المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد الكريم على السيد محمد باقر الحكيم



بهبهاني
06-03-2003, 06:23 PM
الرد الكريم
على السيد محمد باقر الحكيم

المؤلف : السيد حسن شبر

السيرة الذاتية للمؤلف

* و لد في العراق في مدينة النجف الأشرف عام 1929 م
* درس في مدارس منتدى النشر العلمية و غيرها مدة تزيد على خمسة عشر عاما ابتداءا من عام 1943
* اعتقل ثلاث مرات من قبل السلطة العراقية الجائرة . مرتين عام 1963 و الأخيرة عام 1971-1972 في قصر النهاية ببغداد
* تخرج من كلية الحقوق بجامعة بغداد عام 1965
* كان وكيلا رسميا للامام الشهيد محمد باقر الصدر (رض) في المحاكم العراقية
* له عدة مؤلفات مطبوعة كما ان له مذكرات سياسية مخطوطة من سبعة اجزاء تؤرخ لنصف قرن

من مؤلفاته :
-شذرات سياسية من حياة الأئمة
-الهجرة و اللجوء , دراسة في الابعاد الحضارية و السياسية
-صفحات سوداء من بعث العراق (جزئين)
-تاريخ العراق السياسي المعاصر , التحرك الاسلامي 1900-1957
-العمل الحزبي في العراق 1908-1958
************************************************** *************************************

انا الآن اطبع الكتاب على جهازي و طبعت 20% منه و انشاء الله انشر المطبوع على دفعات ريثما اكمل الباقي

بس لا يطوفكم

بهبهاني
06-03-2003, 06:25 PM
الرد الكريم على السيد محمد باقر الحكيم
في موضوعه الذي كتبه في مجلة المنهاج

