بهلول
05-30-2014, 01:03 AM
من قلم : خليل خوري
khalelkhori@yahoo.com
في الوقت الذي بدأت فيه مناورات " الاسد المتأهب " على الاراضي الاردنية او " ارض الحشد والرباط حسب التوصيف الرسمي" ، بمشاركة اكثر من 12 الف جنديا ينتمون الى 21 دولة صديقة وشقيقة وحليفة للاردن وغالبيتهم جنود اردنيون ومارينز اميركان ، وفي الوقت الذي تؤكد فيها الجهات الرسمية ان الهدف من مسلسل مناورات الاسد هو تحسين القدرات القتالية ورفع الجاهزية القنالية للجنود المشاركين في المناورة ، وتحقيق التنسيق بين هذه القوات في حال قيامها بمهمات انسانية وليس قتالية تستهدف اخلاء المدنيين واقامة مناطق امنة لهم الى اخر المعزوفة التي تبثها وسائل الاعلام الرسمية الاردنية كلما علا زئير الاسد المتاهب قريبا من الحدود السورية
واذا كان الامر كذلك : فلماذا تصر الادارة الاميركية اجراءها في الاردن وليس في اي بلد اخر؟ ، في هذه الفترة العصيبة والحساسة التي تمر بها الامتان العربية والاسلامية اتخذت وزارة الخارجية الاردنية قرارا استراتيجيا وحاسما يقضي بطرد السفير السوري في عمان بهجت سليمان تجاوبا" مع رغبة شعبية عارمة " لم تعد تتحمل تطاول السفير باللسان والكلمة المكتوبة على مقامات محلية وعربية وصديقة ، وبعد ان نفذ صبرها لكثرة ما وجهته وزارة الخارجية من تحذيرات تحث فيها هذا السفير ، المخالف للتقاليد والاعراف الدبلوماسية التي تستوجب من أي سفير ان يكون عفيف اللسان ومتمرسا في مسح الجوخ ، بالكف عن اطالة لسانه ضد مقامات تستحق الاحترام والتبجيل ولا يجوز لاي جهة انتقادها او توجيه
الشتائم لها لدورها المحوري في خدمة القضايا الوطنية والقومية والاممية ، ولتضحيتها بالغالي والنفيس ذودا وصونا عن العمق الاستراتيجي للوطن العربي حسبما تشهد بذلك كتب التاريخ ، كما هو الحال مع حاكم مشيخة قطر حمد بن خليفة الذي انفق ما يقارب من 4 مليارات دولار ، وكاد ان يبيع دشداشته في سبيل " تحرير الشعب السوري من نظام بشار الاسد النصيري الكافر الذي يحكم سوريا ولا يتورع عن ابادة شعبه " بضخ مكرماته المالية لصالح" الثورة السورية "التي ينخرط فيها اكثر من 15 فصيلا جهاديا اسلاميا ، وبعد ان حصل " طويل العمر " من هذه الفصائل وفي مقدمتها جبهة النصرة وداعش على ضمانات تعهدوا بموجبها بانهم سيرفعون راية الجهاد ويمتشقون سيوفها المسلولة ،لا من اجل تدمير
الدولة السورية وتهجير مواطنيها بالعمليات الانتحارية وتفجير السيارات المفخخة، بل من اجل ان يتمرغ الشعب السوري في ظل نظام ديمقراطي اكثر تطورا من النظام الديمقراطي القائم في النمسا ، وحيث يمكن لاي مراقب محايد ان يلمس بعض تجلياته على ارض الواقع ، بجهاد النكاح ، وفرض الجزية على المشركين والكفار من النصارى في محافظة الرقة ، وتنقّب الاناث ، وجلد تاركي الصلاة في الميادين العامة ، واعدام النصيريين وحرق بيوتهم ، ومنع الاناث من شراء الموز والخيار والفقوس او اية فواكه وخضار شبيهة بالعضو الذكري ، وحصر تسوّقها بيعا وشراء بالذكور صونا لعفة الاناث ، وتفاديا لانتشار الفحشاء والفجور والرذيلة في سورية ، وعدم السماح ببيع الكلاسين النسائية في متاجر يديرها ويعمل فيها الذكور ، الى غير ذلك من الممارسات الديمقراطية التي لا يمكن لاي مجتمع انساني ان يتطور ويتقدم ويحقق اية انجازات وابتكارات علمية بدون تطبيقها وترجمتها على ارض الواقع
