الدكتور عادل رضا
03-20-2005, 02:41 PM
برداً على مقالة ((حرب الناطقين باسم مقتدى الصدر تندلع )) التي وردت يوم 8/3 /2005 للكاتب أحمد الخفاف
راسم المرواني
إشارة / هذا الرد يعبر عن وجهة نظري كمواطن عراقي ، ولا تمثل وجهة نظر مقتدى الصدر أو أنصاره ، وهي ليست رداً رسمياً على المقالة أعلاه - الكاتب
الى الأخ أحمد الخفاف ، مع الود
قرأت لك – بحب – ما ورد على صفحات ( كتابات ) الغراء مقالة بعنوان ( حرب الناطقين باسم مقتدى الصدر تندلع ) وقد تمتعت بقرائتها وأخذتها بالتحليل ومحاولة الاستيعاب والاحاطة بها من جميع الجوانب ، ولأنني لست محللاً نفسياً ، ولم أندرج ضمن قائمة تلاميذ السير سيجموند فرويد ، فقد وجدت صعوبة في فهم الدوافع التي من أجلها أتعبت نفسك بكتابة ونشر هذا المقال ، ولكني لم أكن بحاجة إلاّ الى قليل من الحنكة كي أفهم أن المقالة هي عبارة عن وسيلة للتنفيس عن التراكمات التي تثقل كاهلك تجاه مقتدى وأنصاره ، وهذا من حقك ، فنحن أصبحنا الآن – كالغربيين – عبيداً للإعلام وتأثيراته ، ومن يمتلك سلطة الإعلام فهو الفائز بيننا ، والمتمكن من ترويج بضاعته .
وكل هذا لا يعني بأنني أقف منك موقف العداء ، فقد عودنا مقتدى ، وأبوه ، والسلسلة الذهبية من أهل البيت عليهم السلام أن نحترم الرأي الآخر ، وأن ننزله منزل التكريم وحسن الإنصات ، متذكرين بذلك قول فولتير – على ما أتذكر – حينما يقول ، قد أتقاطع معك بالرأي ، ولكنني سأقاتل حتى آخر قطرة بدمي كي أمنحك متسعاً لتقول رأيك .
والحقيقة أنني لم أر السيد مقتدى يسلم أحداً من أتباعه ( هراوة ) ويأمره بظرب رؤوس الذين يتقاطعون معه بالرأي ، وأتمنى عليك يا سيدي الفاضل ، أن تخدم الحقيقة خدمة جلية ، وأن تدلنا على شخص واحد تم التنكيل به من قبل التيار الصدري لأنه تقاطع معهم بالرأي ، شخص واحد يكفي لأضع يدي بيدك ، وأردد معك كل ما تقوله ضد مقتدى وأنصاره ، وفيما عدا ذلك ، فأنا أعيذك بالله أن تكون من المتخرصين ، واعيذك بالله من لعنة التاريخ يوم تتكشف فيه الحقائق ، فنحن – أبناء التيار الصدري – نسمع كل يوم من يشتم مقتدى الصدر ، ولا نقول له إلاّ ( سلاماً ) ولك الدليل فيما نسيناه من دماء أبناء الخط الصدري التي أسالها أبناء جلدتنا ، وأرخصها منا أبناء عمومتنا ، وها نحن نمد اليهم أيدينا قائلين ( عفا الله عما سلف ) ونردد أمامهم عبارتنا التي تقول ( كلوا لحمنا ، فهو لحمكم ، ولكن لا تطعموا لحمنا للغرباء ) .
