الفتى الذهبي
05-20-2014, 12:16 PM
http://www.alhadathnews.net/wp-content/uploads/2013/07/131961280__430220c-600x399.jpg
19 مايو, 2014
ليندا مشلب – الجمهورية
يستذكر الضابط فتح القسطنطينيّة التي جهَّز لها الخليفة معاوية بن أبي سفيان حملة عسكرية ضخمة وحشَد لها جيشاً كبيراً، لكنّ الحملة لم تنجَح بَسبب قوّة تحصين المدينة التي حالت دون فتحها، وقد أعدَّ معاوية لحملة جديدة من أجل فتح القسطنطينية وفرَض حصاراً منيعاً لدفعها على الاستسلام، لكنّه اضطرّ إلى رفع الحصار والعودة إلى دمشق بعد مقاومة عنيفة من البيزنطيّين.
ويستشهد الضابط كذلك بمحطة تاريخية ثانية في العصر الحديث إبّان الحرب الاميركية على فيتنام، حيث تكبَّد الجيش الاميركي خسائر كبيرة في الأحياء المكتظّة، على رغم قدراته العسكرية العالية وخسِر أكثر من 57 ألف قتيل و154 ألف جريح.
قلقٌ إسرائيلي وخلاصة هذا الأمر:
في المفهوم العسكري، من المتعارف عليه أنّ الجيش النظامي نادراً ما ينجح في اقتحام المدن وحرب الشوارع، خصوصاً إذا جوبِه بتحصينات ومهارات قتالية عالية وأساليب للدفاع في الشوارع والأزقّة.
لكنّ حمص، كبرى المحافظات السورية التي شكّلت المعقل الأكبر للمسلّحين، أثبَتت عكس ذلك. فقد أظهرَ الجيش السوري وخلال معارك ضارية لأكثر من عامين (كان لقوات «حزب الله» دورٌ أساسيّ فيها) براعةً في اقتحام المدن، وهذا ما أقلقَ الجيش الإسرائيلي الذي توجَّس من تكثيف خبرات الجيش السوري، حتى اعتقد أحد الخبراء العسكريّين الإسرائيليّين بأنّ الجيش السوري و»حزب الله» ينفّذان مناورات حيّة على اقتحام المستوطنات.
كيف سقَطت حمص، وما هي أسباب ذهاب المسلّحين إلى إبرام اتّفاق للخروج منها؟ سؤال لا يزال محطّ تحليل وبحث وعملية استقاء للمعلومات.
لماذا قرَّر المسلّحون تركَ حمص، أهمّ عنصر قوّة لديهم قبل شهرٍ على إجراء الانتخابات الرئاسية؟ ولماذا قدَّموا هذه الورقة الرابحة إلى النظام، وتحديداً إلى الرئيس بشّار الأسد المرشّح للرئاسة؟
يقول الضابط هنا «إنّ المسلّحين مُنُوا بهزيمة كبيرة حاولوا ترجمتَها نصراً، لكنَ الوقوف عند حقيقة ما حصل يُثبت عكس ذلك تماماً، والعِلم العسكري يقول إنّ الانسحاب من أرض المعركة لا يختلف اثنان على أنّه هزيمة».
أسباب الخسارة
ويعزو الضابط الميداني أسباب خسارة المسلّحين في حمص إلى إحكام سيطرة الجيش السوري على مواقعهم، وإقفال المعابر بواسطة السواتر التي رفَعها حول الأحياء القديمة التي يتمركز فيها المسلّحون في الأشهر الأخيرة.
فبعدما اكتشف الجيش وكتائب «حزب الله» أنّ المسلّحين بنوا أنفاقاً ضخمة تحت الارض لوصلِ الأحياء بعضها ببعض، وخصوصاً النفق الطويل الذي يَصِل الخالدية بحيّ الوعر والغوطة، حفَرت وحداتُهم خنادقَ تحت الارض وصَلت الى ثمانية أمتار، ورفعت سواتر فوق الارض بحدود أربعة أمتار، ما أدّى إلى إقفال كلّ طرق الإمداد التي كان يتّكل عليها المسلّحون من أجل الصمود والبقاء والمقاومة.