وحيث توصلت داعش على سبيل المثال من خلال الدراسات والابحاث التي انجزتها من اجل بلورة مفهوم الديمقراطية على نحو يلبي تطلعات الشعب السوري : ان تخلف سورية وغيرها من ديار الاسلام على المستوى الحضاري ناجم عن تسوّق الاناث للموز والخيار وليس كما تدعى كذبا وزورا وبهتانا طائفة كبيرة من العلماء في حقول المعرفة المختلفة ! واذا بدا القرار الاستراتيجي الذي اتخذته الحكومة الاردنية ضد السفير السوري بنظر قلة من المناكفين والمعارضين الاردنيين مستهجنا ، لان الذي يستحق الطرد بنظرهم هو السفير الاسرائيلي وليس سفير بلد عربي شقيق هي سوريا ، فقد اكدت وسائل الاعلام الرسمية ان الحكومة الرشيدة لم تتخذ قرار طرد السفير السوري الا بعد ان نفذ صبرها ولم تعد تتحمل تجاوزاته للتقاليد والاعراف الدبلوماسية بتوجيهه الشتائم والسباب " على الطالع والنازل " ضد مقامات
تفخر بانجازتها القومية والوطنية امتنا العربية ، وتوضيحا لدواعى طرد السفير السوري من عمان في فترة قصيرة لا تتجاوز 24 ساعة ، ثم تشييعه على الحدود بعبارة : "خلينا نشوف عرض كتافك" في نفس الوقت الذي يتمتع فيه سفير الدولة الشقيقة اسرائيل باقامة على الرحب والسعة في الاردن ، ان لم تكن الجهات الرسمية تستقبله بحفاوة وهي تردد " يا هلا ومئة مرحبا على ارض الحشد والرباط بسعادة السفير " كلما هل هلاله عائدا الى عرينه في سفارة اسرائيل في عمان
توضيحا لهذا القرار الاستراتيجي الذي اتخذته الحكومة في حق السفير السوري " المشاكس وطويل اللسان " نكتفي بايراد ما كتبته جريد الراي الاردني شبه الرسمية والاكثر انحيازا للثورة السورية العرعورية وتحقيرا للجيش العربي السوري بوصفه في مانشيتات عريضة " بجيش الاسد" وخاصة بعد ان تولى رئاسة تحريرها الاخونجي السابق سميح المعايطة ، حيث كتبت التعليق التالي على طرد السفير السوري : لم يات طرد السفير السوري من عمان وليد لحظته بل جاء بعد ان وصلت الامور حدا لا يحتمل ، وباتت سلوكيات السفير وتصريحاته استفزازية ومحرجة ، وبخاصة في رفض هذا الدبلوماسي كل التحذيرات الى ان ما يقوم به يخرج عن مهنة الدبلوماسية ، ويضر بعلاقات الاردن العربية :
حيث لا يتوقف السفير عن توجيه انتقادات لاذعة بل سباب وشتائم لدول عربية تربطنا بها علاقات اخوية ، كما هي علاقاتنا مع سورية لكن الرجل ذهب بعيدا وامعن في الاساءة حتى لشخصيات سياسية ، وممثلي الشعب من نواب ونقابات وهيئات واحزاب وعشائر، حتى بات الصمت ازاء هذه الممارسات يقترب من درجة الخطر ، فلم يكن ثمة مناص من اتخاذ القرار بطرد السفير واعتباره شخصا غير مرغوب فيه
ولا داعي في السياق التطرق الى الفرمان الذي اصدرته وزارة الخارجية الاردنية بهذا الخصوص لانه لا يختلف من حيث الشكل والمضمون عن تعليق جريدة الراي ، وحيث وكان الاولى بالوزير ناصر جودة الذي اشرف على صياغة الفرمان ان يقدم ادلة دامغة على تجاوزات السفير السوري مستشهدا على الاقل بما كتبه السفير المطرود على الفيس بوك من اساءات وشتائم وانتقادات لاذعة للجهات والرموز التي اشار اليها الفرمان ، ولكنه احجم عن ذلك واكتفى بسرد العموميات لان من جملة ما كتبه السفير المطرود لم يتعدى في واقع الامر سوى وضع النقاط على الحروف مبينا فيها ان ليس من مصلحة الشعب الاردني انخراط الجهات الرسمية في تمرير مشاريع ومخططات ما يسمى " باصدقاء سورية " التي تستهدف تقديم الدعم المالي والعسكري للتنظيمات المسلحة المعتدلة للمعارضة للنظام السوري ، وبالتالي زعزعة امن واستقرار دولة شقيقة في الوقت الذي لم تصدر عن الجانب السوري اية ردود فعل تجاه مشاركة ناصر جودة في كافة مؤتمرات اصدقاء سور يا التي كانت تنعقد تحت اشراف المايسترو الاميركي وتبنيه لقراراتها المعادية لسورية
