مجاهدون
03-24-2005, 10:03 AM
خالد القشطيني
لكل ازمة جوانبها الظريفة، ويصدق ذلك حتى على الحروب والمذابح الدامية، وهذا صحيح ومفيد، فما فائدة الضحك اذا جاء في زمن ضاحك باسم؟
نعم، نحن نحتاج الى الضحك في الازمات، والازمات بدورها تثير بذاتها الكثير من الضحك. هذا في الواقع ما ذكره لي القراء العراقيون تفسيرا لإقبالهم على هذه الزاوية وهم فيما هم عليه من هم وغم. وفي ايام حرب الخليج كشف لي صديق عراقي حقيقة ذلك في لندن.
كان البنك قد ابلغه ان رصيده في البنك المذكور قد تجمد مع سواه في الحسابات العراقية. فخرج من البنك مهموما مغموما وركب القطار عائدا الى بيته. وفي محنته هذه تصاعدت في نفسه الرغبة بالتدخين. وكان قد ترك تدخين السكائر منذ سنين. لم يعرف ماذا وكيف يفعل. ولكنه لاحظ مسافرا انكليزيا قريبا منه يدخن، فتجرأ وتقدم اليه وخاطبه قائلا: «يا سيدي، ايمكنني ان اشتري منك سيكارة واحدة بعشرين بنسا، وها هو ذا الثمن في يدي. نسيت ان اشتري علبة في طريقي للقطار».
نظر اليه المسافر الانكليزي مبتسما ومشفقا بعين الوقت، وقال له: «يا للعار! ابيع سيكارة وآخذ ثمنها من رجل مهموم يتحرق شوقا اليها؟» واخرج العلبة من جيبه وفتحها لصديقي بكل كرم واريحية قائلا: «تفضل خذ سيكارة بكل ممنونية.. طالما لم تكن عراقيا».
وهنا ضحك صديقي، ولم يشأ ان يخدعه، كان رجلا نادرا في هذا الزمن الذي يصعب العثور فيه على رجل في بلادنا يرفض الخداع والكذب، ولكن هكذا كان شأن صاحبي، فقال للمسافر الانكليزي: «الحقيقة يا سيدي الفاضل هي انني بالفعل عراقي!».
انفجر الاثنان بالضحك، ومضى المسافر الانكليزي ليشد على يد صاحبي فقال له: «اذا كنت حقا من ابناء ذلك البلد المنكوب، فبدلا من سيكارة واحدة، خذ سيكارتين. ما احوجك اليهما».
وانفجر الاثنان ثانية بالضحك. وواصل صديقي سفرته قائلا لنفسه، في هذه الحرب، ناس كسبوا الملايين، وانا كل ما كسبت كان سيكارتين.
قال لي فأجبته قائلا: «مبروك عليك. انا ما حصلت حتى ولا عود كبريت».
ولكن في هذه الحكاية حكمة وموعظة: في ايام الشدة يستطيع الانسان ان يحصل بالضحك والمصارحة ضعف ما يحصل عليه بالكذب والمخادعة، ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
لكل ازمة جوانبها الظريفة، ويصدق ذلك حتى على الحروب والمذابح الدامية، وهذا صحيح ومفيد، فما فائدة الضحك اذا جاء في زمن ضاحك باسم؟
نعم، نحن نحتاج الى الضحك في الازمات، والازمات بدورها تثير بذاتها الكثير من الضحك. هذا في الواقع ما ذكره لي القراء العراقيون تفسيرا لإقبالهم على هذه الزاوية وهم فيما هم عليه من هم وغم. وفي ايام حرب الخليج كشف لي صديق عراقي حقيقة ذلك في لندن.
كان البنك قد ابلغه ان رصيده في البنك المذكور قد تجمد مع سواه في الحسابات العراقية. فخرج من البنك مهموما مغموما وركب القطار عائدا الى بيته. وفي محنته هذه تصاعدت في نفسه الرغبة بالتدخين. وكان قد ترك تدخين السكائر منذ سنين. لم يعرف ماذا وكيف يفعل. ولكنه لاحظ مسافرا انكليزيا قريبا منه يدخن، فتجرأ وتقدم اليه وخاطبه قائلا: «يا سيدي، ايمكنني ان اشتري منك سيكارة واحدة بعشرين بنسا، وها هو ذا الثمن في يدي. نسيت ان اشتري علبة في طريقي للقطار».
نظر اليه المسافر الانكليزي مبتسما ومشفقا بعين الوقت، وقال له: «يا للعار! ابيع سيكارة وآخذ ثمنها من رجل مهموم يتحرق شوقا اليها؟» واخرج العلبة من جيبه وفتحها لصديقي بكل كرم واريحية قائلا: «تفضل خذ سيكارة بكل ممنونية.. طالما لم تكن عراقيا».
وهنا ضحك صديقي، ولم يشأ ان يخدعه، كان رجلا نادرا في هذا الزمن الذي يصعب العثور فيه على رجل في بلادنا يرفض الخداع والكذب، ولكن هكذا كان شأن صاحبي، فقال للمسافر الانكليزي: «الحقيقة يا سيدي الفاضل هي انني بالفعل عراقي!».
انفجر الاثنان بالضحك، ومضى المسافر الانكليزي ليشد على يد صاحبي فقال له: «اذا كنت حقا من ابناء ذلك البلد المنكوب، فبدلا من سيكارة واحدة، خذ سيكارتين. ما احوجك اليهما».
وانفجر الاثنان ثانية بالضحك. وواصل صديقي سفرته قائلا لنفسه، في هذه الحرب، ناس كسبوا الملايين، وانا كل ما كسبت كان سيكارتين.
قال لي فأجبته قائلا: «مبروك عليك. انا ما حصلت حتى ولا عود كبريت».
ولكن في هذه الحكاية حكمة وموعظة: في ايام الشدة يستطيع الانسان ان يحصل بالضحك والمصارحة ضعف ما يحصل عليه بالكذب والمخادعة، ولكن اكثر الناس لا يعلمون.