ياولداه
03-04-2014, 07:09 AM
صلاح نصر كان يزود عبدالناصر بمشاهد ساخنة لسعاد حسني ليمارس حياته الجنسية طبيعياً
http://al-seyassah.com/wp-content/uploads/2014/02/39-20458745210-1-39-300x225.jpg
توقفت أمام زوبعة في الصحافة المصرية تحدثت عن أنني فضحت الحياة الجنسية للراحل عبدالناصر
كتاب مثير يجيب عن أسئلة تاريخية ويكشف صفحات مجهولة من حياة عبد الناصر والسادات
عبدالناصر كان المعجب الأول بالمذيعة همت مصطفى وبسببها فصل موسى صبري من “الأخبار”
هيكل قاد حملة إعلامية جبارة لتحويل ناصر أسطورة وتصويره على أنه يعيش متقشفاً
سامي شرف اعتاد السفر إلى بيروت لشراء ملابس ولعب أطفال لأبناء الرئيس
تنشر “السياسة” في حلقات متتالية مذكرات وزير الحربية المصري الأسبق شمس بدران, الذي كان يعتبر خزانة أسرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر واحد المشاركين في ثورة 23 يوليو عام 1952, وعاصر الأحداث المهمة في تلك المرحلة بدءا من العدوان الثلاثي على مصر, ومرورا بالأعمال الإرهابية التي ارتكبتها جماعة الاخوان المسلمين في خمسينات وستينات القرن الماضي, وصولا الى حرب يونيو 1967 والهزيمة التي مني بها العرب, وانتحار عبدالحكيم عامر, وتسلم السادات سدة الحكم بعد وفاة عبدالناصر.
لهذا كله فإن مذكرات بدران ليست مذكرات شخص, انما هي رواية لمرحلة من التاريخين المصري والعربي حين تداخلت الأحداث وارتبطت تطورات الوضع المصري بالقضايا العربية, وهي كشف عما كان تستره الضرورات, واليوم بعد مرور كل تلك العقود يفتح شمس بدران خزانة أسراره, ويروي للمرة الأولى بعد صمت طويل ما جرى خلف جدران القصور الرئاسية وفي مقرات مفاصل الدولة المصرية.
شمس بدران لا يتحدث فقط في الشأن السياسي, انما يطل على الجوانب الاجتماعية والنفسية في حياة كل شخص من الذين يروي عنهم, كما يكشف عن نزوات بعضهم, لذلك في هذه المذكرات صورة شبه متكاملة لمصر في الفترة التي يتحدث عنها الرجل.
نقرأ أيضا قصة تعيينه لساعات عدة رئيسا للجمهورية كما يكشف عن الأسباب الحقيقية لهزيمة يونيو 1967 وتآمر الروس والأميركيين على بلاده, ودور انور السادات في توريط مصر بحرب اليمن وعلاقة عبدالناصر بحمزة بسيوني, بالإضافة الى العديد من الأسرار عن أهل الفن وعلاقتهم بصناع القرار في مصر في تلك المرحلة, أيضا يتحدث عن علاقته بصدام حسين بعد خروجه الى المنفى حيث يقيم حتى اليوم في بريطانيا, واللافت ان الرجل احتفظ باسراره لنفسه اذ لا يعرف حتى افراد اسرته الكثير عن شخصيته العسكرية ودوره في مصر, ولذلك في احدى المرات كان قد حذر كاتب المذكرات من الاستفاضة بالحديث مع زوجته عن شخصيته العسكرية, ولهذا فإن ما يرويه شمس بدران هو في جانب منه سبر أغوار هذه الشخصية التي حاولت لسنوات طويلة الاحتفاظ بأسرارها الى الابد, لكن هناك من استطاع فتح هذه الخزانة ربما لأن بدران أيقن بعدما وصل الى هذه السن ان من حق المصريين عليه معرفة ما خفي عنهم في تلك المرحلة ويستفيدوا منه في المرحلة الحالية.