كما ان الجانب السوري قد احجم عن التدخل في الشان الداخلى الاردني بالرغم من ان عددا كبير ا من عناصر ما يسمى بالجيش السوري الحر قد تم تدريبهم في الاردن وفق ما اكدته مصادر اميركية رسمية ، ناهيك عن الاف اخرى من مجاهدي الجماعات السلفية الاردنية الذين توجهوا الى سوريا وانضموا الى الثورة العرعورية السورية متسللين من الاراضي الاردنية . على صفحته على الفيس بوك تحدث السفير السوري عن هذه المسالة فهل يعد خوضه في غزوات الجهاديين الاردنيين للساحة السورية ، وتدريب الجيش الحر على اراضيه تحت اشراف ضباط اميركيين نوع من السباب والشتائم ام هو وضع للنقاط على الحروف ؟
واذا كتب السفير السوري المطرود على الفيس بوك ان بعض انظمة النفط والغاز تقدم دعما ماليا وعسكريا للتنظيمات المسلحة على الساحة السورية كقطر و السعودية فاين هو تجاوز السفير على الاعراف الدبلوماسية ؟ واين هي اساءته للدول العربية الشقيقة اذا كان امير قطر ووزير خارجية السعودية ، وغيرهم كبار المسئولين في هاتين الدولتين لا يخفون دعمهم المالي والعسكري للمعارضة السورية المعتدلة ،، ويعترفون بذلك بعظمة لسانهم علنا ،ويعيبون حتى الادارة الاميركية لانها لم توجه بعد ضربة عسكرية للنظام السوري ؟ ثم متى وجه سباب وشتائم لاعضاء في البرلمان ولاحزاب وعشائر اردنية ؟ لا ننكر ان السفير السوري قد كتب عبارات لاذعة ضد نائب في البرلمان ، ولكنه لم يكن بادئا بالهجوم على هذا النائب بل كان يرد على كلمة القاها النائب في البرلمان ، وتهجم فيها على الرئيس السوري بشار الاسد واصفا اياه " بالمجرم الذي يقتل شعبه " ، فاذا كانت احد الاسباب التي استند اليها وزير الخارجية الاردني ناصر جودة لطرد السفير السوري انه اسبغ عليه اوصافا غير لائقة : فلماذا لم يوجه الى رئيس البرلمان مذكرة يعترض فيها على كلمة النائب ؟
ولماذا لم تشطب اصلا كلمته من محضر اجتماع مجلس النواب ؟ الا يدل هذا الموقف ان الحكومة الرشيدة كانت متناغمة مع كلمة النائب ؟ تعليقا على واقعة طرد السفير السوري ذكر الناطق الرسمي بلسان الحكومة الرشيدة بان طرده لا يعني اغلاق السفارة السورية في عمان وقطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية مؤكدا ان الحكومة ليس لديها أي مانع او تحفظات حيال تعيين سفير بديلا للسفير المطرود . فاذا كان من اسباب طرد السفير السوري انه كان يدافع عن الموقف الرسمي لحكومته فما هو المكسب السياسي والدبلوماسى الذي ستجنيه الحكومة السورية لدى تعيينها لسفير جديد ، وكيف سيتسنى له تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين اذا لم يكن مسموحا له اثناء وجوده في الاردن الدفاع عن مواقف بلده ، او التعبير عن رايه في اية قضية واذا عبر عنها فلا يجوز ان يتعدى ذلك بنظر الحكومة الاردنية الرشيدة ابداء وجهة نظرة في تنبؤات الارصاد الجوية !!
