مجاهدون
03-24-2005, 09:56 AM
الشيخ نعيم قاسم*
* نائب الامين العام لـ«حزب الله»
ما الذي يجري في لبنان؟ وما الذي يشهده هذا البلد الصغير الكبير؟
وهل نحن في زمن إرساء الديمقراطية أم أننا في دائرة تحولات جديدة وكبيرة؟
لا نستطيع قراءة معالم الصورة الحالية من قلب الحدث في لبنان بتحليل ما يجري فيه بمعزل عن التطورات الدولية، ولذا نجد أننا بحاجة إلى فهم ما يجري إقليمياً ودولياً لإدراك حجم ومسار الوضع اللبناني في هذه المرحلة.
قررت أمريكا مشروعها للشرق الأوسط الكبير بعد فشل إسرائيل في أن تكون رائدة هذا المشروع، وهذا ما استلزم من أمريكا أن ترمي بثقلها من خلال العدوان على العراق كبوابة للدخول المباشر إلى المنطقة لإحداث التغييرات الميدانية فيها سياسياً وثقافياً واقتصادياً، إمَّا بتكرار تجربة العراق واستحضارها عسكرياً في البلدان العاصية على المشروع، وإمَّا بالتلويح بما جرى في العراق ليكون عبرة تستدرج تنازلات تنسجم مع المشروع الأمريكي. وقد صرح بوش ومعه المسؤولون الأمريكيون بأن العراق نموذج للتغيير، ولا يخفى تعثر هذا النموذج في بعض جوانبه ما استدعى دينامية مختلفة في الأسلوب، تُشرك فيه أمريكا بعض الدول الكبرى معها وكذلك مجلس الأمن، ولو استلزم ذلك مزيداً من الوقت وتدرجاً في الضغوط وانتظاراً لتراكم النتائج.
هذا المشروع الأمريكي يتماهى بشكل كامل مع متطلبات الكيان الإسرائيلي لتوسيعه وشرعنته وتسخير الظروف المحيطة به في المنطقة العربية لخدمته. وبما أن سوريا في الطرف المقابل لهذا المشروع، لاختلاف رؤيتها ومصالحها عما عليه كل من أمريكا وإسرائيل، فلا بدَّ من التصادم بين المشروعين، بأن يبدأ هذا التصادم بالتركيز على عوامل القوة التي تمتلكها سوريا، فإذا بادرت إسرائيل لفتح جبهة عسكرية مع سوريا ستختلط الأوراق على مستوى الواقع العربي برمته، وإذا بادرت أمريكا إلى ذلك فهي غير قادرة على فتح جبهة جديدة تتورط فيها بنتائج غير محسوبة، وهي لم تهضم بعد عدوانها العسكري على العراق.
وبما أنَّ لبنان ومقاومته عنصر قوة لسوريا في صمودها وحماية مشروعها وتقوية ورقة مطالبها، ويشكل حالة قلق دائمة لإسرائيل بسبب مقاومته الفعالة التي اخرجت إسرائيل هاربة من لبنان في أيار 2000، فلا بدَّ من إبطال قوة لبنان لإراحة إسرائيل من ناحية ولإضعاف ورقة مركزية من أوراق سوريا في المنطقة.
وقد كان مرتكز الخطة الأمريكية أن تستجيب سوريا للضغوطات الدولية لنزع سلاح المقاومة في لبنان ووقف الدعم للانتفاضة في فلسطين كأولوية يتبعها الضغط على سوريا للانسحاب من لبنان، وهي التي دخلت إليه بتوافق دولي وعربي بسبب هاجس الوضع الأمني اللبناني الذي صدَّر المشاكل للعالم في إطار أحداث 1975 التي ضغطت على جميع الأطراف الدولية والإقليمية، حيث لم تتمكن القوات المتعددة الجنسيات ولا الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان عام 1982 أن تضبط الوضع فيه، بينما نجحت القوات السورية في تأمين الاستقرار العام للنظام اللبناني وعودة المؤسسات إليه وعلى رأسها مؤسسة الجيش.
