كانون
06-02-2003, 04:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قاطعوا مجالس الكفر والاستهزاء والسب والمعصية
في المنهج التربوي لا يكتفي الإسلام أن يوجّه الإنسان إلى الالتزام بالبرامج الأخلاقية التي لا بدّ له من ان يتمثلها في ذاته، بأن يطيع الله في كل ما أمره به وأن يطيعه فيما نهاه عنه، ولكن أراد أن يضع له منهجاً معيناً في موقفه من الآخرين الذين يواجهون الحق بالتحدي، ويتحركون في الخط المضاد للإسلام وأهله، فيوجهنا الله تعالى ان نقف منهم موقفاً احتجاجياً إيجابياً إذا كان الإيجاب هو الأسلوب الذي تسمح به الظروف، وذلك بأن نواجههم بالحوار وبالحجة والبرهان إذا كانوا ممن يطلقون كلمة الكفر أو نقد الإسلام من مواقع التحدي الفكري، أو نمنعهم من الخوض في ذلك بالقوة إذا كانت الظروف تسمح بذلك، ولم تكن هناك مفاسد إضافية من اللجوء إلى هذا الأسلوب، ولكن إذا كان الموقف لا يسمح بالردّ الفكري لأن القوم ليسوا أصحاب فكر، او لأنهم يملكون من القوة ما لا نستطيع ان نواجهه بحسب طبيعة الواقع، فكيف نقاوم هذا الوضع؟
أسلوب الإنسحاب:
إن الله تعالى بينّ هذا الموضع في آيتين، فقد ورد في قوله تعالى في سورة الأنعام{وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم}. والخوض في آيات الله يعني الحديث السلبي ضد المفاهيم التي تتضمنها آيات الله، أو ضد الشخصيات الرسالية التي تشير إليها آيات الله. فإذا لم تسطع أن تواجه هؤلاء لتردعهم عن ذلك{فأعرض عنهم} بكل وسائل الإعراض ـ{حتى يخوضوا في حديث غيره}. حاول أن تنسحب، أو إذا لم تستطع الإنسحاب فلا بدّ أن يتمثل الرفض في وجهك بحيث لا تقبل عليهم في المجلس، بل لا بدّ ان يكون موقفك موقف الإعراض عنهم و الإهمال لهم كما لو كانوا غير موجودين، لأن المطلوب ليس أن تقاطعهم تماماً إذا كانت لديك مصلحة باللقاء بهم، ولكن أن تحتج على حديثهم السلبي وأن تظهر ذلك في إمارات وجهك، فإذا انتهى حديثهم في هذا الاتجاه فيمكنك أن تعود إلى المجلس وأن تلتفت إليهم بما تحتاجه من الحديث معهم إذا لم تكن هناك مصلحة في المقاطعة الشاملة {وإمَّا يُنسينك الشيطان}. وأما إذا كنت في حالة غفلة عن الموقف ثم انتبهت إلى حديثهم وذكرت الموقف والمنهج الإسلامي {فلا تقعُد بعد الذّكرى مع القوم الظالمين}.
والله تعالى يقول في المقطع الثاني{وما على الذين ينفقون من حسابهم من شيء}. أي أنك لن تحاسب امام الله على ذنب مما تحدثوا به فإنهم يتحملون مسؤولية حديثهم، {ولكن ذكرى لعلهم يتّقون}. فبموقفك هذا الذي يمثل الصدمة لهم عندما تنسحب من المجلس او عندما تهملهم في حديثهم فربما يتذكرون بذلك ويتراجعون عمّا خاضوا فيه {لعلهم يتقون}[الأنعام؛68/69].
مجالس الكفر والاستهزاء:
وهناك آية ثانية وهي {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزأ بها}. فإذا جلست في مجلس وسمعت قوماً يكفرون بالإسلام وبرموزه أو يستهزئون بهم {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}. أي إذا قعدتم معهم وأقبلتم عليهم ولم تظهروا الاحتجاج على ذلك بالانسحاب او بالاهمال {إنكم إذا مثلهم}. لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس{أن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً}[النساء؛14] فموقفك حينئذ يكون موقف النفاق، حيث أنك تلتزم الإسلام ولكن ترضى بموقف من يهاجم الإسلام دون أن تحتج عل يه.