يضاف إلى ذلك، وفقَ رواية الضابط، أنّه في البداية كان لمعركة المطاحن الأثر الأبرز، حيث حقَّق فيها الجيش السوري انتصاراً كبيراً على المجموعات المسلّحة، وبعدها أدّى خطأ تقنيّ إلى تفجير سيارة مفخّخة جهَّزها المسلحون من أجل استهداف مركز قيادة الشرطة، وذلك في مكان وجود المسلّحين في شارع الرجوب، ما أوقعَ أكثر من 155 قتيلاً في صفوفهم، وصولاً إلى آخر المحاولات الخجولة التي نفّذتها المجموعات المسلحة لاختراق خطّ دفاع الجيش السوري عبر حيّ جب الجندلي منذ نحو الشهر، وكان الهدف منها كسر الحصار والخروج والتوسّع داخل نقاط الجيش السوري وكُتَلِه، لكنّ التصدّي المُحكَم للجيش السوري وقوات «حزب الله» أحبَط هذه المحاولة وأجبرَهم على الانسحاب والعودة الى مواقعهم. وذلك بالإضافة الى عدم قدرة قوات الريف الشمالي لحمص تحت شعار «قادمون» على المساندة والمساعدة وفتح الطريق لفكّ الحصار.
سلاح فرديّ لمواجهة «داعش»
كلّ هذه العوامل أدّت الى تظهير الهزيمة وانسحاب المسلّحين على شاكلة اتّفاق، حاولوا أن يحفظوا فيه ماء الوجه، فقرأوا العزّة فيه بأنّهم خرجوا مع سلاحهم الفرديّ «كلاشينكوف» وبعض الأغراض الخاصة، وقد أصرّوا على حمل السلاح لأسباب قالوا إنّها من أجل مواجهة «داعش» في تلبيسة والرستن في الريف الشمالي، وهذا ما حصل بالفعل منذ أيام، حيث سجّل الاشتباك الأوّل من نوعه بينهم وبين «داعش» في ريف حمص الشمالي.
وهنا علمت «الجمهورية» أنّ المسلّحين أخرجوا معهم كمّيات كبيرة من الأموال والذهب استولوا عليها منذ بدء سيطرتهم على حمص القديمة من مصارف ومحالّ تجارية وأسواق وغيرها من مكتنزات حمص القديمة.
أمّا السبب الرئيس لتسريع الاتفاق، فهو ورود معلومات إليهم بأنّ قوّات الجيش السوري و»حزب الله» تُعدّ خطة عسكرية واسعة لاقتحام الأحياء القديمة وخطوط دفاعهم، فسارعوا عبر لجنة المصالحة والأمم المتحدة إلى المطالبة بتسوية تضمن خروجهم وانسحابهم مقابل تركِ أحياء حمص القديمة، وخصوصاً أجزاء من الخالدية – جورة الشياح – القرابيص – الحميدية – الساعة القديمة – شارع حما-القصور – سوق الجاج- وادي السايح – بستان الديوان.
فأعِدَّت بنود الاتفاق التي أشرفت عليها لجنة المصالحة والأمم المتحدة بين الشيخ عبد العال، وهو أحد أبرز القادة العسكريين بينهم، والجيش السوري عبر محافظ حمص طلال البرازي، وتضمَّنت دخول مساعدات إلى بلدَتي نبل والزهراء المحاصرَتين والإفراج عن مخطوفين من الجيش السوري ومدنيّين في اللاذقية.
وقد وصل عدد المسلّحين الذين خرجوا على دفعات الى 2200 مسلّح، كان من بينهم مسلّحون مقنّعون. وعلمت «الجمهورية» فيما بعد أنّهم قيادات عسكرية مهمّة جداً من جنسيّات عربية مختلفة. وقد ساعدت الدول التي ينتمون إليها في تسريع الاتفاق من أجل حماية هؤلاء القياديّين، وهذا ما دفعَ لاحقاً برئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا إلى القول «إنّ سقوط حمص وانسحاب المسلّحين يعود إلى وجود قيادات أجنبية تدخّلت دولها من أجل إخراجهم».
