مجاهدون
03-10-2005, 07:36 AM
كتابات - عبداللطيف الحرز
1
(( لماذا في العراق كل هذا العدد العملاق من الكتاب والمثقفين ؟!!)) سؤال حير غالبية الباحثين ومثقفي التاريخ (= لاحظ مثلا كتابات سيار الجميل مثلا ) , ولكي ندخل في صلب الموضوع نقول هنا :
بلا شك ان العراق هو اقدم البلدان في الاتصال الحضاري , والارث الحضاري القديم هو تراث ديني , والنصوص الدينية في واقعها هي ذاتها اقدم اثر شعري وادبي , وعليه كان من الطبيعي ان يكون العراق منتجا بشكل مستمر للرموز الدينية والشعرية وان يكون فيه كل هذا العدد من الكتاب والانتلجنسيا لقلق علاقة الدين بالواقع العراقي المضطرب بالحروب واختلاف القوميات من جهة وقلق علاقة الادب بالواقع وقلق علاقة الادب مع الدين . و حسب هذا النسق كان الشعر يوظف لصالح الدين في احيان كثيرة(كما هو حال شعر المديح والرثاء في المنابر والحسينيات مثلا ) واحيان كثيرة اخرى يجري توظيف النصوص الدينية لصالح الشعر (كما هو الحال في نصوص الحلاج وابن عربي والحسن بن علي مثلا ).. وعليه فماذا بقي من الدين ؟! .. مالذي بقي من الشعر ؟! .. هل تطورت علاقة الدين بالشعر والشعر بالدين ؟! .. هل هذا التحليل يكفي لتفسير كثرة اعتماد الشعراء الحداثويين على نصوص التراث الديني ..ام ان هنالك تحليل آخر ؟!
... هذه جملة من الاسئلة اتركها لسلسة بحثنا (( الشاعر دكتاتورا )) .. والذي سنقف فيه على كل سؤال على حده .. لكن يبقى بين ايدينا هذا السؤال اليتيم : (( مالذي تبقى ؟!)) وهو سؤال يتيم رغم كونه الاب او قل الاصل والجذر لجميع الاسئلة(= لكون كلمة اب غير محببة لدينا لاسباب سبق ذكرها للقارئ ) .. فهو سؤال لم تطرحه الثقافة العراقية ابدا( والعربية عموما ) .. فكما يجدول الفكر الديني ايام السنة بولادات ووفيات النبي وعائلته , وكما يجدول التيار السياسي السنة بالفتوحات العسكرية وخيباته .. يجدول التيار الثقافي السنة بوفيات كتّابه واصحاب القلم القائمين عليه . وهي مفارقة تستحق التأمل : لماذا الاحتفال هنا يجري بالموت فقط ؟! .. لماذا لايجري الاحتفال _ مثلا _ بظهور اول قصة عربية لاحمدالسيد , او ظهور اول قصيدة تجديدة للسياب او لمحمود البريكان او لحسين مردان ... لماذا الجدولة هنا تعتمد على الموت فقط ؟!
.... مهما اعطينا من جواب انشائي يقوم على استجداء العاطفة والتباكي على الثقافة واهلها , او منحنا هذا السؤال وقفة تأملية جادة ... يبقى الامر الواقع الثابت المشترك , هو (( احتفالي )) او كما نسميه تأدبا (( تكريمي )) او كما قد يصرح بعض الاحيان (( الاحتفاء )) ... عليه كان هنالك هروب دائم من هذا ((السؤال- الجذر)) : مالذي تبقى من فهد والفكر الشيوعي العراقي ؟! .. مالذي تبقى من السياب ؟! ... مالذي تبقى من حسين مردان ؟!