اتساع الخط لاغتياب المؤمنين أيضاً:
وهذا الخط ـ أيها الأحبة ـ لا ينحصر في الذين يكفرون بآيات الله أو يستهزئون بها، بل يشمل الذين يغتابون المؤمنين، أو الذين يتحدثون بالسوء عن المجاهدين والمصلحين، لأن الجريمة هي الجريمة، والموقف هو الموقف، لأنك عندما تتعدى على مؤمن فتغتابه أو تشوه صورته أو تتهمه أو تنسب إليه ما ليس فيه، فإنك بذلك تغدو ممن يخوض في آيات الله في حين أن الله تعالى أراد لنا أن لا نؤذي المؤمنين وان لا نغتابهم وأن لا نذلهم وأن لا نضرّهم، وما إلى ذلك، ولهذا ينبغي أن يكون الموقف من خلال الوحي القرآني هو أننا إذا جلسنا ف ي مجلس ينتقص فيه رمز من رموز الإسلام أو يكفر بحكم من أحكام الإسلام او بعقيدة من عقائده ولم نستطع أن نردّه بأسلوب من أساليب المواجهة الفكرية أو العملية فإن علينا ان نحتجّ بالموقف السلبي وهو الانسحاب من المجلس او بإيجاد جوّ يشغل هؤلاء عمّا هم فيه ويربك الجلسة، أو بإهمالهم بشكل لافت.
الموقف في السنّة المطهرة:
هذا جاء في القرآن الكريم، وإذا أتينا إلى السنّة المطهرة نجد النتائج السلبية للجلوس في مثل هذه المجالس. ففي الحديث عن أبي عبد الله الصادق(ع) قال:"لا ينبغي للمؤمن ان يجلس مجلسا يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره". أي بد له ان ينسحب حتى يكون انسحابه احتجاجاً على هذه المعصية وإعلاناً بأنه لا يرضى بها.
وفي الحديث عن (الجعفري) قال:"سمعت أبا الحسن (ع) يقول:مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟". أي تجلس مجلسه "فقال: إنه خالي، فقال: إنه يقول في الله قولاً عظيماً، ويصف الله ولا يوصف". أي يصف الله تعالى بما لا يتناسب مع جلاله وهو لا يوصف "فإما جلست معه وتركتنا وإمّا جلست معنا وتركته". أختر احد الأمرين فلا يمكن لك أن تجمع بين الجلوس معه والجلوس معنا لأن الإنسان عندما يندمج في مجلس من المجالس فمعنى ذلك أنه يلتزم هذا المجلس ويلتزم الفكر الذي يتحرك فيه ويوافق عليه ولا يرفضه. ولمّا كان مجلسنا ـ أي مج لس الإمام الصادق(ع) ـ من المجالس التي تعظّم الله سبحانه وتعالى في صفاته ولا تصفه بما لا يوصف به في مستوى الحقيقة، فهو مجلس الإسلام في صفاته ونقائه، أمّا مجلسه(أي مجلس عبد الرحمن بن يعقوب) فإنه مجلس الانحراف.
"فقلت: هو يقول ما شاء، أي شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول؟". فأنا أسمعه وهو يتحدث ولا التزام بكلامه، فأنا لا أقول قوله، وما دمت كذلك فأنا لا أتحمّل مسؤولية فكره حتى يعاقبني الله على ذلك، فكأنه يقول إن القضية ليست في أن يحضر الإنسان هذا المجلس بل هي أن يلتزم فكر وقول صاحبه.
"فقال أبو الحسن(ع): أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً". إنه مجلس سخط الله والذين يمكن ان ينزل الله بهم عذابه. "أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى(ع) وكان أبوه من أصحاب فرعون فلمّا لحقت خيل فرعون موسى تخلف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى، فمضى أبوه وهو يراغمه". أي يغاضبه فلا يتقبل منه "حتى بلغا طرفا من البحر فغرقا جميعاً، فأتي موسى(ع) الخبر، فقال هو في رحمة الله، ولكنّ النعمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المذنب دفاع".
ولذلك فإن على الإنسان ان لا يجلس في مجالس أهل الكفر والمعصية عندما يخوضون في حديث الكفر والمعصية لأن الله يمكن أن ينزل بهم عذابه فيعمّه حتى لو لم يكن من أهل المعاصي.