اما عن موقف المناكفين والمشاكسين والمعارضين الاردنيين الداعي الى طرد السفير الاسرائيلي في عمان ردا على الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي تقترفها الحكومة والمستوطنون الاسرائيليون في المناطق المحتلة ضد المدنيين الفلسطينيين ، وايضا ردا على جريمة قتل القاضي الاردني زعيتر التي اقترفها جندى اسرائيلي اثناء عبور القاضي جسر الملك حسين متوجها الى الارض المحتلة ، فالواضح من ميوعة الحكومة الرشيدة حيال الانتهاكات الاسرائيلية سواء تمثلت بتهويدها للمناطق المحتله اوبالحفريات التي تقوم بها في اساسات المسجد الاقصى وبالاستيلاء على اجزاء من اراضيه تمهيدا لاقامة هيكل سليمان ، وبمحاولات اقامة الصلوات فيه من جانب المتطرفين اليهود ، ان الحكومة الرشيدة ليست في وارد طرده على الاقل احتجاجا على تجاوزات الحكومة الاسرائيلية للبند الخاص لولاية الحكومة الاردنية على المسجد الاقصى ، بل ستزداد تمسكا به لان منطق الحكومة وحجتها على ما يبدو بهذا الشان: ان الانتهاكات الاسرائيلية في المناطق المحتلة هي شان داخلي اسرائيلي لا يحق للجانب الاردني ان يتدخل فيها ، واذا ارادت ان تعبر عن رايها فليكن ذلك ضمن حدود ضيقة لا تتعدى الشجب
والاستنكار ، وحتى هذا الاستنكار لن يكون مقبولا من الجانب الاسرائيلي لان الاردن قد فك ارتباطه القانوني بالضفة الغربية في ثمانينات القرن الماضي دون ان يتنازل على الاقل عن الاراضي الاميرية المسجلة باسم الخزينة الاردنية لمنظمة التحرير الفلسلطينية ، او اكد التنازل عنها للسلطة الفلسطينية ضمن بنود معاهدة وادي عربة ، مما وفر للحكومة الاسرائيلية مسوغات وذرائع للتعامل معها كاموال متروكة تخلت عنها الخزينة الاردنية ويحق لها تبعا لذلك اقامة ما شاءت من المستوطنات عليها !!!!
كذلك سنلمس نفس الميوعة من جانب الحكومة الرشيدة حيال التجاوزات التي تمس السيادة الاردنية سواء في تجاوزها على ولاية الاردن على المسجد الاقصى ، او في قتل القاض الاردني وعدم الاعتذار رسميا للاردن على مقتله ،وعدم اطلاق الاسرى الاردنيين في السجون الاسرائيلية : فهل يحق للحكومة الرشيدة ان تعترض على التجاوزات والانتهاكات الاسرائيلية في الاقصى وبالتالي التهديد بطرد السفير الاسرائيلي اذا لم تتوقف عن هذه الانتهاكات، وهناك في ديباجة معاهدة وادي عربة نص يؤكد ان المسلمين واليهود هم احفاد سيدنا ابراهيم ، وبذلك هل ثمة انتهاكات من الجانب الاسرائيلي اذا ما تناوب احفاد سيدنا ابراهيم الصلاة في المسجد الاقصى مع المسلمين ؟؟
وايضا هل يحق للحكومة الاردنية ان تطالب باطلاق السجناء الاردنيين او بعودة النازحين الفلسطينيين بعد تجنيسهم بالجنسية الاردنية الى مدنهم وقراهم في الضفة الغربية ،في الوقت الذي تؤكد فيه التزامها بمعاهدة وادي عربة وحيث لا يوجد فيها نص واحد يقضي باطلاق سرا ح السجناء الاردنيين ، ولا بعودة النازحين ولا اقول اللاجئين
واستنادا لهذه الميوعة فلن نتوقع أي تشدد من جانب الحكومة الرشيدة حيال جريمة اغتيال القاضي الاردني : لان مطالبة الحكومة الاسرائيلية الاعتذار رسميا عن مقتل قاض اردني بسلاح جندي اسرائيلي وفوق ذلك المطالبة بديته لن تكون عادلة ومنصفة بعد ان اثبتت التحقيقات المشتركة ان القاضي قد دفش الجندي الاسرائيلي مما دفع الاخير الى اطلاق النار عليه دفاعا عن النفس !!! على اية حال لم تفت الفرصة بعد حتى تتخلي الحكومة عن ميوعتها حيال الانتهاكات الاسرائيلية خاصة في هذا الوقت الذي تجري فيه مناورات الاسد المتأهب ،وحيث يمكن للحكومة الرشيدة ان تستعين بهذا الاسد لردع الجانب الاسرائيلي لو امتلكت ارادة سياسية لاطلاقه ضد اسرائيل ،العدو الحقيقي للشعب الاردني ، بدلا من توظيفه في المستقبل القريب في تسخين جبهة جنوب سورية
