المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مراجع وفقهاء يؤكدون على جواز مشاركة المرأة في العمل السياسي



لمياء
03-25-2005, 02:48 PM
بيروت ـ من حاتم الزين

الحديث عن جواز تولي المرأة السلطة قديما يعود الى أئمة المذاهب الاربعة الذين بحثوا في جواز تولي المرأة القضاء, ولم يرَ الا الامام ابو حنيفة النعمان جواز ان تكون المرأة قاضياً في الاموال تشبيهاً بجواز شهادتها في الاموال, وقال الطبري: يجوز ان تكون المرأة حاكماً على الاطلاق في كل شيء استناداً الى ان الاصل هو ان كل من يتأتى منه الفصل بين الناس، فحكمه جائز، الا ما خصصه الاجماع من الامامة الكبرى.

ومع تقدم الزمن، رأى الفقهاء المسلمون ضرورة البحث في ادلة جواز مشاركة المرأة في العمل السياسي وتوليها المناصب، مع العلم ان البيعة التي مارستها النساء في عهد الرسول هي بمثابة عملية انتخابية, لكن الاشكالية الاساسية عند الفقهاء هي: هل يجوز للمرأة تولي السلطة؟

فضل الله
يرى المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله ان منشأ القول بعدم امكان تولي المرأة السلطة، حديث يرويه البخاري، وليس مروياً في كتب الامامية من الشيعة، وهو ان رسول الله عندما سمع ان قوماً من فارس ملكوا عليهم امرأة قال «ما افلح قوم وليتهم امرأة», وهو قول جاء في ظرف خاص ولا يوجد حديث غيره يؤكد ذلك, وقد اسس الفقهاء على هذا الحديث رأيهم في ان المرأة لا تصلح لتولي السلطة, ويشير الى ان فقهاء آخرين ناقشوا الحديث وسجلوا عليه بعض التحفظات من زاويتين:

الاولى هي ان الحديث قيل في ظروف لم تعرف طبيعتها، ولا سيما ان الحكم في الماضي يختلف عن الحكم في الحاضر القائم على الخضوع للقانون والمحاسبة, والثانية هي ان البعض استنتجوا من الحديث المذكور ان المرأة لا تملك العقل الذي تدير به الملك, وهذا الاستنتاج غير صحيح لان ذلك يخالف الجو الذي قدم فيه القرآن ملكة سبأ، فهو يقدمها كامرأة اكثر اتزاناً في العقل من الرجال.

ويناقش فضل الله قضية قوامة الرجل على المرأة بحسب الآية القرآنية «الرجال قوامون على النساء»، ويرى انه اذا كان بعض الناس يرى ان القوامة في الآية تشمل جميع الامور العامة كالحكم والقضاء ونحوهما، فإننا لا نرى ذلك مفهوماً في الآية التي يوحي جوها العام الحديث عن البيت الزوجي، وذلك من خلال التفريع الذي يعتبر مجرد تفريع جزئي لامر عام شامل، بل يمثل بحسب الطهور العرفي ـ تفريعاً ذا دلالة على نطاق الشمول في الحكم, ولولا ذلك لكان الحديث عن القضاء والحكم والجهاد اولى من الحديث عن فرض النظام في البيت، هذا من جهة, ومن جهة اخرى، فإن الآية تتحدث عن القوامة في الدور الذي يقوم به الرجل ازاء المرأة لتكون القضية في كل جزئياتها التطبيقية، قضية رجل وامرأة, وهذا ما لا تتكفل به قضية القوامة في موضوع الحكم والقضاء، فإن الهيمنة منهما على كل الناس الذين يتعلق بهم الحكم والقضاء، ولكن من غير الجو الذي تعيش فيه الآية بحسب مدلولها اللفظي.

ويميل الى جواز تولي المرأة للسلطة من خلال قوله «ان شرعية تولي المرأة للسلطة لا تزال محل تجاذب فقهي، ولا يوجد رأي حاكم فيها, لكن ما نؤكده ان الادلة التي استدل بها على عدم شرعية تولي المرأة السلطة ضعيفة ويمكن مناقشتها».

شمس الدين والصالح
يستدل رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الراحل محمد مهدي شمس الدين من آيتين قرآنيتين على جواز تولي المرأة السلطة والقضاء بعد مناقشتهما.

الآية الاولى هي الآية 71 من سورة التوبة: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم», ويرى شمس الدين ان مفاد هذه الآية هو انشاء حكم وضعي سياسي تنظيمي يجعل للنساء ـ كما للرجال ـ الولاية العامة في نطاق ولاية الامة على نفسها, وهذا يجعل النساء مساويات للرجال في الوضع السياسي ـ الحقوقي في الحياة العامة في المجتمع السياسي الاسلامي.

الآية الثانية هي الآية 12 من سورة الممتحنة: «يا ايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ان لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرفن ولا يزنين ولا يقتلن اولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم», في هذه الآية، يلاحظ شمس الدين ان الخطاب موجه للنبي باعتباره رأس الدولة الذي يتلقى البيعة, وكون النساء يبايعن رئيس الدولة وقائد الأمة ويقبل بيعتهن، فهذا يقتضي ان وضعهن السياسي في المجتمع مماثل لوضع الرجل في الحقوق, والبيعة امر زائد على الاسلام والنساء المبايعات مسلمات كاملات الاسلام وليست البيعة شرطاً في صحة الاسلام، وانما هي تعبير مادي عن الالتزام السياسي.

