القمر الاول
09-06-2014, 11:14 PM
الإخوان سرقوا مركز الدراسات ليغلقوه نهائياً
الأحد, 07 سبتمبر 2014
http://www.alshahedkw.com/cache/multithumb_thumbs/b_0_210_16777215_0___images_w5(292).jpg
حوار رأفت كمال:
فتح رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية السابق واستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.شملان العيسى النار على الإخوان واتهمهم بالسطو على مركز الدراسات الاستراتيجية واغلاقه، لأنه ضد توجهاتهم المتطرفة ويتعامل مع الكويتيين المعتدلين والليبراليين، مستغرباً من أن تصبح دولة غنية مثل الكويت بدون مركز أبحاث ومعلومات وجعلها تعيش في عزلة عما يحدث حولها في دول المنطقة.
ووصف العيسى الاخوان بالكذابين والمدلسين، الذين يوهمون الناس بأن مشاكلهم كلها ستتم معالجتها بالدين، مشيراً إلى أن إخوان الكويت من المؤسسين والداعمين الرئيسيين للتنظيم الدولي للجماعة، وأنهم تغلغلوا في جسد الوطن مثل السرطان بمساعدة الحكومة التي تعاملت معهم بطريقة «شبيك لبيك»، واستجابت لكل طلباتهم، فشكلت لهم لجنة لأسلمة القوانين وسلمتهم مفاتيح التعليم والأوقاف فجاءوا بكوادرهم من مصر، التي تؤمن بفكرهم وتنفذ أوامرهم بالسمع والطاعة وسكنوهم في معظم مؤسسات ووزارات الدولة وأصبحوا أعضاء في كل اللجان.
وأوضح العيسى في حوار مع «الشاهد» أن الإخوان يتمسحون بالدين، رغم أن معركتهم سياسية بامتياز، فهم يسعون إلى الانقضاض على السلطة والمناصب ورغم أننا نعيش في رحاب تعليمهم وثقافتهم وشعاراتهم منذ أكثر من 30 عاماً إلا أن البغاء والمخدرات والخمور وكل أنواع الجرائم تزايدت بنسب كبيرة، لافتاً إلى أن النظام ارتكب جريمة بإنشاء كلية الشريعة، وفتح باب الوظائف لخريجيها على مصراعيه، رغم أن مستوى الدراسة بها متدن وكوادرها من الإخوان والسلفيين لافتاً إلى أنها ساهمت في أن يكون لدينا 700 كويتي يقاتلون مع داعش والنصرة، يشكلون خطورة بالغة على الأمن القومي للكويت، محملاً الحكومة مسؤولية ما وصلت إليه البلاد بسبب الاهمال وغياب الرقابة وعقلية الدولة المدنية.
وأكد العيسى أن قرارات سحب الجناسي من بعض المحرضين على الفوضى ساهمت في استعادة الدولة هيبتها، التي افتقدتها لسنوات طويلة لافتاً إلى أن النظام ما يزال يرفع شعار الولاء السياسي في التجنيس ولا يبحث عن الكفاءات مشدداً على أننا لسنا مهيئين بعد للديمقراطية وأحزابنا وحركاتنا السياسية طائفية وشعوبنا شريكة في الفساد.
واتهم الحكومة بأن برامجها التنموية هلامية ولم ير الشعب منها قفزة نوعية في أي مجال، مشيراً إلى أن النواب يشتركون معها في مسؤولية تراجع الكويت إلى مؤخرة ركب التقدم في منطقة الخليج واصفاً أغلب النواب بالمبتزين الذين يتاجرون بالشعارات السخيفة ولا يملكون رؤية وانصرفوا عن قضايا الوطن وصبوا اهتماماتهم على تجنيس وتعيين أقاربهم وأبناء قبائلهم.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• في البداية كيف تقيم الوضع السياسي الراهن في الكويت؟
- الوضع السياسي الراهن في الكويت أفضل من الفترة الماضية بكثير وهناك حالة من الاستقرار بسبب الإجراءات الجريئة التي اتخذتها الحكومة والمتمثلة في سحب جناسي بعض المحرضين والمخربين من نواب مجلس الأمة السابقين والمخالفين لقانون الجنسية، فهذه الأجواء أوجدت هيبة للدولة افتقدناها في السنوات الأخيرة، فنحن في الكويت نفتقد شيئين مهمين هما هيبة القانون وحزم الدولة فدائماً هناك تردد في اتخاذ القرارات وبطء وتأخير وعدم حزم ولأول مرة الحكومة اتخذت خطوات ساهمت في استقرار البلاد، لذا أرى أن الوضع السياسي الآن أفضل والدليل على ذلك توقف المظاهرات والاحتجاجات وإن كنا ننتظر انقضاء فترة الصيف وعودة مجلس الأمة للانعقاد لنحدد هل سيكون هناك احتجاجات أم أنها توقفت.
• كيف ترى أداء الحكومة الحالية؟ وما الفرق بينها وبين الحكومات السابقة؟
- للأسف الشديد نحن العرب عموماً وفي الكويت على وجه الخصوص نقيم أداء الأشخاص، نقيم أداء الشيخ ناصر المحمد وأداء الشيخ جابر المبارك ومن سبقوهما في تولي الحكومات المتعاقبة، وننسى البرامج فأنا لا يهمني الشخص وانما تقديمه للبرامج وتطبيقه لها وماذا انجزنا منها وبناء على النسبة التي تم تحقيقها من البرامج نستطيع أن نقيم ولكن بصفة عامة الحكومات السابقة والحالية مع الأسف هلامية في قضية وضع برامجها السياسية ومتابعة تطبيقها لذلك فإن أداء الحكومة الحالية لا يختلف عن سابقاتها، فلم نر من الحكومة الحالية قفزة نوعية في أي مجال فنحن أصبحنا في مؤخرة ركب التقدم في دول الخليج وليس في العالم.
• ما رأيك في أداء مجلس الأمة؟ وهل سيكمل مدته القانونية؟
- المجلس الحالي مطيع والحكومة لن تجد أفضل منه، ولكن السؤال هل الحكومة تنفذ البرامج التنموية وتطبق القوانين التي يتم تشريعها، أما عن أداء الأشخاص في المجلس فلا يختلفون عن سابقيهم، معظمهم أهل ابتزاز يبتزون الشعب والحكومة ويتاجرون بالشعارات السخيفة وشعارات الدين والقبلية والمذاهب والكويت غائبة عن برامج النواب هم ينتقدون الحكومة ويردحون للوزراء وتصل الأمور في أحيان كثيرة إلى شخصنة القضايا دون أن يقدموا البدائل والحلول للوزراء المختصين ودون أن يعالجوا المشاكل لا شيء لدى نوابنا سوى أن يجلسوا في الدواوين ويظهروا في الفضائيات ويتصدروا صفحات الجرائد ويتحدثوا كلام في كلام وكما يقولون «الكلام ببلاش» ويجب أن نعترف أن لدينا نواباً فقهاء في الخطب الرنانة ولديهم مخزون من مصطلحات اللغة العربية التي تستخدم في النقد والهجوم ولكن عندما تسألهم عن برامجهم ورؤيتهم المستقبلية وماذا فعلوا يصمتون، فأداء النواب في المجلس الحالي ليس بالمستوى المطلوب باستثناء النائب نبيل الفضل الذي تقدم بعدة مشاريع تنموية حقيقية سواء استقلالية القضاء أو المشاريع الاقتصادية ولكن دائماً تؤجل وياليت باقي النواب يسيرون على نهجه بدلاً من الصراخ والبحث عن تجنيس فلان وتعيين علان، يا ليتهم يخرجون عن دائرة مصالحهم الضيقة ويجعلون الكويت في قمة اهتماماتهم وإذا كان ينتقدون قصور الحكومة في توفير الخدمات فإنهم يتحملون المسؤولية المشتركة معها وفي كل الأحوال أعتقد أن المجلس سيكمل مدته القانونية ولن يتم حله.