مقاطعة اهل الشك والبدع:
وفي الحديث عن النبي(ص) مما رواه الإمام الصادق (ع) قال:"قال رسول الله(ص) إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي". هؤلاء الشكّاكون الذين يقفون ضد حركة اليقين، او أهل البدع الذين يدخلون في الدين ما ليس فيه وينسبونه إلى الدين. "فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة". أي استخدموا أساليب الذم واللوم "وباهتوهم". أي واجهوهم بأن تجعلوهم متحيرين "كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس". أي حاولوا ان تعزلوهم عزلاً اجتماعياً وفكرياً بحيث يعرف الناس طبيعة الخط الذي يتحركون فيه والهدف الذي ينشدون ليسقطوا امام الناس "ولا يتعلمون من بدعهم". شيئاً، فإذا فعلتم ذلك، "يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة". لأن ذلك يمثل حالة من حالات الجهاد والرفض للباطل كله، ولعل من الضروري التنبيه على ضرورة التدقيق في نسبة البدعة أو الريب إلى أي شخص من خلال الدراسة الواعية المعمقة المرتكزة على أساس العلم والموضوعية حتى لا تكون النسبة منطلقه من حالة إنفعالية أو من عقدة نفسية أو غريزية، لأن بعض الناس قد يخلطون بين البدعة ومما لا يلتقي بأفكارنا الخاصة أو بالمشهور لدى العلماء وبين ال اجتهاد الجديد المرتكز على الكتاب والسنة، وقد يعتبرون ما يعتقدونه يمثل الحقيقة المطلقة في الإسلام من دون أساس.
مجالس الانتقاض من المؤمنين:
وفي حديث عن الإمام جعفر الصادق(ع) قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" والتفتوا هنا إلى ربط الإمام(ع) بين الجلوس في مثل هذه المجالس وبين الإيمان بالله واليوم الاخر الذي يفرض عليكم اعتزالها، فمن لم يلتزم بهذا فإن إيمانه يكون ضعيفاً "فلا يجلس مجلساً ينتقض فيه إمام او يعاب فيه مؤمن". ذلك لأن الإيمان بالله واليوم الاخر يفرض عليك ان تعظّم الائمة وترفض انتقاصهم، وتعظمّ المؤمنين وترفض أن يعيبهم أحد.
إتقاء اماكن الريبة:
وفي الرواية عن الإمام الصادق(ع) قال: " قال أمير المؤمنين (ع) صلوات الله عليه من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يقوم مكان ريبة".
أي لا يجلس المجالس التي يتهم فيها بالفسق او بالضلال أو ما إلى ذلك، باعتبار أن الذين يقومون عليها ويتحركون فيها هم من هؤلاء، وبذلك فإن جلوسه في هذا المكان يوجب اتهام الناس له وربما يوجب تلوّث قلبه وفساد روحه، لأن الإنسان إذا ألف مواقع الريبة والفسق والفجور فإن ذلك يدخل قلبهويسيطر على مشاعره وأحاسيسه، وربما ينفذ إلى عقله، والكثير من الناس استنبطوا الكثير من الأفكار الضالة او الأخلاق المنحرفة او المشاعر السيئة من خلال ما عاشوه من ذلك في بيئة ملوثة، فلما ألفوها ألفوا أفكارها ومشاعرها ودخلت إلى قلوبهم وعقولهم بطريقة لا شعورية.
وإننا لو جلسنا مع أنفسنا ودرسنا ما تختزنه عقولنا من بعض الأفكار المطلقة بعض العواطف والعلاقات والخطوط لرأينا أننا لم نختر ذلك، بل إن البيئة التي عشناها، سواء بيئة البيت أو المحلة او المدرسة أو المجتمع هي التي أدخلت ذلك كلّه في شخصياتنا، لأن الإنسان يألف فكر من يألفهم من الناس.
المجالس الممقوتة:
وعن أبي عبد الله الصادق(ع)، قال "ثلاثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم: مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه". أي الفتيا التي لا ترتكز على الصدق ولا على الحق بل تتحرك من موقع الباطل "ومجلساً ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رثّ". أي أن الجالسين فيه هم من الذين ينصبون العداوة لأهل البيت(ع) فيتحدثون عن فضائل أعدائهم ولا يتحدثون عن فضائلهم. "ومجلسا فيه من يصدّ عنّا وأنت تعلم". أي المجلس الذي يخذل فيه الناس عن أئمة أهل البيت(ع) بحيث يُردع الناس عن محبتهم وولايته م والتزام الخط الذي يعيشون فيه، وإذا كان ذلك فإن الأمر سوف يمتد إلى المجالس التي ينتقص فيها الإسلام وأحكامه ونبيّه، بل تمتد إلى المجالس التي يذكر فيها المستكبرون والظالمون والكافرون بالخير بينما يذكر المستضعفون والمظلومون والمؤمنون بالشرّ، وكذلك المجلس الذي ينتقص فيه من المجاهدين الذين يجاهدون أعداء الله ويطلب فيها العذر للظالمين والمحتلين الذين يحتّلون بلاد الإسلام.
