المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفزاعة «داعش» ماذا تخفي ؟ ..... بقلم/ ثريا عاصي



غفوري
07-28-2014, 09:28 PM
ثريا عاصي - الديار

27 تموز، 2014

داوم مثقفو الثورة في سوريا أشهراً طويلة على إشاعة أخبار وتحليلات بقصد الإيحاء أن «داعش» هي تمدد للسلطة في سوريا. ولكن يبدو أن شيئا ما تبدل منذ أن بزغت الخلافة في مدينتي الموصل والرقة. توقف فجأة الكلام عن «داعش» أو بالحريّ الخلط بين الأخيرة وبين الحكومة السورية. بل ظهرت داعش ذات جبروت ومهابة، محاطة بهالة من العظمة والقدسية. فزعم الرواة أنها تتقدم بجحافل كأنها السيلُ العرِم.

الغريب وما أكثر الغرائب والأعاجيب في هذا الزمان، في بلاد العرب، أن تلك الجحافل توقفت عند الحدود التي كان منتظرا أن تتوقف عندها . فنحن في لبنان نعرف الجغرافيا المذهبية. كنا نخجل بأننا ما نزال سجناء ضمن حدود المذاهب والعائلات، في حين أن السوريين والعراقيين تعلموا جغرافية الوطن وتخلقوا بأخلاق الأمة. الخيبة كبيرة!

توقف الفتح إذن في شمال العراق وشرقه وفي منطقة الجزيرة السورية. لا سيما أن الولايات المتحدة الأميركية كشفت عن المسموح والممنوع في العراق، بحسب الخطة المرسومة. فأرسلت طبقا لهذه الأخيرة جنودا إلى بغداد ! إذن لا يزال العراق تحت الوصاية!

الجهاد الأكبر يلي الجهاد الأصغر. لا نعرف عن البغدادي إلا ما سرّبته وسائل الإعلام عن أنه كان من جماعة الزرقاوي، وما أدراك ما الزرقاوي!

وأن علاقة ما تربطه بالمخابرات الأميركية. رغم ذلك على المسلمين أن يأتمنوه على الشريعة . في كل يوم يـُصدر الخليفة أمير المؤمنين فرمانا جديدا . أيها المسلمون لا تلتفتوا إلى ما يفعله النازيون الصهاينة في قطاع غزة، إلى أكوام الجثث. فإن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بقتال إسرائيل. آمركم بختان النساء. ليأتي كل منكم ومعه حجرٌ . لقد قضت المحكمة بإنزال عقوبة الرجم بامرأتين. كتب عليكم الجهاد ضد السلطة في سوريا. عليكم بكفاح المشركين النصارى والمرتدين والروافض . هذا هو الإسلام، أو بالحري هكذا صار الإسلام بين يدي المرتزقة، أداة للقهر والظلم والإاستعمار والاحتلال.

من المحتمل أن الجحافل المذكورة سارت بحسب التصور الأميركي لخريطة الشرق الأوسط الجديد التي كثر الحديث عنها منذ سبعينيات القرن الماضي . المطلوب هو إعادة تقسيم المنطقة العربية وتبديل التوزيع السكاني على أقاليمها، على قاعدة التصنيف الإثني والمذهبي. من المحتمل أن تكون المتغيرات المنوي إدخالها على الخريظة مؤقتة هي أيضا !

ولكن ما يثير الحيرة والريبة هو أن تستطيع جماعات ما يسمى داعش احتلال منطقة الجزيرة في سوريا، والثبات فيها. إذ من الصعب أن نسلم، بأن رجالا حفاة، جهلة، رعاع، قادرون على السيطرة على منطقة كبيرة في سوريا، والمكوث فيها!. من أين جاءوا بالسلاح الذي جعلهم يتصدون للجيش العربي السوري ويخرجون قطاعاته من جزء من أرض الوطن؟! من أين جاءوا بالجنود؟!

هل يعقل أن يكون جيش عراقي ـ سوري قد تكوّن في ظرف تاريخي؟ ما هي العوامل التي أدى التقاؤها إلى مثل هذه النتيجة، وما هو القصد من وراء تحرك هذا الجيش تحت غطاء معمعة الحروب التي سميت كذبا وعهرا ثورات؟!..