وأعجبني تشخيصك للتناقضات بين تصريحات فلان وفلان وغيرهم من الذين يدعون – بزعمك – أنهم الناطقين باسم التيار الصدري ، وهذا موجود فعلاً ، وهذا لمقتدى وليس عليه ، فمقتدى لا يمارس السلطة الإلهية مع أتباعه ، بل يترك لهم حرية الرأي والرؤى والاستنتاج ، ولا يلغي عقول الذين من حوله كما يتصور الذين يأخذون الحقائق من جداتهم وأحبابهم فقط ، ووجود التناقض في التصريحات لا يعني عدم وضوح الرؤية ، بل هو حالة صحية ، ودليل على وجود التنوع في الآراء داخل التيار الصدري تجاه الأحداث ومعطياتها ، ووجود الخلافات في كل مجموعة من المجاميع في تاريخ الأرض أمر مسلم به ، فالبغدادي والدراجي والشيباني والزركاني والساعدي والشويلي وغيرهم من الأسماء العراقية المحضة ، هم من رجال العراق ، ومن رجال التحرر ، وكل يعمل من موقعه ، وهم ليسوا بأنبياء ، فنحن نعلم أن محمدأ (ص) هو خاتم الأنبياء ، ولكنهم رجال يجتهدون ، فيخطؤون تارة ويصيبون ، وجزاهم الله خير الجزاء، والشرف والأمانة يدعواننا الى أن نسأل الله لهم التوفيق والسداد ، لا أن نتسقط منهم الأخطاء ونوظفها للتنكيل بهم ،
أما وجود التهافت في بعض الأحيان ، فهو من طبائع البشر ، ولا خوف عليهم ومنهم دام أنهم يسعون للتكامل ، وخدمة المجتمع العراقي والإنساني ، وهو ما حدى بالسيد مقتدى – ولا أضنك تعترض على كلمة تسمية مقتدى بالسيد إلاّ إذا كان لديك وثيقة تاريخية تثبت عكس ذلك – أقول هو ما حدى بالسيد مقتدى أن يعيد تشكيل هيئاته ، ويعيد بناء قواعده الشعبية التي تضم – رغم أنف المتهافتين ، وحاشاك أن تكون منهم – أقول قواعده التي تضم المسلمين بطوائفهم المتعددة ، وأبناء الشعب العراقي بأطيافه المختلفة ، حيث بدأ سماحته – وكلمة ((سماحته )) تطلق على كل من يحضر دروس البحث الخارج ، وهذا من أدبيات المذهب الشيعي ، يعرفه القريبون من المذهب فقط – نعم ، بدأ سماحته يعيد بناء قواعده ، ويضع الرجل مكان الرجل ، وليس من مهامه أو مسؤوليته أن يصل بالناس حد الصلاح ، فهو من دعاة الإصلاح ، وتستطيع أن تفهم – وأنت جدير بالفهم – الفرق بين الصلاح والإصلاح ، فالإمام الحسين عليه السلام قال (( وإنما خرجت لغرض الإصلاح في أمة جدي )) ولم يقل الصلاح ، فالصلاح هو النتيجة ، والإصلاح هو المقدمة ،وكا قال السيد الولي محمد محمد صادق الصدر ( لا ينبغي للإنسان أن يكون موفقاً دائماً ، ولكن ينبغي عليه أن يكون عاملاً بتكليفه ) ولئن كان البعض من أفراد جيش الإمام المهدي ممن لا دين له ، فالخلل ليس بمقتدى ، بل الخلل في الذين يرون أنهم من أهل الدين ثم يدعون مقتدى وأنصاره – وحداناً – في معركتهم المقدسة ،فيغادرون المدينة المقدسة في أحلك ساعاتها ، وقبل اندلاع القتال بقليل ، ويذهب أحدهم لقلع ضرسه في نيكاراكوا ، ويذهب الآخر لتقليم أظافره في زيمبابوي ، وبعظهم يذهب الى الألدورادو لجلب (عصّارة) يعالج بها حساسية جلدية ، فافهم – إذا استطعت – حجم المهزلة ، وإذا كان هناك عصبة من الذين لا دين لهم في جيش مقتدى ، فالعلة فيهم ، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، لأننا لو اعتبرنا هذا خللا في مقتدى ، فنحن مجبرون على أن نلقي بأخطاء جيش الرسول(ص) بعاتق الرسول ، وأن نلقي بأخطاء جيش الخلفاء على عائق الخلفاء ....وهلم جراً . فوظيفة مقتدى أن يأخذ على الظاهر ، وليس له أن يأخذ دور الله في معرفة كوامن الصدور .
وورد في مقالتك الغراء ، التي أحببت قرائتها مرات عديدة ، ورد فيها ما يدل على تكدرك ممن يدعي أن مقتدى الصدر هو نائب الإمام المهدي ، وهذا شيء لا ألومك فيه ، فأنت ربما كنت منشغلاً بأعباء الحياة ، وفاتك أن تقرأ كتاب الله – بالعربية – حين يقول الله تعالى / وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة / ولأنني مثلك مشغول بالحياة ، فأنا أسألك من أشد قوة وقداسة ؟؟ خليفة الإمام أم خليفة الله ؟؟؟ فاذا كان الإنسان المؤمن التقي الورع الناصح هو خليفة لله ، فلم لا يكون خليفة للخليفة – بالاستعاضة - ؟؟ فكلنا – في الحقيقة – مأمورون أن نظطلع بدور خلافة الله والإمام في الأرض ، ولكن لسنا جميعاً موفقين لممارسة هذا الدور .
