مجاهدون
03-25-2005, 12:10 PM
صلاح الفضلي
salahma@yahoo.com
عند الحديث عن تاريخ ظاهرة التكفير في الإسلام دائما ما يستشهد بالخوارج على أنهم رمز للتكفير، وإذا كان هذا صحيحا فإن ذلك لا يعني أن التاريخ الإسلامي بعد الخوارج لم يكن حافلا بالتكفير، فهناك الكثير من الأمثلة التي تدل على أن ظاهرة التكفير والتبديع والتضليل كانت منتشرة بكثرة في هذا التاريخ، وهي تظهر في فترة لتخف في أخرى، ويبدو أننا في فترة من الزمن تزدهر فيها هذه الظاهرة· ربما يكون السبب الذي جعل الأنظار تتركز على الخوارج كنموذج للتكفير أنهم كانوا المثال الأول للتكفير، وربما يكون من أسباب التركيز عليهم أنهم حملوا السلاح بشكل جماعي وراحوا يقتلون المسلمين باعتبار أنهم ارتدوا عن الإسلام، وأيضا لأن الإمام علي بن أبي طالب هو الذي قاتلهم وأبادهم وإلا لم يكن أحد ليجرؤ على مقاتلة أناس يدعون الإسلام ويترنمون بالقرآن·
يمكن القول إن الظهور الثاني لظاهرة التكفير في التاريخ الإسلامي اقترن بظهور علم الكلام، وبشكل خاص في الخلاف المحتدم بين الأشاعرة والمعتزلة حول الصفات والجبر والاختيار والتجسيم، وتجلى هذا الظهور أيضا في محنة خلق القرآن حيث تم امتحان الفقهاء فسجن البعض من أمثال الإمام أحمد بن حنبل وأعمل السيف في البعض الآخر ممن يقولون بقدم القرآن بدعوى الكفر، وممن نالهم سيف التكفير والقتل الفقيه محمد بن مكي العاملي حيث قتل ضربا بالسيف ثم صلب وأحرقت جثته، وبعد ذلك جاء الاتهام بالتكفير والابتداع ليطال أئمة المذاهب ومنهم الإمام أبو حنيفة بزعم أنه قال بخلق القرآن، كما أفتى الفقيه أبو بكر الصائغ بكفر الفقيه المالكي أبو الوليد الباجي لنسبته الكتابة إلى رسول الله، ولم يسلم مفسرو القرآن من سيف التكفير حيث اتهم البعض المفسر والمؤرخ الكبير الطبري بالإلحاد، ثم جاء الدور بعد ذلك على المتصوفة الذين اتهموا بالكفر والزندقة والضلال من أمثال ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والغزالي بسبب ما في بعض عباراتهم من الغموض والالتباس، في حين تم قتل البعض الآخر منهم بسيف التكفير الذي قضى بسببه بعض أعلام المتصوفة من أمثال أبو منصور الحلاج والسهروردي بفتوى فقهاء من أهل الحديث، وفي العصور المتأخرة، سالت دماء كثيرة واستبيحت الحرمات بدعوى الشرك بالعبادة وعدم إخلاص التوحيد·
إذن التاريخ الإسلامي حافل بشواهد التكفير الذي يختفي لفترة ثم يطل برأسه القبيحة فترة أخرى، ومن يبحث ويدقق في أسباب ظاهرة التكفير في التاريخ الإسلامي يجد أنها تعود بشكل أساسي إلى نمط التفكير الذي يتصنم أمام النص ولا يتزحزح عن ظاهره قيد أنملة، وبسبب ضيق الأفق هذا تحولت النصوص الدينية إلى قوالب جامدة لا روح فيها، وتحول هذا الفهم السقيم للنصوص إلى نقمة على المسلمين الذين ابتلوا بمثل هذه العقليات المتحجرة، وها نحن اليوم نشهد فصلا جديدا من فصول التكفير، وإذا كان سلاح التكفير في السابق هو السيف والبندقية فإن سلاح التكفير هذه الأيام هو السيارات المفخخة، ولكن العقلية لم تتغير·
