جون
03-14-2005, 06:16 PM
أنيس منصور
أول تلميذ هرب من المدرسة في التاريخ مصري من الإسكندرية. فمن أربعين عاما عثروا على احدي البرديات. البردية تقول: ان الطفل فلان الفلاني قد هرب من المدرسة ولن يعود إلى البيت. فالدورس صعبة والمدرس في غاية القسوة.. والدراسة شيء لا يحتمل!
ونحن لا نعرف ماذا فعل الأب او المدرس او الأسرة. ولا نعرف إن كانوا قد أصلحوا التعليم او سلوكيات المدرس. ولكن بقيت لنا هذه الصرخة وهذا الاحتجاج.
وفي كتاب صدر أخيرا عن الفائزين بجائزة نوبل الذين كرهوا المدرسة والمدرسين والبرامج وهربوا هم ايضا: شاعر الهند طاغور (1861ـ1941) يقول ان المدرسة تقضي علي فردية التلميذ وترفض استقلاله الفكر، فالمثل الأعلى هو الصمت والوقوف في الطابور. والكرباج فوق دماغ التلميذ : كرباج الأب او المدرسة او الامتحانات..
وبرنارد شو ( 1856 ـ 1950) يقول ان المدرسة أقسى من السجن، ففي السجن أنت حر تقرأ ما يعجبك.. بل ترفض قراءة الكتب التي ألفها السجان. بينما في المدرسة لا تستطيع ذلك.. وفي السجن أنت حر تقرأ أو لا تقرأ. ولا احد يهمه كثيرا ما فهمت.. ولكن في المدرسة يفرضون عليك الموضوعات الغامضة الجافة ويفرضون عليك ما فهموه هم، فالمدرس اسوأ من السجان..
والفيلسوف رسل (1872ـ 1970) يقول: اذا كانت المدرسة مثالية والطالب عاديا فهذه مشكلة. واذا كان الطالب والمدرسة عاديين فهي مشكلة أخرى.. وان كانت المدرسة المثالية هي الأفضل ففيها كثير من الحرية والحركة.. وأنت تختار ما يعجبك ولا خوف منك ولا خوف عليك..
وتشرشل (1874ـ 1965) كان يضيق بالمدرسة ويهرب. وكانوا يقولون له ان سنوات الدراسة هي أجمل ما في العمر. ولم يجدها كذلك. كيف تكون كذلك وليس له رأي في أي شيء!
الفيلسوف الوجودي الدنماركي كيركجور الذي توفي من 150 عاما كان يسمي الجامعات مصانع المعلبات. فكل شيء يجب ان يوضع في علبة في صندوق في قالب. ليست الأفكار وانما الطلبة ايضا. ولذلك فالجامعات هي ضد الحرية الفكرية! ولم يجد كيركجور في كل التاريخ ان الجامعات قد قدمت فيلسوفا عظيما. وانما الفلاسفة العظماء لم (يتقولبوا)... وحتى عندما قاموا بالتدريس في الجامعة حطموا قوالبها ومعلباتها.. فلا احد يعرف اسم المدارس التي تخرج منها: سقراط وافلاطون وأرسطو.. لقد انشأوا مدارس ولكن بلا جدران!
وحادثة الفيلسوف الألماني العظيم شوبنهور( 1788 ـ 1860) إحدى نوادر الفلسفة والكراهية الشديدة للجامعة وأساتذة الجامعة والعقلية الأكاديمية التي ترفض الفكر الثوري الجديد. فقد أصدر شوبنهور كتابا بعنوان (الحياة إرادة).. وهو من أروع ما أبدع هذا الفيلسوف. وكان كل يوم يمر على المكتبة ليرى كم عدد النسخ التي بيعت. كل يوم. وينظر الى نافذة المكتبة فيجد الكتب كما هي. وفي يوم وجد نسخة قد اختفت. فدخل يسأل من الذي اشتراها فقيل له فلان الفلاني استاذ الفلسفة في الجامعة. وأسعده ذلك. وذهب اليه في البيت يسأله إن كان الكتاب قد أعجبه. فاعتدل الأستاذ في جلسته وتراجع برأسه الى الوراء ووضع يده في جيبه. ثم قال : لم افهم ماذا تقول!
فغضب الفيلسوف وقال له: لماذا في كل مرة يقرأ انسان كتابا ويسمع نهيق حمار، لماذا يكون ذلك صوت المؤلف دائما؟!
واستاذنا عباس العقاد لم يكمل دراسته الثانوية. وكان يمقت اساتذة الجامعة واختار ان يصب غضبه على الدكاترة عبد الرحمن بدوي ومنصور باشا فهمي وعثمان أمين. وحاولنا ان نغير من رأي الاستاذ العقاد فلم نفلح. فليسوا كما يتصور.. وكان يهاجم طه حسين بعنف وكان يقول: إن طه حسين ليس (عميد) الأدب وانما هو(عمي) الادب ـ بتشديد الياء!
وان عبد الرحمن بدوي ساعي بريد..
وان لطفي السيد باشا مترجم..
وان منصور باشا فهمي ناظر مدرسة في الأرياف..
وقد حاول أساتذتي هؤلاء ان اشتغل بتدريس الفلسفة. اعترض العقاد وقال يا مولانا اذا كان لا بد ان يكون الإنسان حمارا، فلماذا لا تكون حمارا وحشيا.. هاها..
