المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امام الزمان ............. الميرزا كمال الدين الاحقاقي



المهدى
03-31-2005, 07:40 AM
الميرزا كمال الدين الإحقاقي


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علـى اشرف الخلق أجمعين المصطفى الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين.
ونحن نمر بذكرى اربعين سيد الشهداء (عليه السلام) تتداعى في العقل الكثير من الامور المهمة نتيجة المعايشة اليومية لجملة الاحداث التي تعج بها الاخبار.

وليس من الواقعية بشيء المرور عليها مرور الكرام لأن ذلك لا يعطي للانسان المفهوم الحقيقي لخلافة الله على الارض، كما ان اقفال الآذان واخراس الفهم لا يعالج المسائل تلك لانها سلبية ما بعدها سلبية، وإذا رأى ذوو العقول والحجى الصمت وغض الطرف عن معالجتها فليس الا لأن اليأس قد وصل الى المستوى الذي لا يمكن معه فعل شيء وأغرب ما في القضية ان يبتعد الانسان عن ساحة العقل في الوقت الذي فتحت العلوم ابوابها على مصراعيها، وأنزلت السماء بعضا من اسرارها حتى ظن انه قادر عليها.

فالهمجية الجديدة والتشرذم الفكري المقيت اضحيا لغة جديدة خلفت تشنجات وارهاصات بعيدة كل البعد عن مستوى التطلعات المنشودة في الحركة نحو الواقع المثالي الذي في حقيقة الامر هو المقصود من خلافة الانسان على الارض.

اذن فلتكن هناك وقفة صادقة لنعيد فيها قراءة أفعالنا وأفكارنا وقفة يتضح فيها أين تكمن حقيقة المشكلة وكيف ينبغي التعامل معها، وليس افضل من اربعين ابي عبدالله (عليه السلام) وقتا ليتم فيه ذلك، فان ذلك بعض من الديون التي تشتغل بها ذممنا بعد استشهاده (عليه السلام)، فانه لولا اقدامه (عليه السلام) على ذلك لم نكن لنرفل تحت هذه البحبوحة من العيش سواء ما يخص كرامتنا كإنسان او ما يخص اعمالنا كمتدينين نقصد بأفعالنا وجه الباري عز وجل، وندين بالفضل لأبي عبدالله (عليه السلام) فليتنا لا نسترخص مثل هذه الوقفة الجلية مع النفس ولنرتم في احضانهم (عليهم السلام) لننهل من نمير علوم اهل البيت (عليهم السلام) وارشاداتهم ونصائحهم وفضائلهم كل معاني الخير والشرف، حتى نعرفهم حق المعرفة كما قال (ع) من أتى قبر الحسين عارفا بحقه كتب في اعلى عليين «ثواب الاعمال الشيخ الصدوق»، كما تعود ان يفعل ذلك اباؤنا الذين ما خرجوا يوما عن التمسك بحبلهم المتين فكانوا كما قال النبي (صلى الله عليه وآله): (مثلهم كمثل الجسد الواحد).

ولننبذ وراء ظهورنا كل أطياف الفرقة المذمومة عند الشارع وعند العقلاء فانه كفانا سبابا وكفانا تعريضا بالآخرين، وكأن الدين حكر على البعض دون الآخر او كأن الرسول (صلى الله عليه وآله) بعث لي فقط، او لهم فقط ولم يكن مبعوثا للناس كافة.

ان ابسط ادبيات الحوار الفكري التي ينبغي مراعاتها هو احترام كل صاحب رأي مختلف فأين الكلمة الطيبة؟ وأين الابتسامة في وجه المؤمن صدقة؟ ألسنا نحن الذين نحمل شعار (لا اله الا الله محمد رسول الله) فهل هو تقوّل على الالسن دون ان تترجم هذه الى افعال مشرقة في التاريخ؟ فأين ذهب الانسان من عقله؟!

مع ان تسليط الضوء على الكثير من الآيات الكريمة يمكن الخروج بحقيقة فاردة وهي ان العقل هو الميزان الذي بواسطته يوضع قلم التكليف على العبد.