بسم الله الرحمن الرحيم

لم اكن أرغب أن أكتب ردا على ما كتبه أخونا سماحة السيد محمد باقر الحكيم في مجلة المنهاج الصادرة في ربيع عام 2000, لأنني أعتقد ان جهودنا لا بد أن تصب دائما في مصلحة المعارضة العراقية, بل في مصلحة شعبنا العراقي الممتحن في ظل مجرمي العراق الذين أدخلوا البؤس في كل بيت قتلا و حبسا و تعذيبا و هتكا للاعراض و مصادرة للأموال و حربا للاسلام و اخلاق الناس, بشكل لم يحدثنا التاريخ بمثله.
و لكن كثيرا من الاخوة كانوا يلحون علي في تبيان الحقائق فيما كتبه الحكيم, و بقيت مترددا عدة أشهر.
فعلاقتي بالسيد محمد باقر الحكيم علاقة قديمة, ليست وليدة الهجرة الى ايران, و لا وليدة المعارضة, و انما ترقى الى علاقة الآباء و الأجداد و الأسرة و المصاهرة.
و النجف يوم كانت محاطة بسور, كانت قرية صغيرة تتشابك فيها العوائل و البيوتات.
و لعلي أتذكر من تلك العلاقات ما لا يتذكرها هو لكبر سني و اندكاكي في صفوف النجف و الحوزة وجو منتدى النشر قبل نشوئه هو.
و (البرانيات) كانت هي الأخرى تشد الأواصر و تمتن العلائق, فوالدي و والده السيد محسن الحكيم رحمهما الله تعالى ذهبا كلاهما مع السيد محمد سعيد الحبوبي للجهاد عام 1914, و كانا زميلين لدى الميرزا حسين النائيني.
و لقد كان والدي رحمه الله مع تسعة آخرين ضمن مجموعة يطلق عليها (الصفوة) التي كانت تمثل في ذلك الوقت خيرة العلماء في النجف, و الذين كانوا:
1-السيد ابراهيم شبر (والدي)
2-السيد علي بحر العلوم
3-السيد موسى الجصاني
4-الشيخ كاظم علي بيج
5-الشيخ محمد جواد الحجامي
6-الشيخ محمد حسين المظفر
7-الشيخ محمد حسين الجواهري
8-الشيخ حسين الحلي
9- الشيخ عبد الحسين الحلي
10- الحاج عبدالامير القاموسي (و هو الوحيد الذي لم يكن من الحوزة العلمية).
و هذه (الصفوة) و ان لم يكن فيها شخص من آل الحكيم الا ان نصف اعضائها كانت تربطهم مع الامام الحكيم صداقة أكيدة (شبر و بحر العلوم و علي بيج و الشيخ حسين الحلي و القاموسي).
و قد كان لهؤلاء (الصفوة) اثر كبير في مرجعية السيد الحكيم رحمه الله.
و توارث الأبناء صداقة الآباء, فأخي السيد محمد وكيل الامام الحكيم و صديق حميم للسيد يوسف رحمهما الله, و كذلك مع السيد محمد علي حفظه الله.
و انا و المرحوم السيد مهدي كنا في الاربعينات و الخمسينات لا نكاد نفترق و كنا نفكر باساليب العمل و هموم الاسلام قبل نشوء حزب الدعوة.
و علاقتي التي كانت معه الى يوم استشهاده رحمه الله, كان أساسها تلك الأيام, و ان كنا نختلف احيانا في الأيام الأخيرة.
اضافة الى ان الامام الحكيم رحمه الله كان يثق بي عندما أطرح عليه أمورا تخص الصالح العام و المرجعية.
اتذكر اني في حدود عام 1967 ذهبت الى السيد الحكيم رحمه الله و حدثته عن التخلف المذهبي في منطقة كركوك من العراق, و ان بعض العشائر ليس فيها مصل واحد, و ان مسؤوليته أن يرسل لهم من يعلمهم أمور دينهم.