وفي ما يأتي ما قاله وزير الحربية المصري الأسبق :
لا أحد يستطيع إنكار ما كان يتمتع به عبدالناصر من صفات القيادة والزعامة, ولا أحد يستطيع التقليل من دوره في التخطيط والترتيب لثورة 23 يوليو, ولا يمكن لمنصف أن يتجاهل إخلاصه ووطنيته. لكن في الوقت نفسه لا بد أن يعلم الناس أنه إنسان يحب ويكره, ينجح ويفشل, يصيب ويخيب, له أخطاء كما أن له حسنات, فهو ليس إلها أو نبيا أو قديسا, كما حاول أن يصوره لنا البعض.
كان عبدالناصر حريصًا على أن يترك انطباعًا غير تقليدي لدى الآخرين. هذا الانطباع تجاوز في أحيان كثيرة الواقع, وخالف الحقيقة في أمور كثيرة.
بحكم قربي الشديد واحتكاكي المباشر به على مدى أكثر من 15 عامًا متواصلة, يمكنني القول أنه تعرض لتحولات جذرية غيرت من تكوينه, وأثرت سلبًيا على قراراته وعلاقاته وتوجهاته.
لن أستطيع تقديم تحليل نفسي وإنساني للرجل بشكل وافٍ, لكني فقط سأتناول محطات ومواقف محددة تكشف جوانب أخرى لا تعلمها غالبية المصريين في شخصية الرجل الذي أحبوه والتفوا حوله, ثم خذلهم بقراراته الانفعالية, وتسرعه غير المحسوب, فكانت المحصلة صفرًا, فأصبحوا مثل المراهن في سباق الخيل الذي اختار فرسًا توسم فيه الفوز, وظل طوال المباراة يترقب واستمتاع باللعب متوقعًا فوزًا لم يأت حتى آخر لحظة في المباراة.
يجب ألا ينسى من يندهش لرأيي في عبدالناصر أنه كان رئيس الخلية السرية التي كنت أتبعها قبل الثورة, وأنه هو الذي تحمس لأن أشارك بدور بارز في ليلة الثورة, وقدمني إلى المشير عامر وأوصاه أن يهتم بي, ثم ظل يسند إلي المهمات الجسام, والتي كانت آخرها وزارة الحربية, ثم رئاسة الجمهورية.
فهذه الآراء لن تخرج عن كونها تقييم للشخص والتجربة بشيء من التجريد والحيادية, لنعطي كل ذي حق حقه, لأنني وغيري تعرضنا لظلم شديد نستحق جزءًا منه ولا نستحقه كاملاً, في المقابل هناك مَن تحولت سيئاتهم إلى حسنات, وهزائمهم إلى نصر, وفشلهم إلى نجاح!
الحياة الخاصة للرئيس
عندما سجلتُ جزءًا من آرائي لإحدى المؤسسات الصحافية القومية, تطرق فريق العمل إلى الحياة الخاصة ل¯عبدالناصر, وانا تحفظت على البوح بما لا يجوز الحديث عنه للرأي العام. لكني توقفت أمام زوبعة في الصحافة المصرية تحدثت عن أنني فضحت الحياة الجنسية للراحل عبدالناصر, بينما القصة الحقيقية أنني لم أتطرق الى تفاصيل مسيئة, فكل ما ذكرته كان يتعلق بعلاقة رئيس جهاز المخابرات (1957-1967) صلاح نصر بالرئيس عبدالناصر.
فقد لاحظ نصر أن زيادة نسبة السكر التي كانت تشكل أزمة صحية دائمة لعبدالناصر خلال سنواته الأخيرة كانت لها تأثير مباشر على حياته الجنسية مثل أي مريض سكري, فكان دور صلاح نصر تزويد الرئيس بمشاهد جنسية مثيرة سبق أن سجلها الجهاز للفنانة سعاد حسني, وغيرها من الفنانات الشهيرات في ذلك الوقت. ويبدو أن تلك المشاهد كانت تساعد عبدالناصر في التغلب على تأثيرات مرض السكري.