أول تلميذ هرب من المدرسة في التاريخ مصري من الإسكندرية. فمن أربعين عاما عثروا على احدي البرديات. البردية تقول: ان الطفل فلان الفلاني قد هرب من المدرسة ولن يعود إلى البيت. فالدورس صعبة والمدرس في غاية القسوة.. والدراسة شيء لا يحتمل!
ونحن لا نعرف ماذا فعل الأب او المدرس او الأسرة. ولا نعرف إن كانوا قد أصلحوا التعليم او سلوكيات المدرس. ولكن بقيت لنا هذه الصرخة وهذا الاحتجاج.
وفي كتاب صدر أخيرا عن الفائزين بجائزة نوبل الذين كرهوا المدرسة والمدرسين والبرامج وهربوا هم ايضا: شاعر الهند طاغور (1861ـ1941) يقول ان المدرسة تقضي علي فردية التلميذ وترفض استقلاله الفكر، فالمثل الأعلى هو الصمت والوقوف في الطابور. والكرباج فوق دماغ التلميذ : كرباج الأب او المدرسة او الامتحانات..
وبرنارد شو ( 1856 ـ 1950) يقول ان المدرسة أقسى من السجن، ففي السجن أنت حر تقرأ ما يعجبك.. بل ترفض قراءة الكتب التي ألفها السجان. بينما في المدرسة لا تستطيع ذلك.. وفي السجن أنت حر تقرأ أو لا تقرأ. ولا احد يهمه كثيرا ما فهمت.. ولكن في المدرسة يفرضون عليك الموضوعات الغامضة الجافة ويفرضون عليك ما فهموه هم، فالمدرس اسوأ من السجان..
والفيلسوف رسل (1872ـ 1970) يقول: اذا كانت المدرسة مثالية والطالب عاديا فهذه مشكلة. واذا كان الطالب والمدرسة عاديين فهي مشكلة أخرى.. وان كانت المدرسة المثالية هي الأفضل ففيها كثير من الحرية والحركة.. وأنت تختار ما يعجبك ولا خوف منك ولا خوف عليك..
وتشرشل (1874ـ 1965) كان يضيق بالمدرسة ويهرب. وكانوا يقولون له ان سنوات الدراسة هي أجمل ما في العمر. ولم يجدها كذلك. كيف تكون كذلك وليس له رأي في أي شيء!
الفيلسوف الوجودي الدنماركي كيركجور الذي توفي من 150 عاما كان يسمي الجامعات مصانع المعلبات. فكل شيء يجب ان يوضع في علبة في صندوق في قالب. ليست الأفكار وانما الطلبة ايضا. ولذلك فالجامعات هي ضد الحرية الفكرية! ولم يجد كيركجور في كل التاريخ ان الجامعات قد قدمت فيلسوفا عظيما. وانما الفلاسفة العظماء لم (يتقولبوا)... وحتى عندما قاموا بالتدريس في الجامعة حطموا قوالبها ومعلباتها.. فلا احد يعرف اسم المدارس التي تخرج منها: سقراط وافلاطون وأرسطو.. لقد انشأوا مدارس ولكن بلا جدران!
وحادثة الفيلسوف الألماني العظيم شوبنهور( 1788 ـ 1860) إحدى نوادر الفلسفة والكراهية الشديدة للجامعة وأساتذة الجامعة والعقلية الأكاديمية التي ترفض الفكر الثوري الجديد. فقد أصدر شوبنهور كتابا بعنوان (الحياة إرادة).. وهو من أروع ما أبدع هذا الفيلسوف. وكان كل يوم يمر على المكتبة ليرى كم عدد النسخ التي بيعت. كل يوم. وينظر الى نافذة المكتبة فيجد الكتب كما هي. وفي يوم وجد نسخة قد اختفت. فدخل يسأل من الذي اشتراها فقيل له فلان الفلاني استاذ الفلسفة في الجامعة. وأسعده ذلك. وذهب اليه في البيت يسأله إن كان الكتاب قد أعجبه. فاعتدل الأستاذ في جلسته وتراجع برأسه الى الوراء ووضع يده في جيبه. ثم قال : لم افهم ماذا تقول!
فغضب الفيلسوف وقال له: لماذا في كل مرة يقرأ انسان كتابا ويسمع نهيق حمار، لماذا يكون ذلك صوت المؤلف دائما؟!
واستاذنا عباس العقاد لم يكمل دراسته الثانوية. وكان يمقت اساتذة الجامعة واختار ان يصب غضبه على الدكاترة عبد الرحمن بدوي ومنصور باشا فهمي وعثمان أمين. وحاولنا ان نغير من رأي الاستاذ العقاد فلم نفلح. فليسوا كما يتصور.. وكان يهاجم طه حسين بعنف وكان يقول: إن طه حسين ليس (عميد) الأدب وانما هو(عمي) الادب ـ بتشديد الياء!
وان عبد الرحمن بدوي ساعي بريد..
وان لطفي السيد باشا مترجم..
وان منصور باشا فهمي ناظر مدرسة في الأرياف..
وقد حاول أساتذتي هؤلاء ان اشتغل بتدريس الفلسفة. اعترض العقاد وقال يا مولانا اذا كان لا بد ان يكون الإنسان حمارا، فلماذا لا تكون حمارا وحشيا.. هاها..