ثم تطرقت بالحديث عن العلويين في تركيا و الذين كانوا في الأصل من الشيعة و لكنهم و بسبب الترك و الاغفال انحرفوا في عقائدهم. قال السيد رحمه الله: اذا اردت الواقع, فان الشخص الجيد لا يذهب من النجف الى الخارج و غير الجيد لا يفيد, و على رغم هذه العلاقة و قوة الصداقة, فان الأمانة في النقل و المسؤولية الشرعية دفعتني لكتابة الحقيقة و تصحيح المواقف و المشاهد, فلربما كنت الشخص الوحيد ممن بقي من الذين عاصروا ظروف التأسيس و القادرين على الحديث و الكتابة ضمن الظروف الأمنية و السياسية المحيطة بهم.
فلقد ذكر في الصحيفة 227, في معرض حديثه عن الشهيد الصدر انه اسهم في تأسيس (حزب الدعوة الاسلامية) في أواخر صيف 1378هجرية\1958م, ثم خروجه من الحزب في صيف عام 1380هجرية\1960م.
و في البداية اريد أن أقول شيئا, هو أنني و ان لم اكن حاضرا في الجلسة التي تم فيها أداء القسم, و لكنني كنت واحدا منهم, و ربما كانت منعتني بعض الأعمال او السفر عن الحضور, نعم الشخص الوحيد الذي كان حاضرا و لم تكن لي به معرفة سابقة هو المرحوم الحاج صالح الاديب.
اما الآخرون فقد كانت لي فقد كانت لي مع بعضهم علاقة عمل اسلامي بل و حزبي.
فأنا و ابو عصام و صادق القاموسي, كانت تجمعنا آصرة منتدى النشر منذ عام 1943, ثم شكلنا ثلاثتنا الحزب الجعفري عام 1952 الذي لم يدم اكثر من سنة عندما تحرك الظلاميون و نعتونا بشتى النعوت مما دعانا الى الغاء ذلك لننتقل الى اسلوب آخر.
ثم ان بداية معرفتي بالمرحوم السيد مهدي و العمل الموحد الذي كان بيننا بشأن الأمة و الاسلام انما كانت في خلال تلك السنين, كما كانت لي لقاءات اخرى مع السيد طالب الرفاعي و السيد فضل الله و شمس الدين, كلها تنحو نفس المنحى.
و لذلك فقد كنت من اوائل من تحمل هم الاسلام و هم حزب الدعوة الاسلامية في تلك الأيام.
و المرحوم السيد مهدي كان يتذكر تلك العلاقة و يجيب من يسأله عني, فيقول (سيد حسن شبر ) من الاوائل -هامش:مذكرات السيد مهدي الحكيم, ص17-.
و لقد وهبني الله سبحانه و تعالى ذاكرة جيدة تعود الى أواسط الثلاثينات و الى يومنا هذا, و كأن تلك الأحداث تعرض أمامي الآن.
و أيام التأسيس و ما سبقها و ما لحقها هي من الأمور التي أتذكرها جيدا.
و لقد كانت لنا بعد ذلك (أنا و المرحوم لحاج صالح الأديب) جلسات متعددة لتحديد ايام التأسيس, فكنا نقارن بعض الاحداث ببعضها الآخر, و ان هذه القضية قبل تلك, و بعد تلك, توصلنا عندها الى ان الاجتماع كان في شهر ربيع الأول من عام 1377هجرية و عام 1957م و يؤيد ذلك المرحوم السيد مهدي الحكيم اذ يقول ان التأسيس كان قبيل 14 تموز\1958 أو بعيده -مذكرات السيد مهدي الحكيم المسجلة, ص19-.
و شئ آخر هو ان الاجتماع الذي تم فيه اداء القسم لم يكن هو الاجتماع الأول في التأسيس, فقد سبقته اجتماعات أخرى,بين عضوين او ثلاثة منهم, و قد كنت انا أحضر تلك الاجتماعات التي كانت تنعقد أحيانا في بيتي أو في بيت المرحوم صادق القاموسي في أكثر الاحيان.
علما بان اجتماع كربلاء كان فيه من يتعرف بعضهم على البعض الآخر لأول مرة.
ثم كان الاجتماع الذي تم فيه أداءالقسم, و لا أستطيع ان اسميه (الاجتماع التأسيسي) فالتأسيس سبق جلسة كربلاء بزمن ليس بالقصير.
نعم ان اطلاق اسم (حزب الدعوة) على تلك الاجتماعات جاء متأخرا, ربما كان في عام 1958.
و لعل ذلك هو الذي أثار الشبهة لدى الحكيم في تأريخ التأسيس.