لم أقصد الإساءة إلى شخصه ولا إلى غيره, بل كنتُ أعلق على سؤال عن مدى استقامة الرئيس, وهل كانت له علاقات جنسية غير شرعية?
بالطبع الذين ثاروا على هذا التعليق واعتبرونني أتناول حياة عبدالناصر الجنسية أقول لهم: لماذا لم تغضبوا ممن تناولوا حياة المشير عامر الخاصة بسبب زواجه من الفنانة برلنتي عبد الحميد (توفيت عام 2010), رغم أنها كانت زوجته على سنة الله ورسوله, بل وأنجب منها طفلاً. كما أذكرهم باختلاق القصص الوهمية عن علاقة المشير بالمطربة وردة الجزائرية(توفيت في مايو 2012), وغيرها من الحكايات التي لا تمت الى الواقع بصلة.
لكن على كل حال كان عبدالناصر أكثر الناس التزامًا من الناحية الأخلاقية, فلم يكن لديه الوقت ولم تتح له ظروفه أن ينجرف إلى مثل هذه الامور. و رغم ذلك فإن كل ما قيل عن إعجاب السادات بالمذيعة همت مصطفى, فإن الحقيقة هي أن المعجب الأول بها كان عبدالناصر, فقد طلبها بالاسم لتغطية زيارة مهمة للجزائر, وأذكر أنها كانت لا تزال صغيرة السن, وفي المستوى العادي إعلاميا, مما دفع الصحافي موسى صبري الى كتابة مقالة نشرت في صحيفة”الأخبار” انتقد فيها من اختارها لتغطية حدث بهذا المستوى, فصدر قرار فوري بوقفه عن العمل.
بذخ عبدالناصر
بعيدًا عن الحياة الجنسية والعاطفية, فإن الدعاية الإعلامية الجبارة نجحت في تصوير عبدالناصر أنه يعيش في حالة تقشف وضنك, وأن طعامه ليس سوى كسرة خبز وقطعة من “الجبن القريش”, كما أن أبناءه عاشوا حياة صعبة, لم يستمتعوا فيها مثل غيرهم من أطفال مصر. لكن الحقيقة أن مسألة “الجبن القريش” ليس مبالغًا فيها بدرجة كبيرة, فإن الرئيس بالفعل كان اكثر أكله من الجبن, لكن ليس القريش, بل الجبن السويسري, وهو من أفخم وأغلى الأنواع, كما كان يوجد في المنزل- سواء في كوبري القبة أو الاسكندرية- مخزن يضم أفضل المأكولات والمعلبات المستوردة.
أما بالنسبة الى اولاده, فيمكن الرجوع إلى المهمات المتكررة التي كان يكلف بها سامي شرف بالسفر إلى لبنان لشراء متطلبات أسرة الرئيس من الملابس حتى لعب الأطفال. (شرف هو أحد مؤسسي المخابرات العامة المصرية, وسكرتير الرئيس عبدالناصر الشخصي للمعلومات, قبل وفاة عبدالناصر, عين وزيرًا للدولة ثم وزيرًا لشؤون رئاسة الجمهورية, وذلك في شهر أبريل عام 1970).
وقد يكون أمرا طبيعيا, ومن حق عبدالناصر وأسرته أن يعيشوا في وضع يليق بهم, لكن الأمر المدهش أن آلة الإعلام المزيف خاضت في رسم صورة منافية للواقع والحقيقة عن حياة الرجل وأسرته. لكن من أهم ما يحسب لعبدالناصر أنه كان يكبح جماح أي مسؤول في الدولة, وكان حريصًا على المال العام, ولا يتهاون مع الفاسدين, ولم تمتد يده إلى أموال الدولة, بل كان يتقاضى راتبه المحدد, إلى جانب مخصصات الرئاسة والمصاريف السرية التي كان يساعد منها أي ضابط أو شخص يتعرض لظروف استثنائية طارئة. وظل يتعامل مع رفاقه والمحيطين به بتواضع شديد, حتى حادث الاعتداء على حياته في ميدان المنشية في الإسكندرية عام ,1954 وبعد الحادث أصبح عبدالناصر شخصًا آخر.