وتبيَّن أنّ من بين المسلّحين الذين خرجوا: 6 ضبّاط سعوديّون، 4 قطريّون، وأتراك لم يحدّد عددهم، وبينهم مَن هُم برُتَبٍ عالية، كما كان من بين القتلى أمنيّون قطريّون وسعوديّون في أجهزة الاستخبارات، سعَت الرياض والدوحة الى استرداد جثثهم.
أقوى ضربة بعد القُصير
إذاً شكّلت حمص، وهي عقدة الوصل بين المحافطات السورية الخمس التي تربط العاصمة بالساحل، أقوى ضربة للمسلّحين بعد القُصير (في ريفها الجنوبي) والقلمون، وساعد سقوطها في تأمين الطرق الدوليّة الرئيسة التي تربط هذه المحافظات ببعضها، وجعلت النظام السوري يسترجع أقوى ورقة من أيدي المعارضة المسلّحة وداعميها، حيث كان المطلوب إسقاط سوريا من حمص لما تشكّله من ثقلٍ عسكري ورسمي استراتيجي، وها هي حمص تتحضَّر اليوم لاستقبال الانتخابات الرئاسية على رغم الخراب والدمار الذي حلَّ بها، وبدأت فيها الحملات الانتخابية استعداداً للثالث من حزيران.
لكنّ عقدةً صغيرة بقيَت وهي حيّ الوعر، فقد تمّ الاتفاق على أن يشكّل الحيّ المرحلة الثانية من تنفيذ اتّفاق حمص، وهو أحد أكبر أحياء حمص (أكثر من 500 ألف نسمة) ويضمّ البيئة الحاضنة للمسلّحين وعائلاتهم، وتسكن فيه عائلات أهمّ القيادات العسكرية التي كانت تقاتل في أحياء حمص القديمة، وهو محاصَر من كلّ الجهات من قوات الجيش السوري. وتشير المعلومات إلى أنّه وعلى رغم الخروق المحدودة التي تحصل فيه إلّا أنّه يسير نحو الاتفاق على خروج المسلّحين منه في اتّجاه الريف الشمالي أو تسليم أنفسهم.
والجدير ذكرُه أنّ المسلّحين وعلى رغم حرقِهم كثيراً من مقارّهم العسكرية قبل الخروج، تركوا وراءَهم بصماتٍ لا تزال محطّ تحليل وبحث ودرس من قوات «حزب الله» المهتمّ حصراً بمعرفة طريقة قتالهم وأساليبهم العسكرية واللوجستية في القتال، وستكشف الدراسة التي يعدّها «حزب الله» في حمص تحديداً أسراراً عسكرية كثيرة، والعقيدة القتالية لدى المسلّحين، وهي تُبيِّن في بداياتها أنّها المدرسة الأفغانية، حيث تدرّبت بعض الفصائل على القتال المستميت من دون الانسحاب، بمهارات قتالية عالية وأسلوب ذكيّ يُعتمد في حرب الشوارع والأزقّة، فضلاً عن طريقة التحصين والتدشيم واستحداث الطلاقات وأساليب التنقّل تحت الأرض وفوقها عبر جسور هوائية، وأسلوب القنص والرصد وتصنيع القنابل والألغام (التشبيك) وغيرها…
والأهمّ أنّ عدداً كبيراً من المسلّحين الذين يُجيدون هذه المدرسة عقيدةً وقتالاً مقتنعون بأنّهم سيعودون، وهم قالوا لضبّاط الجيش السوري الذين كانوا يطوّقونهم في باصاتهم عند احتجازهم الدفعة الأخيرة منهم، بسبب عرقلة «الجبهة الإسلامية» دخول المساعدات إلى نبل والزهراء، قالوا لهم: «وحياة عينكن راجعينلكم».