... مالذي تبقى من علي الوردي .. مالذي تبقى من محمد باقر الصدر .. مالذي تبقى من عزيز سيدجاسم .. مالذي تبقى من هادي العلوي .. مالذي تبقى من محمد صادق الصدر.. مالذي تبقى من الجواهري .. ؟! .. مالذي تبقى واي ثمرة بقت في ايدينا من حركة السياسة العراقية ( والعربية ) احزابا وحكومات ؟! ... مالذي تبقى من المد الشيوعي .. مالذي تبقى من الموروث الديني وحركته وحوزته وازهره ؟!
... مالذي تبقى من الشعر القديم والحديث وماهي الصلة بينهما اليوم واي شيء علينا ان نطوره كاناس عاديين او باحثين ومحليلين او شعراء ونقاد ؟! ... مالذي تبقى .. مالذي تبقى ...الخ ... عشرون الف سؤال على شجرة الواقع ولا جواب واحد في اليد ... (( لماذا ..؟!)) لكوننا لم نطرح مثل هذا السؤال نهائيا فهو يدخل في المحرم الديني و التابوالسياسي والثقافي .... هذا السؤال مفقود رغم كل هذه الاطنان التي تطالب بالنقد والتجديد ومراجعة الذات والحداثة و .. و .. الخ , لكون هذا السؤال يورط صاحبه مرتين : مرة عليه ان يكشف عن خبرته الحقيقية التي يدعيها فيكتب بصورة واضحة خالية من الترميز وخالية من تكرار تجارب سابقة , وان يضع يده هنا ويقول هذه الابيات فقط هي التي همنا اليوم من شعر السياب او البياتي او بولند الحيدري او الجواهري
.. لهذا السبب وهذا السبب .. ويضع يده على اوراق علي الوردي او هادي العلوي او باقر الصدر او الخميني او .. ويقول هذه فقط المادة الحية اما البقية فهي كتابات ترتبط بمرحلة تاريخية تجاوزناها لاسباب التالية . وهذه عملية كما ترى ليست انشاءا غامضا يتستر به الكاتب ويخفي في جوف الكلمات المظلمة والحروف المعتمة , جهله وقلة خبرته .. الكاتب هنا يكتب تحت ضوء الشمس ويتكلم بصوت عال بدون ضمير مستتر او غائب او مقصي تحت ادعاء النص النخبوي وكونه يخاطب القلة البارعة (( الفلته)) , وفي الحقيقة انه يحكي مع نفسه وساوس لاغير ويطالب من الاخرين تمجديها وتسول المعاني لها , .. وهي مهمة لايقوم بها الا من لايخاف الوقوع في الخطأ , والوقوع في الخطأ هو اشد مايبتعد عنه حديث وخطاب المثقف العربي لكونه يطرح نصه نص قرآني لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , واذا ماوجدت خطأ فهو لقلة ذوقك وسوء نظرك وخبث طويتك (!!) .. هذا السؤال _الجذر (= ماالذي تبقى ؟!) سؤال يمثل الفأس التي تهدم الاصنام الدينية والسياسية والثقافية , فالكاتب الناجح بعد موته سيتحول الى عثرة حقيقة امام التطور الفكري من خلال اربعة مشكلات لااقل :
1- انغماس البعض بالكتابة التأبينية عن هذا الرمز , حيث تتحول ذكراه السنوية الى حفل تعزية او تمجيد
2- سوف يجد المتثيقفين وانصاف المتعلمين والكتاب , في هذا الرمز بابا مفتوحا للانشاء والاجترار , من خلال تلخيص افكاره القديمة ذاتها , او ثرد الافاظ وفتح مواسير الاسهال السردي حوله . وفي الواقع ان ظاهرة المتثيقفين ظاهرة تستحق الوقوف والدراسة المتخصصة , فانصاف المتعلمين والهواة هولاء لايطرحون انفسهم ((قراء )) يراجعون مايفهمونه , وانما كتاب سياسيين او نقاد او شعراء او ..الخ , ومن النادر جدا ان يأتوا بشيء يستحق الذكر وهم قد ساهموا مساهمة فعالة في نفخ الكثير من الاسماء وعتمو اللوحة الثقافية العراقية (والعربية ) بسواد كتاباتهم , كماساهموا في اشعال نيران معارك ادبية وكتابية تافهة استنفدت الكثير من الوقت والطاقات واربكت الساحة واشغلت الناس عن امور جادة وخطيرة تقع بينهم وفيهم بشكل مستمر , ولولا ضيق الوقت والانشغال بما هو أهم لخصصت دراسة مستقلة باسماء هولاء واي تاثير سلبي احدثوه ويحدثونه (= طبعا قد اكون انا منهم بل قد اكون على رأسهم اصلا ) .