تحويله أسطورة
والحقيقة أن معظم المتعاملين معه لمسوا التحول المفاجئ في سلوكه, لكن هذا التحول لا يقارن بالتغيير الذي شهدته شخصيته وحياته بعد عدوان ,1956 والفضل هنا يعود إلى محمد حسنين هيكل الذي بدأ يتحدث عن عبدالناصر الزعيم والأسطورة, ووضع كل قدراته في استثمار النصر السياسي الذي تحقق ليصب في تأليه شخص واحد هو الرئيس. بعد ذلك بدأ عبدالناصر يتعامل مع رفاقه في مجلس قيادة الثورة بطريقة غير لائقة, ثم بدأ محاولات التخلص منهم الواحد تلو الآخر, حتى انفرد بالسلطة.
في تلك الأثناء ابتدع فكرة المجلس الرئاسي, وكان يسعى من خلاله الى تحقيق هدفين, الأول: نيل رضا الرفاق, والثاني: سحب صلاحيات المشير المتعلقة بترقيات قادة القوات المسلحة.
هنا قدم المشير عبدالحكيم عامر استقالته للمرة الاولى, وحدث أول خلاف بين الصديقين, لكن عبدالناصر تدارك الموقف واسترضى المشير, وجرت مصالحة كانت الكفة فيها لصالح عامر.
ظل هيكل يمارس ألاعيبه في إقناع الرأي العام أن عبدالناصر ليس شخصًا عاديا, بل هو أسطورة وزعامة تاريخية. من جانبي لم أختلف مع هيكل على زعامة عبدالناصر, فقد كان بحق الشخصية الأبرز في العالم العربي, لكن الخلاف كان على التمادي في هذا التصور إلى درجة تحول فيها عبدالناصر من إنسان إلى نصف إله. ولدرجة أن الرجل نفسه صدق ذلك, فقد اعتاد في سنوات ما قبل هزيمة 1967 أن يرفع يده لكل من يستقبله بطريقة تبدو في الصور كأن الضيف يُقَبِّل يده.
لم أكن أصدق ما يفعله الرئيس إلى أن ذهبتُ مع وفد رجال أعمال أميركيين كانوا يستعدون للاستثمار في مشاريع صناعية واستثمارية ضخمة في مصر, وعندما صافحهم كان يرفع يده ويمدها بالقرب من وجه كلٍّ منهم, كأنه يطلب تقبيلها. وأحد الضيوف لفت نظري فتعمدت التركيز على تلك الحركة أثناء المغادرة, ثم تكرر المشهد مع شخصيات عربية وأجنبية عدة, كان مثل هذا السلوك مستحدثا ودخيلا على شخصية عبدالناصر التي نعرفها جميعًا, ولم أجد ما مبرره سوى دور هيكل في استكمال صناعة الأسطورة!
لو أضفنا رد الفعل الشعبي على قرار تأميم قناة السويس إلى نتائج عدوان ,1956 ثم الموقف الأميركي الغبي من تجميد قرض بناء السد العالي, نجد أنفسنا أمام مجموعة أحداث جمعتها الصدفة لتصب مباشرة في دفع عبدالناصر للتحول زعيما إقليميا.
في عام 1956 منح عبدالناصر قلادة النيل لغالبية رفاقه في الثورة, وبعد إعلان نتيجة الاستفتاء على الرئيس والدستور, تقدم أعضاء مجلس قيادة الثورة باستقالاتهم.
