فاطمة
03-10-2005, 07:23 AM
أحمد شهاب
على غرار الدور الايراني، لعبت الحواضر الدينية العراقية دوراً مهماً في تشكيل وعي الكثير من التوجهات والتيارات الدينية والسياسية للشيعة في دول الخليج، والتي تستمد رؤاها ومنظوراتها ومواقفها من المراكز الدينية التقليدية في النجف وكربلاء، فقد مثلت تلك الحواضر الدينية مرجعية فكرية وسياسية تجاوزت في كثير من الاحيان الروابط التقليدية بين مرجع الدين والمقلد، الى مشاريع عمل وتوجيهات سياسية منظمة.
ظلت أغلب هذه التيارات تنفي ارتباطاتها المباشرة لاسباب سياسية، او بسبب تصدع الاوضاع الامنية في المنطقة، لاسيما وان الصورة العامة ظلت تفترض ان هذه العلاقة هي من صنوف التبعية الى الخارج، وتحقق اهداف وغايات دول او منظمات من خارج البلد، حتى ان المؤرخ لهذه التجمعات يتحرج من تصنيفها، فهل يتجاوز التوصيف الحقيقي بأنها امتداد لمنظمات واحزاب عراقية او ايرانية، او يقفز على الحقيقة ويتجاهلها؟
افترقت علاقة الجماعات الشيعية مع الجهات العراقية عنها مع ايران في عدة امور، اهمها على الاطلاق ان العلاقة مع الجمهورية الايرانية كانت علاقة مع مرجعية دينية مبسوطة اليد، اي علاقة مع دولة اسلامية لها سياساتها الخارجية وعلاقاتها الموسعة ومصالحها المتعددة، وقد مثل الارتباط بها قلقاً للدول المجاورة لاسيما مع تصاعد النداءات بتصدير الثورة، وتزايد الشرائح الاجتماعية المرتبطة بمرجعية آية الله الامام الخميني، واندلاع حرب الخليج الاولى وما سببته من توترات مذهبية لم تكن منطقية على الاطلاق.
بينما اتسمت العلاقة مع الجهات العراقية بصفتها ارتباط مع مرجعيات ومنظمات بعيدة عن الحكم، وعليه فان العلاقة بها اما ظلت في خانة التوجيه الديني مثل العلاقة مع مرجعية آية الله السيد محسن الحكيم وآية الله السيد ابو القاسم الخوئي، او تجاوزت ذلك الى توجيه فكري حركي مثل العلاقة مع مرجعية آية الله السيد محمد باقر الصدر وآية الله السيد محمد الشيرازي، ولكنها على كل حال ظلت علاقة مع جهات وليس مع دولة، وبالتأكيد فان المخاوف منها ستكون اقل، وان شابها نوع من التوتر، لاسيما وان التصنيف العام ظل يعتبر جميع المرجعيات والحركات الشيعية هي ايرانية التوجه.
الافتراق الثاني: ان الحركة الاسلامية التي وصلت الى الحكم في ايران، واعلنتها جمهورية اسلامية، نهضت في بحرها الشيعي وقادتها مرجعية دينية متوافق عليها شعبيا، ان طبيعة التحديات التي برزت امام الجمهورية الاسلامية تركزت في الحاجة الى تكييفات فقهية للمسائل الاقتصادية والتنمية الداخلية، وبرزت لاحقا مشكلة التعامل مع الخارج (الغربي)، ولم تطرح مسائل مستجدة مثل التعامل في ظل الانظمة الليبرالية او المتنوعة مذهبيا الا على المستوى الفلسفي والكلامي الذي برع فيه الايرانيون كثيرا وقدموا خلال السنوات المنصرمة نظريات رائعة في خيالها، لكنه خيال ظل بعيد بصورة عامة عن اهتمامات الشيعة العرب، ولم تكن له انعكاسات فعلية على الساحات.
بينما الحركة الاسلامية التي وصلت الى سدة الحكم في العراق، تعمل في ظل تعددي، ويبدو انه من الصعوبة ان تفكر باستبعاد التيارات الاخرى او تعمل على تهميشها، مما يدفعها بالضرورة الى ايجاد تكيفات فقهية لعملها وتعاونها في ظل نظام ليبرالي او اسلامي تعددي، وهو ما سينعكس بصورة كبيرة على تجارب التيارات الاسلامية الشيعية في دو ل الجوار، اذ يتوقع ان تتكثف ثقافة المواطنة والتنمية الوطنية، التي تسوغ لعمل وطني لا يتعارض البته مع الانتماء الاسلامي.
وما نلاحظه الان من تراجع مثير في الخطابات الحماسية والتعبوية التي كانت تسم الحركات الشيعية العراقية في المرحلة السابقة، باسم تغير المرحلة وتبدل الحال سيدفع الى اعادة قراءة الكثير من الاحداث والوقائع بصورة جديدة ومتلائمة مع التحول المفترض في العراق وما يتم طرحه الان بصورة خجولة او مترددة، ينتظر ان يتعمق مع انخراط المرجعيات الدينية والفكرية العراقية في ساحة العمل الوطني، ليس بالتضاد مع السلطة القائمة بل عبر حركة التحالفات السياسية مع التيارات والاحزاب الاخرى، وتعميق ثقافة التعاون وترسيخ مقومات المجتمع المدني، وهو ما سينعكس على جميع التيارات والجهات الخليجية التي تتخذ من الحواضر العلمية والحركية العراقية مرجعية لها.