3- تحول اعمال مثل هذا الكاتب الى ميزان نزن عليه صحة الافكار والاراء من خطئها . ففي حين كان هذا الكاتب او المفكر هو كاتب من الكتاب وناشط من الناشطين يتحول الان الى كونه (( الاركانون )) الجديد والمنطق الذي نحاكم به الافكار (= فتاوى ... توجه سياسي .. طريقة التعبير الشعري ... الشكل المسرحي .. التعبير الفني .. الخ )
4- على ان الامر سيتفاقم اكثر فيما لواصبح هذا الكاتب رمزا سياسيا ايضا .. فمثلا لو اننا ابقينا على خمسة بالمئة فقط من افكار الخميني وباقر الصدر ومحمد باقر الحكيم فمالذي سيبقى عندها من ايران وحزب الدعوة والمجلس الاعلى, وقل ذات الامر بالنسبة للحركة القاسمية والاخوان المسلمين والحركة الدستورية والحزب الشيوعي ؟! .. ومن هنا تجد ان هذه المؤسسات السياسية سوف تترصد بالبحث العلمي وتحاول ان تشوهه وتوقفه لكونه يهدم الاساس الذي تقوم عليه .
اذا فكما اننا نجد ان الذي يفسر القرآن اليوم يتعامل مع النص والواقع بالذات الذي كان يفسر القرآن قبل اكثر من الف سنه , فاننا نجد ذات الممارسة في المعسكر الثقافي , حيث لافرق بين قراء السياب في الامس ولا قراءه اليوم ( بل ولافرق بين قراء ابو تمام والتمنبي في الامس وقرائهم اليوم ) , وقل ذات الامر لدى قراء علي الوردي او باقر الصدر وماقبلهما ومابعدهما , ومن هنا نستخلص ان لاتصادم جوهري مابين المعسكر السياسي والديني والثقافي , وما نراه ماهو الاتصادم على مستوى السطح والقشر فقط . اذن لافرق بين اللا طمين على الامام الحسين بن علي وبين المتباكين على عبدالكريم قاسم او الفكر الشيوعي او السياب
.. وان يكون ((السؤال _ الجذر)) هو بمثابة عملية ارهابية تفجر الوضع السائد والراكد , وعليه كان على الناقد ان يرجم باحجار متعددة من قبل الاطراف الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية فهو كافر ومارق ديني وثقافي . فنحن نريد التحرر والتجديد والحداثة لكن من دون المساس بأحد , لذا سيجري الطعن بالناقد الذي يفكك ويحلل ولايقوم بالشرح والترديد ذات النص نفسه (= كماسيقول ذلك صراحة قاسم حداد عربيا وعبدالرزاق الربيعي عراقيا , وهي مقولة عموم الناشطين في المجال الادبي خصوصا ) , فتفكيك الشيء يقتضي الخروج عنه واي شيء يعني (( الفسق )) الديني والثقافي غير كونك خارج عن سرب القطيع هذا ... نحن نريد حرية وتجديد لكن مع الابقاء على عبودية الاصنام وعدم المساس بسادن الكعبة الدينية والثقافية.. علينا الخروج من صدفة التخلف والهزيمة والخروج الى شوارع الحضارة الواسعة لكن من دون السؤال : ايها الناس الرطوبة تتصاعد وسوف تصدأ الابواب والاقفال .. في جيب من تقطن المفاتيح ؟!
