المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة عن كتاب "بملء القلم، ما لايقال عن السعودية" ...للمؤلف السعودي فؤاد إيراهيم



طائر
08-29-2014, 12:09 AM
https://scontent-b-cdg.xx.fbcdn.net/hphotos-xpa1/v/t1.0-9/10649828_262289180638817_6127843373813478847_n.jpg ?oh=1dbcf1693585bf94ca54eb85a4b112e8&oe=546A4E34

صدر حديثا" دراسة عن كتاب "بملء القلم، ما لايقال عن السعودية" لمؤلفه فؤاد إيراهيم.

يقدم المعارض السعودي الدكتور فؤاد إبراهيم لكتابه بالقول بأنه مجموعة مقالات متسلسلة موضوعاً وزمناً تركز على تحولات ما قبل وما بعد ما يسمى "الربيع العربي" والتعامل السعودي مع هذه التحولات في الداخل والخارج، ويبتدأ المؤلف كتابه بالحديث عن سعي السلفية السعودية الدائم لأن تكون الممثل الوحيد للإسلام السني وأن ترسم له خط سير يتعارض مع تاريخه النضالي يكون متماشياً مع المشروع الأمريكي - الإسرائيلي في لبنان وفلسطين والمنطقة بشكل عام، ويوضح المؤلف أن عملية اختطاف الإسلام السني يتخذ شكلين، أولهما: سياسي تقوم به الحكومة السعودية، والثاني: أيديولوجي يقوم به تنظيم القاعدة بهدف مشترك هو القضاء على الإسلام السني التنويري والنضالي والعقلاني.

ويلقي المؤلف الضوء على الداخل السعودي، ويرى أن ما تسمى "النخب" في السعودية تعاني من البؤس، فهي إما منعزلة أو متماهية مع الاستبداد الحاكم، ومثال ذلك ما تسمى "الليبرالية السعودية" التي هي أبعد ما تكون عن قيم التحرر بل مجرد اسم يتخذ لبوساً طائفياً بدليل موقف من يدعون انتمائهم لهذا الخط في حرب تموز 2006 وكذلك العدوان على غزة 2008-2009 ومع ذلك يؤكد المؤلف أن السعودية لن تكون استثناءً في قانون التحولات الاجتماعية والسياسية، وهي كسائر البلدان تسير نحو التغيير رغماً عن إرادة السلطة الحاكمة التي واظبت على سياسة الاحتواء الداخلي والتي هي برأي المؤلف ليست سوى محاولة عنيدة لتأجيل لحظة التغيير الحتمي.

ويشير فؤاد إلى أن ما يشهده الداخل السعودي من فتاوى شرعية شاذة وتجاذبات بين تيارات أيديولوجية ليبرالية وسلفية ومشاحنات طائفية ما هو إلا مشهد يراد له أن يحوز على اهتمام الرأي العام المحلي في ظل متغيرات متسارعة إقليمياً ودولياً، ويرى أن معاناة شرائح اجتماعية من السعوديين الشيعة على سبيل المثال من التهميش والإقصاء والاستهداف منذ تاريخ نشوء الدولة السعودية هو من أدى إلى انبعاث الهويات الفرعية والانتماءات الخاصة كرد فعل على مركزية فئوية ومذهبية وغياب للأيديولوجيا الوطنية لدى المجتمع، الأمر الذي تتحمل السلطة الحاكمة مسؤوليته بالكامل.

ويسوق المؤلف أدلة على حتمية التغيير في السعودية وأهمها "الثورة الرقمية"، إذ تكشف المعطيات الرقمية عن تطورات بالغة الأهمية برأي المؤلف حيث ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت إلى 11 مليون مستخدم في العام 2010 وكما هو معلوم فإن الإنترنت تتيح مساحة واسعة للتعبير ووسيطاً نموذجياً لأشكال مفتوحة من النشاطات الاجتماعية ذات الطبيعة السياسية والاجتماعية وحتى الأيديولوجية، وما يعزز هذا المنحى حقيقة أن السعودية تحتوي على أكبر عدد ممكن من المنتديات الحوارية الإلكترونية