• هل ترى أن نظام الأحزاب يفيد الحياة السياسية الكويتية؟
- أي عملية ديمقراطية تتطلب وجود أحزاب سياسية ولكن السؤال أي أحزاب؟ والجواب الأحزاب السياسية الوطنية وليست الدينية أو المذهبية أو العشائرية أو المناطقية يجب أن يكون الحزب لديه برامج وطنية واضحة ومشكلتنا في الوطن العربي وليس الكويت فحسب منذ بداية القرن الماضي وحتى اليوم أن أحزابنا السياسية لا تمثل الحزبية بالمفهوم العلمي فكلها أحزاب شخصانية أو دينية أو قومية أو أقلية متعصبة ولبنان أفضل نموذج على فشل الحزبية فهناك حزب للمسيحيين وحزب للشيعة وحزب للسنة ولا يوجد حزب للبنان الوطن يدافع عن قضاياه ويجعل مصالحه فوق كل شيء وكذلك الحال في سورية ومصر كل الأحزاب أما شخصية أو كارتونية لا وجود لها بين الشعب واثبتت فشلها الذريع خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي وإن كانت الاحزاب تتحمل المسؤولية الأكبر فإن الجماهير العربية أيضاً تتحمل المسؤولية فهي ليست مستعدة للعمل الحزبي فالمواطن في دولنا عندما يدخل حزب يبحث عن مصلحته الشخصية، ماذا سيكسب من وراء عضويته في هذا الحزب وماذا سيستفيد فالكل يفكر في مصالحه وهذا الأمر ينطبق علينا في الكويت، الإخوان والسلفيون والليبراليون يفكرون في مصالحهم وليس في دفع الكويت إلى الأمام ولا في كيفية عصرنة الكويت وجعلها دولة حديثة تنافس الآخرين في مجالات التنمية فمشاكلنا للركب والأحزاب والتيارات السياسية لا تعيرها اهتماماً فقط يبحثون عن مصالحهم الشخصية وصراعات على الزعامة ومنافسات عقيمة بين الأحزاب والحركات وفي الكويت مثلاً لو فتحنا باب انشاء الاحزاب السياسية سيفور الإخوان والسلفيون لأنهم يخاطبون مشاعر البسطاء والساذجين والأميين الذين يعتقدون أن الدين يحل المشاكل عندما يقولون «الله يساعدنا .. الله يرزقنا» فهل بهذه العقلية تحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية أو يقولون «القرآن دستورنا» .. صحيح القرآن الكريم كتاب ديني مقدس يضع لنا خطوطاً عريضة ولكن ليس دستوراً، فالكويت دولة مدنية لها دستورها والعجيب أن نواب مجلس الأمة المنتمين للإخوان والسلفيين وحزب الله والذين أقسموا على احترام الدستور يطالبون بتغييره لاعتبارات دينية وقبلية وحزبية وطائفية وعائلية لنكتشف إننا انتخبنا دجالين وكذابين يسعون للوصول إلى الكرسي لينهبوا المال العام ويملأون كروشهم أكثر ما هي ممتلئة ويصبحوا أغنياء ويظل الشعب فقيراً يعاني من المشاكل والأزمات، فالنائب لدينا يدخل مجلس الأمة فقيراً مسكيناً مجرد موظف أو شرطي سابق أو متقاعد ويخرج مليونيراً من نهب المال العام والرشاوى التي تقدمها له الحكومة والمضحك المبكي في هذا الأمر أن هؤلاء النواب الكاذبين يصدعون رؤوسنا ليل نهار عن تطبيق الشريعة ومحاربة الفساد وهم أكبر مفسدين، ولكن ماذا نقول في النفاق السياسي الذي تطبل له الجماهير وتصفق له وتعيد انتخابهم مرات لذا فأنا مؤمن بأن الكويت غير مهيأة للحزبية لأنها فشلت في دول عريقة مثل مصر ولبنان وتونس والمغرب وسورية والعراق رغم أن هؤلاء تجاربهم الديمقراطية أعرق من الكويت فما بال الكويت التي جربت الحزبية من خلال منظمات المجتمع المدني وجمعية الاصلاح التابعة للإخوان وجمعية احياء التراث التابعة للسلفيين وكذلك القوميين والتجمع الديمقراطي وتبين أنها كلها تجمعات مصالح وليست أحزاباً بالمفهوم الصحيح لذا أنا ضد الأحزاب فنحن لسنا مؤهلين للديمقراطية لا في الكويت ولا في الوطن العربي قاطبة.
• كيف تنظر إلى قرارات سحب الجناسي التي اتخذت مؤخراً؟
- قرارات سحب الجناسي إجراءات مؤلمة جداً لأن هناك متضررين منها واللوم كله يقع على الحكومة ومؤسساتها، فهناك قانون للتجنيس ولكن الحكومة والجهات السيادية التي تدير هذا الملف لا تتبع صحيح القانون، وهناك الكثير من المخالفات في التجنيس حيث تم منح الجنسية للآلاف لاعتبارات سياسية أو قبلية أو بهدف الولاء السياسي للحكومة، فكل دول العالم تجنس في أميركا وأوروبا وبعض الدول العربية فهي خطوة ممتازة وانسانية ولكن هذا التجنيس يجب أن يكون قائماً على أسس أهمها ماذا أستفيد من الشخص الذي أمنحه الجنسية هل هو طبيب أو مهندس أو فني ماذا سيقدم لاقتصاد البلد وبأي شكل سيفيد المجتمع وحضارته، فالولايات المتحدة الأميركية مثلاً تجنس آلاف الآسيويين خصوصاً الهنود والصينيين والتايلنديين والفيتناميين لأنهم متفوقون في مجالات معينة أما نحن في دول التخلف ومنها الكويت فنجنس البادية بحثاً عن الولاء السياسي وهذا النهج مستمر منذ 30 عاماً وعندما فتحت الدولة التعليم لأبناء القبائل بدأوا يتساءلون أين نحن لماذا أبي وأمي مواليين للنظام ووضعنا الاقتصادي مزر ولا نستطيع الدخول في المناقصات التجارية والمشاريع الكبرى لذلك اتخذوا موقفاً معادياً للحكومة يدعو إلى التغيير ومن هنا صار الخلاف بين السكان الاصليين الذي يحتكرون التجارة وبين أبناء البادية الذين تعلموا ودخلوا العملية السياسية وأصبحوا ما يمكن أن نسميهم المجنسين الجدد، لم يجدوا الفرصة وسط الكويتيين التجار، فبدأوا الهجوم عليهم واتهام الجميع بالسرقات والغش رغم أن هؤلاء هم أصل الكويت ومن بنوها على أكتافهم قبل اكتشاف النفط وعندما أدرك هؤلاء أن معركتهم مع التجار خاسرة وأنهم اختاروا الطريق الخطأ اتجهوا إلى الهجوم على الحكومة التي لم تتحمل وأدركت أن من منحتهم الجنسية قبل 10 سنوات وأكثر وأصبح بعضهم مليونيرات وبعضهم دخل مجلس الأمة وصاروا سياسيين كبار ونوابا عن الشعب يهجمون عليها دون أسباب منطقية وكل ما فعلته الحكومة معهم أنها نبشت في دفاترهم القديمة وفعلت القوانين وتم سحب بعض جناسي المحرضين على الدولة.
• كيف تقيم دور المعارضة في الكويت والوطن العربي عموماً؟
- لا توجد معارضة حقيقية في الوطن العربي كلها معارضات مؤقتة أو ما يمكنه أن نسميه هبات مثل الرياح، فهذه المعارضات تظهر عندما يكون هناك انتخابات أو مشاكل يهللون ويصرخون دون أن يقدموا برامج سياسية وخططاً بديلة لحل المشاكل نعم نحن نتفق معهم في أن الحكومة مقصرة ولكن أنت كمعارض ماذا فعلت هل قدمت حلولاً مثلما تفعل المعارضات في الدول الغربية، فنحن لدينا معارضة من أجل المعارضة فقط والمصيبة الأكبر أن الحكومة تحترم الشخص إذا صار معارضاً وهذه هي العقلية العربية تخاف ولا تستحي عقلية البادية، التي إذا لم تكن نداً لها لا تحترمك ولا تستمع إليك فاذا أصبحت قوياً يكرموك ويغدقون عليك بالمال والمناصب فالحكومة ساهمت في تعزيز دور المعارضة من خلال وضعهم في مناصب لا يستحقونها مثلا الإخوان الذين حصلوا على الكثير من الامتيازات من خلال تخويف الحكومة والضغط عليها فأصبحت أغلب مؤسسات الدولة يسيطر عليها الإخوان.
• إلى أي مدى خسرت المعارضة شعبيتها في الشارع الكويتي بعد رفضها المشاركة في انتخابات مجلس الأمة بنظام الصوت الواحد ثم خروجها في مظاهرات تخريبية أضرت بالبلاد؟
- المعارضة خسرت أرضيتها في الشارع لأن القائمين عليها جذبوا الرأي العام اليهم من خلال الحديث عن موضوع الاختلاسات والرشاوى وتبديد المال العام وعندما قالت لهم اخرجوا ما لديكم من أوراق ومستندات تثبت صدق ما تقولون واذهبوا إلى النيابة العامة صمتوا ولم نر منهم شيئاً، فقيادات المعارضة ركزت على التيار الشعبوي وحركة الشارع الذي ركض وراءهم وخصوصاً الشباب ثم اكتشفوا انه لا يوجد شيء فمن حقك أن تتهم الحكومة والمسؤولين بالفساد واختلاس المال العام ولكن من حق هؤلاء أن يطالبوك بإثبات صحة هذه الادعاءات وهذا الأمر تسبب في اضعاف المعارضة وبدأ الشباب يصاب بالملل من المظاهرات بدون جدوى حقيقة من ورائها وأنا أعتقد أن المعارضة يجب أن تتبع نهجاً جديدا يقوم على الإصلاح الحقيقي ويحمل برامج واقعية قابلة للتطبيق وتبتعد عن النفاق السياسي والواسطة ويفعلون كما يطالبون الحكومة بأن يتم تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب لا يتدخلون في تعيين أقاربهم وأبناء قبائلهم لأن هذه التناقضات تجعلهم يفقدون شعبيتهم.