فجاء الفرمان الأمريكي المؤلف من عشر نقاط على لسان وزير الخارجية السابق كولن باول في زيارته الشهيرة لسوريا، ليعلن المطالب بوضوح، ومنها نزع سلاح المقاومة لإراحة إسرائيل، الذي قابله رفض سوري مُبرَّر بحق اللبنانيين في الدفاع عن أرضهم، وحق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم، صاحبه عدم رضا أمريكي عن الأداء السوري في العراق واتهامات متكررة حول مسؤولية سوريا عن إعاقة المشروع الأمريكي فيه.
هنا بدأ التفكير بزيادة الضغوطات، وضرورة حشر سوريا سياسياً، فكان قانون محاسبة سوريا الذي أطلقه الكونغرس الأمريكي ودعوته لخروجها من لبنان في إطار ضغط أمريكي منفرد من دون التركيز على لبنان بالتحديد، وبأمل تحقيق مكاسب من سوريا في المسألة العراقية بشكل أساس.
إلى أن جاء شهر حزيران 2004 حيث تحركت فرنسا معلنة عن رغبتها بدور فاعل في لبنان، وأغرت أمريكا بالاستعداد لطي صفحة الماضي العراقية، والبدء برسم خطوات تأمين المصالح المتبادلة، فكان القرار بأن تغطي أمريكا دوراً فرنسياً في لبنان، بإخراج السوريين منه، والسماح لفرنسا في أن تتحرك مع الأطراف الداخلية لتستعيد جزءا من دورها المفقود منذ زمن بعيد، مقابل قبول فرنسي بنزع سلاح المقاومة والمخيمات والذي تُرجم بالقرار الدولي 1559، وكذلك في تغطية الاحتلال الأمريكي للعراق منذ بدايته، وهذا ما تمت ترجمته في قمة بروكسل بين أمريكا والاتحاد الأوروبي، ليكون لبنان قد دخل من خلال القرار 1559 في دائرة التدويل والتدخل المباشر في صياغة تطورات واقعه السياسي في هذه المرحلة.
وهنا تبدلت الأولوية، فبدل أن تكون الأولوية إنهاء المقاومة في لبنان ثم خروج سوريا منه، تحولت إلى الضغط على سوريا أولاً للعمل بعد ذلك على إنهاء المقاومة في لبنان. والنتيجة واحدة بحسب المشروع الإسرائيلي وهو التخلص من المقاومة اللبنانية التي تشكل خط الدفاع والحماية في مواجهة متطلبات تثبيت وتوسيع قدرة إسرائيل على الحركة، باتجاه كيانها الذي تريده في فلسطين، والذي تشكل فيه المقاومة عبئاً معيقاً ومقلقاً وداعماً للقضية الفلسطينية، وكذلك التخلص من قوة سوريا في حضورها اللبناني، الذي شكل الحماية للمقاومة فيه وعزَّز قدرتها في التصدي والممانعة أمام صياغة المنطقة على الطريقة الإسرائيلية.
أمَّا بالنسبة لأمريكا فالنتيجة أعلاه تضيف مدماكاً في مشروعها للشرق الأوسط الكبير، وتزيل من أمام إسرائيل قوتين أساسيتين في الممانعة والصمود. ولتغطية أمريكا حركتها فهي بحاجة لتسليط الضوء على ما يجري في لبنان كمطلب لبناني ذاتي يستدرج معونة دولية، لكن الانقسام الحاد الذي برز من خلال عروض الشارع اللبناني بما اصطلح عليه تظاهرتي الثلاثاء والاثنين، وما تمثله كل واحدة منهما، أبرز عدم حسم اللبنانيين خياراتهم التوافقية، وهم وان اجتمعوا على التمسك بكشف الحقيقة لمعرفة من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكذلك في تحييد المقاومة خلال هذه المرحلة، والتأكيد على السلم الأهلي، والاعتراف بحاجة اللبنانيين إلى بعضهم البعض، لكنهم اختلفوا على الاستفادة من «الرياح الدولية المؤاتية».