في الشرق الأوسط، ويتوقع المؤلف أن هذا المسار وهو بمثابة انطلاق لعملية التدمير المنظم لكل الأطر التقليدية سياسية كانت أم اجتماعية أم ثقافية، ويعتبر المؤلف أن علاقة الإنسان بالدولة السعودية قد تغيرت دراماتيكياً مع انفجار الثورة الرقمية، وحتى علاقة الفرد بالمجتمع لم تعد كما كانت عليه فثمة تمزقات متسلسلة وخطيرة طالت الشبكات الاجتماعية التقليدية لصالح بروز فردانية الإنسان الجديد في ظل تلك الثورة، وأن المجتمع الرقمي في السعودية يقوم بانتقال ثوري وقياسي لإحداث سلسلة تغييرات جوهرية في بناه الثقافية والقيمية والاجتماعية وصولاً إلى تغيير البنى الفوقية بما فيها السلطة السياسية، وتناول المؤلف الموقف السعودي من ثورات ما سمي بـ"الربيع العربي"،

حيث استنفرت الرياض قواها وتحالفاتها وإمكانياتها المالية لجهة تصنيع البدائل المعادية تكويناً للثورة في مصر وتونس وأهدافها، وفي المقابل دخول قوات" درع الجزيرة" إلى البحرين للقضاء على الثورة هناك وتشكيل جبهة خليجية لتدخل عسكري دولي في ليبيا وكذلك في سورية الأمر الذي رده المؤلف إلى "لعبة المحاور والإرهاب الديني والعقم السياسي والثارات المؤجلة"، معتبراً أن "الربيع العربي" فرض نفسه كعامل حاسم في تغيير وجهة السياسة الخارجية السعودية مع حلفائها في المنطقة لجهة الانسحاب إلى الداخل خشية ما يحدق بها من أخطار داخلية، فكان أن شعر الحلفاء في لبنان 14 آذار وفلسطين والعراق بتخلي الراعي عنهم، والذي فوق كل ذلك هو مشغول بأمراض شيخوخته والعلاج من أمراض مستعصية في إشارة إلى السن المتقدم لحكام السعودية.

وتحدث المؤلف بإسهاب عن الدور السعودي بالأحداث في سورية، مؤكداً أنه لدى الحكومة السعودية رغبة بإحباط أي تداعيات محتملة لانخراط مواطنين سعوديين في "الجهاد" بسورية، بالرغم من سعادتها بهجرة العناصر التي تتبع القاعدة من كل الجنسيات إلى سورية بمن فيهم السعوديين، شرط عدم عودتهم إلى بلدهم، فهي لا تريد تكرار ظاهرة "الأفغان العرب" مرة أخرى، ويتركز النشاط السعودي في الموضوع السوري وفق المؤلف حول حملات التبرع برعاية الملك عبد الله والاستنفار الإعلامي المتواصل لتغطية الحدث السوري، ويعتبر المؤلف في هذا السياق أن السياسة الخارجية السعودية مصابة بانعدام الرؤية وتبدد الخيارات، فالاتفاق الروسي – الأمريكي على السلاح الكيميائي في سورية أتى على كل ما كانت تتوهم الرياض أنه أوراق رابحة بيدها، بالنظر لوجود مستويات في الأمن القومي الأمريكي تجعل

من السعودية وحتى إسرائيل خارج إطار التحالف الاستراتيجي واتفاقات الحماية، لا سيما في قرارات الحرب والسلم، بينما لا يزال الرهان السعودي في كل ما يتصل بسورية هو الخيار العسكري دون إدراك أن لا أحد على استعداد لخوض حرب ذات نتائج مدمرة، والنتيجة أن السعودية قد خسرت محيطاً إقليمياً كان قبل سنوات متصالحاً معها بما في ذلك تركيا وقطر ولم يتبق لها في المنطقة سوى إسرائيل، حيث تطابق المصالح إزاء ملفات المنطقة عموماً والملفين السوري والإيراني خاصة، وبالنظر إلى أن الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط تمخضت عن حقيقة صادمة لكليهما معاً وهي انهيار نموذج "الدولة

الوظيفية" التي تقوم على معادلة تأمين المصالح في مقابل تأمين الحماية ما يشي بأفول ربيع الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، فمن منظور استراتيجي أصبحت السعودية وإسرائيل وفق المؤلف مشروعين أمريكيين خارج الخدمة، وحتى من الناحية الاقتصادية فإن المؤشرات على اكتشاف النفط الصخري بكميات هائلة في الولايات المتحدة سيجعل منها في غضون سنوات قليلة الدولة النفطية الأولى في العالم العالم، الأمر الذي يشير إلى خسارة السعودية تدريجياً لمكانتها الاقتصادية عالمياً.