المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ونام يوما واحدا! .... أنيس منصور



على
03-10-2005, 05:08 PM
(1-2)

أنيس منصور

أضيف أشكالا اخرى من النوم الى التي عرضها علينا وأغاظنا بها الاستاذ مشعل السديري. فلقد كنت مدعوا الى الغداء في بيت رئيس اسرائيل عيزر فايتسمان. وفجأة وجدناه يأكل وحده. ونبهته زوجته فاعتذر وقال انهم علموه في الجيش أن الانسان اذا وجد طعاما يجب ان يتناوله فورا لأنه لا يعرف متى سيأكل. واذا اتيحت له فرصة أن ينام فيجب أن يغرق في النوم، فلا يعرف متى سينام بعد ذلك. وكاد ينام لولا أن نبهناه الى ذلك. واعتذر!

كنا مع الرئيس السادات في ليبريا. وهبطت الأمطار وغرق المطار ولم تستطع طائرة الرئيس أن تتحرك فالمطار ليس مجهزا بوسائل الانقاذ. فجاءت طائرة تجارية من مصر. أصغر طبعا وفوجئنا بأن الرئيس السادات قد تمدد على ارض الطائرة. وأصدر تعليماته بأن نتحرك ذهابا وايابا الى دروة المياه وأن نأكل ونشرب على حريتنا.. والغريب جدا أن الرئيس قد استغرق في النوم!

والكاتب الدنمركي مانس كريستيان اندرسن مؤلف قصص الأطفال كان يضع الى جوار سريره ورقة عليها هذه العبارة الموجهة الى صاحبة البيت: أنا لست ميتا ولكن أبدو كذلك!
وكان صديقنا الشاعر كامل الشناوي يظل طول الليل يشرب عشرات فناجيل القهوة السادة حتى تستنفد كل ما لديه من قدرة على اليقظة وفجأة ينام. ولا يحلو له النوم الا في السيارة. فاذا تحركت نام. وكنا نتناوب ذلك. فيركب السيارة ويقول: اتجه الى الهرم أو مطار القاهرة ويظل نائما ما دام احد الى جواره فاذا طلع النهار عدنا به الى بيته لينام بمنتهى العمق في ضوء النهار!

وعندما أعلنت مؤسسة الفضاء الأميركية أنها سوف تدرب عشرين كاتبا وباحثا ـ احدهم من افريقيا تقدمت. وساعدني د. فاروق الباز وعندي معلومات لا بأس بها عن الفلك ورحلات الفضاء. وتراسلنا. وطلبوا منى انقاص وزني. ممكن، وان اتعلم السباحة. ممكن.. ولكن اللي مش ممكن ابدا أن اتدرب على النوم بلا حبوب ولا حقن ولا مخدرات عشر ساعات يوميا ـ أي ما يعادل نومي في ثلاثة ايام ـ هذا إن زارني النوم!

ومن عجائب ما ذكر الاستاذ السديري أنه يستخدم المكيف كحاجز صوتي للأصوات الأخرى فينام. أنا يا سيدي لا استطيع أن أنام في المكيف حتى اذا لم يكن له صوت لا صيفا ولا شتاء ولا مكيف في غرفة النوم ولا في المكتب ولا في السيارة لأنني أتغطى باللحاف والبطانية صيفا وشتاء!!

وقد اوصيت بعبارة تنقش على قبري تقول: عاش كذا سنة ونام ليلة واحدة!
أما الليلة الواحدة فقد كانت في الفلبين. بدأت يومي بزيارة السفير المصري الذي يقبل كل السيدات والفتيات وأنا أتفرج وأندهش.. وعند الظهيرة تناولت غذائي من الاستاكوزا مع البطاطس في الفرن.. ومع الشاي تناولت فاكهة الياباز. وتمددت في فراشي بعض الوقت لكي اتمكن من السهر ليلا. وحدثت المعجزة. نمت حتى الصباح لدرجة أنني تخيلت أنني قد فارقت الدنيا.. فرحت أتلمس نفسي.. وحاولت في اليوم التالي أن افعل بالضبط ما فعلته بالأمس ابتداء من قبلات السفير حتى الاستاكوزا.. ولم يحدث شيء حتى يومنا هذا!