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=35490
khalelkhori@yahoo.com
في الوقت الذي بدأت فيه مناورات " الاسد المتأهب " على الاراضي الاردنية او " ارض الحشد والرباط حسب التوصيف الرسمي" ، بمشاركة اكثر من 12 الف جنديا ينتمون الى 21 دولة صديقة وشقيقة وحليفة للاردن وغالبيتهم جنود اردنيون ومارينز اميركان ، وفي الوقت الذي تؤكد فيها الجهات الرسمية ان الهدف من مسلسل مناورات الاسد هو تحسين القدرات القتالية ورفع الجاهزية القنالية للجنود المشاركين في المناورة ، وتحقيق التنسيق بين هذه القوات في حال قيامها بمهمات انسانية وليس قتالية تستهدف اخلاء المدنيين واقامة مناطق امنة لهم الى اخر المعزوفة التي تبثها وسائل الاعلام الرسمية الاردنية كلما علا زئير الاسد المتاهب قريبا من الحدود السورية
واذا كان الامر كذلك : فلماذا تصر الادارة الاميركية اجراءها في الاردن وليس في اي بلد اخر؟ ، في هذه الفترة العصيبة والحساسة التي تمر بها الامتان العربية والاسلامية اتخذت وزارة الخارجية الاردنية قرارا استراتيجيا وحاسما يقضي بطرد السفير السوري في عمان بهجت سليمان تجاوبا" مع رغبة شعبية عارمة " لم تعد تتحمل تطاول السفير باللسان والكلمة المكتوبة على مقامات محلية وعربية وصديقة ، وبعد ان نفذ صبرها لكثرة ما وجهته وزارة الخارجية من تحذيرات تحث فيها هذا السفير ، المخالف للتقاليد والاعراف الدبلوماسية التي تستوجب من أي سفير ان يكون عفيف اللسان ومتمرسا في مسح الجوخ ، بالكف عن اطالة لسانه ضد مقامات تستحق الاحترام والتبجيل ولا يجوز لاي جهة انتقادها او توجيه
الشتائم لها لدورها المحوري في خدمة القضايا الوطنية والقومية والاممية ، ولتضحيتها بالغالي والنفيس ذودا وصونا عن العمق الاستراتيجي للوطن العربي حسبما تشهد بذلك كتب التاريخ ، كما هو الحال مع حاكم مشيخة قطر حمد بن خليفة الذي انفق ما يقارب من 4 مليارات دولار ، وكاد ان يبيع دشداشته في سبيل " تحرير الشعب السوري من نظام بشار الاسد النصيري الكافر الذي يحكم سوريا ولا يتورع عن ابادة شعبه " بضخ مكرماته المالية لصالح" الثورة السورية "التي ينخرط فيها اكثر من 15 فصيلا جهاديا اسلاميا ، وبعد ان حصل " طويل العمر " من هذه الفصائل وفي مقدمتها جبهة النصرة وداعش على ضمانات تعهدوا بموجبها بانهم سيرفعون راية الجهاد ويمتشقون سيوفها المسلولة ،لا من اجل تدمير
الدولة السورية وتهجير مواطنيها بالعمليات الانتحارية وتفجير السيارات المفخخة، بل من اجل ان يتمرغ الشعب السوري في ظل نظام ديمقراطي اكثر تطورا من النظام الديمقراطي القائم في النمسا ، وحيث يمكن لاي مراقب محايد ان يلمس بعض تجلياته على ارض الواقع ، بجهاد النكاح ، وفرض الجزية على المشركين والكفار من النصارى في محافظة الرقة ، وتنقّب الاناث ، وجلد تاركي الصلاة في الميادين العامة ، واعدام النصيريين وحرق بيوتهم ، ومنع الاناث من شراء الموز والخيار والفقوس او اية فواكه وخضار شبيهة بالعضو الذكري ، وحصر تسوّقها بيعا وشراء بالذكور صونا لعفة الاناث ، وتفاديا لانتشار الفحشاء والفجور والرذيلة في سورية ، وعدم السماح ببيع الكلاسين النسائية في متاجر يديرها ويعمل فيها الذكور ، الى غير ذلك من الممارسات الديمقراطية التي لا يمكن لاي مجتمع انساني ان يتطور ويتقدم ويحقق اية انجازات وابتكارات علمية بدون تطبيقها وترجمتها على ارض الواقع