وذكرت في مقالتك قصة ( جهيمان العتيبي ) عام 1979 ، وحاولت – أنت – أن تقرب الصورتين أعني صورة مقتدى وصورة العتيبي ، وهذا ما نجده في بعض مقالات تجار العراق ، حينما يقربون بين صورة مقتدى وأبو مصعب الزرقاوي ، وشتان بين العتيبي الذي يدعي أنه هو المهدي ، وبين مقتدى الذي لم يصح أنه ادعى أنه نائب المهدي حتى ، فمثلك في ذلك كمثل الذي يسمع بتحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية السويدية في الجو ، فيقوم بشتم عباس ابن فرناس ، وحاشاك أن تكون من الذين يطلقون العبارات دون تحقيق .
هذا إذا أغفلنا أنك تحاول أن تثبت – وعجزت – عن أن مقتدى يدعي أنه نائب المهدي ، فضلاً عن أن الوارد في أدبيات غيبة الإمام المهدي 0(عج) أن الفقهاء والعلماء الذين نتحسس فيهم العدالة والتقوى والعلم والاجتهاد فهم نواب للإمام المهدي ، وليس كما توهمت بأن نواب الإمام المهدي هم الأربعة فقط ، رضي الله عنهم ، فأولئك لهم مزاياهم الخاصة ، فقد كانوا يلتقون الإمام ، ويحادثونه شفاهاً ، أما الآخرون – المعاصرون لنا - فيختصهم الإمام برعايته ، ويحوطهم بكنفه ، وليس الإمام عاجزاً عن أن يوجد وسيلة للإتصال بأولياء الله متى شاء .
وقرأت في مقالتك – وقرأتك أيضاً – إشارة لمعركة النجف ، وسميتها معارك التخريب في النجف الأشرف ، فاذا كان النجف (( أشرفاً )) كما يحلو لك تسميته ، فأين كنت عندما دنس الثالوث قدسيته ، وأين كنت عندما صرح سماحة السيد السيستاني ( أعلى الله مقامه ) بأن الأماكن المقدسة مناطق خطوط حمراء ؟؟ لماذا تركتم مقتدى وأنصاره فرادا في النجف يدافعون عن المقدسات ويترجمون مقالة السيد السيستاني ، وأين كنتم – يا دعاة السلام الخانع – عندما قال السيد السيستاني أن قانون إدارة الدولة هو مهزلة ، فوقع عليه أعداء مقتدى ، ومن يدعون أنهم أنصار للسيستاني ، بينما وقف مقتدى وحده يشد من أزر السيد السيستاني ،ووصف قانون إدارة الدولة بأنه (( وعد بلفور )) ، وأتحداك – بحب – أن تعرف ماذا عنى السيد مقتدى بكلمة ( وعد بلفور ) .
لقد كانت معركة النجف معركة كسبت أنت وغيرك منجزاتها ، على الصعيد الآني والمستقبلي ، ورفع بها البعض رؤوسهم بعد أن كان الشيعة متهمون بالعمالة للمحتل ، وثبت فيها رجال من أبناء وطنك أرادوا لك أن ترفع رأسك حين تتحدث عن العراق ، ورجال العراق ، وهي معركة فصلت بين المقاومة الشريفة الناصعة وبين الإرهاب والمتاجرة بالقضية ، ولا أظن أن السيد مقتدى قد أرسل لك برقية عاجلة لتقاتل معه ، ولا لغيرك ، بل قاتل هو وأنصاره من أجل العراق ومستقبل العراق ، وأسمع الدنيا أن هناك صوتاً للحق ، وأن هناك صوتاً للشيعة ، وأن هناك إماماً للشيعة أوحداً يسمى المهدي ، فخذ جناها يا أحمد ، وبلل بعبقها صدرك أيها الخفاف، وليس مطلوباً منك سوى أن تكون موضوعياً في الطرح ، مستنداً الى دعامة من الحقيقة وأنت تبث هـــ مومك الى الآخرين ، فحرب النجف حرب ، لها ما لها وعليها ما عليها ، وهل تجر الحرب سوى التضحيات ، وإذا كنا ننكر على مقتدى أنه كان سبباً لقطع الأرزاق – كما زعمت – فلنا أنما نشكل على الأنبياء والأوصياء والأئمة حروبهم وثوراتهم ، فقد كانت قطيعة للأرزاق على كل حال ، ومن الغريب أن أرى مثقفاً واعياً مثلك يهتم بهتافات عصابة من ( أصحاب البسطيات ) ضد مقتدى ، وهم الذين يفترشون الشوارع العامة ، ويعتدون على حقوق الآخرين ، ويشكلون أنموذجاً متخلفاً من بقايا السلطة المقبورة ، وهنا أتذكر مقولة لسيد الوصيين عليه السلام عندما أخضعوه للتحكيم ، حيث نراه يعض على يده قائلاً (( أُعصى .. ويُطاع معاوية ؟؟؟؟) .