• ما رأيك في ما يسمى بالربيع العربي؟ وهل حققت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية التي كان يرفعها أم أنه تسبب في نشر الفوضى والخراب في الكثير من الدول العربية؟
- فكرة ثورات الربيع العربي نبيلة جدا فالأنظمة العربية عموماً من المغرب إلى اليمن أنظمة وراثية مهترئة حتى الأنظمة الجمهورية تحولت إلى ملكيات يورث الرؤساء الحكم لأبنائهم وبعض الزعماء دخلوا حروباً أكلت الأخضر واليابس في بلادهم بدون طائل من ورائها ومن هنا بدأ الناس يطالبون بالتغيير ولكن مشكلة أن الربيع العربي تحول إلى قضايا شخصية واختطفته التيارات الاسلامية المتشددة فالشعوب العربية عندما خرجت في مظاهرات كانت تطالب بحقوقها فهي شعوب قتلها الفقر والأمراض ولكن الأمر تحول إلى فوضى في اليمن والعراق وسورية وليبيا لأن القياديين يفكرون في مصالحهم الشخصية ومصالح تياراتهم أو جماعتهم يريدون أن يحكموا بمفردهم ويرفعون شعارات أن الأغلبية هي التي تحكم وتقرر المصير والباقي يتم اقصاؤه والنتيجة ما نراه اليوم في دول الربيع العربي، الفوضى والخراب وظهور تنظيمات أكثر تطرفاً وارهاباً مثل داعش وجبهة النصرة، فالسياسيون ثبت أنهم أسوأ من الشعوب التي خرجوا من بينها كما يقول الحديث النبوي «كما تكونوا يول عليكم» والربيع العربي ثبت أنه كلام وشعارات وعلى أرض الواقع «ماكو شيء».
• لماذا تشن هجوماً حاداً على الاخوان المسلمين؟
- هناك فهم خطأ عن موقفي من الإخوان وتيار الاسلام السياسي بصفة عامة فالبعض يظن أنها قضة شخصية والحقيقة أنها ليست كذلك فأنا تربيت في بيت دين، والدي المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى كان قاضي قضاة ورائد التعليم والاصلاح الديني بالكويت وكوني نشأت في هذه البيئة الدينية المعتدلة أسعى إلى أن يكون الاسلام ليس شعارات وأن لا يتم المتاجرة بالدين فأنا في السياسة أريد برامج لا أريد أن يقال لي القرآن دستورنا واقتصادنا أريد البرامج السياسية تقنعني وتؤدي إلى ازدهار المجتمعات الاسلامية فمشكلة هؤلاء أنهم يرتدون أقنعة دينية، والواقع أن معركتهم سياسية بامتياز يريدون الوصول إلى السلطة والاستيلاء على كل المناصب، فالإخوان رغم مرور 30 عاماً تقريباً على وجودهم في الكويت ثقافياً وتعليمياً إلا أن البغاء والخمور والمخدرات في ازدياد والفساد أصبح ينخر في كل ركن في البلاد ورغم أن كل شيء من حولنا أصبح اسلامياً تدخل الجمعية التعاونية تجد صوت الشيخ يصدح بالقرآن الكريم فتقول بارك الله في المسؤولين على هذه الجمعية على هذا الايمان والصلاح والتقوى ثم نفاجأ في نهاية السنة أنه تم تحويل هؤلاء إلى النيابة العامة بسبب السرقات والاختلاسات فهؤلاء المتاجرين بالدين كذابون سارقون مرتشون ومع ذلك يجدون من يدعمهم ويحتضنهم فالشعب مخدر باسم الدين والرقابة الحكومية غائبة ولهذا اتخذت موقفاً من الجماعات الإسلامية فأنا لست ضد الدين ولكن ضد من يتاجرون به من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
• كيف تقيم فترة حكمهم في مصر؟ وكيف تنجح القيادة السياسية الحالية بالعبور بالبلاد إلى بر الأمان؟
- فترة حكم الإخوان في مصر أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مصيبة وكادت أن تسكت قلب الوطن العربي النابض، ولكن ما أريد التركيز عليه هو أن مشكلة المصريين واغلب شعوب الدول العربية أنهم يحتاجون إلى برامج تحقق لهم كل شيء في فترة زمنية قصيرة فكل مواطن يريد أن توفر له الحكومة عملاً وسكناً بل وتزوجه إن أمكن وينادي بتحسين خدمات الصحة والتعليم والمرافق ولكن ليس لديه الاستعداد للعمل لا يضع نفسه في مقارنة مع الصينيين أو الهنود أو اليابانيين، هذه الشعوب التي تقدمت بفضل العمل والانتاج وليس عن طريق الحكومات فمثلاً في مصر الدعم الذي يقدم للمواطنين يقتص ثلاثة أرباع الميزانية فماذا تبقى للإنفاق على تحسين الخدمات ومن ثم يجب أن تتصرف الحكومات العربية على أنها تمتلك القليل من الايرادات وأن السبيل الوحيد للتقدم للنهوض بشعوبها العمل وليس سواه.
• ماذا عن إخوان الكويت وكيف ترى دورهم، وهل ينفذون أجندة التنظيم الدولي للجماعة أم إنهم كما يزعمون لا علاقة لهم بإخوان مصر؟ وما الاسباب التي أدت إلى تغلغلهم في كل وزارات ومؤسسات الدولة؟ وما مدى خطورة ذلك؟
- إخوان الكويت من المؤسسين والداعمين الرئيسيين للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان والذي ساهم في تقوية هذا التنظيم وتغلغله في الكثير من الدول هو الدعم المادي والتمويل القادم من الكويت من أموال التبرعات وأموال الحكومة التي سمحت للإخوان بالانقضاض على كل وزارات ومؤسسات الدولة فمثلاً مجلس الأمة يعتمد على القبائل والاسلام السياسي الذي يمثله جماعة الاخوان والسلفيون وهناك بعض القوميين والليبراليين حتى الشيعة المعتدلين بدأوا يتساقطون في المجلس الأخير والحكومة دخلت في ورطة فهي تريد أن تضمن ولاء الإخوان فتحالفت معهم واستبعدت التحالف مع الليبراليين لأنها تدرك أن مطالبهم تدعو إلى إصلاحات سريعة أما مطالب الاخوان فهي بسيطة جداً ولا توجد لديهم برامج على المدى البعيد أو استراتيجية واضحة ومحددة فمثلاً هم يطالبون بأسلمة القوانين فالحكومة تقول لهم «شبيك لبيك» وتقوم بعمل هيئة لأسلمة القوانين وتخصص لها ميزانية بالملايين وعندما بدأ الارهاب يغزو الكويت من وراء ذلك بدأت الحكومة تشكل لجنة الوسطية باقتراح من الاخوان المسلمين وسلموها لهم رغم أنهم جزء كبير من مشكلة الإرهاب وليس الحل وبدلاً من أن تسند الحكومة الاشراف على هذه اللجنة لشخص ليبرالي أو قومي أو ديمقراطي معتدل أو كويتي مستقل تركتها للإخوان وخصصت لها ميزانية أيضاً بالملايين ليصبح الاخوان هم المتحكمون في كل شيء ومن ثم اتيحت لهم الفرصة ليأتوا بكوادرهم من مصر التي تؤمن بفكرهم وتنفذ أوامرهم بالسمع والطاعة وسكنوهم في وزارات الدولة في التعليم يقومون بتدريس كل المواد وقاموا بتغيير المناهج فعندما تفتح كتاب الاجتماعيات تجده عبارة عن دين وكذلك كتب التاريخ والجغرافيا حتى كتب الرياضات حاولوا أن يقحموا فيها الدين لذا فإن هذا الارث الثقيل يتطلب سنوات طويلة للتخلص من الإخوان المسلمين الذين خربوا البلد ويحتاج الأمر أيضاً إلى قيادة قوية مثل الشيخ محمد الخالد وزير الأوقاف بالإنابة والذي اكتشف خلال الشهرين الماضيين فضائح الإخوان في وزارة الأوقاف ومنها طبع ملايين النسخ من القرآن الكريم ليستفيد منها الاخوان الذين لم يكتفوا بوزارتي التعليم والاوقاف بل تفشوا مثل السرطان في جسد الوطن، فكل اللجان التي تشكل بها أعضاء من تنظيم الاخوان حتى لجنة المخدرات وكل مؤسسات المجتمع المدني دخل اليها الاخوان حتى جمعيات حقوق الانسان التي هم ضدها لأنهم يدافعون فقط عن حقوق المسلمين في حين أن مفهوم حقوق الانسان يحتاج من يدافع عنه أن يكون انسانا لا يفرق بين المسلم والمسيحي واليهودي ومن لادين له يتعامل مع الجميع على أنهم سواسية، كذلك الحال بالنسبة للنقابات العمالية والنقابات المهنية الاخوان هم المتحدثون الرسميون باسمها.
