المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العنوسة أو الزواج بالتقسيط .. أحلاهما مر



مجاهدون
03-28-2005, 07:29 AM
«مد رجلك على حد لحافك»، مثل شائع ويُنصح به دائما، لكنه لم يعد مطبقا في حياتنا العصرية بإيقاعها السريع ومتطلباتها الكثيرة، وليس أدل على ذلك من الزواج الذي أصبح هو الآخر «بالتقسيط» على الأقل بالنسبة للشباب غير المقتدر، الذين يرون فيه الحل الوحيد لدخول القفص الذهبي. وقد أكدت إحدى الدراسات بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن 70 في المائة من المصريين يتعاملون بأسلوب «التقسيط»، وأن حوالي 82 في المائة منهم مضطرين إلى ذلك.

والملاحظ أيضا انه رغم الآراء المتعالية بأن هذا الحل فخ يدفع ثمنه العرسان لعدة سنوات، ورغم عدم رضا كل العرسان عنه، إلا أن ارتفاع التكاليف لا يقدم لهم أي بديل آخر، خاصة أن عروضه مغرية، وتشمل كل المستلزمات، بدءا من الشقة والأثاث إلى حفلات الزفاف وشبكة العروس و«أيام العسل»، التي تبارت في الإعلان عنها بعض الفنادق والقرى السياحية في الآونة الأخيرة.

أحد الشباب أكد أن التقسيط كان بالنسبة له البديل الوحيد في ظل ارتفاع تكاليف الزواج ومغالاة الفتيات في طلباتهن. وعن تجربته يقول: «بعد أن اشتريت الشقة بالتقسيط تقدمت لخطبة إحدى الفتيات وفشلت الخطبة بسبب إصرارها على شراء أثاث 4 غرف مرة واحدة، اقترحت علي أن نشتري اثنتين منها بالتقسيط، لكنني رفضت بشدة لالتزامي بأقساط الشقة، وهكذا فشلت الخطبة وتبدد المبلغ الذي كنت أدخره. وعندما خطبت فتاة أخرى قبلت بتأثيث ثلاث غرف بالتقسيط بعد أن دفعت مبلغا صغيرا كـ«مقدم»، والآن أصبح لدي طفلين، وقد تلفت الغرف تماما لأنها من نوعية غير جيدة الصنع، وما زلت ملتزما بدفع الأقساط».

محمد، شاب آخر كان يرفض أسلوب التقسيط لكنه اضطر أن يلجأ إليه، يقول: «أبلغ من العمر 43 عاما، ولو لم أشتر الأثاث بالتقسيط ما كنت سأتزوج إلى الآن، وأمثالي كثيرون، لا يملكون 20 ألف جنيه لشراء حجرة النوم ومدخل البيت (الأونتريه) نقدا، فضلا عن باقي الالتزامات المصاحبة للزواج».

وتقول نعمة، التي تزوجت حديثا: «أكبر خطأ وقعت فيه وندمت عليه هو تأثيث بيتي بالتقسيط، لانني فوجئت بمحدودية دخل زوجي، الأمر الذي يجعلنا نحرم أنفسنا من احتياجات بيتنا الأساسية من أجل دفع الأقساط المترتبة علينا، هذا عدا عن الخلافات الدائمة مع زوجي واتهامه لي بأنني السبب في توريطه في التقسيط، بتشجيعي عليه على أساس أن الانسان سيتزوج مرة واحدة في العمر. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فقط اضطررنا إلى تأجيل مشروع الإنجاب لحين سداد الدين الذي علينا».

ورغم شبح العنوسة والأزمات المترتبة عن عدم القدرة المادية للزواج، ينصح الخبراء بالتريث وعدم الإفراط في المصاريف، وتحمل أعباء فوق الطاقة.
وهذا ما تشير إليه الدكتورة سعاد المندوه، أستاذة الاقتصاد المنزلي، بتأكيدها أن الأبحاث كشفت أن 22 في المائة من حالات الطلاق في السنوات الأولى للزواج سببها الأعباء المالية التي تحملها الطرفان في إعداد عش الزوجية، وبالتالي فإن الحكمة تقتضي بأن نبتعد عن أسباب الخلاف، التي تتفجر تلقائيا بعد الزواج، خاصة أن الاحتكاك المباشر بين الطرفين يتطلب مزيدا من التفاهم حول كيفية إدارة حياتهما، وتصبح المسألة أكثر تعقيدا مع وجود ديون تهدد عش الزوجية منذ البداية».

ويعلق الدكتور علي السعيد زكي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، على هذه الظاهرة بالدعوة إلى إتباع سياسة الاعتدال في تدبير نفقات الزواج، والاكتفاء بالمستلزمات الأساسية، على أن يتم تدبير الكماليات بعد الزواج وبعد وضوح الصورة، لأنه من الخطأ أن يعطي الزوج انطباعا مخالفا للزوجة عن إمكانياته المالية الحقيقية، لتصدم في ما بعد بحجم الديون المتراكمة، والتي تتحمل أعباءها معه. والأسوأ أن يتحول التقسيط إلى «إدمان» عند الزوجين، مما تترتب عليه ضغوط اقتصادية تفوق طاقاتهما، وقد تؤدي إلى انهيار أحلامهما.