تابع ........
1
(( لماذا في العراق كل هذا العدد العملاق من الكتاب والمثقفين ؟!!)) سؤال حير غالبية الباحثين ومثقفي التاريخ (= لاحظ مثلا كتابات سيار الجميل مثلا ) , ولكي ندخل في صلب الموضوع نقول هنا :
بلا شك ان العراق هو اقدم البلدان في الاتصال الحضاري , والارث الحضاري القديم هو تراث ديني , والنصوص الدينية في واقعها هي ذاتها اقدم اثر شعري وادبي , وعليه كان من الطبيعي ان يكون العراق منتجا بشكل مستمر للرموز الدينية والشعرية وان يكون فيه كل هذا العدد من الكتاب والانتلجنسيا لقلق علاقة الدين بالواقع العراقي المضطرب بالحروب واختلاف القوميات من جهة وقلق علاقة الادب بالواقع وقلق علاقة الادب مع الدين . و حسب هذا النسق كان الشعر يوظف لصالح الدين في احيان كثيرة(كما هو حال شعر المديح والرثاء في المنابر والحسينيات مثلا ) واحيان كثيرة اخرى يجري توظيف النصوص الدينية لصالح الشعر (كما هو الحال في نصوص الحلاج وابن عربي والحسن بن علي مثلا ).. وعليه فماذا بقي من الدين ؟! .. مالذي بقي من الشعر ؟! .. هل تطورت علاقة الدين بالشعر والشعر بالدين ؟! .. هل هذا التحليل يكفي لتفسير كثرة اعتماد الشعراء الحداثويين على نصوص التراث الديني ..ام ان هنالك تحليل آخر ؟!
... هذه جملة من الاسئلة اتركها لسلسة بحثنا (( الشاعر دكتاتورا )) .. والذي سنقف فيه على كل سؤال على حده .. لكن يبقى بين ايدينا هذا السؤال اليتيم : (( مالذي تبقى ؟!)) وهو سؤال يتيم رغم كونه الاب او قل الاصل والجذر لجميع الاسئلة(= لكون كلمة اب غير محببة لدينا لاسباب سبق ذكرها للقارئ ) .. فهو سؤال لم تطرحه الثقافة العراقية ابدا( والعربية عموما ) .. فكما يجدول الفكر الديني ايام السنة بولادات ووفيات النبي وعائلته , وكما يجدول التيار السياسي السنة بالفتوحات العسكرية وخيباته .. يجدول التيار الثقافي السنة بوفيات كتّابه واصحاب القلم القائمين عليه . وهي مفارقة تستحق التأمل : لماذا الاحتفال هنا يجري بالموت فقط ؟! .. لماذا لايجري الاحتفال _ مثلا _ بظهور اول قصة عربية لاحمدالسيد , او ظهور اول قصيدة تجديدة للسياب او لمحمود البريكان او لحسين مردان ... لماذا الجدولة هنا تعتمد على الموت فقط ؟!
.... مهما اعطينا من جواب انشائي يقوم على استجداء العاطفة والتباكي على الثقافة واهلها , او منحنا هذا السؤال وقفة تأملية جادة ... يبقى الامر الواقع الثابت المشترك , هو (( احتفالي )) او كما نسميه تأدبا (( تكريمي )) او كما قد يصرح بعض الاحيان (( الاحتفاء )) ... عليه كان هنالك هروب دائم من هذا ((السؤال- الجذر)) : مالذي تبقى من فهد والفكر الشيوعي العراقي ؟! .. مالذي تبقى من السياب ؟! ... مالذي تبقى من حسين مردان ؟!
... مالذي تبقى من علي الوردي .. مالذي تبقى من محمد باقر الصدر .. مالذي تبقى من عزيز سيدجاسم .. مالذي تبقى من هادي العلوي .. مالذي تبقى من محمد صادق الصدر.. مالذي تبقى من الجواهري .. ؟! .. مالذي تبقى واي ثمرة بقت في ايدينا من حركة السياسة العراقية ( والعربية ) احزابا وحكومات ؟! ... مالذي تبقى من المد الشيوعي .. مالذي تبقى من الموروث الديني وحركته وحوزته وازهره ؟!