هاشم
06-03-2003, 10:03 PM
جزاك الله خيرا يا أخى

بهبهاني
06-03-2003, 11:20 PM
شكرا أخي هاشم و اتمنى منكم قراءة الكتيب بتمعن فالسيد حسن شبر فند كل شبهات السيد محمد باقر الحكيم

************************************************** ******************
الشبهة التي أثارها الحكيم ليست شبهة في أصل العمل

و في ص231 و ما قبلها و ما بعدها, ومن خلال السطور, يحاول الحكيم جاهدا و بكل اسلوب أن يثير شبهة لدى الشهيد الصدر وانها دعته الى أن يترك الحزب.
و الحكيم يعلم تماما أن آية الشورى انما تأتي في شكل الحكم, هل هو بناء على آية الشورى ام ولاية الفقيه أو شئ آخر؟ و ليس في أصل تأسيس الحزب الذي هو امر بالمعروف و نهي عن المنكر.
حتى اذا كان الحزب يهدف الى تشكيل حكومة, فان مقدمة ذلك لا بد أن تتم عن طريق تغيير الأمة بمفهومنا الاسلامي تطبيقا لقوله تعالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فالأمة التي تسيطر عليها الأوهام و الجاهلية و الافكار المنحرفة لا يمكن لها ان تتطلع الى الحكم الاسلامي.
و الأمة العراقية بالذات, فان الحكيم ربما يتذكر كيف كان يتصرف بشؤونها المنحرفون عن الاسلام و أعداؤه, فكيف تكون نظرية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (لا تزال تشكل نقطة ضعف مهمة في هذه النظرية) حسب ادعاء الحكيم.
و الأنكى من ذلك عندما يقول (ان التأريخ الذي يعرضه القرآن الكريم عن سيرة الأنبياء و اعمالهم لا توجد فيه أي اشارة الى منهج مثل المنهج الحزبي).
و هو أمر في غاية الغرابة عندما يشترط لمشروعية أي شئ أن يكون مثيله في عمل الأنبياء.
مع ان الحكيم نفسه يذكر في الصفحتين 229-230, "أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعوة الى الاسلام و الدين من أهم الواجبات الاسلامية, و لما لم تكن هناك طريقة محددة و اطار سياسي عام مشخص لهذه الدعوة, كان ممكنا انتهاج كل اسلوب مؤثر في هذا المجال يعطي للمسلمين القوة و القدرة على تحقيق هذا الهدف او القيام بهذا الواجب الاسلامي.
و حينئذ يمكن طرح اسلوب (التنظيم الحزبي) بوصفه أفضل طريقة تجريبية توصل اليها الانسان في التحرك, حيث انها الطريقة المتبعة و المعروفة الآن في المجتمعات الانسانية (الحضارة الغربية و الشرقية) و التي اثبتت جدواها و تأثيرها من خلال التجربة.
كما ان هذه الطريقة هي التي يمكن ان تواجه هذا الاسلوب الجذاب في المجتمع الانساني الذي اعتمدته الايديولوجيات و النظريات الحديثة الوضعية".
كان هذا حديثا للحكيم و لكنه يعلق عليه في الهامش السابع بأنه (مقالة منشورة في أدبيات حزب الدعوة الاسلامية منسوبة الى الشهيد الصدر, يشير فيها الى هذه الفكرة, على انه اعتمدنا بالأصل على ما يذكره(قده) في أحاديثه حول هذا الموضوع). و لعل الحكيم يشير الى ما جاء في نشرة "حول الاسم و الشكل التنظيمي" الذي جاء فيها: ان الرسول (ص) لو كان في عصرنا لاستعمل بمقتضى حكمته الاساليب الاعلامية و التبليغية المعاصرة و الملائمة, و الحق ان اسلوبه صلى الله عليه و آله في الدعوة, ما كان عن التنظيم الحلقي ببعيد.
و اما مشروعيته, فلأن اسلوب الدعوة الى الاسلام انما هو الطريق التي يمكن بواسطتها ايصال الاسلام الى أكثر عدد من الناس و تربيتهم بثقافة الاسلام تربية مركزة تدفعهم للقيام بما فرض الله عليهم, و حيث جاز لنا شرعا انتهاج اية طريقة نافعة في نشر مفاهيم الاسلام و احكامه و تغيير المجتمع ما دامت طريقة لا تتضمن محرما من المحرمات الشرعية.
فاية حرمة شرعية في أن تتشكل الامة الداعية للخير و الآمرة بالمعروف و الناهية عن المنكر في هيئة و جهاز و تكون كيانا موحدا و فعالية منتجة في الدعوة الى الله عز و جل.
ان تجميع الجهود من اجل الاسلام و تنسيقها بحكمة و اختيار الطريقة الافضل لتنظيم ذلك ليس مجرد أمر جائز في عصرنا و حسب بل هو واجب ما دام تغيير المجتمع و تعبيده لله و مجابهة الكفر المنظم متوفقا عليه.