في ذلك الوقت كانت هناك بعض المواقف, منها أن جميع المحيطين بالرئيس لم يعد ينادونه بالألقاب التي اعتادوا أن يطلقوها عليه, اذ كانوا ينادونه باسمه مجردًا, أو أخ جمال, وأحيانًا “يا جيمي”, لكن فجأة أطلق عليه السادات لقب “ريس” ثم بدأ يطلب من الجميع أن يتوقفوا عن مناداة الرئيس بأي لقب غير “ريس”.
لكن حدث موقف لافت وفارق أيضًا, فقد فوجئنا أثناء افتتاح البرلمان أنه يصدر تعليماته بالدخول بمفرده من بوابة المجلس, وهنا وضع بداية جديدة لعلاقاته مع رفاقه في مجلس قيادة الثورة الذين انزووا جميعًا, وحملوا عبدالناصر المسؤولية بعد أن شعروا أن دورهم انتهى, ولم يعد مرغوبًا بوجودهم على الساحة السياسية. لقد كان الشك أبرز صفات عبدالناصر, لذلك كان حريصًا- رغم انشغاله- أن يقتني جهازًا خاصا ليتمكن من التنصت بنفسه على هواتف أقرب الناس إليه.
شك بالجميع, بما فيهم المشير عامر وأنا وهيكل أيضًا, وحتى أعضاء مكتبه وبعض أفراد أسرته, فقد كانت هناك أجهزة تتولى هذا الدور, وترسل إليه محتوى المكالمات فورا وبانتظام, فضلاً عن وجود طاقم في مكتبه يؤدي المهمة نفسها, إلا أنه لم يطمئن لكل هؤلاء, ومارس هذه الهواية بنفسه وبشكل دائم, مما يثبت أنه كان يعاني من الشك في كل مَن حوله.
كان المشير عكس عبدالناصر تمامًا في مثل هذه الأمور, هذا لا يعني أنه لم يكن يتخذ الاحتياطات اللازمة في أوقات الضرورة, لكن كانت صفة الشك غير موجودة لديه, وكان يفترض حسن الظن في الآخرين حتى يثبت العكس, أما عبدالناصر فكانت لديه المسألة معكوسة; حيث يفترض سوء الظن في الآخرين حتى يثبت العكس.
- See more at: http://al-seyassah.com/%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%86%d8%b5%d8%b1-%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%8a%d8%b2%d9%88%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b5%d 8%b1-%d8%a8%d9%85%d8%b4%d8%a7%d9%87%d8%af-%d8%b3%d8%a7%d8%ae/#sthash.jGnAzDR5.dpuf
http://al-seyassah.com/wp-content/uploads/2014/02/39-20458745210-1-39-300x225.jpg
توقفت أمام زوبعة في الصحافة المصرية تحدثت عن أنني فضحت الحياة الجنسية للراحل عبدالناصر
كتاب مثير يجيب عن أسئلة تاريخية ويكشف صفحات مجهولة من حياة عبد الناصر والسادات
عبدالناصر كان المعجب الأول بالمذيعة همت مصطفى وبسببها فصل موسى صبري من “الأخبار”
هيكل قاد حملة إعلامية جبارة لتحويل ناصر أسطورة وتصويره على أنه يعيش متقشفاً
سامي شرف اعتاد السفر إلى بيروت لشراء ملابس ولعب أطفال لأبناء الرئيس
تنشر “السياسة” في حلقات متتالية مذكرات وزير الحربية المصري الأسبق شمس بدران, الذي كان يعتبر خزانة أسرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر واحد المشاركين في ثورة 23 يوليو عام 1952, وعاصر الأحداث المهمة في تلك المرحلة بدءا من العدوان الثلاثي على مصر, ومرورا بالأعمال الإرهابية التي ارتكبتها جماعة الاخوان المسلمين في خمسينات وستينات القرن الماضي, وصولا الى حرب يونيو 1967 والهزيمة التي مني بها العرب, وانتحار عبدالحكيم عامر, وتسلم السادات سدة الحكم بعد وفاة عبدالناصر.