"ثم تلا أبو عبد الله(ع) ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كنّ في فيه أو قال في كفّه {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}[الأنعام:108]". أي أن الإمام (ع) في مقام توجيه ان لا يتحدث الإنسان بحديث ضد أعداء الله بطريقة العصبية البعيدة عن العقل والإقناع بحيث يجعل الاخرين يقومون بردّ الفعل ضد أولياء الله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره}[الأنعام؛68]. {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}[النحل؛116]".
حضور مجالس السبّ معصية:
كما ورد في الحديث عن أبي عبد الله(ع): "من قعد عند سباب لأولياء الله"، سواء كانوا من الأئمة أو من العلماء المجاهدين او من المؤمنين الصالحين بحيث يخوض اهل هذا المجلس في هذه الأحاديث من خلال عقدة، أو بغض لله أو لأوليائه او ما إلى ذلك، "فقد عصى الله تعالى". أي القعود أو البقاء في المجلس الذي لا تنطلق المواجهة فيه بالكلمة أو الموقف يعدّ معصية إذا لم ينسحب الإنسان منه.
وقد ورد عن الإمام الباقر(ع) "من قعد في مجلس يسبّ فيه إمام من الأئمة، يقدر على الانتصاب". أي على القيام والاعتزال، وفي بعض النسخ(على الإنتصاف) وهو الانتقام، أي يستوفي الحق ويدافع عنه "فلم يفعل ألبسه الله الذلّ في الدنيا وعذّبه في الآخرة وسلبه صالح ما منّ به عليه من معرفتنا".
وعن (اليمان بن عبيد الله)، قال:رأيت (يحي بن أمّ طويل) وقف في الكناسة(وهي محلة واسعة في الكوفة) ثم نادى بأعلى صوته: "معشر أولياء الله إنا براء مما تسمعون، من سب علياً فعليه لعنة الله، ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون الله ثم يخفض صوته فيقول: من سبّ أولياء الله فلا تقاعدوه، ومن شكّ فيما نحن فلا تفاتحوه" إذا كان لا يتفاعل مع الحوار والانفتاح على الفكرة من خلال الحجة بل كان ممن يثير الشك من موقع العناد، "ومن احتاج إلى مسألتكم من إخوانكم فقد خنتموه". أي لم تعطوه الرأي الذي يلبي حاجاته الث قافية العقيدية والشرعية والمنهجية مما يحمل اعلماء والمثقفين مسؤولية ان العلماء والمثقفين أن يملأوا الفراغ الثقافي بالمبادرة إلى التعليم والتوعية لإخوانهم الذين ينتمون إلى ما يلتزمون به. "ثم يقرأ {إنا إعتدنا للظالمين ناراً بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً}[الكهف؛29]".
إن أحاديث اهل البيت(ع) المروية عن رسول الله(ص) وما استوحاه (ص) تؤكد على المنهج الإسلامي التربوي الذي يتلخص في أن ننكر على الذين يتحدثون بالطريقة السلبية أو الأساليب المهينة للإسلام ولأهله وللمجاهدين والصالحين من عباد الله، وأن نردّهم بالكلمة القوية إذا استطعنا، وأن نحاورهم إذا كانوا من أهل الحوار لنثبت لهم خطأهم، فإذا لم نستطع ذلك فعلينا أن ننسحب من المجلس أو نهملهم حتى نذلّ موقفهم، ونبعد عنهم وعن كلماتهم من أجل أن يبقى الحق قوياً عند أهله والباطل ضعيفاً عند أهله.
أيها الأحبة: إن الالتزام بالإسلام يفرض علينا ان نعزّ الإسلام في مواقفنا وأن نواجه الذين يعملون على إضعافه وإذلاله بالوسائل الإيجابية ما أمكن ذلك والسلبية إن لم يمكن ذلك، المهم هو أن يكون الإنسان صاحب موقف لا ان يكون بعيداً عن الموقف فلا هو مع الحق ولا هو مع الباطل، لأن الذي لا يكون مع الحق فهو مع الباطل حتى لو لم ينصر الباطل، فالله يريدنا أن نقول كلمة الحق وأن نقف موقف الحق وان نساند أصحاب الحق وان نخذل الباطل بكل ما عندنا من فكر وقوة وعلم{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردو ن إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}[التوبة؛105].