• كيف ترى سيطرة الاخوان على جامعة الكويت؟
- سيطرة الاخوان على جامعة الكويت أمر واقع لأن الحكومة هي التي فتحت لهم الأبواب لذلك وما حدث معي شخصياً يؤكد أن الحكومة هي التي زرعت الإخوان في التعليم فأنا ذهبت إلى أميركا في عام 1981 لحضور مؤتمر إبان الحرب العراقية الإيرانية وشاهدت طلاب الدراسات العليا الأميركان يعرفون كل شيء عن إيران والعراق وأنا خريج جامعة الكويت لا أعرف شيئاً فسألتهم من أين استقيتم هذه المعلومات فقالوا من مراكز الدراسات وعندما عدت إلى الكويت طرحت هذه الفكرة مكتوبة على سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد فرحب وقال لي ضع تصورك وأبدأ فيها، وعندما قلت لسموه رحمه الله ان مراكز الدراسات في الغرب تتبع الجامعات رأى سموه أن هذا المركز يكون من الأفضل أن يتبع للديوان الأميري وظل الموضوع حبيس الأدراج وفي عام 2000 تمت الموافقة على انشاء مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة الكويت وخصصت الدولة له ميزانية هزيلة عبارة عن 40 الف دينار وحاول الزميل د.غانم النجار الذي تولى مسؤولية رئاسة المركز ومن بعده الزميل د. شفيق الغبرا زيادة هذه الميزانية ولكن دون جدوى وعندما توليت أنا رئاسة المركز ومن خلال علاقاتي الطيبة طلبت من إدارة جامعة الكويت أن تزيد الميزانية المخصصة للمركز فاكتشفت أن الجامعة كلها إخوان وبدأوا يشنون علي حرباً شرسة من اليوم الأول حيث اتهمني المسؤول الإداري الإخواني بتبديد المال العام ولكن تحملت ذلك واستمررت فاشتدت الحرب الاخوانية خصوصاً بعد أن بدأت أستدعي شخصيات ليبرالية وكويتية معتدلة ووطنية مخلصة لمناقشة مشاكل البلاد والمنطقة ووضع التصورات لحلها فهم يريدون أن يهيمنوا ويسيطروا على كل شيء والباقي يسير في ركبهم وظلوا يختلقون لي المشاكل إلى أن نجحوا في ازاحتي وقالوا نحن سنعتني بالمركز وتمكن الاخوان من الاستيلاء عليه وأضاعوا مجهود أكثر من 20 عاماً ولم يعد الآن لدينا مركز للدراسات الاستراتيجية، فالكويت الدولة النفطية الغنية لا يوجد بها مركز للدراسات الاستراتيجية يجمع ويوثق المعلومات عن المنطقة عكس دولة الامارات العربية المتحدة التي أنشأت مركز الامارات لدراسات الاستراتيجية وهو أكبر مركز متخصص في هذا الشأن في الوطن العربي والأهم في منطقة الشرق الأوسط وتبلغ ميزانيته السنوية من 4 إلى 5 ملايين مقارنة بـ 40 ألف دينار لمركز الدراسات الاستراتيجية بالكويت قبل أن يموت بفعل فاعل.
• هل الكويت في حاجة الآن لانشاء مركز أو هيئة عليا لمحاربة الارهاب؟
- طالبنا بمركز متخصص في بحث قضايا الارهاب ولكن تم رفض الفكرة أيضاً ورغم أن لدي علاقات طيبة برئيس الوزراء السابق والحالي ومعظم الوزراء إلا إنني أعترف بأنني فشلت ربما بسبب أسلوبي أو صراحتي أو حتى وقاحتي لم تعجبهم أفكاري فالغوا مركز الدراسات الاستراتيجية ورفضوا انشاء مركز متخصص في الارهاب وأصبحنا الآن نعيش بدون معلومات وهذا أمر مؤسف أن يحدث في الكويت.
• برأيك ما الذي يدفع بعض الشباب للانضمام إلى التنظيمات الارهابية مثل داعش والنصرة وغيرهما والذهاب للقتال في دول مجاورة؟
- الكويت غنية والناس مرفهة أما ذهاب البعض للقتال في دول مجاورة لأن مناهج التعليم تحرض على ذلك ومنابر المساجد تشحنهم وتدعوهم للجهاد والجمعيات الخيرية والتعاونية ترعى مدارس دينية متشددة تخرج لنا أجيالاً جهادية تكفيرية تفضل الموت على الحياة ولذلك ندفع الثمن غالياً.
• هل تتفق مع من يقولون ان أغلب كليات جامعة الكويت أصبحت مسيسة؟
- طبيعي أن يتم تسييس كليات جامعة الكويت وخصوصاً كلية الشريعة فالنظام السياسي ارتكب جريمة بإنشاء هذه الكلية التي كانت تابعة لكيلة الحقوق فالطالب كان يدرس مواد القانون والشريعة ومن ثم يصبح مؤهلاً للوظائف المدنية وليس الدينية فطلاب الشريعة كانوا يتخرجون بالمئات ولا يجدون وظائف سوى إمام مسجد ومن هنا فتحت لهم الدولة باب الوظائف على مصراعيه في أغلب الوزارات والمؤسسات وبرواتب أعلى من باقي خريجي الكليات الأخرى، وآن الأوان لإعادة المياه إلى مجاريها وأن يتم ضم كلية الشريعة إلى كلية الحقوق ولكن المشكلة أن هناك قطيعة بين الكليتين وطلاب كلية الحقوق لا يريدون أن يكونوا تحت سقف واحد مع طلاب كلية الشريعة لأن مستواهم متدن جداً وطالما كنت إخوانياً أو سلفياً فانت ناجح وأغلب الكوادر الحزبية من الاخوان والسلفيين من خريجي كلية الشريعة والحكومة تعينهم في وظائف متميزة.
• ما رأيك في قول البعض ان كلية الشريعة تخرج متطرفين وتكفيريين؟
- وجود متطرفين من خريجي كلية الشريعة ليس سراً وليس بالأمر الجديد أو المفاجئ فنحن لدينا 700 كويتي يقاتلون مع داعش والنصرة والسؤال: ماذا ينتظر أن يفعل هؤلاء عقب عودتهم للبلاد، اليس هؤلاء مشاريع انتحاريين وتفجيريين وقنابل موقوتة ويشكلون خطورة بالغة على الأمن القومي للكويت؟ وأنا أرى أن سبب ما وصلنا اليه التسيب العام الذي نعيش فيه واهمال الحكومة، وآن الأوان أن نفكر بعقلية الدولة المدنية وإن كنت شخصياً أشك في ذلك فأنا مللت من المناداة بفصل الدين عن السياسة.
• وما رأيك في استمرار عمل بعض الاساتذة في الجامعة رغم وضعهم على قوائم الارهاب العالمي؟
- مجلس الأمن اتهم بعض الكويتيين بتمويل الإرهاب ودعمه والكويت لم تتخذ اجراءات رادعة ضد هؤلاء رغم أن الحكومة تدرك تماماً ماذا يفعل هؤلاء، تدرك حساباتهم البنكية ماذا فيها من أموال وحساباتهم التويترية ماذا يكتبون عليها من دعم صريح للتنظيمات الارهابية والتشجيع على الانخراط في اعمالها الإجرامية، ولكن حكومتنا تشكك في تقارير دولية تتهم هؤلاء بدعم الارهاب فاكتفت بالتحقيق معهم ثم اطلقت سراحهم وظلوا يعملون في أماكنهم.
• الانتماءات التي تسيطر على اساتذة الجامعة هل تضر بالعمل الأكاديمي؟
- بالتأكيد الانتماءات الدينية والسياسية تضر بالعملية التعليمية فالجامعة أصبحت ساحة مفتوحة للسياسة وادخال مدرسين لم يحصلوا على شهادات من جامعات معترف بها ومللنا من الحديث عن هذه الأمور الواضحة والتي تتغافل عنها القيادة السياسية التي لا تفكر في خطورة هذا الأمر وليس لديها منهج أو استراتيجية للتعامل مع هذه القضايا الحساسة، فنحن لا يوجد لدينا دولة بل قبيلة متخبطة عشوائية في التخطيط واتخاذ القرارات ورغم الكوارث التي تحدث من حولنا الا أن عقليتنا المتخلفة لا تزال كما هي لا نعرف ماذا نريد أو ماذا نفعل.
• ما رأيك في الفكر السلفي؟
- الإخوان أكثر خبرة ودراية وتنظيماً ولديهم منهج واضح ومدرسة مدربة تعرف ماذا تريد وماذا تفعل أما الفكر السلفي فلا يطور نفسه فالسلفيون الكويتيون يسيرون على نهج السلف السعودي يركزون على الجهاد ومحاربة الكفار ولا يوجد لديهم استراتيجية سياسية واضحة مثل الإخوان وهم أكثر تشددا من الإخوان ولكنهم أكثر وضوحاً.
• كيف تقيم دور شيوخ الدين وخصوصاً نجوم الفضائيات؟
- هم تجار دين ولكن الأسوأ من شيوخ الفضائيات والفتاوى هم المسلمون الذين يستمعون اليهم بل يدمنون هذه السخافات التي يطرحونها ويقبلون هذه الخزعبلات بدون ان يحكموا عقولهم.
• ما رأيك في الفتاوى التي تبيح جهاد النكاح وقطع الرقاب؟
- كلام فاضي صادر عن ناس شاذة جنسياً ومجانين، فهل الاسلام يجيز قطع الرقاب؟ بالتأكيد لا فهؤلاء الارهابيون يشوهون صورة الدين الاسلامي وهم لا علاقة لهم بالإسلام من قريب أو بعيد.
• هل لا تزال لديك طموحات؟
طموحاتي كلها ماتت بسبب الأوضاع السياسية المتردية في الكويت وكل ما اتمناه أن اتمتع بالصحة والعافية وأن أكمل ما تبقى لي من العمر في خدمة الكويت والأمتين العربية والاسلامية.
