على
03-23-2005, 12:11 PM
أنيس منصور
http://www.asharqalawsat.com/01common/teamimages/444-anees.gif
رأيت اليابانيين في حالة صلاة. لا أعرف ماذا يقولون وإلى من يتوجهون ويطلبون إليه أن يقهر الأميركان كما قهروهم من ستين عاما. المصلون في طوكيو. ولم أفهم ما يقوله المترجم.. ولكن رأيت وجوها حزينة وأناسا مشوهين هم بقايا حرب نووية..
ففي سنة 1945 انتهي كل شيء. الحرب خمدت بعد أن أكلت خمسة وخمسين مليون نسمة في أوروبا وآسيا وافريقيا.. وموسوليني قتلوه وعلقوه من رجليه مع عشيقته كلارا بناتشي، وبعده بيومين انتحر هتلر وزوجته في برلين..
وفي أغسطس انتقم الأميركان مما حدث لهم قبلها بأربع سنوات في ميناء بيرل هابور، عندما أغرق اليابانيون الأسطول الأميركي وكانت أشنع هزيمة وإهانة لأميركا.
ولذلك قررت أميركا تركيع اليابان بضرب طوكيو، مستخدمة ثلاثمائة قاذفة قنابل، فقتلت مائة ألف في ساعة واحدة. وفي أغسطس أسقطوا قنابلهم على هيروشيما ونجازاكي.. وبعدها بأيام استسلمت اليابان وأعلن الامبراطور: نحن نستسلم!
ووقفت جماهيرالشعب الياباني تبكي أمام القصر الامبراطوري، لا بسبب الهزيمة فقط، ولكن لأن الامبراطور أصبح سجينا، منتهي الهوان! والصور التي نشرتها الصحف في ذلك الوقت وجدنا البريطانيين يفعلون ما يفعله الأميركان في سجن أبو غريب في العراق.. فالضباط الانجليز جعلوا كبار الأسرى اليابانيين عراة تماما، ووجوهم للأرض، والانجليز يمشون بالأحذية فوقهم ويتبولون وغير ذلك!
وقد قررت أميركا هزيمة اليابان واذلال الشعب وإهانة امبراطورها ـ فكان لها ما أرادت ـ ولم تكن اليابان رحيمة مع كل شعوب آسيا. بل كانت في غاية الوحشية. فنالت ما تستحق.. وظهر الحزن الأسود والأسف الأصفر والأحمر في الصلوات، التي أقامها أخيرا شعب طوكيو التي ضربها الأميركان ومسحوا بها الأرض، وقبلها مسحوا مدينة درسدن الالمانية، وقتلوا ربع مليون نسمة في ساعة واحدة.. وكانت الصفوف الأولى من المصلين اليابانيين عشرات المشوهين ووراءهم المكسحون ووراءهم الأصحاء الذين كانوا أطفالا عند وقوع هذه الإبادة الجماعية.. لقد كانوا أطفالا على أكتاف أمهات تحترق وسط دخان ورعب. ولذلك فبعضهم رغم أنه في صحة جيدة، فقد أصيبوا بالصمم. وكانوا يحملون لعب أطفال التي بقيت بعد فناء الأطفال ـ تبدد الأطفال وبقيت حاجياتهم الصغيرة. ومن يحمل كلبا ابن كلب قد مات وهو يحمل زجاجة ماء الى سيدة في أحد الخنادق..
يقول الكاتب الياباني ماشوتيتي اوجو في روايته (لا سماء ولا أرض): «لم يقل لي أحد ماذا حدث.. فالأصوات ماتت.. ولم يبق إلا أصوات الأميركان في الأرض وتحت الأرض وفوق السحاب.. أصواتهم قضت على كل صوت وانفجاراتهم جففت كل الدموع.. ولكنهم لم يقضوا على بكائيات الشعب الياباني أمام قصر الامبراطور.. يبكون ليس فقط لأنهم لم يحققوا النصر الذي أمرهم الامبراطور بأن يحققوه، وإنما يبكون على الامبراطور الذي أصبح وحيدا..»
ويقول: «إن الذي يعرف طبيعة البشر يؤكد أن الحروب لا تنتهي فالرغبة في الانتقام لن تموت.. وإذا كانت القنابل قد اسكتت جيلا، فإنها لن تقتل كل الأجيال!»