- See more at: http://www.alhadathnews.net/archives/122374#sthash.t9gdcKm8.dpuf
19 مايو, 2014
ليندا مشلب – الجمهورية
يستذكر الضابط فتح القسطنطينيّة التي جهَّز لها الخليفة معاوية بن أبي سفيان حملة عسكرية ضخمة وحشَد لها جيشاً كبيراً، لكنّ الحملة لم تنجَح بَسبب قوّة تحصين المدينة التي حالت دون فتحها، وقد أعدَّ معاوية لحملة جديدة من أجل فتح القسطنطينية وفرَض حصاراً منيعاً لدفعها على الاستسلام، لكنّه اضطرّ إلى رفع الحصار والعودة إلى دمشق بعد مقاومة عنيفة من البيزنطيّين.
ويستشهد الضابط كذلك بمحطة تاريخية ثانية في العصر الحديث إبّان الحرب الاميركية على فيتنام، حيث تكبَّد الجيش الاميركي خسائر كبيرة في الأحياء المكتظّة، على رغم قدراته العسكرية العالية وخسِر أكثر من 57 ألف قتيل و154 ألف جريح.
قلقٌ إسرائيلي وخلاصة هذا الأمر:
في المفهوم العسكري، من المتعارف عليه أنّ الجيش النظامي نادراً ما ينجح في اقتحام المدن وحرب الشوارع، خصوصاً إذا جوبِه بتحصينات ومهارات قتالية عالية وأساليب للدفاع في الشوارع والأزقّة.
لكنّ حمص، كبرى المحافظات السورية التي شكّلت المعقل الأكبر للمسلّحين، أثبَتت عكس ذلك. فقد أظهرَ الجيش السوري وخلال معارك ضارية لأكثر من عامين (كان لقوات «حزب الله» دورٌ أساسيّ فيها) براعةً في اقتحام المدن، وهذا ما أقلقَ الجيش الإسرائيلي الذي توجَّس من تكثيف خبرات الجيش السوري، حتى اعتقد أحد الخبراء العسكريّين الإسرائيليّين بأنّ الجيش السوري و»حزب الله» ينفّذان مناورات حيّة على اقتحام المستوطنات.
كيف سقَطت حمص، وما هي أسباب ذهاب المسلّحين إلى إبرام اتّفاق للخروج منها؟ سؤال لا يزال محطّ تحليل وبحث وعملية استقاء للمعلومات.
لماذا قرَّر المسلّحون تركَ حمص، أهمّ عنصر قوّة لديهم قبل شهرٍ على إجراء الانتخابات الرئاسية؟ ولماذا قدَّموا هذه الورقة الرابحة إلى النظام، وتحديداً إلى الرئيس بشّار الأسد المرشّح للرئاسة؟
يقول الضابط هنا «إنّ المسلّحين مُنُوا بهزيمة كبيرة حاولوا ترجمتَها نصراً، لكنَ الوقوف عند حقيقة ما حصل يُثبت عكس ذلك تماماً، والعِلم العسكري يقول إنّ الانسحاب من أرض المعركة لا يختلف اثنان على أنّه هزيمة».
أسباب الخسارة
ويعزو الضابط الميداني أسباب خسارة المسلّحين في حمص إلى إحكام سيطرة الجيش السوري على مواقعهم، وإقفال المعابر بواسطة السواتر التي رفَعها حول الأحياء القديمة التي يتمركز فيها المسلّحون في الأشهر الأخيرة.
فبعدما اكتشف الجيش وكتائب «حزب الله» أنّ المسلّحين بنوا أنفاقاً ضخمة تحت الارض لوصلِ الأحياء بعضها ببعض، وخصوصاً النفق الطويل الذي يَصِل الخالدية بحيّ الوعر والغوطة، حفَرت وحداتُهم خنادقَ تحت الارض وصَلت الى ثمانية أمتار، ورفعت سواتر فوق الارض بحدود أربعة أمتار، ما أدّى إلى إقفال كلّ طرق الإمداد التي كان يتّكل عليها المسلّحون من أجل الصمود والبقاء والمقاومة.