الأحد, 07 سبتمبر 2014
http://www.alshahedkw.com/cache/multithumb_thumbs/b_0_210_16777215_0___images_w5(292).jpg
حوار رأفت كمال:
فتح رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية السابق واستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.شملان العيسى النار على الإخوان واتهمهم بالسطو على مركز الدراسات الاستراتيجية واغلاقه، لأنه ضد توجهاتهم المتطرفة ويتعامل مع الكويتيين المعتدلين والليبراليين، مستغرباً من أن تصبح دولة غنية مثل الكويت بدون مركز أبحاث ومعلومات وجعلها تعيش في عزلة عما يحدث حولها في دول المنطقة.
ووصف العيسى الاخوان بالكذابين والمدلسين، الذين يوهمون الناس بأن مشاكلهم كلها ستتم معالجتها بالدين، مشيراً إلى أن إخوان الكويت من المؤسسين والداعمين الرئيسيين للتنظيم الدولي للجماعة، وأنهم تغلغلوا في جسد الوطن مثل السرطان بمساعدة الحكومة التي تعاملت معهم بطريقة «شبيك لبيك»، واستجابت لكل طلباتهم، فشكلت لهم لجنة لأسلمة القوانين وسلمتهم مفاتيح التعليم والأوقاف فجاءوا بكوادرهم من مصر، التي تؤمن بفكرهم وتنفذ أوامرهم بالسمع والطاعة وسكنوهم في معظم مؤسسات ووزارات الدولة وأصبحوا أعضاء في كل اللجان.
وأوضح العيسى في حوار مع «الشاهد» أن الإخوان يتمسحون بالدين، رغم أن معركتهم سياسية بامتياز، فهم يسعون إلى الانقضاض على السلطة والمناصب ورغم أننا نعيش في رحاب تعليمهم وثقافتهم وشعاراتهم منذ أكثر من 30 عاماً إلا أن البغاء والمخدرات والخمور وكل أنواع الجرائم تزايدت بنسب كبيرة، لافتاً إلى أن النظام ارتكب جريمة بإنشاء كلية الشريعة، وفتح باب الوظائف لخريجيها على مصراعيه، رغم أن مستوى الدراسة بها متدن وكوادرها من الإخوان والسلفيين لافتاً إلى أنها ساهمت في أن يكون لدينا 700 كويتي يقاتلون مع داعش والنصرة، يشكلون خطورة بالغة على الأمن القومي للكويت، محملاً الحكومة مسؤولية ما وصلت إليه البلاد بسبب الاهمال وغياب الرقابة وعقلية الدولة المدنية.
وأكد العيسى أن قرارات سحب الجناسي من بعض المحرضين على الفوضى ساهمت في استعادة الدولة هيبتها، التي افتقدتها لسنوات طويلة لافتاً إلى أن النظام ما يزال يرفع شعار الولاء السياسي في التجنيس ولا يبحث عن الكفاءات مشدداً على أننا لسنا مهيئين بعد للديمقراطية وأحزابنا وحركاتنا السياسية طائفية وشعوبنا شريكة في الفساد.
واتهم الحكومة بأن برامجها التنموية هلامية ولم ير الشعب منها قفزة نوعية في أي مجال، مشيراً إلى أن النواب يشتركون معها في مسؤولية تراجع الكويت إلى مؤخرة ركب التقدم في منطقة الخليج واصفاً أغلب النواب بالمبتزين الذين يتاجرون بالشعارات السخيفة ولا يملكون رؤية وانصرفوا عن قضايا الوطن وصبوا اهتماماتهم على تجنيس وتعيين أقاربهم وأبناء قبائلهم.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• في البداية كيف تقيم الوضع السياسي الراهن في الكويت؟
- الوضع السياسي الراهن في الكويت أفضل من الفترة الماضية بكثير وهناك حالة من الاستقرار بسبب الإجراءات الجريئة التي اتخذتها الحكومة والمتمثلة في سحب جناسي بعض المحرضين والمخربين من نواب مجلس الأمة السابقين والمخالفين لقانون الجنسية، فهذه الأجواء أوجدت هيبة للدولة افتقدناها في السنوات الأخيرة، فنحن في الكويت نفتقد شيئين مهمين هما هيبة القانون وحزم الدولة فدائماً هناك تردد في اتخاذ القرارات وبطء وتأخير وعدم حزم ولأول مرة الحكومة اتخذت خطوات ساهمت في استقرار البلاد، لذا أرى أن الوضع السياسي الآن أفضل والدليل على ذلك توقف المظاهرات والاحتجاجات وإن كنا ننتظر انقضاء فترة الصيف وعودة مجلس الأمة للانعقاد لنحدد هل سيكون هناك احتجاجات أم أنها توقفت.
• كيف ترى أداء الحكومة الحالية؟ وما الفرق بينها وبين الحكومات السابقة؟
- للأسف الشديد نحن العرب عموماً وفي الكويت على وجه الخصوص نقيم أداء الأشخاص، نقيم أداء الشيخ ناصر المحمد وأداء الشيخ جابر المبارك ومن سبقوهما في تولي الحكومات المتعاقبة، وننسى البرامج فأنا لا يهمني الشخص وانما تقديمه للبرامج وتطبيقه لها وماذا انجزنا منها وبناء على النسبة التي تم تحقيقها من البرامج نستطيع أن نقيم ولكن بصفة عامة الحكومات السابقة والحالية مع الأسف هلامية في قضية وضع برامجها السياسية ومتابعة تطبيقها لذلك فإن أداء الحكومة الحالية لا يختلف عن سابقاتها، فلم نر من الحكومة الحالية قفزة نوعية في أي مجال فنحن أصبحنا في مؤخرة ركب التقدم في دول الخليج وليس في العالم.
• ما رأيك في أداء مجلس الأمة؟ وهل سيكمل مدته القانونية؟
- المجلس الحالي مطيع والحكومة لن تجد أفضل منه، ولكن السؤال هل الحكومة تنفذ البرامج التنموية وتطبق القوانين التي يتم تشريعها، أما عن أداء الأشخاص في المجلس فلا يختلفون عن سابقيهم، معظمهم أهل ابتزاز يبتزون الشعب والحكومة ويتاجرون بالشعارات السخيفة وشعارات الدين والقبلية والمذاهب والكويت غائبة عن برامج النواب هم ينتقدون الحكومة ويردحون للوزراء وتصل الأمور في أحيان كثيرة إلى شخصنة القضايا دون أن يقدموا البدائل والحلول للوزراء المختصين ودون أن يعالجوا المشاكل لا شيء لدى نوابنا سوى أن يجلسوا في الدواوين ويظهروا في الفضائيات ويتصدروا صفحات الجرائد ويتحدثوا كلام في كلام وكما يقولون «الكلام ببلاش» ويجب أن نعترف أن لدينا نواباً فقهاء في الخطب الرنانة ولديهم مخزون من مصطلحات اللغة العربية التي تستخدم في النقد والهجوم ولكن عندما تسألهم عن برامجهم ورؤيتهم المستقبلية وماذا فعلوا يصمتون، فأداء النواب في المجلس الحالي ليس بالمستوى المطلوب باستثناء النائب نبيل الفضل الذي تقدم بعدة مشاريع تنموية حقيقية سواء استقلالية القضاء أو المشاريع الاقتصادية ولكن دائماً تؤجل وياليت باقي النواب يسيرون على نهجه بدلاً من الصراخ والبحث عن تجنيس فلان وتعيين علان، يا ليتهم يخرجون عن دائرة مصالحهم الضيقة ويجعلون الكويت في قمة اهتماماتهم وإذا كان ينتقدون قصور الحكومة في توفير الخدمات فإنهم يتحملون المسؤولية المشتركة معها وفي كل الأحوال أعتقد أن المجلس سيكمل مدته القانونية ولن يتم حله.