ينبئنا التاريخ بأن جيشا تكوّن في أفغانستان، بحجة طرد الملحدين منها . تجند فيه كما هو معروف، أفغان وغير أفغان، عرب بوجه خاص، وأمطرته إمارات النفط الخليجية سيلا من الأموال وكميات كبيرة من السلاح. دبرت الولايات المتحدة الأميركية خطة هذا كله من أجل ان تتخلص من عدوها الاتحاد السوفياتي.

فبغلت الهدف الذي كانت تصبو إليه. ولكن الأفغان أضاعوا بلادهم وحاضرهم ومستقبلهم.
يجدر التذكير في هذا السياق أيضا بحرب الكونترا، التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية ضد نيكاراغوا، لأنها لم تكن راضية عن الذين تسلموا السلطة في تلك البلاد . لم تكن راضية تحديدا عن طريقة وصول جبهة التحرر الوطني الساندنية إلى الحكم كونها تحاكي إلى درجة ما، الثورة الكوبية ! جندت الولايات المتحدة الأميركية أعدادا كبيرة من المرتزقة الأجانب في جيش الكونترا ضد الساندنيين، في حرب «غير مباشرة» يقاتل فيها الفقراء والمعدمون، لحساب الولايات المتحدة الأميركية فقراء ومعدمين مثلهم . أشير تلميحا هنا إلى التجربة الديموقراطية في تشيلي التي قادها سلفادور ألندي، فأجهضتها الولايات المتحدة اللأميركية!

تتضارب التقديرات حول الكلفة التي تحملت أعباءها إمارات ومملكات الخليج من أجل تفرقة العراقيين وتخريب بلادهم. الثابت أيضا أن الولايات المتحدة الأميركية عهدت إلى الوكالات الأمنية الخاصة مهمات عسكرية وأمنية أثناء احتلال العراق. فشكلت هذه الأخيرة جيشا من المرتزقة الأجانب تجاوز عديده في العراق ، عديد الجيش الأميركي الحكومي.

من المرجح أنهم لجأوا في البحرين إلى الوسائل نفسها. استقدموا المرتزقة الأسيويين. إستعانوا بقوات خليجي. علما أن القاعدة العسكرية الأميركية موجودة في البحرين في الساحات الخلفية. يعتقد البعض في لبنان أن هناك أوجه شبه بين بلاد الأرز من جهة وبين البحرين من جهة ثانية. القوات الأميركية ترابط مقابل الشواطئ، القوات السعودية تأتي من الشرق، ميليشيات المستقبل وحلفاؤها توفر نوعا من التغطية الشرعية الوطنية!

مجمل القول أنه يحق لنا اعتمادا على ما تقدم أن نتساءل عن هوية الجيش الذي أعدته الولايات المتحدة الأميركية من أجل الحرب في سوريا والعراق. بمعنى آخر ان داعش ما هي إلا فزّاعة ألبست عباءة الدين إخفاء للحقيقة. ما أود قوله هو أني على يقين من أن الجيش العربي السوري لا يتصدى لهجمات جماعات من المتمردين السوريين. ما أوصلني إلى الأخذ بفرضية مضمونها أن سوريا تتعرض لهجمات تشنها فرق عسكرية أجنبية على درجة عالية من التجهيز والمهنية . بكلام أكثر وضوحا وصراحة نحن حيال غزو عسكري أجنبي تستخدم فيه الولايات المتحدة الأميركية أدواتها المعروفة.

ينبني عليه أنه صار ضروريا وملحا الكشف عن حقيقة الفزّاعة «داعش» وماذا تخفي . هل تخفي جيشا استعماريا حكوميا أم جيشا تابعا لوكالات أمنية غربية كمثل الجيوش الخاصة التي زرعت بذور الجريمة والفتنة في العراق؟ ألا يحق للسوريين أن يعرفوا من هم الذين جاءوا لقتالهم ولتدمير بلادهم ومحو تراثهم؟


http://www.charlesayoub.com/more/777893