يضاف إلى ذلك، وفقَ رواية الضابط، أنّه في البداية كان لمعركة المطاحن الأثر الأبرز، حيث حقَّق فيها الجيش السوري انتصاراً كبيراً على المجموعات المسلّحة، وبعدها أدّى خطأ تقنيّ إلى تفجير سيارة مفخّخة جهَّزها المسلحون من أجل استهداف مركز قيادة الشرطة، وذلك في مكان وجود المسلّحين في شارع الرجوب، ما أوقعَ أكثر من 155 قتيلاً في صفوفهم، وصولاً إلى آخر المحاولات الخجولة التي نفّذتها المجموعات المسلحة لاختراق خطّ دفاع الجيش السوري عبر حيّ جب الجندلي منذ نحو الشهر، وكان الهدف منها كسر الحصار والخروج والتوسّع داخل نقاط الجيش السوري وكُتَلِه، لكنّ التصدّي المُحكَم للجيش السوري وقوات «حزب الله» أحبَط هذه المحاولة وأجبرَهم على الانسحاب والعودة الى مواقعهم. وذلك بالإضافة الى عدم قدرة قوات الريف الشمالي لحمص تحت شعار «قادمون» على المساندة والمساعدة وفتح الطريق لفكّ الحصار.
سلاح فرديّ لمواجهة «داعش»
كلّ هذه العوامل أدّت الى تظهير الهزيمة وانسحاب المسلّحين على شاكلة اتّفاق، حاولوا أن يحفظوا فيه ماء الوجه، فقرأوا العزّة فيه بأنّهم خرجوا مع سلاحهم الفرديّ «كلاشينكوف» وبعض الأغراض الخاصة، وقد أصرّوا على حمل السلاح لأسباب قالوا إنّها من أجل مواجهة «داعش» في تلبيسة والرستن في الريف الشمالي، وهذا ما حصل بالفعل منذ أيام، حيث سجّل الاشتباك الأوّل من نوعه بينهم وبين «داعش» في ريف حمص الشمالي.
وهنا علمت «الجمهورية» أنّ المسلّحين أخرجوا معهم كمّيات كبيرة من الأموال والذهب استولوا عليها منذ بدء سيطرتهم على حمص القديمة من مصارف ومحالّ تجارية وأسواق وغيرها من مكتنزات حمص القديمة.
أمّا السبب الرئيس لتسريع الاتفاق، فهو ورود معلومات إليهم بأنّ قوّات الجيش السوري و»حزب الله» تُعدّ خطة عسكرية واسعة لاقتحام الأحياء القديمة وخطوط دفاعهم، فسارعوا عبر لجنة المصالحة والأمم المتحدة إلى المطالبة بتسوية تضمن خروجهم وانسحابهم مقابل تركِ أحياء حمص القديمة، وخصوصاً أجزاء من الخالدية – جورة الشياح – القرابيص – الحميدية – الساعة القديمة – شارع حما-القصور – سوق الجاج- وادي السايح – بستان الديوان.
فأعِدَّت بنود الاتفاق التي أشرفت عليها لجنة المصالحة والأمم المتحدة بين الشيخ عبد العال، وهو أحد أبرز القادة العسكريين بينهم، والجيش السوري عبر محافظ حمص طلال البرازي، وتضمَّنت دخول مساعدات إلى بلدَتي نبل والزهراء المحاصرَتين والإفراج عن مخطوفين من الجيش السوري ومدنيّين في اللاذقية.
وقد وصل عدد المسلّحين الذين خرجوا على دفعات الى 2200 مسلّح، كان من بينهم مسلّحون مقنّعون. وعلمت «الجمهورية» فيما بعد أنّهم قيادات عسكرية مهمّة جداً من جنسيّات عربية مختلفة. وقد ساعدت الدول التي ينتمون إليها في تسريع الاتفاق من أجل حماية هؤلاء القياديّين، وهذا ما دفعَ لاحقاً برئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا إلى القول «إنّ سقوط حمص وانسحاب المسلّحين يعود إلى وجود قيادات أجنبية تدخّلت دولها من أجل إخراجهم».