• هل ترى أن نظام الأحزاب يفيد الحياة السياسية الكويتية؟
- أي عملية ديمقراطية تتطلب وجود أحزاب سياسية ولكن السؤال أي أحزاب؟ والجواب الأحزاب السياسية الوطنية وليست الدينية أو المذهبية أو العشائرية أو المناطقية يجب أن يكون الحزب لديه برامج وطنية واضحة ومشكلتنا في الوطن العربي وليس الكويت فحسب منذ بداية القرن الماضي وحتى اليوم أن أحزابنا السياسية لا تمثل الحزبية بالمفهوم العلمي فكلها أحزاب شخصانية أو دينية أو قومية أو أقلية متعصبة ولبنان أفضل نموذج على فشل الحزبية فهناك حزب للمسيحيين وحزب للشيعة وحزب للسنة ولا يوجد حزب للبنان الوطن يدافع عن قضاياه ويجعل مصالحه فوق كل شيء وكذلك الحال في سورية ومصر كل الأحزاب أما شخصية أو كارتونية لا وجود لها بين الشعب واثبتت فشلها الذريع خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي وإن كانت الاحزاب تتحمل المسؤولية الأكبر فإن الجماهير العربية أيضاً تتحمل المسؤولية فهي ليست مستعدة للعمل الحزبي فالمواطن في دولنا عندما يدخل حزب يبحث عن مصلحته الشخصية، ماذا سيكسب من وراء عضويته في هذا الحزب وماذا سيستفيد فالكل يفكر في مصالحه وهذا الأمر ينطبق علينا في الكويت، الإخوان والسلفيون والليبراليون يفكرون في مصالحهم وليس في دفع الكويت إلى الأمام ولا في كيفية عصرنة الكويت وجعلها دولة حديثة تنافس الآخرين في مجالات التنمية فمشاكلنا للركب والأحزاب والتيارات السياسية لا تعيرها اهتماماً فقط يبحثون عن مصالحهم الشخصية وصراعات على الزعامة ومنافسات عقيمة بين الأحزاب والحركات وفي الكويت مثلاً لو فتحنا باب انشاء الاحزاب السياسية سيفور الإخوان والسلفيون لأنهم يخاطبون مشاعر البسطاء والساذجين والأميين الذين يعتقدون أن الدين يحل المشاكل عندما يقولون «الله يساعدنا .. الله يرزقنا» فهل بهذه العقلية تحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية أو يقولون «القرآن دستورنا» .. صحيح القرآن الكريم كتاب ديني مقدس يضع لنا خطوطاً عريضة ولكن ليس دستوراً، فالكويت دولة مدنية لها دستورها والعجيب أن نواب مجلس الأمة المنتمين للإخوان والسلفيين وحزب الله والذين أقسموا على احترام الدستور يطالبون بتغييره لاعتبارات دينية وقبلية وحزبية وطائفية وعائلية لنكتشف إننا انتخبنا دجالين وكذابين يسعون للوصول إلى الكرسي لينهبوا المال العام ويملأون كروشهم أكثر ما هي ممتلئة ويصبحوا أغنياء ويظل الشعب فقيراً يعاني من المشاكل والأزمات، فالنائب لدينا يدخل مجلس الأمة فقيراً مسكيناً مجرد موظف أو شرطي سابق أو متقاعد ويخرج مليونيراً من نهب المال العام والرشاوى التي تقدمها له الحكومة والمضحك المبكي في هذا الأمر أن هؤلاء النواب الكاذبين يصدعون رؤوسنا ليل نهار عن تطبيق الشريعة ومحاربة الفساد وهم أكبر مفسدين، ولكن ماذا نقول في النفاق السياسي الذي تطبل له الجماهير وتصفق له وتعيد انتخابهم مرات لذا فأنا مؤمن بأن الكويت غير مهيأة للحزبية لأنها فشلت في دول عريقة مثل مصر ولبنان وتونس والمغرب وسورية والعراق رغم أن هؤلاء تجاربهم الديمقراطية أعرق من الكويت فما بال الكويت التي جربت الحزبية من خلال منظمات المجتمع المدني وجمعية الاصلاح التابعة للإخوان وجمعية احياء التراث التابعة للسلفيين وكذلك القوميين والتجمع الديمقراطي وتبين أنها كلها تجمعات مصالح وليست أحزاباً بالمفهوم الصحيح لذا أنا ضد الأحزاب فنحن لسنا مؤهلين للديمقراطية لا في الكويت ولا في الوطن العربي قاطبة.
• كيف تنظر إلى قرارات سحب الجناسي التي اتخذت مؤخراً؟
- قرارات سحب الجناسي إجراءات مؤلمة جداً لأن هناك متضررين منها واللوم كله يقع على الحكومة ومؤسساتها، فهناك قانون للتجنيس ولكن الحكومة والجهات السيادية التي تدير هذا الملف لا تتبع صحيح القانون، وهناك الكثير من المخالفات في التجنيس حيث تم منح الجنسية للآلاف لاعتبارات سياسية أو قبلية أو بهدف الولاء السياسي للحكومة، فكل دول العالم تجنس في أميركا وأوروبا وبعض الدول العربية فهي خطوة ممتازة وانسانية ولكن هذا التجنيس يجب أن يكون قائماً على أسس أهمها ماذا أستفيد من الشخص الذي أمنحه الجنسية هل هو طبيب أو مهندس أو فني ماذا سيقدم لاقتصاد البلد وبأي شكل سيفيد المجتمع وحضارته، فالولايات المتحدة الأميركية مثلاً تجنس آلاف الآسيويين خصوصاً الهنود والصينيين والتايلنديين والفيتناميين لأنهم متفوقون في مجالات معينة أما نحن في دول التخلف ومنها الكويت فنجنس البادية بحثاً عن الولاء السياسي وهذا النهج مستمر منذ 30 عاماً وعندما فتحت الدولة التعليم لأبناء القبائل بدأوا يتساءلون أين نحن لماذا أبي وأمي مواليين للنظام ووضعنا الاقتصادي مزر ولا نستطيع الدخول في المناقصات التجارية والمشاريع الكبرى لذلك اتخذوا موقفاً معادياً للحكومة يدعو إلى التغيير ومن هنا صار الخلاف بين السكان الاصليين الذي يحتكرون التجارة وبين أبناء البادية الذين تعلموا ودخلوا العملية السياسية وأصبحوا ما يمكن أن نسميهم المجنسين الجدد، لم يجدوا الفرصة وسط الكويتيين التجار، فبدأوا الهجوم عليهم واتهام الجميع بالسرقات والغش رغم أن هؤلاء هم أصل الكويت ومن بنوها على أكتافهم قبل اكتشاف النفط وعندما أدرك هؤلاء أن معركتهم مع التجار خاسرة وأنهم اختاروا الطريق الخطأ اتجهوا إلى الهجوم على الحكومة التي لم تتحمل وأدركت أن من منحتهم الجنسية قبل 10 سنوات وأكثر وأصبح بعضهم مليونيرات وبعضهم دخل مجلس الأمة وصاروا سياسيين كبار ونوابا عن الشعب يهجمون عليها دون أسباب منطقية وكل ما فعلته الحكومة معهم أنها نبشت في دفاترهم القديمة وفعلت القوانين وتم سحب بعض جناسي المحرضين على الدولة.
• كيف تقيم دور المعارضة في الكويت والوطن العربي عموماً؟
- لا توجد معارضة حقيقية في الوطن العربي كلها معارضات مؤقتة أو ما يمكنه أن نسميه هبات مثل الرياح، فهذه المعارضات تظهر عندما يكون هناك انتخابات أو مشاكل يهللون ويصرخون دون أن يقدموا برامج سياسية وخططاً بديلة لحل المشاكل نعم نحن نتفق معهم في أن الحكومة مقصرة ولكن أنت كمعارض ماذا فعلت هل قدمت حلولاً مثلما تفعل المعارضات في الدول الغربية، فنحن لدينا معارضة من أجل المعارضة فقط والمصيبة الأكبر أن الحكومة تحترم الشخص إذا صار معارضاً وهذه هي العقلية العربية تخاف ولا تستحي عقلية البادية، التي إذا لم تكن نداً لها لا تحترمك ولا تستمع إليك فاذا أصبحت قوياً يكرموك ويغدقون عليك بالمال والمناصب فالحكومة ساهمت في تعزيز دور المعارضة من خلال وضعهم في مناصب لا يستحقونها مثلا الإخوان الذين حصلوا على الكثير من الامتيازات من خلال تخويف الحكومة والضغط عليها فأصبحت أغلب مؤسسات الدولة يسيطر عليها الإخوان.
• إلى أي مدى خسرت المعارضة شعبيتها في الشارع الكويتي بعد رفضها المشاركة في انتخابات مجلس الأمة بنظام الصوت الواحد ثم خروجها في مظاهرات تخريبية أضرت بالبلاد؟
- المعارضة خسرت أرضيتها في الشارع لأن القائمين عليها جذبوا الرأي العام اليهم من خلال الحديث عن موضوع الاختلاسات والرشاوى وتبديد المال العام وعندما قالت لهم اخرجوا ما لديكم من أوراق ومستندات تثبت صدق ما تقولون واذهبوا إلى النيابة العامة صمتوا ولم نر منهم شيئاً، فقيادات المعارضة ركزت على التيار الشعبوي وحركة الشارع الذي ركض وراءهم وخصوصاً الشباب ثم اكتشفوا انه لا يوجد شيء فمن حقك أن تتهم الحكومة والمسؤولين بالفساد واختلاس المال العام ولكن من حق هؤلاء أن يطالبوك بإثبات صحة هذه الادعاءات وهذا الأمر تسبب في اضعاف المعارضة وبدأ الشباب يصاب بالملل من المظاهرات بدون جدوى حقيقة من ورائها وأنا أعتقد أن المعارضة يجب أن تتبع نهجاً جديدا يقوم على الإصلاح الحقيقي ويحمل برامج واقعية قابلة للتطبيق وتبتعد عن النفاق السياسي والواسطة ويفعلون كما يطالبون الحكومة بأن يتم تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب لا يتدخلون في تعيين أقاربهم وأبناء قبائلهم لأن هذه التناقضات تجعلهم يفقدون شعبيتهم.