salahma@yahoo.com
salahma@yahoo.com
عند الحديث عن تاريخ ظاهرة التكفير في الإسلام دائما ما يستشهد بالخوارج على أنهم رمز للتكفير، وإذا كان هذا صحيحا فإن ذلك لا يعني أن التاريخ الإسلامي بعد الخوارج لم يكن حافلا بالتكفير، فهناك الكثير من الأمثلة التي تدل على أن ظاهرة التكفير والتبديع والتضليل كانت منتشرة بكثرة في هذا التاريخ، وهي تظهر في فترة لتخف في أخرى، ويبدو أننا في فترة من الزمن تزدهر فيها هذه الظاهرة· ربما يكون السبب الذي جعل الأنظار تتركز على الخوارج كنموذج للتكفير أنهم كانوا المثال الأول للتكفير، وربما يكون من أسباب التركيز عليهم أنهم حملوا السلاح بشكل جماعي وراحوا يقتلون المسلمين باعتبار أنهم ارتدوا عن الإسلام، وأيضا لأن الإمام علي بن أبي طالب هو الذي قاتلهم وأبادهم وإلا لم يكن أحد ليجرؤ على مقاتلة أناس يدعون الإسلام ويترنمون بالقرآن·
يمكن القول إن الظهور الثاني لظاهرة التكفير في التاريخ الإسلامي اقترن بظهور علم الكلام، وبشكل خاص في الخلاف المحتدم بين الأشاعرة والمعتزلة حول الصفات والجبر والاختيار والتجسيم، وتجلى هذا الظهور أيضا في محنة خلق القرآن حيث تم امتحان الفقهاء فسجن البعض من أمثال الإمام أحمد بن حنبل وأعمل السيف في البعض الآخر ممن يقولون بقدم القرآن بدعوى الكفر، وممن نالهم سيف التكفير والقتل الفقيه محمد بن مكي العاملي حيث قتل ضربا بالسيف ثم صلب وأحرقت جثته، وبعد ذلك جاء الاتهام بالتكفير والابتداع ليطال أئمة المذاهب ومنهم الإمام أبو حنيفة بزعم أنه قال بخلق القرآن، كما أفتى الفقيه أبو بكر الصائغ بكفر الفقيه المالكي أبو الوليد الباجي لنسبته الكتابة إلى رسول الله، ولم يسلم مفسرو القرآن من سيف التكفير حيث اتهم البعض المفسر والمؤرخ الكبير الطبري بالإلحاد، ثم جاء الدور بعد ذلك على المتصوفة الذين اتهموا بالكفر والزندقة والضلال من أمثال ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والغزالي بسبب ما في بعض عباراتهم من الغموض والالتباس، في حين تم قتل البعض الآخر منهم بسيف التكفير الذي قضى بسببه بعض أعلام المتصوفة من أمثال أبو منصور الحلاج والسهروردي بفتوى فقهاء من أهل الحديث، وفي العصور المتأخرة، سالت دماء كثيرة واستبيحت الحرمات بدعوى الشرك بالعبادة وعدم إخلاص التوحيد·
إذن التاريخ الإسلامي حافل بشواهد التكفير الذي يختفي لفترة ثم يطل برأسه القبيحة فترة أخرى، ومن يبحث ويدقق في أسباب ظاهرة التكفير في التاريخ الإسلامي يجد أنها تعود بشكل أساسي إلى نمط التفكير الذي يتصنم أمام النص ولا يتزحزح عن ظاهره قيد أنملة، وبسبب ضيق الأفق هذا تحولت النصوص الدينية إلى قوالب جامدة لا روح فيها، وتحول هذا الفهم السقيم للنصوص إلى نقمة على المسلمين الذين ابتلوا بمثل هذه العقليات المتحجرة، وها نحن اليوم نشهد فصلا جديدا من فصول التكفير، وإذا كان سلاح التكفير في السابق هو السيف والبندقية فإن سلاح التكفير هذه الأيام هو السيارات المفخخة، ولكن العقلية لم تتغير·
salahma@yahoo.com