فقبل البعض التعاطي مع القرار 1559 كسقف واقعي، وأصر البعض على الطائف كسقف وحيد ونهائي، وطرح البعض النقاش بجدوى سلاح المقاومة، وأجَّل البعض الآخر هذا البحث راغباً في سحبه من التداول. فهل تسير الأمور باتجاه التدويل لتستفيد بعض الأطراف في تعديل مواقع نفوذها الداخلي؟ أم تسير باتجاه إعادة الحوار بين اللبنانيين لفك الأزمة عن انفعالها التام مع المشروع الدولي، تمهيداً لإيجاد حلول لا تستبعد التطورات والمتغيرات التي حصلت، ولكن لا تسلِّم للأجندة الأمريكية بل تعمل وفق مصلحة لبنان؟
يخطئ من يظن أن التداعيات في لبنان ستحصل على قاعدة ما تقرره أمريكا ويريح إسرائيل، فالدرب طويل، وتعقيدات لبنان لا تقبل التبسيط، وفعالية المقاومة في التحرير والاندماج في الواقع الشعبي اللبناني عصية على المشروع الخارجي، فإذا أدى الضغط الدولي في تعجيل سوريا لتنفيذ انسحابها وفق اتفاق الطائف، من موقع ضرورات الالتفات إلى منظومة واقع الدول في خارطة الأمم المتحدة، فهو غير قادر على تغيير معادلة الاختيارات الشعبية التي تبقى الأساس في ترسيم مستقبل الوضع الداخلي في لبنان، ولذا ينتظر الجميع الانتخابات النيابية القادمة، التي تشكل بوابة اختيارات لبنان المستقبلية، ولا قدرة لأي قرار دولي أن يتجاوزها، كما أن اللبنانيين يعون حقيقة أساسية، تتمثل في ضرورة معالجة شؤونهم بالتفاهم، فالبلد لا يتحمل إثارات واستقواءات، لأن الجميع في مركب واحد، وهم بحاجة إليه سليماً ليصلوا إلى شاطئ الأمان.
* نائب الامين العام لـ«حزب الله»
ما الذي يجري في لبنان؟ وما الذي يشهده هذا البلد الصغير الكبير؟
وهل نحن في زمن إرساء الديمقراطية أم أننا في دائرة تحولات جديدة وكبيرة؟
لا نستطيع قراءة معالم الصورة الحالية من قلب الحدث في لبنان بتحليل ما يجري فيه بمعزل عن التطورات الدولية، ولذا نجد أننا بحاجة إلى فهم ما يجري إقليمياً ودولياً لإدراك حجم ومسار الوضع اللبناني في هذه المرحلة.
قررت أمريكا مشروعها للشرق الأوسط الكبير بعد فشل إسرائيل في أن تكون رائدة هذا المشروع، وهذا ما استلزم من أمريكا أن ترمي بثقلها من خلال العدوان على العراق كبوابة للدخول المباشر إلى المنطقة لإحداث التغييرات الميدانية فيها سياسياً وثقافياً واقتصادياً، إمَّا بتكرار تجربة العراق واستحضارها عسكرياً في البلدان العاصية على المشروع، وإمَّا بالتلويح بما جرى في العراق ليكون عبرة تستدرج تنازلات تنسجم مع المشروع الأمريكي. وقد صرح بوش ومعه المسؤولون الأمريكيون بأن العراق نموذج للتغيير، ولا يخفى تعثر هذا النموذج في بعض جوانبه ما استدعى دينامية مختلفة في الأسلوب، تُشرك فيه أمريكا بعض الدول الكبرى معها وكذلك مجلس الأمن، ولو استلزم ذلك مزيداً من الوقت وتدرجاً في الضغوط وانتظاراً لتراكم النتائج.