لهذا كله فإن مذكرات بدران ليست مذكرات شخص, انما هي رواية لمرحلة من التاريخين المصري والعربي حين تداخلت الأحداث وارتبطت تطورات الوضع المصري بالقضايا العربية, وهي كشف عما كان تستره الضرورات, واليوم بعد مرور كل تلك العقود يفتح شمس بدران خزانة أسراره, ويروي للمرة الأولى بعد صمت طويل ما جرى خلف جدران القصور الرئاسية وفي مقرات مفاصل الدولة المصرية.
شمس بدران لا يتحدث فقط في الشأن السياسي, انما يطل على الجوانب الاجتماعية والنفسية في حياة كل شخص من الذين يروي عنهم, كما يكشف عن نزوات بعضهم, لذلك في هذه المذكرات صورة شبه متكاملة لمصر في الفترة التي يتحدث عنها الرجل.
نقرأ أيضا قصة تعيينه لساعات عدة رئيسا للجمهورية كما يكشف عن الأسباب الحقيقية لهزيمة يونيو 1967 وتآمر الروس والأميركيين على بلاده, ودور انور السادات في توريط مصر بحرب اليمن وعلاقة عبدالناصر بحمزة بسيوني, بالإضافة الى العديد من الأسرار عن أهل الفن وعلاقتهم بصناع القرار في مصر في تلك المرحلة, أيضا يتحدث عن علاقته بصدام حسين بعد خروجه الى المنفى حيث يقيم حتى اليوم في بريطانيا, واللافت ان الرجل احتفظ باسراره لنفسه اذ لا يعرف حتى افراد اسرته الكثير عن شخصيته العسكرية ودوره في مصر, ولذلك في احدى المرات كان قد حذر كاتب المذكرات من الاستفاضة بالحديث مع زوجته عن شخصيته العسكرية, ولهذا فإن ما يرويه شمس بدران هو في جانب منه سبر أغوار هذه الشخصية التي حاولت لسنوات طويلة الاحتفاظ بأسرارها الى الابد, لكن هناك من استطاع فتح هذه الخزانة ربما لأن بدران أيقن بعدما وصل الى هذه السن ان من حق المصريين عليه معرفة ما خفي عنهم في تلك المرحلة ويستفيدوا منه في المرحلة الحالية.
وفي ما يأتي ما قاله وزير الحربية المصري الأسبق :
لا أحد يستطيع إنكار ما كان يتمتع به عبدالناصر من صفات القيادة والزعامة, ولا أحد يستطيع التقليل من دوره في التخطيط والترتيب لثورة 23 يوليو, ولا يمكن لمنصف أن يتجاهل إخلاصه ووطنيته. لكن في الوقت نفسه لا بد أن يعلم الناس أنه إنسان يحب ويكره, ينجح ويفشل, يصيب ويخيب, له أخطاء كما أن له حسنات, فهو ليس إلها أو نبيا أو قديسا, كما حاول أن يصوره لنا البعض.
كان عبدالناصر حريصًا على أن يترك انطباعًا غير تقليدي لدى الآخرين. هذا الانطباع تجاوز في أحيان كثيرة الواقع, وخالف الحقيقة في أمور كثيرة.
بحكم قربي الشديد واحتكاكي المباشر به على مدى أكثر من 15 عامًا متواصلة, يمكنني القول أنه تعرض لتحولات جذرية غيرت من تكوينه, وأثرت سلبًيا على قراراته وعلاقاته وتوجهاته.
لن أستطيع تقديم تحليل نفسي وإنساني للرجل بشكل وافٍ, لكني فقط سأتناول محطات ومواقف محددة تكشف جوانب أخرى لا تعلمها غالبية المصريين في شخصية الرجل الذي أحبوه والتفوا حوله, ثم خذلهم بقراراته الانفعالية, وتسرعه غير المحسوب, فكانت المحصلة صفرًا, فأصبحوا مثل المراهن في سباق الخيل الذي اختار فرسًا توسم فيه الفوز, وظل طوال المباراة يترقب واستمتاع باللعب متوقعًا فوزًا لم يأت حتى آخر لحظة في المباراة.