لقد سمعت الهمج الرعاع ، والنكرات ، والإمعات يرددون (( جيشك مقتدى ...كله حرامية )) وليس غريباً عليهم ذلك ، فمبلغ الخمسة آلاف دينار لكل متظاهر ، هو مبلغ جيد ، ولكنني أتسائل ، ماذا يصنع ( الحرامية ) في النجف ؟؟ ولماذا يتحملون القتابل والدخان والقتل والدروع والرصاص في النجف القديمة ؟؟ أليسوا حرامية ، ؟؟ أليس الحرامي من الجبناء الذين يخافون الموت ؟؟ ولماذا لا يذهب هؤلاء الحرامية ليسرقوا من الأماكن ( الفايخة ) التي لو تعالى فيها الصراخ فلن ينقذ الجار جاره ؟؟؟
عجيب .. ماذا يرجوا الحرامية في النجف ؟؟ سؤال يحتاج الى جواب وهيهات منه الجواب .
وأريد أن أثلج صدرك قليلاً ، فدعاة خروج مقتدى من النجف ، عادوا لمقتدى بدموع الأيامى يطلبون منه العودة للنجف وتخليصهم من السرقات التي وقعت عليهم من قبل حماة القانون والسلام ، ولا أعرف هل هي دعوة لمقتدى للعودة أم هي محاولة اغتيال جديدة ؟؟.
وأما تساؤلك عن ( الثالوث ) فهذا ما تستك منه المسامع ، وجميل أن أراك تعرف أن هناك ثالوثاً عند المسيحيين ، والحقيقة أن وجود الثالوث عند المسيحيين هو معلومة جديدة ، تحتاج الى بقر أمهات الكتب لمعرفتها ، وقد أغنانا الله بعلمك أن نخوض هذا المعترك ، وكفانا بجهدك عن جهدنا .
الثالوث المقدس أيها الكاتب هو كناية ، ورمز ، فهو تارة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ، وهو تارة أمريكا واسرائيل وعملائهما ، وتارة هو أمريكا وأعداء الدين وأعداء الإنسانية ، وهو تارة الشيطان ، والمنافقون ، وشياطين الأنس ، ومن أي المعاني اغترفت فقد أصبت .
وتسائلت – أنت – في مقالتك عن تأييد المراجع لمقتدى ، وقلت أين تأييد المراجع العظام ، وأنا معجل لك بالجواب ، فالمراجع عندنا – للأسف الشديد – على أنواع ، فمنهم العظام ( قل من يحيي العظام وهي رميم ) ، ومنهم العظماء ، فالعظام لا شأن لنا بهم حتى يرث الله الأرض ومن عليه ، أما العظماء ، فلست أذكر لك منهم إسماً ، خوفاً عليهم من إطلاعات البعض أو وصاية الآخرين ، وما عليك سوى أن تكلف نفسك جهد السفر – خصوصاً وأن الموسم الآن الربيع – وتسألهم – بهمس – عن رأيهم بمقتدى ، وعندها سأقرأ لك مقالة تختلف عن مقالتك التي أرد عليها الآن ، واحرص أن تسأل المرجع عن مقتدى ، عندما لا يكون بينكما ثالث يحمل جهاز لاسلكي مثلاً.
بقي أن أشير الى عنوان مقالتك ، فقد وسمته – أنت – بعنوان حرب الناطقين باسم مقتدى الصدر ، ولعمر الله إذا كنت تقصد بهذا العنوان تخوفك من اندلاع حرب بين أبناء الخط الصدري ، فأنا أثلج لك صدرك ، وأقول لك خاب فأل أعداء الحق ، ونم قرير العين ، فاللذين أرادوا الفتنة الطائفية في العراق ، وفشلوا في تأجيجها هم أنفسهم ألخائبون في أن تندلع حرب بين أبناء الخط الصدري .
