جمال
03-25-2005, 11:08 AM
توماس فريدمان
http://www.asharqalawsat.com/01common/teamimages/364-fredman.gif
مع اقترابنا من موسم منح جائزة نوبل للسلام أريد أن أرشح زعيم الشيعة الروحي في العراق، آية الله العظمى علي السيستاني لميدالية هذه السنة. وأنا جاد بترشيحي.
وإذا كانت هناك نتيجة معتبرة في العراق فإن الرئيس بوش سيستحق تقييما حقيقيا إيجابيا على خلقه ظروفا لبروز الديمقراطية هناك عن طريق التجرؤ على الإطاحة بصدام حسين. لكننا نسعى حينما نتحدث عن العراق التحدث عن أنفسنا وعما نقوم به هناك. وإذا تشكلت جذور لنوع ما من الديمقراطية في العراق فذلك يعود بالدرجة الأولى إلى توجيهات الزعيم الشيعي آية الله السيستاني. فهو الشخص الذي أصر على إجراء انتخابات مباشرة على مستوى العراق ككل ورفض الاقتراح الأميركي الأحمق بإجراء مؤتمرات شعبية محلية. كان آية الله السيستاني هو الذي أصر على إجراء الانتخابات رافضا أي تأجيل لها أمام تهديدات التمرد الفاشي ـ البعثي. وكان هو الذي أمر الشيعة بعدم الانتقام لمساعي البعثيين والأصوليين المتطرفين بدفع البلد إلى حرب أهلية عن طريق الهجوم على المساجد الشيعية وارتكاب القتل الجماعي ضد الشيعة.
يمكن القول إن السيستاني، وفي أوجه عدة ، لعب لصالح الرئيس بوش نفس الدور الذي لعبه نيلسون مانديلا وميخائيل غورباتشيف لصالح بوش الأب حينما كان رئيسا.
إذ بفضل أفكار وقيادة مانديلا تحقق نقل السلطة إلى الأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا بطريقة سلمية، وهذا ما ساعد إدارة بوش الأب وحلفاءها على تحقيق العملية بشكل هادئ. كذلك كان إصرار غورباتشيف على أن يتم تفكيك الإمبراطورية السوفياتية وخصوصا ألمانيا الشرقية بطريقة غير عنيفة وهذا ما سهل هبوط الاتحاد السوفياتي هبوطا ناعما فوق سطح الأرض. ومثلما هو الحال في العلاقات الدولية أو الرياضة فإنه من الأفضل أن تكون محظوظا على أن تكون جيدا. وأن تكون محظوظا هو أن يكون إلى جنبك أشخاص مثل مانديلا وغورباتشيف والسيستاني بصفتهم شركاء لك للوصول إلى اتفاق تاريخي عند مفترق تاريخي فاصل. فبالعكس من شخصيات مثل ياسر عرفات وروبرت موغابي يستطيع هؤلاء الأفراد أن يعملوا الفرق بين جعل السياسة الأميركية تبدو فعالة أو بين جعلها تبدو غير مجدية.
الشيء الثاني الذي قام به آية الله السيستاني هو وضع الشعب وطموحاته في مركز السياسة العراقية، بدلا من وضع مصالح أقلية صغيرة من رجال الدين مثلما هو الحال في إيران، وهذا هو ما يميز الانتخابات العراقية عن غيرها. وبقيامه بذلك ساعد على منح الشرعية لـ «سلطة الشعب» في منطقة لم تسمع يوما بشيء كهذا. ففي لبنان ومصر وفلسطين ـ حيث قالت حماس مؤخرا إنها ستشارك في الانتخابات البرلمانية ـ بدأ صندوق الاقتراع لا البندقية فقط يصبح مصدر الشرعية بين الناس. وكلا حزب الله وحماس بحاجة إلى البرهنة على ذلك من خلال المشاركة في الانتخابات لا العنف أنهما مؤهلان للحصول على حصة كبيرة في الحكم.
أما الشيء الثالث الذي قام به السيستاني والأكثر أهمية. فهو قد منح السياسة العربية تأويلا شرعيا وبراغماتيا للإسلام، وهذا يتمثل في قوله بأن الإسلام يجب أن يؤثر على السياسة والدستور لكن على رجال الدين ألا يحكموا.
ستكون عملية «الدمقرُط» في العالم العربي طويلة وتمر فوق مطبات كثيرة. لكن فرص النجاح تتحسن بشكل هائل حينما يكون لدينا شركاء من داخل المنطقة يتمتعون بالشرعية ولديهم حس تقدمي. وهذا ما يتوفر بآية الله السيستاني. لقد ظل الحظ رفيقنا ببقاء آية الله الذي يبلغ من العمر 75 سنة حيا، والذي يقيم في منزل صغير بزقاق ضيق في النجف. وهو لا يغادر تقريبا عتبة باب بيته. كيف يمكن لرجل بهذا الحس وبهذه الحكمة أن يظهر من وسط حطام العراق الذي سبّبه صدام حسين. أنا لن أعرف ذلك أبدا، لكن كل ما أستطيع القول هو أنني آمل أن يعيش حتى سن المائة والعشرين عاما وآمل أن يحصل هذا الرجل على جائزة نوبل.
