساواة وعدالة لا خاصية لشيخ أو قاض فيها على عامة الناس وطنية لا قوة للسني بتسننه ولا انتقاص للشيعي لتشيعه وطنية يا سادة لا تعطي الحق لضابط لمجرد نجمة تزين أكتافه أو منصب يديره وطنية تختفي فيها القبيلة وتختفي فيها المحسوبيات والمناطقيه وطنية المرجع فيها للإنسانية والقانون لا المذهبية والسلطة وطنية تحنو على أبنائها تسكنهم وتأويهم وتقف على احتياجاتهم وطنية تسأل أبناءها عن علمهم لا مذاهبهم ومساجدهم وطنية تكون القيمة العليا للإنسان لا للبعير والناقة.

نعم أيها الوطن هكذا أفهم الوطنية وعليك وأنت تحتفل بعيدك الرابع والثمانين أن تعي ذلك وتعيد غربلة أفكارك وسياساتك لتسمع منا لتتفهم ماهية المواطنة لتغرس فينا قيمك وروحك ومشاعرك لتوجهنا نحو عبادة الوطن لا عبوديته علمنا يا وطن كيف نتسابق للاحتفال بك دون توجيهات ودون رقابة لتنثر ورود الحب لتلجم أصوات الكراهية والأحقاد لتعرف يا وطن أننا مللنا الدين الذي يفرق أفراد الوطن ومللنا المشاريع قيد الدراسة والبحث ومللنا الوطنية التي تبدأ بارتداء علم أخضر وتنتهي بتكسير المحلات والسيارات لتدرك يا وطن أن الطيور في وطنك مذبوحة ولم يبق لها من كل هذه الوطنية غير أن تلبس أكفانها وترقص وترقص وترقص إلى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.

خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية

اليوم الوطني السعودي ... تراقص الطيور المذبوحة

http://www.mepanorama.net/466250/%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af%d9%8a-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%82%d8%b5-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%8a%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84/