هذا المشروع الأمريكي يتماهى بشكل كامل مع متطلبات الكيان الإسرائيلي لتوسيعه وشرعنته وتسخير الظروف المحيطة به في المنطقة العربية لخدمته. وبما أن سوريا في الطرف المقابل لهذا المشروع، لاختلاف رؤيتها ومصالحها عما عليه كل من أمريكا وإسرائيل، فلا بدَّ من التصادم بين المشروعين، بأن يبدأ هذا التصادم بالتركيز على عوامل القوة التي تمتلكها سوريا، فإذا بادرت إسرائيل لفتح جبهة عسكرية مع سوريا ستختلط الأوراق على مستوى الواقع العربي برمته، وإذا بادرت أمريكا إلى ذلك فهي غير قادرة على فتح جبهة جديدة تتورط فيها بنتائج غير محسوبة، وهي لم تهضم بعد عدوانها العسكري على العراق.
وبما أنَّ لبنان ومقاومته عنصر قوة لسوريا في صمودها وحماية مشروعها وتقوية ورقة مطالبها، ويشكل حالة قلق دائمة لإسرائيل بسبب مقاومته الفعالة التي اخرجت إسرائيل هاربة من لبنان في أيار 2000، فلا بدَّ من إبطال قوة لبنان لإراحة إسرائيل من ناحية ولإضعاف ورقة مركزية من أوراق سوريا في المنطقة.
وقد كان مرتكز الخطة الأمريكية أن تستجيب سوريا للضغوطات الدولية لنزع سلاح المقاومة في لبنان ووقف الدعم للانتفاضة في فلسطين كأولوية يتبعها الضغط على سوريا للانسحاب من لبنان، وهي التي دخلت إليه بتوافق دولي وعربي بسبب هاجس الوضع الأمني اللبناني الذي صدَّر المشاكل للعالم في إطار أحداث 1975 التي ضغطت على جميع الأطراف الدولية والإقليمية، حيث لم تتمكن القوات المتعددة الجنسيات ولا الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان عام 1982 أن تضبط الوضع فيه، بينما نجحت القوات السورية في تأمين الاستقرار العام للنظام اللبناني وعودة المؤسسات إليه وعلى رأسها مؤسسة الجيش.
فجاء الفرمان الأمريكي المؤلف من عشر نقاط على لسان وزير الخارجية السابق كولن باول في زيارته الشهيرة لسوريا، ليعلن المطالب بوضوح، ومنها نزع سلاح المقاومة لإراحة إسرائيل، الذي قابله رفض سوري مُبرَّر بحق اللبنانيين في الدفاع عن أرضهم، وحق الفلسطينيين في استعادة حقوقهم، صاحبه عدم رضا أمريكي عن الأداء السوري في العراق واتهامات متكررة حول مسؤولية سوريا عن إعاقة المشروع الأمريكي فيه.
هنا بدأ التفكير بزيادة الضغوطات، وضرورة حشر سوريا سياسياً، فكان قانون محاسبة سوريا الذي أطلقه الكونغرس الأمريكي ودعوته لخروجها من لبنان في إطار ضغط أمريكي منفرد من دون التركيز على لبنان بالتحديد، وبأمل تحقيق مكاسب من سوريا في المسألة العراقية بشكل أساس.
إلى أن جاء شهر حزيران 2004 حيث تحركت فرنسا معلنة عن رغبتها بدور فاعل في لبنان، وأغرت أمريكا بالاستعداد لطي صفحة الماضي العراقية، والبدء برسم خطوات تأمين المصالح المتبادلة، فكان القرار بأن تغطي أمريكا دوراً فرنسياً في لبنان، بإخراج السوريين منه، والسماح لفرنسا في أن تتحرك مع الأطراف الداخلية لتستعيد جزءا من دورها المفقود منذ زمن بعيد، مقابل قبول فرنسي بنزع سلاح المقاومة والمخيمات والذي تُرجم بالقرار الدولي 1559، وكذلك في تغطية الاحتلال الأمريكي للعراق منذ بدايته، وهذا ما تمت ترجمته في قمة بروكسل بين أمريكا والاتحاد الأوروبي، ليكون لبنان قد دخل من خلال القرار 1559 في دائرة التدويل والتدخل المباشر في صياغة تطورات واقعه السياسي في هذه المرحلة.