وحيث توصلت داعش على سبيل المثال من خلال الدراسات والابحاث التي انجزتها من اجل بلورة مفهوم الديمقراطية على نحو يلبي تطلعات الشعب السوري : ان تخلف سورية وغيرها من ديار الاسلام على المستوى الحضاري ناجم عن تسوّق الاناث للموز والخيار وليس كما تدعى كذبا وزورا وبهتانا طائفة كبيرة من العلماء في حقول المعرفة المختلفة ! واذا بدا القرار الاستراتيجي الذي اتخذته الحكومة الاردنية ضد السفير السوري بنظر قلة من المناكفين والمعارضين الاردنيين مستهجنا ، لان الذي يستحق الطرد بنظرهم هو السفير الاسرائيلي وليس سفير بلد عربي شقيق هي سوريا ، فقد اكدت وسائل الاعلام الرسمية ان الحكومة الرشيدة لم تتخذ قرار طرد السفير السوري الا بعد ان نفذ صبرها ولم تعد تتحمل تجاوزاته للتقاليد والاعراف الدبلوماسية بتوجيهه الشتائم والسباب " على الطالع والنازل " ضد مقامات
تفخر بانجازتها القومية والوطنية امتنا العربية ، وتوضيحا لدواعى طرد السفير السوري من عمان في فترة قصيرة لا تتجاوز 24 ساعة ، ثم تشييعه على الحدود بعبارة : "خلينا نشوف عرض كتافك" في نفس الوقت الذي يتمتع فيه سفير الدولة الشقيقة اسرائيل باقامة على الرحب والسعة في الاردن ، ان لم تكن الجهات الرسمية تستقبله بحفاوة وهي تردد " يا هلا ومئة مرحبا على ارض الحشد والرباط بسعادة السفير " كلما هل هلاله عائدا الى عرينه في سفارة اسرائيل في عمان
توضيحا لهذا القرار الاستراتيجي الذي اتخذته الحكومة في حق السفير السوري " المشاكس وطويل اللسان " نكتفي بايراد ما كتبته جريد الراي الاردني شبه الرسمية والاكثر انحيازا للثورة السورية العرعورية وتحقيرا للجيش العربي السوري بوصفه في مانشيتات عريضة " بجيش الاسد" وخاصة بعد ان تولى رئاسة تحريرها الاخونجي السابق سميح المعايطة ، حيث كتبت التعليق التالي على طرد السفير السوري : لم يات طرد السفير السوري من عمان وليد لحظته بل جاء بعد ان وصلت الامور حدا لا يحتمل ، وباتت سلوكيات السفير وتصريحاته استفزازية ومحرجة ، وبخاصة في رفض هذا الدبلوماسي كل التحذيرات الى ان ما يقوم به يخرج عن مهنة الدبلوماسية ، ويضر بعلاقات الاردن العربية :
حيث لا يتوقف السفير عن توجيه انتقادات لاذعة بل سباب وشتائم لدول عربية تربطنا بها علاقات اخوية ، كما هي علاقاتنا مع سورية لكن الرجل ذهب بعيدا وامعن في الاساءة حتى لشخصيات سياسية ، وممثلي الشعب من نواب ونقابات وهيئات واحزاب وعشائر، حتى بات الصمت ازاء هذه الممارسات يقترب من درجة الخطر ، فلم يكن ثمة مناص من اتخاذ القرار بطرد السفير واعتباره شخصا غير مرغوب فيه
ولا داعي في السياق التطرق الى الفرمان الذي اصدرته وزارة الخارجية الاردنية بهذا الخصوص لانه لا يختلف من حيث الشكل والمضمون عن تعليق جريدة الراي ، وحيث وكان الاولى بالوزير ناصر جودة الذي اشرف على صياغة الفرمان ان يقدم ادلة دامغة على تجاوزات السفير السوري مستشهدا على الاقل بما كتبه السفير المطرود على الفيس بوك من اساءات وشتائم وانتقادات لاذعة للجهات والرموز التي اشار اليها الفرمان ، ولكنه احجم عن ذلك واكتفى بسرد العموميات لان من جملة ما كتبه السفير المطرود