يجب ألا ينسى من يندهش لرأيي في عبدالناصر أنه كان رئيس الخلية السرية التي كنت أتبعها قبل الثورة, وأنه هو الذي تحمس لأن أشارك بدور بارز في ليلة الثورة, وقدمني إلى المشير عامر وأوصاه أن يهتم بي, ثم ظل يسند إلي المهمات الجسام, والتي كانت آخرها وزارة الحربية, ثم رئاسة الجمهورية.
فهذه الآراء لن تخرج عن كونها تقييم للشخص والتجربة بشيء من التجريد والحيادية, لنعطي كل ذي حق حقه, لأنني وغيري تعرضنا لظلم شديد نستحق جزءًا منه ولا نستحقه كاملاً, في المقابل هناك مَن تحولت سيئاتهم إلى حسنات, وهزائمهم إلى نصر, وفشلهم إلى نجاح!
الحياة الخاصة للرئيس
عندما سجلتُ جزءًا من آرائي لإحدى المؤسسات الصحافية القومية, تطرق فريق العمل إلى الحياة الخاصة ل¯عبدالناصر, وانا تحفظت على البوح بما لا يجوز الحديث عنه للرأي العام. لكني توقفت أمام زوبعة في الصحافة المصرية تحدثت عن أنني فضحت الحياة الجنسية للراحل عبدالناصر, بينما القصة الحقيقية أنني لم أتطرق الى تفاصيل مسيئة, فكل ما ذكرته كان يتعلق بعلاقة رئيس جهاز المخابرات (1957-1967) صلاح نصر بالرئيس عبدالناصر.
فقد لاحظ نصر أن زيادة نسبة السكر التي كانت تشكل أزمة صحية دائمة لعبدالناصر خلال سنواته الأخيرة كانت لها تأثير مباشر على حياته الجنسية مثل أي مريض سكري, فكان دور صلاح نصر تزويد الرئيس بمشاهد جنسية مثيرة سبق أن سجلها الجهاز للفنانة سعاد حسني, وغيرها من الفنانات الشهيرات في ذلك الوقت. ويبدو أن تلك المشاهد كانت تساعد عبدالناصر في التغلب على تأثيرات مرض السكري.
لم أقصد الإساءة إلى شخصه ولا إلى غيره, بل كنتُ أعلق على سؤال عن مدى استقامة الرئيس, وهل كانت له علاقات جنسية غير شرعية?
بالطبع الذين ثاروا على هذا التعليق واعتبرونني أتناول حياة عبدالناصر الجنسية أقول لهم: لماذا لم تغضبوا ممن تناولوا حياة المشير عامر الخاصة بسبب زواجه من الفنانة برلنتي عبد الحميد (توفيت عام 2010), رغم أنها كانت زوجته على سنة الله ورسوله, بل وأنجب منها طفلاً. كما أذكرهم باختلاق القصص الوهمية عن علاقة المشير بالمطربة وردة الجزائرية(توفيت في مايو 2012), وغيرها من الحكايات التي لا تمت الى الواقع بصلة.
لكن على كل حال كان عبدالناصر أكثر الناس التزامًا من الناحية الأخلاقية, فلم يكن لديه الوقت ولم تتح له ظروفه أن ينجرف إلى مثل هذه الامور. و رغم ذلك فإن كل ما قيل عن إعجاب السادات بالمذيعة همت مصطفى, فإن الحقيقة هي أن المعجب الأول بها كان عبدالناصر, فقد طلبها بالاسم لتغطية زيارة مهمة للجزائر, وأذكر أنها كانت لا تزال صغيرة السن, وفي المستوى العادي إعلاميا, مما دفع الصحافي موسى صبري الى كتابة مقالة نشرت في صحيفة”الأخبار” انتقد فيها من اختارها لتغطية حدث بهذا المستوى, فصدر قرار فوري بوقفه عن العمل.