ويعتبر الشيخ الراحل الدكتور صبحي الصالح ان المرأة في الاسلام تمتعت في حقوقها الى ابعد الحدود، وبالتالي اقتران الحقوق السياسية بالحقوق المدنية.

المصري
يرى نائب الامين العام لـ «الجماعة الاسلامية» في لبنان الشيخ ابراهيم المصري ان مشاركة المرأة في الحياة العامة واجب لها كواجب الرجل، لانهما يتقاسمان مسؤولية الاسرة.
وبالنسبة الى المشاركة في العمل العام كالأداء النيابي او الحكومي وتمثيل الشعب او فئة منه فيدعو اليه من دون حرج شرط توافر الضوابط الشرعية مثل اي عمل آخر، معتبراً ان تمثيلها لبنات جنسها هو واجب لانهن نصف المجتمع، وقد لا يحسن الرجل اداء هذا الواجب, والعمل الحكومي بدءاً بالوزير وصولاً الى الحاجب في اي مؤسسة هو خدمة عامة, لكنه يرى المشكلة في الامامة العظمى اي الخليفة او الإمام، فيشير الى ان هناك اقوالاً ترى ان لا مانع شرعاً من تولي المرأة هذا الموقع، وهناك من يقول غير ذلك ويحكم ذلك كله قول النبي: «النساء شقائق الرجال».

النابلسي
رئيس هيئة «تجمع علماء جبل عامل» العلاّمة الشيخ عفيف النابلسي يوضح ان لا مشكلة للمرأة في المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية اقتراعاً وترشحاً، فلها الحق في تولي منصب تمثيلي في المجلس النيابي والمجالس الاختيارية الاخرى, كما يجوز لها تأسيس الاحزاب والهيئات والجمعيات السياسية والقيام بأنشطة عامة, ويقول:

«لا ارى من خلال اجتهادي الفقهي ضيراً في دخول المرأة المعترك السياسي من بابه الواسع والمشاركة في المناصب الادارية والسياسية العامة، وهذا يقوم عندي على اساس ان لا مشكلة فقهية من وجهة نظر الاسلام في اهلية المرأة المسلمة لتولي السلطة، وتستند رؤيتي الى فهمي لموقع المرأة في المجتمع ودورها الحقوقي والقيمي في النظام الاسلامي الذي يقوم على قاعدة مساواة المرأة والرجل في اهلية كل منهما للقيام بالاعباء العامة, وهنا، لا ارى مورداً شرعياً مقنعاً على تحديد ادوار المرأة ووظائفها في اطار خاص, وعليه لا ارى مشكلة فقهية بعد تتبعي للروايات واعتمادي على الاصول العامة في الفقه من اهلية المرأة لتولي السلطة في مجالاتها المختلفة منها مجال الرئاسة الاولى في عصرنا».

السيد
في السياق ذاته، لا يعتقد رئيس المكتب السياسي لـ «حزب الله» السيد ابراهيم امين السيد ان هناك من يحمل رأياً من الفقهاء الشيعة بعدم وجود حقوق للمرأة في تولي الشأن العام.
ويشير في هذا الصدد الى التجربتين الايرانية والتركية اللتين استندتا في مشاركة المرأة في الحياة السياسية الى قواعد شرعية اسلامية، مضيفاً انه في ايران وضع العديد من الفقهاء في مقدمهم الامام الخميني هذا الاساس الفكري والعقائدي الاسلامي لدور المرأة السياسي، فالتجربة الايرانية تدفع المجتمع العربي المحيط إلى ان يتساءل ولو مع نفسه كيف يمكن ان ترى المرأة الخليجية جارتها الايرانية تمارس هذا الدور فيما تحرم هي اياه؟

ويصرح ان النقاش يدور بين الفقهاء بشأن المراتب التي يمكن ان تتولاها، وهناك من اجاز لها رئاسة الدولة, ويخاطب المجتمع العربي في الخليج: «ان التغيير سيحصل وستصل المرأة الى دورها, لكنني ادعو الى ان يتم ذلك من منظور الاعتقاد بالاسلام واحترامه، ومن منظور الحقوق التي رسمها وليس من منظور المشروع الاميركي في المنطقة, وهذا يتطلب مبادرة من علماء يملكون كفاءة علمية ومتنورين يمكنهم تجاوز الاطروحة الدينية بشأن العمل السياسي للمرأة ويربطون المسلمين بالاسلام ويقفون بعيداً من القاء التهم والتكفير، لان مشروع الديموقراطية الذي تريده الولايات المتحدة في المنطقة تحت عنوان الحرية والحقوق والدور للمرأة في الحياة السياسية، يقصد به اخراج هذا المجتمع من دائرة الاسلام الذي لم يعطِ المرأة هذا الحق الى الدائرة الاميركية التي لا يوجد فيها هذا العائق ولسان حالها «اخرجوا وتعالوا اليّ».

فالاميركيون يثيرون الكثير من الاتهامات لإيران رغم ما تحقق فيها على هذا الصعيد، لان هدفهم هو ان تتحقق ديموقراطية من منظورهم الفكري والثقافي لا من منظور الاسلام».
بعد هذا العرض لبعض الآراء في جواز تولي المرأة للسلطة ومشاركتها في العمل السياسي، تبقى المرأة العربية تبحث عن دور فاعل في مجتمعها مثلما كان لها دور مهم في صدر الاسلام.