و يؤسفني كثيرا أن تنكلم الآن و نحن في عام 2000 بضرورة العمل الحزبي الاسلامي.
فالكلام في هذا الموضوع كان يجري قبل نصف قرن عندما كنا نتعرض للسخرية و الاستهزاء و الغمز و اللمز و الاتهام بما لم ينزل الله.
و الحكيم يعلم تمام العلم أن العراق بلد حزبي عاش حزبيا و لا يزال حزبيا, و يعلم أن الطعن في مشروعية حزب الدعوة الاسلامية ماذا سوف يحدث في العراق؟
و من الطريف ما يذكره أحد تلامذه السيد الشهيد حين يقول: "ان السيد الشهيد نقل لي ان احد الاشخاص قال لاستاذي الخوئي ان السيد محمد باقر الصدر أسس حزبا اسلاميا فأجابه السيد الخوئي: لو أسس السيد محمد باقر الصدر حزبا فاني أول من اسجل اسمي فيه" -من حديث للشيخ ابراهيم الانصاري في مجلس التأبين الذي اقامته جماعة العلماء في قم المقدسة ليلة الخميس 9 شعبان\1407= 8 نيسان 1987-
و لنستمع الى رأي الامام الحكيم رحمه الله في ذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم, ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة. و الدعوة الى الاسلام ليس لها طريقة خاصة, فكلما يراه المبلغ اجدى و انفع يلزمه العمل به -الفقه السياسي في الاسلام, محمد صالح جعفر الظالمي, ص 156.
و لا بأس ان نقتبس من الشيخ محمد رضا النعماني يسيرا, اذا يقول: (...و حتى تأسيس حزب الدعوة الاسلامية الذي جعله البعض حربة لطعنه او تشويه سمعته بين ابناء الامة, ما كان الا من أجل حماية كيان الاسلام و الامة الاسلامية.
و من الغريب ان البعض كان يسمح لأبنائه بالانتماء الى حزب البعث الصليبي-هامش للمؤلف: لقد كان بعض ابناء العلماء في النجف ينتسبون الى احزاب تعادي الاسلام, فلقد كان فيهم الشيوعي و القومي كما كان فيهم من يتعاون مع حزب البعث, و لا اجدني بحاجة الى ذكر اولئك فالمجالس بالامانات.-و يحارب السيد الشهيد لتأسيسه حزب الدعوة الاسلامية, كان البعض ينتقد العلماء اثناء فترة الاحتلال الانجليزي للعراق فيقول: انهم حرموا على ابنائنا دخول المدارس الانجليزية في العراق و لم يفتحوا لهم مدارس اسلامية و اليوم اسس لهم العلماء حزبا اسلاميا ليحصنهم من الانتماء الى حزب البعث او الحزب الشيوعي و من الالحاد عموما فاذا بهم كالبنيان المرصوص ضده, و لو انهم وقفوا عند حدود معقولة و ناقشوا الامر بروح موضوعية و تعقلوا مدى صحة هذا الاسلوب او ذاك لكان امرا سائغا و منطقيا, اما ان يعتبروا ذلك انحرافا و يجعلوه حربة يحملونها بيد و تحملها السلطة باليد الأخرى فتسفك بها الدماء و تهتك بها الأعراض و تستحل بها الحرمات فهو امر بمكان من الخطورة جعل قلب الشهيد يتفجر دما و روحه تفيض حزنا و الما)-سنوات المحنة, ص 175
و الحكيم يعرف جيدا كم هو تاثير حزب الدعوة الاسلامية في العراق. كيف كان العراق قبل جيل الدعوة و كيف أصبح؟
و اعيد أسفي الكبير ان نتكلم الآن و نحن في أوج المعارضة و ان نعود لذكر ضرورة الحزب و فاعليته في العراق بالذات.
و كما قيل (ان الفضل ما شهدت به الأعداء) فلنقرأ ما ذكره التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث في العراق الذي جاء فيه:
"... لذلك بقيت في المجتمع الثوري نسبة معينة و لو كانت قلة من المواطنين و من الشباب بوجه خاص خارج المسيرة الثورية فلم يعيشوا سخونة هذه المسيرة و لم يتأثروا بها بصورة مباشرة فوقفوا منها موقفا سلبيا, و قد ركزت الاحزاب الدينية السياسية و بخاصة حزب الدعوة على هذه الفئة و اصطادتها في فخاخها و وعدت الشباب منهم بالمعارك الساخنة و التحديات الملحمية. ولا بد أن نشير الى أن أخطاء قد ارتكبت في أساليب تنظيم الشباب و الطلبة مما دفع قسما من هؤلاء الى الوقوع في شرك حزب الدعوة و الحركات الدينية السياسية الأخرى.. و علينا ان نلاحظ ان نسبة من الشباب الطموح اذا لم يتمكن الحزب من استقطابها و تلبية مطامحها في اطار منزوع يمكن أن تبحث عن طموحات غير مشروعة و منحرفة في أوساط القوى المعادية"-التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق, ص295-296.