• ما رأيك في ما يسمى بالربيع العربي؟ وهل حققت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية التي كان يرفعها أم أنه تسبب في نشر الفوضى والخراب في الكثير من الدول العربية؟
- فكرة ثورات الربيع العربي نبيلة جدا فالأنظمة العربية عموماً من المغرب إلى اليمن أنظمة وراثية مهترئة حتى الأنظمة الجمهورية تحولت إلى ملكيات يورث الرؤساء الحكم لأبنائهم وبعض الزعماء دخلوا حروباً أكلت الأخضر واليابس في بلادهم بدون طائل من ورائها ومن هنا بدأ الناس يطالبون بالتغيير ولكن مشكلة أن الربيع العربي تحول إلى قضايا شخصية واختطفته التيارات الاسلامية المتشددة فالشعوب العربية عندما خرجت في مظاهرات كانت تطالب بحقوقها فهي شعوب قتلها الفقر والأمراض ولكن الأمر تحول إلى فوضى في اليمن والعراق وسورية وليبيا لأن القياديين يفكرون في مصالحهم الشخصية ومصالح تياراتهم أو جماعتهم يريدون أن يحكموا بمفردهم ويرفعون شعارات أن الأغلبية هي التي تحكم وتقرر المصير والباقي يتم اقصاؤه والنتيجة ما نراه اليوم في دول الربيع العربي، الفوضى والخراب وظهور تنظيمات أكثر تطرفاً وارهاباً مثل داعش وجبهة النصرة، فالسياسيون ثبت أنهم أسوأ من الشعوب التي خرجوا من بينها كما يقول الحديث النبوي «كما تكونوا يول عليكم» والربيع العربي ثبت أنه كلام وشعارات وعلى أرض الواقع «ماكو شيء».
• لماذا تشن هجوماً حاداً على الاخوان المسلمين؟
- هناك فهم خطأ عن موقفي من الإخوان وتيار الاسلام السياسي بصفة عامة فالبعض يظن أنها قضة شخصية والحقيقة أنها ليست كذلك فأنا تربيت في بيت دين، والدي المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى كان قاضي قضاة ورائد التعليم والاصلاح الديني بالكويت وكوني نشأت في هذه البيئة الدينية المعتدلة أسعى إلى أن يكون الاسلام ليس شعارات وأن لا يتم المتاجرة بالدين فأنا في السياسة أريد برامج لا أريد أن يقال لي القرآن دستورنا واقتصادنا أريد البرامج السياسية تقنعني وتؤدي إلى ازدهار المجتمعات الاسلامية فمشكلة هؤلاء أنهم يرتدون أقنعة دينية، والواقع أن معركتهم سياسية بامتياز يريدون الوصول إلى السلطة والاستيلاء على كل المناصب، فالإخوان رغم مرور 30 عاماً تقريباً على وجودهم في الكويت ثقافياً وتعليمياً إلا أن البغاء والخمور والمخدرات في ازدياد والفساد أصبح ينخر في كل ركن في البلاد ورغم أن كل شيء من حولنا أصبح اسلامياً تدخل الجمعية التعاونية تجد صوت الشيخ يصدح بالقرآن الكريم فتقول بارك الله في المسؤولين على هذه الجمعية على هذا الايمان والصلاح والتقوى ثم نفاجأ في نهاية السنة أنه تم تحويل هؤلاء إلى النيابة العامة بسبب السرقات والاختلاسات فهؤلاء المتاجرين بالدين كذابون سارقون مرتشون ومع ذلك يجدون من يدعمهم ويحتضنهم فالشعب مخدر باسم الدين والرقابة الحكومية غائبة ولهذا اتخذت موقفاً من الجماعات الإسلامية فأنا لست ضد الدين ولكن ضد من يتاجرون به من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
• كيف تقيم فترة حكمهم في مصر؟ وكيف تنجح القيادة السياسية الحالية بالعبور بالبلاد إلى بر الأمان؟
- فترة حكم الإخوان في مصر أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مصيبة وكادت أن تسكت قلب الوطن العربي النابض، ولكن ما أريد التركيز عليه هو أن مشكلة المصريين واغلب شعوب الدول العربية أنهم يحتاجون إلى برامج تحقق لهم كل شيء في فترة زمنية قصيرة فكل مواطن يريد أن توفر له الحكومة عملاً وسكناً بل وتزوجه إن أمكن وينادي بتحسين خدمات الصحة والتعليم والمرافق ولكن ليس لديه الاستعداد للعمل لا يضع نفسه في مقارنة مع الصينيين أو الهنود أو اليابانيين، هذه الشعوب التي تقدمت بفضل العمل والانتاج وليس عن طريق الحكومات فمثلاً في مصر الدعم الذي يقدم للمواطنين يقتص ثلاثة أرباع الميزانية فماذا تبقى للإنفاق على تحسين الخدمات ومن ثم يجب أن تتصرف الحكومات العربية على أنها تمتلك القليل من الايرادات وأن السبيل الوحيد للتقدم للنهوض بشعوبها العمل وليس سواه.
• ماذا عن إخوان الكويت وكيف ترى دورهم، وهل ينفذون أجندة التنظيم الدولي للجماعة أم إنهم كما يزعمون لا علاقة لهم بإخوان مصر؟ وما الاسباب التي أدت إلى تغلغلهم في كل وزارات ومؤسسات الدولة؟ وما مدى خطورة ذلك؟
- إخوان الكويت من المؤسسين والداعمين الرئيسيين للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان والذي ساهم في تقوية هذا التنظيم وتغلغله في الكثير من الدول هو الدعم المادي والتمويل القادم من الكويت من أموال التبرعات وأموال الحكومة التي سمحت للإخوان بالانقضاض على كل وزارات ومؤسسات الدولة فمثلاً مجلس الأمة يعتمد على القبائل والاسلام السياسي الذي يمثله جماعة الاخوان والسلفيون وهناك بعض القوميين والليبراليين حتى الشيعة المعتدلين بدأوا يتساقطون في المجلس الأخير والحكومة دخلت في ورطة فهي تريد أن تضمن ولاء الإخوان فتحالفت معهم واستبعدت التحالف مع الليبراليين لأنها تدرك أن مطالبهم تدعو إلى إصلاحات سريعة أما مطالب الاخوان فهي بسيطة جداً ولا توجد لديهم برامج على المدى البعيد أو استراتيجية واضحة ومحددة فمثلاً هم يطالبون بأسلمة القوانين فالحكومة تقول لهم «شبيك لبيك» وتقوم بعمل هيئة لأسلمة القوانين وتخصص لها ميزانية بالملايين وعندما بدأ الارهاب يغزو الكويت من وراء ذلك بدأت الحكومة تشكل لجنة الوسطية باقتراح من الاخوان المسلمين وسلموها لهم رغم أنهم جزء كبير من مشكلة الإرهاب وليس الحل وبدلاً من أن تسند الحكومة الاشراف على هذه اللجنة لشخص ليبرالي أو قومي أو ديمقراطي معتدل أو كويتي مستقل تركتها للإخوان وخصصت لها ميزانية أيضاً بالملايين ليصبح الاخوان هم المتحكمون في كل شيء ومن ثم اتيحت لهم الفرصة ليأتوا بكوادرهم من مصر التي تؤمن بفكرهم وتنفذ أوامرهم بالسمع والطاعة وسكنوهم في وزارات الدولة في التعليم يقومون بتدريس كل المواد وقاموا بتغيير المناهج فعندما تفتح كتاب الاجتماعيات تجده عبارة عن دين وكذلك كتب التاريخ والجغرافيا حتى كتب الرياضات حاولوا أن يقحموا فيها الدين لذا فإن هذا الارث الثقيل يتطلب سنوات طويلة للتخلص من الإخوان المسلمين الذين خربوا البلد ويحتاج الأمر أيضاً إلى قيادة قوية مثل الشيخ محمد الخالد وزير الأوقاف بالإنابة والذي اكتشف خلال الشهرين الماضيين فضائح الإخوان في وزارة الأوقاف ومنها طبع ملايين النسخ من القرآن الكريم ليستفيد منها الاخوان الذين لم يكتفوا بوزارتي التعليم والاوقاف بل تفشوا مثل السرطان في جسد الوطن، فكل اللجان التي تشكل بها أعضاء من تنظيم الاخوان حتى لجنة المخدرات وكل مؤسسات المجتمع المدني دخل اليها الاخوان حتى جمعيات حقوق الانسان التي هم ضدها لأنهم يدافعون فقط عن حقوق المسلمين في حين أن مفهوم حقوق الانسان يحتاج من يدافع عنه أن يكون انسانا لا يفرق بين المسلم والمسيحي واليهودي ومن لادين له يتعامل مع الجميع على أنهم سواسية، كذلك الحال بالنسبة للنقابات العمالية والنقابات المهنية الاخوان هم المتحدثون الرسميون باسمها.