أما إذا كان عنوان مقالتك دليل على وجود أمنية في صدرك لاندلاع حرب بين أبناء الخط الصدري المبارك ، فأنا لا أقول لك سوى أنها أمنية لن تتحقق ، ودعاءك غير مستجاب
ولو سمعَ الإلهُ دعاءَ كلب ٍ رأيتَ الأرضَ كوماً من عظام ِ
جميع الحقوق محفوظة للممهدون. نت
Copyright © mumehhidon.net
All rights reserved 2005
راسم المرواني
إشارة / هذا الرد يعبر عن وجهة نظري كمواطن عراقي ، ولا تمثل وجهة نظر مقتدى الصدر أو أنصاره ، وهي ليست رداً رسمياً على المقالة أعلاه - الكاتب
الى الأخ أحمد الخفاف ، مع الود
قرأت لك – بحب – ما ورد على صفحات ( كتابات ) الغراء مقالة بعنوان ( حرب الناطقين باسم مقتدى الصدر تندلع ) وقد تمتعت بقرائتها وأخذتها بالتحليل ومحاولة الاستيعاب والاحاطة بها من جميع الجوانب ، ولأنني لست محللاً نفسياً ، ولم أندرج ضمن قائمة تلاميذ السير سيجموند فرويد ، فقد وجدت صعوبة في فهم الدوافع التي من أجلها أتعبت نفسك بكتابة ونشر هذا المقال ، ولكني لم أكن بحاجة إلاّ الى قليل من الحنكة كي أفهم أن المقالة هي عبارة عن وسيلة للتنفيس عن التراكمات التي تثقل كاهلك تجاه مقتدى وأنصاره ، وهذا من حقك ، فنحن أصبحنا الآن – كالغربيين – عبيداً للإعلام وتأثيراته ، ومن يمتلك سلطة الإعلام فهو الفائز بيننا ، والمتمكن من ترويج بضاعته .
وكل هذا لا يعني بأنني أقف منك موقف العداء ، فقد عودنا مقتدى ، وأبوه ، والسلسلة الذهبية من أهل البيت عليهم السلام أن نحترم الرأي الآخر ، وأن ننزله منزل التكريم وحسن الإنصات ، متذكرين بذلك قول فولتير – على ما أتذكر – حينما يقول ، قد أتقاطع معك بالرأي ، ولكنني سأقاتل حتى آخر قطرة بدمي كي أمنحك متسعاً لتقول رأيك .
والحقيقة أنني لم أر السيد مقتدى يسلم أحداً من أتباعه ( هراوة ) ويأمره بظرب رؤوس الذين يتقاطعون معه بالرأي ، وأتمنى عليك يا سيدي الفاضل ، أن تخدم الحقيقة خدمة جلية ، وأن تدلنا على شخص واحد تم التنكيل به من قبل التيار الصدري لأنه تقاطع معهم بالرأي ، شخص واحد يكفي لأضع يدي بيدك ، وأردد معك كل ما تقوله ضد مقتدى وأنصاره ، وفيما عدا ذلك ، فأنا أعيذك بالله أن تكون من المتخرصين ، واعيذك بالله من لعنة التاريخ يوم تتكشف فيه الحقائق ، فنحن – أبناء التيار الصدري – نسمع كل يوم من يشتم مقتدى الصدر ، ولا نقول له إلاّ ( سلاماً ) ولك الدليل فيما نسيناه من دماء أبناء الخط الصدري التي أسالها أبناء جلدتنا ، وأرخصها منا أبناء عمومتنا ، وها نحن نمد اليهم أيدينا قائلين ( عفا الله عما سلف ) ونردد أمامهم عبارتنا التي تقول ( كلوا لحمنا ، فهو لحمكم ، ولكن لا تطعموا لحمنا للغرباء ) .