... مالذي تبقى من الشعر القديم والحديث وماهي الصلة بينهما اليوم واي شيء علينا ان نطوره كاناس عاديين او باحثين ومحليلين او شعراء ونقاد ؟! ... مالذي تبقى .. مالذي تبقى ...الخ ... عشرون الف سؤال على شجرة الواقع ولا جواب واحد في اليد ... (( لماذا ..؟!)) لكوننا لم نطرح مثل هذا السؤال نهائيا فهو يدخل في المحرم الديني و التابوالسياسي والثقافي .... هذا السؤال مفقود رغم كل هذه الاطنان التي تطالب بالنقد والتجديد ومراجعة الذات والحداثة و .. و .. الخ , لكون هذا السؤال يورط صاحبه مرتين : مرة عليه ان يكشف عن خبرته الحقيقية التي يدعيها فيكتب بصورة واضحة خالية من الترميز وخالية من تكرار تجارب سابقة , وان يضع يده هنا ويقول هذه الابيات فقط هي التي همنا اليوم من شعر السياب او البياتي او بولند الحيدري او الجواهري
.. لهذا السبب وهذا السبب .. ويضع يده على اوراق علي الوردي او هادي العلوي او باقر الصدر او الخميني او .. ويقول هذه فقط المادة الحية اما البقية فهي كتابات ترتبط بمرحلة تاريخية تجاوزناها لاسباب التالية . وهذه عملية كما ترى ليست انشاءا غامضا يتستر به الكاتب ويخفي في جوف الكلمات المظلمة والحروف المعتمة , جهله وقلة خبرته .. الكاتب هنا يكتب تحت ضوء الشمس ويتكلم بصوت عال بدون ضمير مستتر او غائب او مقصي تحت ادعاء النص النخبوي وكونه يخاطب القلة البارعة (( الفلته)) , وفي الحقيقة انه يحكي مع نفسه وساوس لاغير ويطالب من الاخرين تمجديها وتسول المعاني لها , .. وهي مهمة لايقوم بها الا من لايخاف الوقوع في الخطأ , والوقوع في الخطأ هو اشد مايبتعد عنه حديث وخطاب المثقف العربي لكونه يطرح نصه نص قرآني لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , واذا ماوجدت خطأ فهو لقلة ذوقك وسوء نظرك وخبث طويتك (!!) .. هذا السؤال _الجذر (= ماالذي تبقى ؟!) سؤال يمثل الفأس التي تهدم الاصنام الدينية والسياسية والثقافية , فالكاتب الناجح بعد موته سيتحول الى عثرة حقيقة امام التطور الفكري من خلال اربعة مشكلات لااقل :
1- انغماس البعض بالكتابة التأبينية عن هذا الرمز , حيث تتحول ذكراه السنوية الى حفل تعزية او تمجيد
2- سوف يجد المتثيقفين وانصاف المتعلمين والكتاب , في هذا الرمز بابا مفتوحا للانشاء والاجترار , من خلال تلخيص افكاره القديمة ذاتها , او ثرد الافاظ وفتح مواسير الاسهال السردي حوله . وفي الواقع ان ظاهرة المتثيقفين ظاهرة تستحق الوقوف والدراسة المتخصصة , فانصاف المتعلمين والهواة هولاء لايطرحون انفسهم ((قراء )) يراجعون مايفهمونه , وانما كتاب سياسيين او نقاد او شعراء او ..الخ , ومن النادر جدا ان يأتوا بشيء يستحق الذكر وهم قد ساهموا مساهمة فعالة في نفخ الكثير من الاسماء وعتمو اللوحة الثقافية العراقية (والعربية ) بسواد كتاباتهم , كماساهموا في اشعال نيران معارك ادبية وكتابية تافهة استنفدت الكثير من الوقت والطاقات واربكت الساحة واشغلت الناس عن امور جادة وخطيرة تقع بينهم وفيهم بشكل مستمر , ولولا ضيق الوقت والانشغال بما هو أهم لخصصت دراسة مستقلة باسماء هولاء واي تاثير سلبي احدثوه ويحدثونه (= طبعا قد اكون انا منهم بل قد اكون على رأسهم اصلا ) .