• كيف ترى سيطرة الاخوان على جامعة الكويت؟
- سيطرة الاخوان على جامعة الكويت أمر واقع لأن الحكومة هي التي فتحت لهم الأبواب لذلك وما حدث معي شخصياً يؤكد أن الحكومة هي التي زرعت الإخوان في التعليم فأنا ذهبت إلى أميركا في عام 1981 لحضور مؤتمر إبان الحرب العراقية الإيرانية وشاهدت طلاب الدراسات العليا الأميركان يعرفون كل شيء عن إيران والعراق وأنا خريج جامعة الكويت لا أعرف شيئاً فسألتهم من أين استقيتم هذه المعلومات فقالوا من مراكز الدراسات وعندما عدت إلى الكويت طرحت هذه الفكرة مكتوبة على سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد فرحب وقال لي ضع تصورك وأبدأ فيها، وعندما قلت لسموه رحمه الله ان مراكز الدراسات في الغرب تتبع الجامعات رأى سموه أن هذا المركز يكون من الأفضل أن يتبع للديوان الأميري وظل الموضوع حبيس الأدراج وفي عام 2000 تمت الموافقة على انشاء مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة الكويت وخصصت الدولة له ميزانية هزيلة عبارة عن 40 الف دينار وحاول الزميل د.غانم النجار الذي تولى مسؤولية رئاسة المركز ومن بعده الزميل د. شفيق الغبرا زيادة هذه الميزانية ولكن دون جدوى وعندما توليت أنا رئاسة المركز ومن خلال علاقاتي الطيبة طلبت من إدارة جامعة الكويت أن تزيد الميزانية المخصصة للمركز فاكتشفت أن الجامعة كلها إخوان وبدأوا يشنون علي حرباً شرسة من اليوم الأول حيث اتهمني المسؤول الإداري الإخواني بتبديد المال العام ولكن تحملت ذلك واستمررت فاشتدت الحرب الاخوانية خصوصاً بعد أن بدأت أستدعي شخصيات ليبرالية وكويتية معتدلة ووطنية مخلصة لمناقشة مشاكل البلاد والمنطقة ووضع التصورات لحلها فهم يريدون أن يهيمنوا ويسيطروا على كل شيء والباقي يسير في ركبهم وظلوا يختلقون لي المشاكل إلى أن نجحوا في ازاحتي وقالوا نحن سنعتني بالمركز وتمكن الاخوان من الاستيلاء عليه وأضاعوا مجهود أكثر من 20 عاماً ولم يعد الآن لدينا مركز للدراسات الاستراتيجية، فالكويت الدولة النفطية الغنية لا يوجد بها مركز للدراسات الاستراتيجية يجمع ويوثق المعلومات عن المنطقة عكس دولة الامارات العربية المتحدة التي أنشأت مركز الامارات لدراسات الاستراتيجية وهو أكبر مركز متخصص في هذا الشأن في الوطن العربي والأهم في منطقة الشرق الأوسط وتبلغ ميزانيته السنوية من 4 إلى 5 ملايين مقارنة بـ 40 ألف دينار لمركز الدراسات الاستراتيجية بالكويت قبل أن يموت بفعل فاعل.
• هل الكويت في حاجة الآن لانشاء مركز أو هيئة عليا لمحاربة الارهاب؟
- طالبنا بمركز متخصص في بحث قضايا الارهاب ولكن تم رفض الفكرة أيضاً ورغم أن لدي علاقات طيبة برئيس الوزراء السابق والحالي ومعظم الوزراء إلا إنني أعترف بأنني فشلت ربما بسبب أسلوبي أو صراحتي أو حتى وقاحتي لم تعجبهم أفكاري فالغوا مركز الدراسات الاستراتيجية ورفضوا انشاء مركز متخصص في الارهاب وأصبحنا الآن نعيش بدون معلومات وهذا أمر مؤسف أن يحدث في الكويت.
• برأيك ما الذي يدفع بعض الشباب للانضمام إلى التنظيمات الارهابية مثل داعش والنصرة وغيرهما والذهاب للقتال في دول مجاورة؟
- الكويت غنية والناس مرفهة أما ذهاب البعض للقتال في دول مجاورة لأن مناهج التعليم تحرض على ذلك ومنابر المساجد تشحنهم وتدعوهم للجهاد والجمعيات الخيرية والتعاونية ترعى مدارس دينية متشددة تخرج لنا أجيالاً جهادية تكفيرية تفضل الموت على الحياة ولذلك ندفع الثمن غالياً.
• هل تتفق مع من يقولون ان أغلب كليات جامعة الكويت أصبحت مسيسة؟
- طبيعي أن يتم تسييس كليات جامعة الكويت وخصوصاً كلية الشريعة فالنظام السياسي ارتكب جريمة بإنشاء هذه الكلية التي كانت تابعة لكيلة الحقوق فالطالب كان يدرس مواد القانون والشريعة ومن ثم يصبح مؤهلاً للوظائف المدنية وليس الدينية فطلاب الشريعة كانوا يتخرجون بالمئات ولا يجدون وظائف سوى إمام مسجد ومن هنا فتحت لهم الدولة باب الوظائف على مصراعيه في أغلب الوزارات والمؤسسات وبرواتب أعلى من باقي خريجي الكليات الأخرى، وآن الأوان لإعادة المياه إلى مجاريها وأن يتم ضم كلية الشريعة إلى كلية الحقوق ولكن المشكلة أن هناك قطيعة بين الكليتين وطلاب كلية الحقوق لا يريدون أن يكونوا تحت سقف واحد مع طلاب كلية الشريعة لأن مستواهم متدن جداً وطالما كنت إخوانياً أو سلفياً فانت ناجح وأغلب الكوادر الحزبية من الاخوان والسلفيين من خريجي كلية الشريعة والحكومة تعينهم في وظائف متميزة.
• ما رأيك في قول البعض ان كلية الشريعة تخرج متطرفين وتكفيريين؟
- وجود متطرفين من خريجي كلية الشريعة ليس سراً وليس بالأمر الجديد أو المفاجئ فنحن لدينا 700 كويتي يقاتلون مع داعش والنصرة والسؤال: ماذا ينتظر أن يفعل هؤلاء عقب عودتهم للبلاد، اليس هؤلاء مشاريع انتحاريين وتفجيريين وقنابل موقوتة ويشكلون خطورة بالغة على الأمن القومي للكويت؟ وأنا أرى أن سبب ما وصلنا اليه التسيب العام الذي نعيش فيه واهمال الحكومة، وآن الأوان أن نفكر بعقلية الدولة المدنية وإن كنت شخصياً أشك في ذلك فأنا مللت من المناداة بفصل الدين عن السياسة.
• وما رأيك في استمرار عمل بعض الاساتذة في الجامعة رغم وضعهم على قوائم الارهاب العالمي؟
- مجلس الأمن اتهم بعض الكويتيين بتمويل الإرهاب ودعمه والكويت لم تتخذ اجراءات رادعة ضد هؤلاء رغم أن الحكومة تدرك تماماً ماذا يفعل هؤلاء، تدرك حساباتهم البنكية ماذا فيها من أموال وحساباتهم التويترية ماذا يكتبون عليها من دعم صريح للتنظيمات الارهابية والتشجيع على الانخراط في اعمالها الإجرامية، ولكن حكومتنا تشكك في تقارير دولية تتهم هؤلاء بدعم الارهاب فاكتفت بالتحقيق معهم ثم اطلقت سراحهم وظلوا يعملون في أماكنهم.
• الانتماءات التي تسيطر على اساتذة الجامعة هل تضر بالعمل الأكاديمي؟
- بالتأكيد الانتماءات الدينية والسياسية تضر بالعملية التعليمية فالجامعة أصبحت ساحة مفتوحة للسياسة وادخال مدرسين لم يحصلوا على شهادات من جامعات معترف بها ومللنا من الحديث عن هذه الأمور الواضحة والتي تتغافل عنها القيادة السياسية التي لا تفكر في خطورة هذا الأمر وليس لديها منهج أو استراتيجية للتعامل مع هذه القضايا الحساسة، فنحن لا يوجد لدينا دولة بل قبيلة متخبطة عشوائية في التخطيط واتخاذ القرارات ورغم الكوارث التي تحدث من حولنا الا أن عقليتنا المتخلفة لا تزال كما هي لا نعرف ماذا نريد أو ماذا نفعل.
• ما رأيك في الفكر السلفي؟
- الإخوان أكثر خبرة ودراية وتنظيماً ولديهم منهج واضح ومدرسة مدربة تعرف ماذا تريد وماذا تفعل أما الفكر السلفي فلا يطور نفسه فالسلفيون الكويتيون يسيرون على نهج السلف السعودي يركزون على الجهاد ومحاربة الكفار ولا يوجد لديهم استراتيجية سياسية واضحة مثل الإخوان وهم أكثر تشددا من الإخوان ولكنهم أكثر وضوحاً.
• كيف تقيم دور شيوخ الدين وخصوصاً نجوم الفضائيات؟
- هم تجار دين ولكن الأسوأ من شيوخ الفضائيات والفتاوى هم المسلمون الذين يستمعون اليهم بل يدمنون هذه السخافات التي يطرحونها ويقبلون هذه الخزعبلات بدون ان يحكموا عقولهم.
• ما رأيك في الفتاوى التي تبيح جهاد النكاح وقطع الرقاب؟
- كلام فاضي صادر عن ناس شاذة جنسياً ومجانين، فهل الاسلام يجيز قطع الرقاب؟ بالتأكيد لا فهؤلاء الارهابيون يشوهون صورة الدين الاسلامي وهم لا علاقة لهم بالإسلام من قريب أو بعيد.
• هل لا تزال لديك طموحات؟
طموحاتي كلها ماتت بسبب الأوضاع السياسية المتردية في الكويت وكل ما اتمناه أن اتمتع بالصحة والعافية وأن أكمل ما تبقى لي من العمر في خدمة الكويت والأمتين العربية والاسلامية.