بهبهاني
06-04-2003, 09:31 PM
و لقد أجاد السيد علي المؤمن حين قال: (اما حزب الدعوة الاسلامية فانه برغم الأوضاع الصعبة السائدة في العهد القاسمي, فقد ساهم في تعبئة الجماهير المؤمنة ضد المد الماركسي و التيارات الفكرية و السياسية الأخرى, و بذل جهدا كبيرا من أجل نشر الفكر الاسلامي و تحصين الأمة بالثقافة العقائدية من خلال مختلف النشاطات كاصدار الكتب و المجلات و اقامة الاحتفالات و الندوات و الدروس و غيرها من مظاهر التوعية الاسلامية, و ذلك من خلال الواجهات الدينية المتعددة, التي توحي بأنها تعمل بشكل مستقل و فردي. كما عمل الدعاة في اطار برامج الحوزة و المرجعية الدينية و ساندوها بمختلف الوسائل, فحين طرحت حكومة قاسم قانون الاحوال الشخصية و القرارات الاخرى المنافية للشريعة الاسلامية, بادر الدعاة للمساهمة في استنفار الجماهير لمؤازرة المرجعية و طالبوا بتطبيق القانون الاسلامي بدلا عن القانون المعلن) -سنوات الجمر,ص50-
اما جريدة لواء الصدر و هي جريدة السيد الحكيم و حاملة أفكاره و منهجه ففي عام 1403هجرية كانت تقول:
"و عاشت الجامعات العراقية افضل ايامها الاسلامية خلال السنوات العشر الاخيرة, فقد توسعت دائرة النشاط الاسلامي بجهود الصفوة المثقفة من الدعاة الى الله و نشطت ظاهرة الاستقطاب الشعبي الذي قادته الطليعة الرسالية المؤمنة بطريق ذات الشوكة و التفت حولها الجماهير باعتبارها القوة الاكثر تأثيرا و فاعلية على تحريك الساحة العراقية في الوسط الجامعي.. فصارت الجامعة مركزا لانطلاقة اسلامية متصاعدة, و كان النشاط واضحا جدا في جامعات بغداد و البصرة و الموصل و السليمانية, مما اثار ثائرة السلطة الباغية و اشعرها بأن هناك موجة اسلامية عارمة ستكتسح الساحة ان لم تواجة بقوة و عنف" -جريدة لواء الصدر بتاريخ 25 ربيع الثاني 1403هجرية
و تأثير حزب الدعوة لم يقتصر على داخل العراق فقط, فان الصحوة الاسلامية التي نراها و نسمع بها اليوم في كثير من المناطق مدينة لحزب الدعوة الاسلامية الذي كان يحمل مشعل الشهيد الصدر.
فلنقرأ هذا الخبر:
يقول أحد علماء فلسطين: "ان فكره (اي فكر الشهيد الصدر) اشعل الثورة في قلوبنا و نفوسنا و فجر الوعي في فكرنا و عقولنا في الوقت الذي كنا في جوع الى الفكر الاسلامي, بل ان بعض التنظيمات الاسلامية جعلت من كتبه منهاجا لهم" -من حديث للشيخ عبدالعزيز عودة امام مسجد الشيخ عز الدين القسام في غزة بفلسطين في جريدة الجهاد, العدد 243 في 4 شوال1408هجرية-
و لعل خير من يصور تلك الحالة التي سبقت حزب الدعوة الاسلامية و الحالى التي تلت التأسيس هو آية الله العلامة السيد مرتضى العسكري الذي كان أحد ركنين مهمين في تأسيس حزب الدعوة, هو و الشهيد الصدر, و يمتاز سيدنا العسكري عن غيره بأنه كان أكبر الاعضاء سنا و اكثرهم تجربة, دقيقا جدا في ملاحظاته و متابعاته و تشخيص مواطن الخلل.
و لذلك نجد الشهيد الصدر عندما يتم الحديث معه في تشكيل الحزب يقول: اذا دخل السيد العسكري فانه معه, و عندما حان وقت اداء القسم, طلب الشهيد بالحاح ان يكون السيد العسكري هو اول من يؤدي القسم, فكان السيد العسكري يقول: في تلك الحالة تصورت انني ارفع جبال العالم على رأسي, ثم حلف و من بعده الشهيد الصدر و من ثم السيد مهدي الحكيم. -حديث لآية الله العسكري في 15\10\1999-
فلنصغ اليه ماذا يقول:
"كان هناك انصراف عن التفكير في الحكم الاسلامي و هذا يعني انصرافا عن التفكير في اجراء قسم كبير من الأحكام الاسلامية,القصاص, الديات..
كنا ندرس شرح اللمعة, و الطلبة عندما بلغوا باب احياء الموات تركوا دراسة هذا الباب لأنه لا حاجة اليوم به, فلماذا نقرأه؟ هكذا كانت تتعطل الاحكام الاسلامية حكما بعد حكم و نحن لا نحس بذلك.