الا ان العقل بما هو آلة دراكة للحقائق- لا بواقعها وانما الحقائق من جهة انكشافها- غير قادر على ان يكون هو المتكأ الكلي للعبد للوصول الى السعادة المنشودة نعم العقل وكما يصطلح عليه اهل الفن هو العقل العملي اي العقل الذي بواسطته يستطيع المولى جل وعلا بعث المكلف للاتيان بالاوامر وبواسطته يزجره عن فعل المعاصي، وبه يدخل الجنة وبه يدخل النار. ولكن وجود العقل لا يلغي الحاجة الى هاد وامام لأن المتفق عليه بين اهل الفن ان العقل شأنه الامتثال ولا يدرك المصالح ولا المفاسد الواقعية ولكن يعلم انه ان توجه تكليف اليه من المولى فانه لزاما عليه الامتثال اما من باب دفع الضرر الاخروي او من باب شكر المنعم. وهي حالة طبيعية يفترضها الضمير السليم.

وما ذكرناه من حقائق غير خاضعة للنقاش لا أقل في المدرسة الاصولية المعاصرة.
وقراءة سريعة في العقلية الاجتماعية المعاصرة تكشف لنا ان هناك الكثير من المجاهيل تغلف الواقع اليومي الانساني. سواء على مستوى الابجديات الملحة في سلم الاحتياجات او على مستوى الرقي الفكري في سلم الحضارة. واختلاف الاذواق والآراء وشدة التنافس مع اتحادهم جميعا تحت مظلة العقل ويعكس ذلك مدى تصوره عن الاجابة على حجم المعطيات المجهولة وذلك يحتم ان نتساءل وبصورة قوية: لماذا لا يكون العقل كافيا في لملمة شعث هذا البني انسان ليعيش الكل في بحبوحة ورخاء؟

مع انا نجتمع في بعض المباحث الفقهية بالسيرة العقلانية الممضاة عند الشارع. ولكن مع هذا لسنا نجد تناغما ولسنا نجد تفاهما ولا سر فيه فان الحقائق التي ذكرناها اولا تتكفل الاجابة على هذه التساؤلات.
اذن ليس بدعا من القول ان يكون الامام كحقيقة واقعية قضية تدخل في ضمن الاحتياجات البشرية لكي يكون الراعي لمصالحها والعين التي تتكفل دفع المفاسد وجلب المصالح والسير بالامم الى السعادة.

نحن وان كنا لسنين طويلة نتناول الامامة من واقع تاريخي من واقع حصل ام لم يحصل، ولكن استهلكنا من العقول والذهنيات لكي ندفع الشبهات حولها نقضا وحلا، سواء على مستوى تحليل الرقم التاريخي تارة واخرى الى مستوى الفهم الدلالي لكن البعض اعتبر ذلك جزءا من نظرية الالغاء.

وهذا مما زاد الطين بلة، ولكن نحن الآن نضع الامامة في سلم الحاجات الانسانية لكي يحصل التناغم المنشود بين القوى الفكرية وبين المنافع الواقعية، هذا التناغم والانصهار هو الملاذ الاخير الذي سيرفعنا عن الوجع الذي يستوطننا، اننا مع مرور الايام نزداد ابتعادا عن بعضنا البعض والقتال والفرقة يشتدان ضراوة بلا داع لهما.

ومع غض النظر عمن هو الفاعل مباشرة او تسبيبا يجب الالتفات الى مسألة هنا وهي، انه لو لم نكن مؤهلين لمثل هذا وكان الاستعداد تاما لم تكن لتنجح مثل هذه الفتن فالعلاج الاخير هو الرجوع الى الامام المفترض الطاعة، والتمسك بالحقائق التي تفترضها حاجاتنا الملحة، فانك مع اعوجاج الخطوط تحتاج الى قانون (مسطرة) تقيس عليها اعوجاجها، كما تحتاج الى مركزية في كل شيء تحتاج هنا الى مركزية في القرار الالهي.

فلتكن ذكرى أربعين ابي عبدالله الحسين (عليه السلام) منعطفنا الحقيقي الى مجتمع لغته الحب والوئام، والحمد لله رب العالمين.