وأعجبني تشخيصك للتناقضات بين تصريحات فلان وفلان وغيرهم من الذين يدعون – بزعمك – أنهم الناطقين باسم التيار الصدري ، وهذا موجود فعلاً ، وهذا لمقتدى وليس عليه ، فمقتدى لا يمارس السلطة الإلهية مع أتباعه ، بل يترك لهم حرية الرأي والرؤى والاستنتاج ، ولا يلغي عقول الذين من حوله كما يتصور الذين يأخذون الحقائق من جداتهم وأحبابهم فقط ، ووجود التناقض في التصريحات لا يعني عدم وضوح الرؤية ، بل هو حالة صحية ، ودليل على وجود التنوع في الآراء داخل التيار الصدري تجاه الأحداث ومعطياتها ، ووجود الخلافات في كل مجموعة من المجاميع في تاريخ الأرض أمر مسلم به ، فالبغدادي والدراجي والشيباني والزركاني والساعدي والشويلي وغيرهم من الأسماء العراقية المحضة ، هم من رجال العراق ، ومن رجال التحرر ، وكل يعمل من موقعه ، وهم ليسوا بأنبياء ، فنحن نعلم أن محمدأ (ص) هو خاتم الأنبياء ، ولكنهم رجال يجتهدون ، فيخطؤون تارة ويصيبون ، وجزاهم الله خير الجزاء، والشرف والأمانة يدعواننا الى أن نسأل الله لهم التوفيق والسداد ، لا أن نتسقط منهم الأخطاء ونوظفها للتنكيل بهم ،
أما وجود التهافت في بعض الأحيان ، فهو من طبائع البشر ، ولا خوف عليهم ومنهم دام أنهم يسعون للتكامل ، وخدمة المجتمع العراقي والإنساني ، وهو ما حدى بالسيد مقتدى – ولا أضنك تعترض على كلمة تسمية مقتدى بالسيد إلاّ إذا كان لديك وثيقة تاريخية تثبت عكس ذلك – أقول هو ما حدى بالسيد مقتدى أن يعيد تشكيل هيئاته ، ويعيد بناء قواعده الشعبية التي تضم – رغم أنف المتهافتين ، وحاشاك أن تكون منهم – أقول قواعده التي تضم المسلمين بطوائفهم المتعددة ، وأبناء الشعب العراقي بأطيافه المختلفة ، حيث بدأ سماحته – وكلمة ((سماحته )) تطلق على كل من يحضر دروس البحث الخارج ، وهذا من أدبيات المذهب الشيعي ، يعرفه القريبون من المذهب فقط – نعم ، بدأ سماحته يعيد بناء قواعده ، ويضع الرجل مكان الرجل ، وليس من مهامه أو مسؤوليته أن يصل بالناس حد الصلاح ، فهو من دعاة الإصلاح ، وتستطيع أن تفهم – وأنت جدير بالفهم – الفرق بين الصلاح والإصلاح ، فالإمام الحسين عليه السلام قال (( وإنما خرجت لغرض الإصلاح في أمة جدي )) ولم يقل الصلاح ، فالصلاح هو النتيجة ، والإصلاح هو المقدمة ،وكا قال السيد الولي محمد محمد صادق الصدر ( لا ينبغي للإنسان أن يكون موفقاً دائماً ، ولكن ينبغي عليه أن يكون عاملاً بتكليفه ) ولئن كان البعض من أفراد جيش الإمام المهدي ممن لا دين له ، فالخلل ليس بمقتدى ، بل الخلل في الذين يرون أنهم من أهل الدين ثم يدعون مقتدى وأنصاره – وحداناً – في معركتهم المقدسة ،فيغادرون المدينة المقدسة في أحلك ساعاتها ، وقبل اندلاع القتال بقليل ، ويذهب أحدهم لقلع ضرسه في نيكاراكوا ، ويذهب الآخر لتقليم أظافره في زيمبابوي ، وبعظهم يذهب الى الألدورادو لجلب (عصّارة) يعالج بها حساسية جلدية ، فافهم – إذا استطعت – حجم المهزلة ، وإذا كان هناك عصبة من الذين لا دين لهم في جيش مقتدى ، فالعلة فيهم ، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، لأننا لو اعتبرنا هذا خللا في مقتدى ، فنحن مجبرون على أن نلقي بأخطاء جيش الرسول(ص) بعاتق الرسول ، وأن نلقي بأخطاء جيش الخلفاء على عائق الخلفاء ....وهلم جراً . فوظيفة مقتدى أن يأخذ على الظاهر ، وليس له أن يأخذ دور الله في معرفة كوامن الصدور .
وورد في مقالتك الغراء ، التي أحببت قرائتها مرات عديدة ، ورد فيها ما يدل على تكدرك ممن يدعي أن مقتدى الصدر هو نائب الإمام المهدي ، وهذا شيء لا ألومك فيه ، فأنت ربما كنت منشغلاً بأعباء الحياة ، وفاتك أن تقرأ كتاب الله – بالعربية – حين يقول الله تعالى / وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة / ولأنني مثلك مشغول بالحياة ، فأنا أسألك من أشد قوة وقداسة ؟؟ خليفة الإمام أم خليفة الله ؟؟؟ فاذا كان الإنسان المؤمن التقي الورع الناصح هو خليفة لله ، فلم لا يكون خليفة للخليفة – بالاستعاضة - ؟؟ فكلنا – في الحقيقة – مأمورون أن نظطلع بدور خلافة الله والإمام في الأرض ، ولكن لسنا جميعاً موفقين لممارسة هذا الدور .