على غرار الدور الايراني، لعبت الحواضر الدينية العراقية دوراً مهماً في تشكيل وعي الكثير من التوجهات والتيارات الدينية والسياسية للشيعة في دول الخليج، والتي تستمد رؤاها ومنظوراتها ومواقفها من المراكز الدينية التقليدية في النجف وكربلاء، فقد مثلت تلك الحواضر الدينية مرجعية فكرية وسياسية تجاوزت في كثير من الاحيان الروابط التقليدية بين مرجع الدين والمقلد، الى مشاريع عمل وتوجيهات سياسية منظمة.
ظلت أغلب هذه التيارات تنفي ارتباطاتها المباشرة لاسباب سياسية، او بسبب تصدع الاوضاع الامنية في المنطقة، لاسيما وان الصورة العامة ظلت تفترض ان هذه العلاقة هي من صنوف التبعية الى الخارج، وتحقق اهداف وغايات دول او منظمات من خارج البلد، حتى ان المؤرخ لهذه التجمعات يتحرج من تصنيفها، فهل يتجاوز التوصيف الحقيقي بأنها امتداد لمنظمات واحزاب عراقية او ايرانية، او يقفز على الحقيقة ويتجاهلها؟
افترقت علاقة الجماعات الشيعية مع الجهات العراقية عنها مع ايران في عدة امور، اهمها على الاطلاق ان العلاقة مع الجمهورية الايرانية كانت علاقة مع مرجعية دينية مبسوطة اليد، اي علاقة مع دولة اسلامية لها سياساتها الخارجية وعلاقاتها الموسعة ومصالحها المتعددة، وقد مثل الارتباط بها قلقاً للدول المجاورة لاسيما مع تصاعد النداءات بتصدير الثورة، وتزايد الشرائح الاجتماعية المرتبطة بمرجعية آية الله الامام الخميني، واندلاع حرب الخليج الاولى وما سببته من توترات مذهبية لم تكن منطقية على الاطلاق.
بينما اتسمت العلاقة مع الجهات العراقية بصفتها ارتباط مع مرجعيات ومنظمات بعيدة عن الحكم، وعليه فان العلاقة بها اما ظلت في خانة التوجيه الديني مثل العلاقة مع مرجعية آية الله السيد محسن الحكيم وآية الله السيد ابو القاسم الخوئي، او تجاوزت ذلك الى توجيه فكري حركي مثل العلاقة مع مرجعية آية الله السيد محمد باقر الصدر وآية الله السيد محمد الشيرازي، ولكنها على كل حال ظلت علاقة مع جهات وليس مع دولة، وبالتأكيد فان المخاوف منها ستكون اقل، وان شابها نوع من التوتر، لاسيما وان التصنيف العام ظل يعتبر جميع المرجعيات والحركات الشيعية هي ايرانية التوجه.
الافتراق الثاني: ان الحركة الاسلامية التي وصلت الى الحكم في ايران، واعلنتها جمهورية اسلامية، نهضت في بحرها الشيعي وقادتها مرجعية دينية متوافق عليها شعبيا، ان طبيعة التحديات التي برزت امام الجمهورية الاسلامية تركزت في الحاجة الى تكييفات فقهية للمسائل الاقتصادية والتنمية الداخلية، وبرزت لاحقا مشكلة التعامل مع الخارج (الغربي)، ولم تطرح مسائل مستجدة مثل التعامل في ظل الانظمة الليبرالية او المتنوعة مذهبيا الا على المستوى الفلسفي والكلامي الذي برع فيه الايرانيون كثيرا وقدموا خلال السنوات المنصرمة نظريات رائعة في خيالها، لكنه خيال ظل بعيد بصورة عامة عن اهتمامات الشيعة العرب، ولم تكن له انعكاسات فعلية على الساحات.
بينما الحركة الاسلامية التي وصلت الى سدة الحكم في العراق، تعمل في ظل تعددي، ويبدو انه من الصعوبة ان تفكر باستبعاد التيارات الاخرى او تعمل على تهميشها، مما يدفعها بالضرورة الى ايجاد تكيفات فقهية لعملها وتعاونها في ظل نظام ليبرالي او اسلامي تعددي، وهو ما سينعكس بصورة كبيرة على تجارب التيارات الاسلامية الشيعية في دو ل الجوار، اذ يتوقع ان تتكثف ثقافة المواطنة والتنمية الوطنية، التي تسوغ لعمل وطني لا يتعارض البته مع الانتماء الاسلامي.
وما نلاحظه الان من تراجع مثير في الخطابات الحماسية والتعبوية التي كانت تسم الحركات الشيعية العراقية في المرحلة السابقة، باسم تغير المرحلة وتبدل الحال سيدفع الى اعادة قراءة الكثير من الاحداث والوقائع بصورة جديدة ومتلائمة مع التحول المفترض في العراق وما يتم طرحه الان بصورة خجولة او مترددة، ينتظر ان يتعمق مع انخراط المرجعيات الدينية والفكرية العراقية في ساحة العمل الوطني، ليس بالتضاد مع السلطة القائمة بل عبر حركة التحالفات السياسية مع التيارات والاحزاب الاخرى، وتعميق ثقافة التعاون وترسيخ مقومات المجتمع المدني، وهو ما سينعكس على جميع التيارات والجهات الخليجية التي تتخذ من الحواضر العلمية والحركية العراقية مرجعية لها.