وتبيَّن أنّ من بين المسلّحين الذين خرجوا: 6 ضبّاط سعوديّون، 4 قطريّون، وأتراك لم يحدّد عددهم، وبينهم مَن هُم برُتَبٍ عالية، كما كان من بين القتلى أمنيّون قطريّون وسعوديّون في أجهزة الاستخبارات، سعَت الرياض والدوحة الى استرداد جثثهم.
أقوى ضربة بعد القُصير
إذاً شكّلت حمص، وهي عقدة الوصل بين المحافطات السورية الخمس التي تربط العاصمة بالساحل، أقوى ضربة للمسلّحين بعد القُصير (في ريفها الجنوبي) والقلمون، وساعد سقوطها في تأمين الطرق الدوليّة الرئيسة التي تربط هذه المحافظات ببعضها، وجعلت النظام السوري يسترجع أقوى ورقة من أيدي المعارضة المسلّحة وداعميها، حيث كان المطلوب إسقاط سوريا من حمص لما تشكّله من ثقلٍ عسكري ورسمي استراتيجي، وها هي حمص تتحضَّر اليوم لاستقبال الانتخابات الرئاسية على رغم الخراب والدمار الذي حلَّ بها، وبدأت فيها الحملات الانتخابية استعداداً للثالث من حزيران.
لكنّ عقدةً صغيرة بقيَت وهي حيّ الوعر، فقد تمّ الاتفاق على أن يشكّل الحيّ المرحلة الثانية من تنفيذ اتّفاق حمص، وهو أحد أكبر أحياء حمص (أكثر من 500 ألف نسمة) ويضمّ البيئة الحاضنة للمسلّحين وعائلاتهم، وتسكن فيه عائلات أهمّ القيادات العسكرية التي كانت تقاتل في أحياء حمص القديمة، وهو محاصَر من كلّ الجهات من قوات الجيش السوري. وتشير المعلومات إلى أنّه وعلى رغم الخروق المحدودة التي تحصل فيه إلّا أنّه يسير نحو الاتفاق على خروج المسلّحين منه في اتّجاه الريف الشمالي أو تسليم أنفسهم.
والجدير ذكرُه أنّ المسلّحين وعلى رغم حرقِهم كثيراً من مقارّهم العسكرية قبل الخروج، تركوا وراءَهم بصماتٍ لا تزال محطّ تحليل وبحث ودرس من قوات «حزب الله» المهتمّ حصراً بمعرفة طريقة قتالهم وأساليبهم العسكرية واللوجستية في القتال، وستكشف الدراسة التي يعدّها «حزب الله» في حمص تحديداً أسراراً عسكرية كثيرة، والعقيدة القتالية لدى المسلّحين، وهي تُبيِّن في بداياتها أنّها المدرسة الأفغانية، حيث تدرّبت بعض الفصائل على القتال المستميت من دون الانسحاب، بمهارات قتالية عالية وأسلوب ذكيّ يُعتمد في حرب الشوارع والأزقّة، فضلاً عن طريقة التحصين والتدشيم واستحداث الطلاقات وأساليب التنقّل تحت الأرض وفوقها عبر جسور هوائية، وأسلوب القنص والرصد وتصنيع القنابل والألغام (التشبيك) وغيرها…
والأهمّ أنّ عدداً كبيراً من المسلّحين الذين يُجيدون هذه المدرسة عقيدةً وقتالاً مقتنعون بأنّهم سيعودون، وهم قالوا لضبّاط الجيش السوري الذين كانوا يطوّقونهم في باصاتهم عند احتجازهم الدفعة الأخيرة منهم، بسبب عرقلة «الجبهة الإسلامية» دخول المساعدات إلى نبل والزهراء، قالوا لهم: «وحياة عينكن راجعينلكم».
- See more at: http://www.alhadathnews.net/archives/122374#sthash.t9gdcKm8.dpuf