وذكرت في مقالتك قصة ( جهيمان العتيبي ) عام 1979 ، وحاولت – أنت – أن تقرب الصورتين أعني صورة مقتدى وصورة العتيبي ، وهذا ما نجده في بعض مقالات تجار العراق ، حينما يقربون بين صورة مقتدى وأبو مصعب الزرقاوي ، وشتان بين العتيبي الذي يدعي أنه هو المهدي ، وبين مقتدى الذي لم يصح أنه ادعى أنه نائب المهدي حتى ، فمثلك في ذلك كمثل الذي يسمع بتحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية السويدية في الجو ، فيقوم بشتم عباس ابن فرناس ، وحاشاك أن تكون من الذين يطلقون العبارات دون تحقيق .
هذا إذا أغفلنا أنك تحاول أن تثبت – وعجزت – عن أن مقتدى يدعي أنه نائب المهدي ، فضلاً عن أن الوارد في أدبيات غيبة الإمام المهدي 0(عج) أن الفقهاء والعلماء الذين نتحسس فيهم العدالة والتقوى والعلم والاجتهاد فهم نواب للإمام المهدي ، وليس كما توهمت بأن نواب الإمام المهدي هم الأربعة فقط ، رضي الله عنهم ، فأولئك لهم مزاياهم الخاصة ، فقد كانوا يلتقون الإمام ، ويحادثونه شفاهاً ، أما الآخرون – المعاصرون لنا - فيختصهم الإمام برعايته ، ويحوطهم بكنفه ، وليس الإمام عاجزاً عن أن يوجد وسيلة للإتصال بأولياء الله متى شاء .
وقرأت في مقالتك – وقرأتك أيضاً – إشارة لمعركة النجف ، وسميتها معارك التخريب في النجف الأشرف ، فاذا كان النجف (( أشرفاً )) كما يحلو لك تسميته ، فأين كنت عندما دنس الثالوث قدسيته ، وأين كنت عندما صرح سماحة السيد السيستاني ( أعلى الله مقامه ) بأن الأماكن المقدسة مناطق خطوط حمراء ؟؟ لماذا تركتم مقتدى وأنصاره فرادا في النجف يدافعون عن المقدسات ويترجمون مقالة السيد السيستاني ، وأين كنتم – يا دعاة السلام الخانع – عندما قال السيد السيستاني أن قانون إدارة الدولة هو مهزلة ، فوقع عليه أعداء مقتدى ، ومن يدعون أنهم أنصار للسيستاني ، بينما وقف مقتدى وحده يشد من أزر السيد السيستاني ،ووصف قانون إدارة الدولة بأنه (( وعد بلفور )) ، وأتحداك – بحب – أن تعرف ماذا عنى السيد مقتدى بكلمة ( وعد بلفور ) .
لقد كانت معركة النجف معركة كسبت أنت وغيرك منجزاتها ، على الصعيد الآني والمستقبلي ، ورفع بها البعض رؤوسهم بعد أن كان الشيعة متهمون بالعمالة للمحتل ، وثبت فيها رجال من أبناء وطنك أرادوا لك أن ترفع رأسك حين تتحدث عن العراق ، ورجال العراق ، وهي معركة فصلت بين المقاومة الشريفة الناصعة وبين الإرهاب والمتاجرة بالقضية ، ولا أظن أن السيد مقتدى قد أرسل لك برقية عاجلة لتقاتل معه ، ولا لغيرك ، بل قاتل هو وأنصاره من أجل العراق ومستقبل العراق ، وأسمع الدنيا أن هناك صوتاً للحق ، وأن هناك صوتاً للشيعة ، وأن هناك إماماً للشيعة أوحداً يسمى المهدي ، فخذ جناها يا أحمد ، وبلل بعبقها صدرك أيها الخفاف، وليس مطلوباً منك سوى أن تكون موضوعياً في الطرح ، مستنداً الى دعامة من الحقيقة وأنت تبث هـــ مومك الى الآخرين ، فحرب النجف حرب ، لها ما لها وعليها ما عليها ، وهل تجر الحرب سوى التضحيات ، وإذا كنا ننكر على مقتدى أنه كان سبباً لقطع الأرزاق – كما زعمت – فلنا أنما نشكل على الأنبياء والأوصياء والأئمة حروبهم وثوراتهم ، فقد كانت قطيعة للأرزاق على كل حال ، ومن الغريب أن أرى مثقفاً واعياً مثلك يهتم بهتافات عصابة من ( أصحاب البسطيات ) ضد مقتدى ، وهم الذين يفترشون الشوارع العامة ، ويعتدون على حقوق الآخرين ، ويشكلون أنموذجاً متخلفاً من بقايا السلطة المقبورة ، وهنا أتذكر مقولة لسيد الوصيين عليه السلام عندما أخضعوه للتحكيم ، حيث نراه يعض على يده قائلاً (( أُعصى .. ويُطاع معاوية ؟؟؟؟) .