والحمد لله رب العالمين
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله دام علمه الوارف
قاطعوا مجالس الكفر والاستهزاء والسب والمعصية
في المنهج التربوي لا يكتفي الإسلام أن يوجّه الإنسان إلى الالتزام بالبرامج الأخلاقية التي لا بدّ له من ان يتمثلها في ذاته، بأن يطيع الله في كل ما أمره به وأن يطيعه فيما نهاه عنه، ولكن أراد أن يضع له منهجاً معيناً في موقفه من الآخرين الذين يواجهون الحق بالتحدي، ويتحركون في الخط المضاد للإسلام وأهله، فيوجهنا الله تعالى ان نقف منهم موقفاً احتجاجياً إيجابياً إذا كان الإيجاب هو الأسلوب الذي تسمح به الظروف، وذلك بأن نواجههم بالحوار وبالحجة والبرهان إذا كانوا ممن يطلقون كلمة الكفر أو نقد الإسلام من مواقع التحدي الفكري، أو نمنعهم من الخوض في ذلك بالقوة إذا كانت الظروف تسمح بذلك، ولم تكن هناك مفاسد إضافية من اللجوء إلى هذا الأسلوب، ولكن إذا كان الموقف لا يسمح بالردّ الفكري لأن القوم ليسوا أصحاب فكر، او لأنهم يملكون من القوة ما لا نستطيع ان نواجهه بحسب طبيعة الواقع، فكيف نقاوم هذا الوضع؟
أسلوب الإنسحاب:
إن الله تعالى بينّ هذا الموضع في آيتين، فقد ورد في قوله تعالى في سورة الأنعام{وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم}. والخوض في آيات الله يعني الحديث السلبي ضد المفاهيم التي تتضمنها آيات الله، أو ضد الشخصيات الرسالية التي تشير إليها آيات الله. فإذا لم تسطع أن تواجه هؤلاء لتردعهم عن ذلك{فأعرض عنهم} بكل وسائل الإعراض ـ{حتى يخوضوا في حديث غيره}. حاول أن تنسحب، أو إذا لم تستطع الإنسحاب فلا بدّ أن يتمثل الرفض في وجهك بحيث لا تقبل عليهم في المجلس، بل لا بدّ ان يكون موقفك موقف الإعراض عنهم و الإهمال لهم كما لو كانوا غير موجودين، لأن المطلوب ليس أن تقاطعهم تماماً إذا كانت لديك مصلحة باللقاء بهم، ولكن أن تحتج على حديثهم السلبي وأن تظهر ذلك في إمارات وجهك، فإذا انتهى حديثهم في هذا الاتجاه فيمكنك أن تعود إلى المجلس وأن تلتفت إليهم بما تحتاجه من الحديث معهم إذا لم تكن هناك مصلحة في المقاطعة الشاملة {وإمَّا يُنسينك الشيطان}. وأما إذا كنت في حالة غفلة عن الموقف ثم انتبهت إلى حديثهم وذكرت الموقف والمنهج الإسلامي {فلا تقعُد بعد الذّكرى مع القوم الظالمين}.
والله تعالى يقول في المقطع الثاني{وما على الذين ينفقون من حسابهم من شيء}. أي أنك لن تحاسب امام الله على ذنب مما تحدثوا به فإنهم يتحملون مسؤولية حديثهم، {ولكن ذكرى لعلهم يتّقون}. فبموقفك هذا الذي يمثل الصدمة لهم عندما تنسحب من المجلس او عندما تهملهم في حديثهم فربما يتذكرون بذلك ويتراجعون عمّا خاضوا فيه {لعلهم يتقون}[الأنعام؛68/69].
مجالس الكفر والاستهزاء:
وهناك آية ثانية وهي {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزأ بها}. فإذا جلست في مجلس وسمعت قوماً يكفرون بالإسلام وبرموزه أو يستهزئون بهم {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}. أي إذا قعدتم معهم وأقبلتم عليهم ولم تظهروا الاحتجاج على ذلك بالانسحاب او بالاهمال {إنكم إذا مثلهم}. لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس{أن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً}[النساء؛14] فموقفك حينئذ يكون موقف النفاق، حيث أنك تلتزم الإسلام ولكن ترضى بموقف من يهاجم الإسلام دون أن تحتج عل يه.