* خدمة «نيويورك تايمز»
http://www.asharqalawsat.com/01common/teamimages/364-fredman.gif
مع اقترابنا من موسم منح جائزة نوبل للسلام أريد أن أرشح زعيم الشيعة الروحي في العراق، آية الله العظمى علي السيستاني لميدالية هذه السنة. وأنا جاد بترشيحي.
وإذا كانت هناك نتيجة معتبرة في العراق فإن الرئيس بوش سيستحق تقييما حقيقيا إيجابيا على خلقه ظروفا لبروز الديمقراطية هناك عن طريق التجرؤ على الإطاحة بصدام حسين. لكننا نسعى حينما نتحدث عن العراق التحدث عن أنفسنا وعما نقوم به هناك. وإذا تشكلت جذور لنوع ما من الديمقراطية في العراق فذلك يعود بالدرجة الأولى إلى توجيهات الزعيم الشيعي آية الله السيستاني. فهو الشخص الذي أصر على إجراء انتخابات مباشرة على مستوى العراق ككل ورفض الاقتراح الأميركي الأحمق بإجراء مؤتمرات شعبية محلية. كان آية الله السيستاني هو الذي أصر على إجراء الانتخابات رافضا أي تأجيل لها أمام تهديدات التمرد الفاشي ـ البعثي. وكان هو الذي أمر الشيعة بعدم الانتقام لمساعي البعثيين والأصوليين المتطرفين بدفع البلد إلى حرب أهلية عن طريق الهجوم على المساجد الشيعية وارتكاب القتل الجماعي ضد الشيعة.
يمكن القول إن السيستاني، وفي أوجه عدة ، لعب لصالح الرئيس بوش نفس الدور الذي لعبه نيلسون مانديلا وميخائيل غورباتشيف لصالح بوش الأب حينما كان رئيسا.
إذ بفضل أفكار وقيادة مانديلا تحقق نقل السلطة إلى الأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا بطريقة سلمية، وهذا ما ساعد إدارة بوش الأب وحلفاءها على تحقيق العملية بشكل هادئ. كذلك كان إصرار غورباتشيف على أن يتم تفكيك الإمبراطورية السوفياتية وخصوصا ألمانيا الشرقية بطريقة غير عنيفة وهذا ما سهل هبوط الاتحاد السوفياتي هبوطا ناعما فوق سطح الأرض. ومثلما هو الحال في العلاقات الدولية أو الرياضة فإنه من الأفضل أن تكون محظوظا على أن تكون جيدا. وأن تكون محظوظا هو أن يكون إلى جنبك أشخاص مثل مانديلا وغورباتشيف والسيستاني بصفتهم شركاء لك للوصول إلى اتفاق تاريخي عند مفترق تاريخي فاصل. فبالعكس من شخصيات مثل ياسر عرفات وروبرت موغابي يستطيع هؤلاء الأفراد أن يعملوا الفرق بين جعل السياسة الأميركية تبدو فعالة أو بين جعلها تبدو غير مجدية.
الشيء الثاني الذي قام به آية الله السيستاني هو وضع الشعب وطموحاته في مركز السياسة العراقية، بدلا من وضع مصالح أقلية صغيرة من رجال الدين مثلما هو الحال في إيران، وهذا هو ما يميز الانتخابات العراقية عن غيرها. وبقيامه بذلك ساعد على منح الشرعية لـ «سلطة الشعب» في منطقة لم تسمع يوما بشيء كهذا. ففي لبنان ومصر وفلسطين ـ حيث قالت حماس مؤخرا إنها ستشارك في الانتخابات البرلمانية ـ بدأ صندوق الاقتراع لا البندقية فقط يصبح مصدر الشرعية بين الناس. وكلا حزب الله وحماس بحاجة إلى البرهنة على ذلك من خلال المشاركة في الانتخابات لا العنف أنهما مؤهلان للحصول على حصة كبيرة في الحكم.
أما الشيء الثالث الذي قام به السيستاني والأكثر أهمية. فهو قد منح السياسة العربية تأويلا شرعيا وبراغماتيا للإسلام، وهذا يتمثل في قوله بأن الإسلام يجب أن يؤثر على السياسة والدستور لكن على رجال الدين ألا يحكموا.
ستكون عملية «الدمقرُط» في العالم العربي طويلة وتمر فوق مطبات كثيرة. لكن فرص النجاح تتحسن بشكل هائل حينما يكون لدينا شركاء من داخل المنطقة يتمتعون بالشرعية ولديهم حس تقدمي. وهذا ما يتوفر بآية الله السيستاني. لقد ظل الحظ رفيقنا ببقاء آية الله الذي يبلغ من العمر 75 سنة حيا، والذي يقيم في منزل صغير بزقاق ضيق في النجف. وهو لا يغادر تقريبا عتبة باب بيته. كيف يمكن لرجل بهذا الحس وبهذه الحكمة أن يظهر من وسط حطام العراق الذي سبّبه صدام حسين. أنا لن أعرف ذلك أبدا، لكن كل ما أستطيع القول هو أنني آمل أن يعيش حتى سن المائة والعشرين عاما وآمل أن يحصل هذا الرجل على جائزة نوبل.
* خدمة «نيويورك تايمز»