لم يتعدى في واقع الامر سوى وضع النقاط على الحروف مبينا فيها ان ليس من مصلحة الشعب الاردني انخراط الجهات الرسمية في تمرير مشاريع ومخططات ما يسمى " باصدقاء سورية " التي تستهدف تقديم الدعم المالي والعسكري للتنظيمات المسلحة المعتدلة للمعارضة للنظام السوري ، وبالتالي زعزعة امن واستقرار دولة شقيقة في الوقت الذي لم تصدر عن الجانب السوري اية ردود فعل تجاه مشاركة ناصر جودة في كافة مؤتمرات اصدقاء سور يا التي كانت تنعقد تحت اشراف المايسترو الاميركي وتبنيه لقراراتها المعادية لسورية
كما ان الجانب السوري قد احجم عن التدخل في الشان الداخلى الاردني بالرغم من ان عددا كبير ا من عناصر ما يسمى بالجيش السوري الحر قد تم تدريبهم في الاردن وفق ما اكدته مصادر اميركية رسمية ، ناهيك عن الاف اخرى من مجاهدي الجماعات السلفية الاردنية الذين توجهوا الى سوريا وانضموا الى الثورة العرعورية السورية متسللين من الاراضي الاردنية . على صفحته على الفيس بوك تحدث السفير السوري عن هذه المسالة فهل يعد خوضه في غزوات الجهاديين الاردنيين للساحة السورية ، وتدريب الجيش الحر على اراضيه تحت اشراف ضباط اميركيين نوع من السباب والشتائم ام هو وضع للنقاط على الحروف ؟
واذا كتب السفير السوري المطرود على الفيس بوك ان بعض انظمة النفط والغاز تقدم دعما ماليا وعسكريا للتنظيمات المسلحة على الساحة السورية كقطر و السعودية فاين هو تجاوز السفير على الاعراف الدبلوماسية ؟ واين هي اساءته للدول العربية الشقيقة اذا كان امير قطر ووزير خارجية السعودية ، وغيرهم كبار المسئولين في هاتين الدولتين لا يخفون دعمهم المالي والعسكري للمعارضة السورية المعتدلة ،، ويعترفون بذلك بعظمة لسانهم علنا ،ويعيبون حتى الادارة الاميركية لانها لم توجه بعد ضربة عسكرية للنظام السوري ؟ ثم متى وجه سباب وشتائم لاعضاء في البرلمان ولاحزاب وعشائر اردنية ؟ لا ننكر ان السفير السوري قد كتب عبارات لاذعة ضد نائب في البرلمان ، ولكنه لم يكن بادئا بالهجوم على هذا النائب بل كان يرد على كلمة القاها النائب في البرلمان ، وتهجم فيها على الرئيس السوري بشار الاسد واصفا اياه " بالمجرم الذي يقتل شعبه " ، فاذا كانت احد الاسباب التي استند اليها وزير الخارجية الاردني ناصر جودة لطرد السفير السوري انه اسبغ عليه اوصافا غير لائقة : فلماذا لم يوجه الى رئيس البرلمان مذكرة يعترض فيها على كلمة النائب ؟
ولماذا لم تشطب اصلا كلمته من محضر اجتماع مجلس النواب ؟ الا يدل هذا الموقف ان الحكومة الرشيدة كانت متناغمة مع كلمة النائب ؟ تعليقا على واقعة طرد السفير السوري ذكر الناطق الرسمي بلسان الحكومة الرشيدة بان طرده لا يعني اغلاق السفارة السورية في عمان وقطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية مؤكدا ان الحكومة ليس لديها أي مانع او تحفظات حيال تعيين سفير بديلا للسفير المطرود . فاذا كان من اسباب طرد السفير السوري انه كان يدافع عن الموقف الرسمي لحكومته فما هو المكسب السياسي والدبلوماسى الذي ستجنيه الحكومة السورية لدى تعيينها لسفير جديد ، وكيف سيتسنى له تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين اذا لم يكن مسموحا له اثناء وجوده في الاردن الدفاع عن مواقف بلده ، او التعبير عن رايه في اية قضية واذا عبر عنها فلا يجوز ان يتعدى ذلك بنظر الحكومة الاردنية الرشيدة ابداء وجهة نظرة في تنبؤات الارصاد الجوية !!