3- تحول اعمال مثل هذا الكاتب الى ميزان نزن عليه صحة الافكار والاراء من خطئها . ففي حين كان هذا الكاتب او المفكر هو كاتب من الكتاب وناشط من الناشطين يتحول الان الى كونه (( الاركانون )) الجديد والمنطق الذي نحاكم به الافكار (= فتاوى ... توجه سياسي .. طريقة التعبير الشعري ... الشكل المسرحي .. التعبير الفني .. الخ )
4- على ان الامر سيتفاقم اكثر فيما لواصبح هذا الكاتب رمزا سياسيا ايضا .. فمثلا لو اننا ابقينا على خمسة بالمئة فقط من افكار الخميني وباقر الصدر ومحمد باقر الحكيم فمالذي سيبقى عندها من ايران وحزب الدعوة والمجلس الاعلى, وقل ذات الامر بالنسبة للحركة القاسمية والاخوان المسلمين والحركة الدستورية والحزب الشيوعي ؟! .. ومن هنا تجد ان هذه المؤسسات السياسية سوف تترصد بالبحث العلمي وتحاول ان تشوهه وتوقفه لكونه يهدم الاساس الذي تقوم عليه .
اذا فكما اننا نجد ان الذي يفسر القرآن اليوم يتعامل مع النص والواقع بالذات الذي كان يفسر القرآن قبل اكثر من الف سنه , فاننا نجد ذات الممارسة في المعسكر الثقافي , حيث لافرق بين قراء السياب في الامس ولا قراءه اليوم ( بل ولافرق بين قراء ابو تمام والتمنبي في الامس وقرائهم اليوم ) , وقل ذات الامر لدى قراء علي الوردي او باقر الصدر وماقبلهما ومابعدهما , ومن هنا نستخلص ان لاتصادم جوهري مابين المعسكر السياسي والديني والثقافي , وما نراه ماهو الاتصادم على مستوى السطح والقشر فقط . اذن لافرق بين اللا طمين على الامام الحسين بن علي وبين المتباكين على عبدالكريم قاسم او الفكر الشيوعي او السياب
.. وان يكون ((السؤال _ الجذر)) هو بمثابة عملية ارهابية تفجر الوضع السائد والراكد , وعليه كان على الناقد ان يرجم باحجار متعددة من قبل الاطراف الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية فهو كافر ومارق ديني وثقافي . فنحن نريد التحرر والتجديد والحداثة لكن من دون المساس بأحد , لذا سيجري الطعن بالناقد الذي يفكك ويحلل ولايقوم بالشرح والترديد ذات النص نفسه (= كماسيقول ذلك صراحة قاسم حداد عربيا وعبدالرزاق الربيعي عراقيا , وهي مقولة عموم الناشطين في المجال الادبي خصوصا ) , فتفكيك الشيء يقتضي الخروج عنه واي شيء يعني (( الفسق )) الديني والثقافي غير كونك خارج عن سرب القطيع هذا ... نحن نريد حرية وتجديد لكن مع الابقاء على عبودية الاصنام وعدم المساس بسادن الكعبة الدينية والثقافية.. علينا الخروج من صدفة التخلف والهزيمة والخروج الى شوارع الحضارة الواسعة لكن من دون السؤال : ايها الناس الرطوبة تتصاعد وسوف تصدأ الابواب والاقفال .. في جيب من تقطن المفاتيح ؟!
تابع ........