بعيد الحرب العالمية الثانية انتشرت الشيوعية في العراق و كذلك انتسبوا الى القومية الناصرية او البعثية.
و لم يكن اي صوت اسلامي, كنت قد كتبت كتابا سميته ب(الامراض الاجتماعية) قلت فيه ان هذا العملاق يعني المسلم خدر و هو يعيش في خدر لذيذ.
يقول الامام الصادق سلام الله عليه: ان الوجع نعمة, سئل لماذا؟ قال: لان المرض موجود فاذا لم يكن الانسان يحس بالوجع لا يداويه.
كان المرض موجودا و لكن لا شعور و لا احساس و لا ادراك بوجود المرض.
الذي شاهدته انا بنفسي كان احد اولاد العلماء شيوعيا, التقى بي مساء يوم من ايام شهر رمضان, فأخذت اعاتبه و الومه و انصحه: ماذا رأيت في الاسلام من نقص و قصور حتى تركت الاسلام و سجلت في الحزب الشيوعي؟
قال لي: انا مسلم و انا الآن صائم و اصلي و اعمل الاعمال التي بيني و بين الله و لكن البشر بحاجة الى حكومة, والاسلام ليس فيه حكومة, و انا بين اثنين اما ان اقبل الحكم الشيوعي أو الحكم الديمقراطي الرأسمالي, و أنا أرى ان الحكم الشيوعي أفضل.
بعد تأسيس الحركة الاسلامية (الدعوة) ذهبت الى مسجد الكوفة انا و الشهيد الصدر و لا أذكر من كان معنا, و كان هناك (السيد ...) معتكفا و تحدثت مع الشهيد الصدر في مفاتحته بالحكومة الاسلامية, فقال لي الشهيد الصدر: لا يمكن أن يفاتح هذا الانسان بالحكومة الاسلامية.
قلت: أنا افاتحه.
قال: لا تستطيع.
ذهبت اليه و قرأت له هذه الآية (و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض..).
قال: هذه تفسيرها هو قيام الحجة.
فأخذت أناقشه و انه ألا يمكن أن يكون هذا الشئ يقام بجماعة من المسلمين يعملون في سبيل الله و يرثون الأرض؟
قال: نعم يمكن.
قلت له: اذن يمكن ان نقيم حكما اسلاميا بمفاد هذه الآية.
قال: نعم.
فالأمر كان الى هذا الحد, لا نستطيع أن نفاتح الناس بهذا الشئ, هذا ما أدركته بنفسي, رأيت الوضع هكذا, أكثر ما كان المتدينون يطلبون من الحكومة أن تعمر العتبة المقدسة كربلاء, المنارة مثلا, أو الاضاءة. و أما العامة فاذا سمحوا لهم بأن يخرجوا موكب القامات, فالمتصرف متصرف جيد.
و تأسست الحركة (حزب الدعوة), اذا شاء الله أمرا هيأ أسبابه, هذه ليست من الحركة و لكن بتوفيق من الله سبحانه.
قبل هذه الحركة رأيت في الكاظمية مسجدا تسكنه الحيوانات السائبة. و المساجد لا يحضرها الا الشيبة و ليس كل الشيبة.
لقد كان الجو ملائما للحركة (للدعوة) كان العدد قليلا, اولئك الذين يقررون شيئا واحدا, فينطلق العراق كله بهذا الصدد.
أذكر مرة ان أحد الاخوان من خارج القيادة, اقترح على القيادة ان نقرأ في القنوت (اللهم انا نرغب اليك..) فأصغيت في بعض العتبات, رأيت جماعة من الناس يقرأون هذا, و لم يكن هؤلاء من الحركة, فلما كانت الحركة تتبناه كان كل المؤمنون المسلمون يتبنون, حتى بلغ الى حد ان المجتمع يفكر في الحكم الاسلامي بشكل و بآخر و يعتبر شيئا مستساغا.
على كل تغير الواقع و أصبحت المجالس الحسينية, من كان منظما الى الحركة أو غير منظم يتكلمون عن الأحكام الاسلامية و تنفيذها و انتشر الفكر الاسلامي بحيث أصبح شيئا مستساغا" -حديث مع آية الله السيد العسكري في 15\12\89-
ثم ماذا حدث في العراق بعدما كانت الأمة غافلة سادرة لا تجد من يوقظها من رقدتها و يبعث فيها أمل الحياة في الاسلام, حتى قيض الله لهم الفئة المؤمنة من الدعاة الذين بعثوا فيهم الحياة من جديد.
و أكرر أسفي لما آلت اليه حالتنا, بعد 44 سنة من العمل الحزبي التغييري في العراق و الذي كان الحكيم شاهدا عليه, نراه يضطرنا الى ان نعيد الى الأذهان ما عمله حزب الدعوة الاسلامية. و تلك هي مأساة المعارضة, بل هي مأساة التنافس في المعارضة.
************************************************** *************************************
يتبع