وهنا تبدلت الأولوية، فبدل أن تكون الأولوية إنهاء المقاومة في لبنان ثم خروج سوريا منه، تحولت إلى الضغط على سوريا أولاً للعمل بعد ذلك على إنهاء المقاومة في لبنان. والنتيجة واحدة بحسب المشروع الإسرائيلي وهو التخلص من المقاومة اللبنانية التي تشكل خط الدفاع والحماية في مواجهة متطلبات تثبيت وتوسيع قدرة إسرائيل على الحركة، باتجاه كيانها الذي تريده في فلسطين، والذي تشكل فيه المقاومة عبئاً معيقاً ومقلقاً وداعماً للقضية الفلسطينية، وكذلك التخلص من قوة سوريا في حضورها اللبناني، الذي شكل الحماية للمقاومة فيه وعزَّز قدرتها في التصدي والممانعة أمام صياغة المنطقة على الطريقة الإسرائيلية.
أمَّا بالنسبة لأمريكا فالنتيجة أعلاه تضيف مدماكاً في مشروعها للشرق الأوسط الكبير، وتزيل من أمام إسرائيل قوتين أساسيتين في الممانعة والصمود. ولتغطية أمريكا حركتها فهي بحاجة لتسليط الضوء على ما يجري في لبنان كمطلب لبناني ذاتي يستدرج معونة دولية، لكن الانقسام الحاد الذي برز من خلال عروض الشارع اللبناني بما اصطلح عليه تظاهرتي الثلاثاء والاثنين، وما تمثله كل واحدة منهما، أبرز عدم حسم اللبنانيين خياراتهم التوافقية، وهم وان اجتمعوا على التمسك بكشف الحقيقة لمعرفة من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكذلك في تحييد المقاومة خلال هذه المرحلة، والتأكيد على السلم الأهلي، والاعتراف بحاجة اللبنانيين إلى بعضهم البعض، لكنهم اختلفوا على الاستفادة من «الرياح الدولية المؤاتية».
فقبل البعض التعاطي مع القرار 1559 كسقف واقعي، وأصر البعض على الطائف كسقف وحيد ونهائي، وطرح البعض النقاش بجدوى سلاح المقاومة، وأجَّل البعض الآخر هذا البحث راغباً في سحبه من التداول. فهل تسير الأمور باتجاه التدويل لتستفيد بعض الأطراف في تعديل مواقع نفوذها الداخلي؟ أم تسير باتجاه إعادة الحوار بين اللبنانيين لفك الأزمة عن انفعالها التام مع المشروع الدولي، تمهيداً لإيجاد حلول لا تستبعد التطورات والمتغيرات التي حصلت، ولكن لا تسلِّم للأجندة الأمريكية بل تعمل وفق مصلحة لبنان؟
يخطئ من يظن أن التداعيات في لبنان ستحصل على قاعدة ما تقرره أمريكا ويريح إسرائيل، فالدرب طويل، وتعقيدات لبنان لا تقبل التبسيط، وفعالية المقاومة في التحرير والاندماج في الواقع الشعبي اللبناني عصية على المشروع الخارجي، فإذا أدى الضغط الدولي في تعجيل سوريا لتنفيذ انسحابها وفق اتفاق الطائف، من موقع ضرورات الالتفات إلى منظومة واقع الدول في خارطة الأمم المتحدة، فهو غير قادر على تغيير معادلة الاختيارات الشعبية التي تبقى الأساس في ترسيم مستقبل الوضع الداخلي في لبنان، ولذا ينتظر الجميع الانتخابات النيابية القادمة، التي تشكل بوابة اختيارات لبنان المستقبلية، ولا قدرة لأي قرار دولي أن يتجاوزها، كما أن اللبنانيين يعون حقيقة أساسية، تتمثل في ضرورة معالجة شؤونهم بالتفاهم، فالبلد لا يتحمل إثارات واستقواءات، لأن الجميع في مركب واحد، وهم بحاجة إليه سليماً ليصلوا إلى شاطئ الأمان.