اتساع الخط لاغتياب المؤمنين أيضاً:
وهذا الخط ـ أيها الأحبة ـ لا ينحصر في الذين يكفرون بآيات الله أو يستهزئون بها، بل يشمل الذين يغتابون المؤمنين، أو الذين يتحدثون بالسوء عن المجاهدين والمصلحين، لأن الجريمة هي الجريمة، والموقف هو الموقف، لأنك عندما تتعدى على مؤمن فتغتابه أو تشوه صورته أو تتهمه أو تنسب إليه ما ليس فيه، فإنك بذلك تغدو ممن يخوض في آيات الله في حين أن الله تعالى أراد لنا أن لا نؤذي المؤمنين وان لا نغتابهم وأن لا نذلهم وأن لا نضرّهم، وما إلى ذلك، ولهذا ينبغي أن يكون الموقف من خلال الوحي القرآني هو أننا إذا جلسنا ف ي مجلس ينتقص فيه رمز من رموز الإسلام أو يكفر بحكم من أحكام الإسلام او بعقيدة من عقائده ولم نستطع أن نردّه بأسلوب من أساليب المواجهة الفكرية أو العملية فإن علينا ان نحتجّ بالموقف السلبي وهو الانسحاب من المجلس او بإيجاد جوّ يشغل هؤلاء عمّا هم فيه ويربك الجلسة، أو بإهمالهم بشكل لافت.
الموقف في السنّة المطهرة:
هذا جاء في القرآن الكريم، وإذا أتينا إلى السنّة المطهرة نجد النتائج السلبية للجلوس في مثل هذه المجالس. ففي الحديث عن أبي عبد الله الصادق(ع) قال:"لا ينبغي للمؤمن ان يجلس مجلسا يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره". أي بد له ان ينسحب حتى يكون انسحابه احتجاجاً على هذه المعصية وإعلاناً بأنه لا يرضى بها.
وفي الحديث عن (الجعفري) قال:"سمعت أبا الحسن (ع) يقول:مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟". أي تجلس مجلسه "فقال: إنه خالي، فقال: إنه يقول في الله قولاً عظيماً، ويصف الله ولا يوصف". أي يصف الله تعالى بما لا يتناسب مع جلاله وهو لا يوصف "فإما جلست معه وتركتنا وإمّا جلست معنا وتركته". أختر احد الأمرين فلا يمكن لك أن تجمع بين الجلوس معه والجلوس معنا لأن الإنسان عندما يندمج في مجلس من المجالس فمعنى ذلك أنه يلتزم هذا المجلس ويلتزم الفكر الذي يتحرك فيه ويوافق عليه ولا يرفضه. ولمّا كان مجلسنا ـ أي مج لس الإمام الصادق(ع) ـ من المجالس التي تعظّم الله سبحانه وتعالى في صفاته ولا تصفه بما لا يوصف به في مستوى الحقيقة، فهو مجلس الإسلام في صفاته ونقائه، أمّا مجلسه(أي مجلس عبد الرحمن بن يعقوب) فإنه مجلس الانحراف.
"فقلت: هو يقول ما شاء، أي شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول؟". فأنا أسمعه وهو يتحدث ولا التزام بكلامه، فأنا لا أقول قوله، وما دمت كذلك فأنا لا أتحمّل مسؤولية فكره حتى يعاقبني الله على ذلك، فكأنه يقول إن القضية ليست في أن يحضر الإنسان هذا المجلس بل هي أن يلتزم فكر وقول صاحبه.
"فقال أبو الحسن(ع): أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً". إنه مجلس سخط الله والذين يمكن ان ينزل الله بهم عذابه. "أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى(ع) وكان أبوه من أصحاب فرعون فلمّا لحقت خيل فرعون موسى تخلف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى، فمضى أبوه وهو يراغمه". أي يغاضبه فلا يتقبل منه "حتى بلغا طرفا من البحر فغرقا جميعاً، فأتي موسى(ع) الخبر، فقال هو في رحمة الله، ولكنّ النعمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المذنب دفاع".
ولذلك فإن على الإنسان ان لا يجلس في مجالس أهل الكفر والمعصية عندما يخوضون في حديث الكفر والمعصية لأن الله يمكن أن ينزل بهم عذابه فيعمّه حتى لو لم يكن من أهل المعاصي.