اما عن موقف المناكفين والمشاكسين والمعارضين الاردنيين الداعي الى طرد السفير الاسرائيلي في عمان ردا على الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي تقترفها الحكومة والمستوطنون الاسرائيليون في المناطق المحتلة ضد المدنيين الفلسطينيين ، وايضا ردا على جريمة قتل القاضي الاردني زعيتر التي اقترفها جندى اسرائيلي اثناء عبور القاضي جسر الملك حسين متوجها الى الارض المحتلة ، فالواضح من ميوعة الحكومة الرشيدة حيال الانتهاكات الاسرائيلية سواء تمثلت بتهويدها للمناطق المحتله اوبالحفريات التي تقوم بها في اساسات المسجد الاقصى وبالاستيلاء على اجزاء من اراضيه تمهيدا لاقامة هيكل سليمان ، وبمحاولات اقامة الصلوات فيه من جانب المتطرفين اليهود ، ان الحكومة الرشيدة ليست في وارد طرده على الاقل احتجاجا على تجاوزات الحكومة الاسرائيلية للبند الخاص لولاية الحكومة الاردنية على المسجد الاقصى ، بل ستزداد تمسكا به لان منطق الحكومة وحجتها على ما يبدو بهذا الشان: ان الانتهاكات الاسرائيلية في المناطق المحتلة هي شان داخلي اسرائيلي لا يحق للجانب الاردني ان يتدخل فيها ، واذا ارادت ان تعبر عن رايها فليكن ذلك ضمن حدود ضيقة لا تتعدى الشجب
والاستنكار ، وحتى هذا الاستنكار لن يكون مقبولا من الجانب الاسرائيلي لان الاردن قد فك ارتباطه القانوني بالضفة الغربية في ثمانينات القرن الماضي دون ان يتنازل على الاقل عن الاراضي الاميرية المسجلة باسم الخزينة الاردنية لمنظمة التحرير الفلسلطينية ، او اكد التنازل عنها للسلطة الفلسطينية ضمن بنود معاهدة وادي عربة ، مما وفر للحكومة الاسرائيلية مسوغات وذرائع للتعامل معها كاموال متروكة تخلت عنها الخزينة الاردنية ويحق لها تبعا لذلك اقامة ما شاءت من المستوطنات عليها !!!!
كذلك سنلمس نفس الميوعة من جانب الحكومة الرشيدة حيال التجاوزات التي تمس السيادة الاردنية سواء في تجاوزها على ولاية الاردن على المسجد الاقصى ، او في قتل القاض الاردني وعدم الاعتذار رسميا للاردن على مقتله ،وعدم اطلاق الاسرى الاردنيين في السجون الاسرائيلية : فهل يحق للحكومة الرشيدة ان تعترض على التجاوزات والانتهاكات الاسرائيلية في الاقصى وبالتالي التهديد بطرد السفير الاسرائيلي اذا لم تتوقف عن هذه الانتهاكات، وهناك في ديباجة معاهدة وادي عربة نص يؤكد ان المسلمين واليهود هم احفاد سيدنا ابراهيم ، وبذلك هل ثمة انتهاكات من الجانب الاسرائيلي اذا ما تناوب احفاد سيدنا ابراهيم الصلاة في المسجد الاقصى مع المسلمين ؟؟
وايضا هل يحق للحكومة الاردنية ان تطالب باطلاق السجناء الاردنيين او بعودة النازحين الفلسطينيين بعد تجنيسهم بالجنسية الاردنية الى مدنهم وقراهم في الضفة الغربية ،في الوقت الذي تؤكد فيه التزامها بمعاهدة وادي عربة وحيث لا يوجد فيها نص واحد يقضي باطلاق سرا ح السجناء الاردنيين ، ولا بعودة النازحين ولا اقول اللاجئين
واستنادا لهذه الميوعة فلن نتوقع أي تشدد من جانب الحكومة الرشيدة حيال جريمة اغتيال القاضي الاردني : لان مطالبة الحكومة الاسرائيلية الاعتذار رسميا عن مقتل قاض اردني بسلاح جندي اسرائيلي وفوق ذلك المطالبة بديته لن تكون عادلة ومنصفة بعد ان اثبتت التحقيقات المشتركة ان القاضي قد دفش الجندي الاسرائيلي مما دفع الاخير الى اطلاق النار عليه دفاعا عن النفس !!! على اية حال لم تفت الفرصة بعد حتى تتخلي الحكومة عن ميوعتها حيال الانتهاكات الاسرائيلية خاصة في هذا الوقت الذي تجري فيه مناورات الاسد المتأهب ،وحيث يمكن للحكومة الرشيدة ان تستعين بهذا الاسد لردع الجانب الاسرائيلي لو امتلكت ارادة سياسية لاطلاقه ضد اسرائيل ،العدو الحقيقي للشعب الاردني ، بدلا من توظيفه في المستقبل القريب في تسخين جبهة جنوب سورية
http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?ArticleID=35490