المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا تكونوا «داعش» حتى لا يأتيكم «داعش»



طائر
08-05-2014, 01:04 PM
http://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/picdata/2014/08/08-04/04qpt999.jpg


August 4, 2014

واصل تنظيم «الدولة الاسلامية» مجازره امس، اذ أفاد شهود عيان بأن 67 شابا عراقيا ايزيديا قتلوا برصاص عناصر الدولة الاسلامية (داعش سابقا)، كما جرى تفجير مزارين للطائفة الايزيدية في قضاء سنجار شمالي مدينة الموصل.

وقال الشهود إن «عناصر الدولة الاسلامية ارتكبوا مجزرة بشرية بحق الشباب الايزيديين بعد رفضهم طلب المسلحين بإعلان اسلامهم وتغيير ديانتهم والدخول في الاسلام».

وكان الآلاف فروا من سنجار لدى سقوطها في ايدي التنظيم فجر الاحد، بينما حذرت الامم المتحدة من «كارثة انسانية» تهدد وجود الطائفة الايزيدية في العراق والتي يبلغ تعدادها نحو ثلاثمائة الف شخص.
انها مأساة انسانية جديدة. لا يمكن من ينظر الى الصور التي اذاعتها وكالات الانباء امس للعائلات العراقية الايزيدية وهي تهيم في الصحراء هربا من «داعش» ان يصدق ان هذا يحدث في القرن الحادي والعشرين. وهو ما ينطبق على كثير مما يحدث داخل «خلافة داعش» من ذبح وتمثيل بالجثث واضطهاد للنساء.

هذه الطائفة الايزيدية المسالمة التي طالما حرصت على ان تنأى بنفسها عن أتون الصراعات السياسية، ونجت من بطش انظمة شمولية حكمت العراق، اصبح عليها اليوم ان تختار بين الاسلام او الموت على ايدي «داعش»، في جريمة جديدة ضد الانسانية.
هكذ ا يتضح ان ذلك التنظيم الارهابي يواصل برنامجه الاجرامي للقضاء على الأقليات الدينية والعرقية، يبدأ بالعراق لكن لا ينتهي فيه، كما انه ماض في بسط هيمنته على مزيد من المناطق الاستراتيجية والحقول النفطية في العراق، كما حدث في سد الموصل وحقول زمار.
ومن الواضح ان الامم المتحدة ليس لديها ما تفعله اكثر من اصدار «التحذيرات» من كوارث «داعش» شبه اليومية ، فيما تغض القوى العظمى الطرف عما يحدث، وان كانت فرنسا عرضت تقديم اللجوء السياسي لمسيحيي العراق، وهو ما يحقق اهداف «داعش» عمليا، بدلا من العمل على بدء تحرك دولي حاسم تحت مظلة الشرعية الدولية لوقف هذا التطهير الطائفي الذي هو عار على الإنسانية، وليس فقط على العرب والمسلمين.

وقد لا يتمكن «داعش» من الاحتفاظ بسيطرة دائمة على المساحات الشاسعة من الاراضي التي احتلها مؤخرا، الا ان هذا لا يغير من حقيقة الواقع المؤلم الذي تعبر عنه الخريطة بوضوح، وهو اننا امام ميليشيا تحارب على العديد من الجبهات بنجاح ملحوظ، رغم اتساع مساحتها والبعد الجغرافي الهائل بينها. وبعد انهيار الجيش العراقي على يديه، لم يتردد «داعش» في مواجهة البيشمركة الكردية والحاق هزيمة بها قرب الموصل، وهي قوات يفترض انها جيدة التدريب والتسليح.

ولعل الهجوم على الجيش اللبناني في بلدة عرسال الحدودية مع سورية، والتكهنات حول تحرك خلايا لـ«داعش» في مصر، بغض النظر عن تنوع الأسماء، تأكيد جديد على اننا امام خطر ارهابي عابر للحدود، ومن هنا فإنه يستوجب تعاونا دوليا حقيقيا لمكافحته، بعيدا عن اي خلافات سياسية او ايديولوجية.

ومن المؤكد ان التحركات الامنية وربما العسكرية هي جزء اساسي من هذه المواجهة المطلوبة، الا ان المطلوب هو مقاربة ثقافية اجتماعية تشريعية اقتصادية شاملة. فالشاب العاطل عن العمل بسبب فقر تعليمه، اوالعاجز عن الزواج لأسباب اقتصادية قد لا يجد امامه سوى «الحل الداعشي» عندما يسمع انه قد يحصد خمسة آلاف دولار في «غزوة» واحدة، وان الزواج بفتاة او اكثر هو امر في منتهى السهولة بمجرد ان ينضم للتنظيم، بالاضافة الى الأوهام حول «الجهاد» التي يوفرها «غسيل الدماغ» بخطاب ديني ممجوج لاعلاقة له بالدين الاسلامي.

لقد اصبح اعلان الحرب على «داعش» ضرورة قصوى، لتجفيف منابعها الثقافية والتسليحية والتمويلية. ويتطلب هذا مراجعة دقيقة للخطاب الديني وتنقيته من ثقافة التكفير والعنف «المقدس»، وتخليص الخطاب السياسي من نهج التخوين والاغتيال المعنوي والإقصاء، الذي يدفع الشباب بعيدا الى غياهب التطرف.

ان «داعش» ليس مجرد ميليشيا اجرامية منفلتة من اي دين او خلق او قيم انسانية، بل انه ظلمة في العقل والروح والضمير، ولا يمكنه ان ينمو الا في هكذا بيئة. وهكذا فإن محاربته تتطلب ان نذهب ابعد كثيرا من جبهات القتال. يجب علينا الا نكون «داعش» حتى لايأتينا «داعش».

رأي القدس


http://www.alquds.co.uk/?p=202200