مقاطعة اهل الشك والبدع:
وفي الحديث عن النبي(ص) مما رواه الإمام الصادق (ع) قال:"قال رسول الله(ص) إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي". هؤلاء الشكّاكون الذين يقفون ضد حركة اليقين، او أهل البدع الذين يدخلون في الدين ما ليس فيه وينسبونه إلى الدين. "فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة". أي استخدموا أساليب الذم واللوم "وباهتوهم". أي واجهوهم بأن تجعلوهم متحيرين "كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس". أي حاولوا ان تعزلوهم عزلاً اجتماعياً وفكرياً بحيث يعرف الناس طبيعة الخط الذي يتحركون فيه والهدف الذي ينشدون ليسقطوا امام الناس "ولا يتعلمون من بدعهم". شيئاً، فإذا فعلتم ذلك، "يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة". لأن ذلك يمثل حالة من حالات الجهاد والرفض للباطل كله، ولعل من الضروري التنبيه على ضرورة التدقيق في نسبة البدعة أو الريب إلى أي شخص من خلال الدراسة الواعية المعمقة المرتكزة على أساس العلم والموضوعية حتى لا تكون النسبة منطلقه من حالة إنفعالية أو من عقدة نفسية أو غريزية، لأن بعض الناس قد يخلطون بين البدعة ومما لا يلتقي بأفكارنا الخاصة أو بالمشهور لدى العلماء وبين ال اجتهاد الجديد المرتكز على الكتاب والسنة، وقد يعتبرون ما يعتقدونه يمثل الحقيقة المطلقة في الإسلام من دون أساس.
مجالس الانتقاض من المؤمنين:
وفي حديث عن الإمام جعفر الصادق(ع) قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" والتفتوا هنا إلى ربط الإمام(ع) بين الجلوس في مثل هذه المجالس وبين الإيمان بالله واليوم الاخر الذي يفرض عليكم اعتزالها، فمن لم يلتزم بهذا فإن إيمانه يكون ضعيفاً "فلا يجلس مجلساً ينتقض فيه إمام او يعاب فيه مؤمن". ذلك لأن الإيمان بالله واليوم الاخر يفرض عليك ان تعظّم الائمة وترفض انتقاصهم، وتعظمّ المؤمنين وترفض أن يعيبهم أحد.
إتقاء اماكن الريبة:
وفي الرواية عن الإمام الصادق(ع) قال: " قال أمير المؤمنين (ع) صلوات الله عليه من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يقوم مكان ريبة".
أي لا يجلس المجالس التي يتهم فيها بالفسق او بالضلال أو ما إلى ذلك، باعتبار أن الذين يقومون عليها ويتحركون فيها هم من هؤلاء، وبذلك فإن جلوسه في هذا المكان يوجب اتهام الناس له وربما يوجب تلوّث قلبه وفساد روحه، لأن الإنسان إذا ألف مواقع الريبة والفسق والفجور فإن ذلك يدخل قلبهويسيطر على مشاعره وأحاسيسه، وربما ينفذ إلى عقله، والكثير من الناس استنبطوا الكثير من الأفكار الضالة او الأخلاق المنحرفة او المشاعر السيئة من خلال ما عاشوه من ذلك في بيئة ملوثة، فلما ألفوها ألفوا أفكارها ومشاعرها ودخلت إلى قلوبهم وعقولهم بطريقة لا شعورية.
وإننا لو جلسنا مع أنفسنا ودرسنا ما تختزنه عقولنا من بعض الأفكار المطلقة بعض العواطف والعلاقات والخطوط لرأينا أننا لم نختر ذلك، بل إن البيئة التي عشناها، سواء بيئة البيت أو المحلة او المدرسة أو المجتمع هي التي أدخلت ذلك كلّه في شخصياتنا، لأن الإنسان يألف فكر من يألفهم من الناس.
المجالس الممقوتة:
وعن أبي عبد الله الصادق(ع)، قال "ثلاثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم: مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه". أي الفتيا التي لا ترتكز على الصدق ولا على الحق بل تتحرك من موقع الباطل "ومجلساً ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رثّ". أي أن الجالسين فيه هم من الذين ينصبون العداوة لأهل البيت(ع) فيتحدثون عن فضائل أعدائهم ولا يتحدثون عن فضائلهم. "ومجلسا فيه من يصدّ عنّا وأنت تعلم". أي المجلس الذي يخذل فيه الناس عن أئمة أهل البيت(ع) بحيث يُردع الناس عن محبتهم وولايته م والتزام الخط الذي يعيشون فيه، وإذا كان ذلك فإن الأمر سوف يمتد إلى المجالس التي ينتقص فيها الإسلام وأحكامه ونبيّه، بل تمتد إلى المجالس التي يذكر فيها المستكبرون والظالمون والكافرون بالخير بينما يذكر المستضعفون والمظلومون والمؤمنون بالشرّ، وكذلك المجلس الذي ينتقص فيه من المجاهدين الذين يجاهدون أعداء الله ويطلب فيها العذر للظالمين والمحتلين الذين يحتّلون بلاد الإسلام.