لقد سمعت الهمج الرعاع ، والنكرات ، والإمعات يرددون (( جيشك مقتدى ...كله حرامية )) وليس غريباً عليهم ذلك ، فمبلغ الخمسة آلاف دينار لكل متظاهر ، هو مبلغ جيد ، ولكنني أتسائل ، ماذا يصنع ( الحرامية ) في النجف ؟؟ ولماذا يتحملون القتابل والدخان والقتل والدروع والرصاص في النجف القديمة ؟؟ أليسوا حرامية ، ؟؟ أليس الحرامي من الجبناء الذين يخافون الموت ؟؟ ولماذا لا يذهب هؤلاء الحرامية ليسرقوا من الأماكن ( الفايخة ) التي لو تعالى فيها الصراخ فلن ينقذ الجار جاره ؟؟؟
عجيب .. ماذا يرجوا الحرامية في النجف ؟؟ سؤال يحتاج الى جواب وهيهات منه الجواب .
وأريد أن أثلج صدرك قليلاً ، فدعاة خروج مقتدى من النجف ، عادوا لمقتدى بدموع الأيامى يطلبون منه العودة للنجف وتخليصهم من السرقات التي وقعت عليهم من قبل حماة القانون والسلام ، ولا أعرف هل هي دعوة لمقتدى للعودة أم هي محاولة اغتيال جديدة ؟؟.
وأما تساؤلك عن ( الثالوث ) فهذا ما تستك منه المسامع ، وجميل أن أراك تعرف أن هناك ثالوثاً عند المسيحيين ، والحقيقة أن وجود الثالوث عند المسيحيين هو معلومة جديدة ، تحتاج الى بقر أمهات الكتب لمعرفتها ، وقد أغنانا الله بعلمك أن نخوض هذا المعترك ، وكفانا بجهدك عن جهدنا .
الثالوث المقدس أيها الكاتب هو كناية ، ورمز ، فهو تارة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ، وهو تارة أمريكا واسرائيل وعملائهما ، وتارة هو أمريكا وأعداء الدين وأعداء الإنسانية ، وهو تارة الشيطان ، والمنافقون ، وشياطين الأنس ، ومن أي المعاني اغترفت فقد أصبت .
وتسائلت – أنت – في مقالتك عن تأييد المراجع لمقتدى ، وقلت أين تأييد المراجع العظام ، وأنا معجل لك بالجواب ، فالمراجع عندنا – للأسف الشديد – على أنواع ، فمنهم العظام ( قل من يحيي العظام وهي رميم ) ، ومنهم العظماء ، فالعظام لا شأن لنا بهم حتى يرث الله الأرض ومن عليه ، أما العظماء ، فلست أذكر لك منهم إسماً ، خوفاً عليهم من إطلاعات البعض أو وصاية الآخرين ، وما عليك سوى أن تكلف نفسك جهد السفر – خصوصاً وأن الموسم الآن الربيع – وتسألهم – بهمس – عن رأيهم بمقتدى ، وعندها سأقرأ لك مقالة تختلف عن مقالتك التي أرد عليها الآن ، واحرص أن تسأل المرجع عن مقتدى ، عندما لا يكون بينكما ثالث يحمل جهاز لاسلكي مثلاً.
بقي أن أشير الى عنوان مقالتك ، فقد وسمته – أنت – بعنوان حرب الناطقين باسم مقتدى الصدر ، ولعمر الله إذا كنت تقصد بهذا العنوان تخوفك من اندلاع حرب بين أبناء الخط الصدري ، فأنا أثلج لك صدرك ، وأقول لك خاب فأل أعداء الحق ، ونم قرير العين ، فاللذين أرادوا الفتنة الطائفية في العراق ، وفشلوا في تأجيجها هم أنفسهم ألخائبون في أن تندلع حرب بين أبناء الخط الصدري .
أما إذا كان عنوان مقالتك دليل على وجود أمنية في صدرك لاندلاع حرب بين أبناء الخط الصدري المبارك ، فأنا لا أقول لك سوى أنها أمنية لن تتحقق ، ودعاءك غير مستجاب
ولو سمعَ الإلهُ دعاءَ كلب ٍ رأيتَ الأرضَ كوماً من عظام ِ
جميع الحقوق محفوظة للممهدون. نت
Copyright © mumehhidon.net
All rights reserved 2005