صدقت يا سيدي!
http://www.asharqalawsat.com/01common/teamimages/444-anees.gif
رأيت اليابانيين في حالة صلاة. لا أعرف ماذا يقولون وإلى من يتوجهون ويطلبون إليه أن يقهر الأميركان كما قهروهم من ستين عاما. المصلون في طوكيو. ولم أفهم ما يقوله المترجم.. ولكن رأيت وجوها حزينة وأناسا مشوهين هم بقايا حرب نووية..
ففي سنة 1945 انتهي كل شيء. الحرب خمدت بعد أن أكلت خمسة وخمسين مليون نسمة في أوروبا وآسيا وافريقيا.. وموسوليني قتلوه وعلقوه من رجليه مع عشيقته كلارا بناتشي، وبعده بيومين انتحر هتلر وزوجته في برلين..
وفي أغسطس انتقم الأميركان مما حدث لهم قبلها بأربع سنوات في ميناء بيرل هابور، عندما أغرق اليابانيون الأسطول الأميركي وكانت أشنع هزيمة وإهانة لأميركا.
ولذلك قررت أميركا تركيع اليابان بضرب طوكيو، مستخدمة ثلاثمائة قاذفة قنابل، فقتلت مائة ألف في ساعة واحدة. وفي أغسطس أسقطوا قنابلهم على هيروشيما ونجازاكي.. وبعدها بأيام استسلمت اليابان وأعلن الامبراطور: نحن نستسلم!
ووقفت جماهيرالشعب الياباني تبكي أمام القصر الامبراطوري، لا بسبب الهزيمة فقط، ولكن لأن الامبراطور أصبح سجينا، منتهي الهوان! والصور التي نشرتها الصحف في ذلك الوقت وجدنا البريطانيين يفعلون ما يفعله الأميركان في سجن أبو غريب في العراق.. فالضباط الانجليز جعلوا كبار الأسرى اليابانيين عراة تماما، ووجوهم للأرض، والانجليز يمشون بالأحذية فوقهم ويتبولون وغير ذلك!
وقد قررت أميركا هزيمة اليابان واذلال الشعب وإهانة امبراطورها ـ فكان لها ما أرادت ـ ولم تكن اليابان رحيمة مع كل شعوب آسيا. بل كانت في غاية الوحشية. فنالت ما تستحق.. وظهر الحزن الأسود والأسف الأصفر والأحمر في الصلوات، التي أقامها أخيرا شعب طوكيو التي ضربها الأميركان ومسحوا بها الأرض، وقبلها مسحوا مدينة درسدن الالمانية، وقتلوا ربع مليون نسمة في ساعة واحدة.. وكانت الصفوف الأولى من المصلين اليابانيين عشرات المشوهين ووراءهم المكسحون ووراءهم الأصحاء الذين كانوا أطفالا عند وقوع هذه الإبادة الجماعية.. لقد كانوا أطفالا على أكتاف أمهات تحترق وسط دخان ورعب. ولذلك فبعضهم رغم أنه في صحة جيدة، فقد أصيبوا بالصمم. وكانوا يحملون لعب أطفال التي بقيت بعد فناء الأطفال ـ تبدد الأطفال وبقيت حاجياتهم الصغيرة. ومن يحمل كلبا ابن كلب قد مات وهو يحمل زجاجة ماء الى سيدة في أحد الخنادق..
يقول الكاتب الياباني ماشوتيتي اوجو في روايته (لا سماء ولا أرض): «لم يقل لي أحد ماذا حدث.. فالأصوات ماتت.. ولم يبق إلا أصوات الأميركان في الأرض وتحت الأرض وفوق السحاب.. أصواتهم قضت على كل صوت وانفجاراتهم جففت كل الدموع.. ولكنهم لم يقضوا على بكائيات الشعب الياباني أمام قصر الامبراطور.. يبكون ليس فقط لأنهم لم يحققوا النصر الذي أمرهم الامبراطور بأن يحققوه، وإنما يبكون على الامبراطور الذي أصبح وحيدا..»
ويقول: «إن الذي يعرف طبيعة البشر يؤكد أن الحروب لا تنتهي فالرغبة في الانتقام لن تموت.. وإذا كانت القنابل قد اسكتت جيلا، فإنها لن تقتل كل الأجيال!»
صدقت يا سيدي!