"ثم تلا أبو عبد الله(ع) ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كنّ في فيه أو قال في كفّه {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}[الأنعام:108]". أي أن الإمام (ع) في مقام توجيه ان لا يتحدث الإنسان بحديث ضد أعداء الله بطريقة العصبية البعيدة عن العقل والإقناع بحيث يجعل الاخرين يقومون بردّ الفعل ضد أولياء الله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره}[الأنعام؛68]. {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون}[النحل؛116]".
حضور مجالس السبّ معصية:
كما ورد في الحديث عن أبي عبد الله(ع): "من قعد عند سباب لأولياء الله"، سواء كانوا من الأئمة أو من العلماء المجاهدين او من المؤمنين الصالحين بحيث يخوض اهل هذا المجلس في هذه الأحاديث من خلال عقدة، أو بغض لله أو لأوليائه او ما إلى ذلك، "فقد عصى الله تعالى". أي القعود أو البقاء في المجلس الذي لا تنطلق المواجهة فيه بالكلمة أو الموقف يعدّ معصية إذا لم ينسحب الإنسان منه.
وقد ورد عن الإمام الباقر(ع) "من قعد في مجلس يسبّ فيه إمام من الأئمة، يقدر على الانتصاب". أي على القيام والاعتزال، وفي بعض النسخ(على الإنتصاف) وهو الانتقام، أي يستوفي الحق ويدافع عنه "فلم يفعل ألبسه الله الذلّ في الدنيا وعذّبه في الآخرة وسلبه صالح ما منّ به عليه من معرفتنا".
وعن (اليمان بن عبيد الله)، قال:رأيت (يحي بن أمّ طويل) وقف في الكناسة(وهي محلة واسعة في الكوفة) ثم نادى بأعلى صوته: "معشر أولياء الله إنا براء مما تسمعون، من سب علياً فعليه لعنة الله، ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون الله ثم يخفض صوته فيقول: من سبّ أولياء الله فلا تقاعدوه، ومن شكّ فيما نحن فلا تفاتحوه" إذا كان لا يتفاعل مع الحوار والانفتاح على الفكرة من خلال الحجة بل كان ممن يثير الشك من موقع العناد، "ومن احتاج إلى مسألتكم من إخوانكم فقد خنتموه". أي لم تعطوه الرأي الذي يلبي حاجاته الث قافية العقيدية والشرعية والمنهجية مما يحمل اعلماء والمثقفين مسؤولية ان العلماء والمثقفين أن يملأوا الفراغ الثقافي بالمبادرة إلى التعليم والتوعية لإخوانهم الذين ينتمون إلى ما يلتزمون به. "ثم يقرأ {إنا إعتدنا للظالمين ناراً بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً}[الكهف؛29]".
إن أحاديث اهل البيت(ع) المروية عن رسول الله(ص) وما استوحاه (ص) تؤكد على المنهج الإسلامي التربوي الذي يتلخص في أن ننكر على الذين يتحدثون بالطريقة السلبية أو الأساليب المهينة للإسلام ولأهله وللمجاهدين والصالحين من عباد الله، وأن نردّهم بالكلمة القوية إذا استطعنا، وأن نحاورهم إذا كانوا من أهل الحوار لنثبت لهم خطأهم، فإذا لم نستطع ذلك فعلينا أن ننسحب من المجلس أو نهملهم حتى نذلّ موقفهم، ونبعد عنهم وعن كلماتهم من أجل أن يبقى الحق قوياً عند أهله والباطل ضعيفاً عند أهله.
أيها الأحبة: إن الالتزام بالإسلام يفرض علينا ان نعزّ الإسلام في مواقفنا وأن نواجه الذين يعملون على إضعافه وإذلاله بالوسائل الإيجابية ما أمكن ذلك والسلبية إن لم يمكن ذلك، المهم هو أن يكون الإنسان صاحب موقف لا ان يكون بعيداً عن الموقف فلا هو مع الحق ولا هو مع الباطل، لأن الذي لا يكون مع الحق فهو مع الباطل حتى لو لم ينصر الباطل، فالله يريدنا أن نقول كلمة الحق وأن نقف موقف الحق وان نساند أصحاب الحق وان نخذل الباطل بكل ما عندنا من فكر وقوة وعلم{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردو ن إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}[التوبة؛105].
والحمد لله رب العالمين
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله دام علمه الوارف