بذخ عبدالناصر
بعيدًا عن الحياة الجنسية والعاطفية, فإن الدعاية الإعلامية الجبارة نجحت في تصوير عبدالناصر أنه يعيش في حالة تقشف وضنك, وأن طعامه ليس سوى كسرة خبز وقطعة من “الجبن القريش”, كما أن أبناءه عاشوا حياة صعبة, لم يستمتعوا فيها مثل غيرهم من أطفال مصر. لكن الحقيقة أن مسألة “الجبن القريش” ليس مبالغًا فيها بدرجة كبيرة, فإن الرئيس بالفعل كان اكثر أكله من الجبن, لكن ليس القريش, بل الجبن السويسري, وهو من أفخم وأغلى الأنواع, كما كان يوجد في المنزل- سواء في كوبري القبة أو الاسكندرية- مخزن يضم أفضل المأكولات والمعلبات المستوردة.
أما بالنسبة الى اولاده, فيمكن الرجوع إلى المهمات المتكررة التي كان يكلف بها سامي شرف بالسفر إلى لبنان لشراء متطلبات أسرة الرئيس من الملابس حتى لعب الأطفال. (شرف هو أحد مؤسسي المخابرات العامة المصرية, وسكرتير الرئيس عبدالناصر الشخصي للمعلومات, قبل وفاة عبدالناصر, عين وزيرًا للدولة ثم وزيرًا لشؤون رئاسة الجمهورية, وذلك في شهر أبريل عام 1970).
وقد يكون أمرا طبيعيا, ومن حق عبدالناصر وأسرته أن يعيشوا في وضع يليق بهم, لكن الأمر المدهش أن آلة الإعلام المزيف خاضت في رسم صورة منافية للواقع والحقيقة عن حياة الرجل وأسرته. لكن من أهم ما يحسب لعبدالناصر أنه كان يكبح جماح أي مسؤول في الدولة, وكان حريصًا على المال العام, ولا يتهاون مع الفاسدين, ولم تمتد يده إلى أموال الدولة, بل كان يتقاضى راتبه المحدد, إلى جانب مخصصات الرئاسة والمصاريف السرية التي كان يساعد منها أي ضابط أو شخص يتعرض لظروف استثنائية طارئة. وظل يتعامل مع رفاقه والمحيطين به بتواضع شديد, حتى حادث الاعتداء على حياته في ميدان المنشية في الإسكندرية عام ,1954 وبعد الحادث أصبح عبدالناصر شخصًا آخر.
تحويله أسطورة
والحقيقة أن معظم المتعاملين معه لمسوا التحول المفاجئ في سلوكه, لكن هذا التحول لا يقارن بالتغيير الذي شهدته شخصيته وحياته بعد عدوان ,1956 والفضل هنا يعود إلى محمد حسنين هيكل الذي بدأ يتحدث عن عبدالناصر الزعيم والأسطورة, ووضع كل قدراته في استثمار النصر السياسي الذي تحقق ليصب في تأليه شخص واحد هو الرئيس. بعد ذلك بدأ عبدالناصر يتعامل مع رفاقه في مجلس قيادة الثورة بطريقة غير لائقة, ثم بدأ محاولات التخلص منهم الواحد تلو الآخر, حتى انفرد بالسلطة.
في تلك الأثناء ابتدع فكرة المجلس الرئاسي, وكان يسعى من خلاله الى تحقيق هدفين, الأول: نيل رضا الرفاق, والثاني: سحب صلاحيات المشير المتعلقة بترقيات قادة القوات المسلحة.
هنا قدم المشير عبدالحكيم عامر استقالته للمرة الاولى, وحدث أول خلاف بين الصديقين, لكن عبدالناصر تدارك الموقف واسترضى المشير, وجرت مصالحة كانت الكفة فيها لصالح عامر.
ظل هيكل يمارس ألاعيبه في إقناع الرأي العام أن عبدالناصر ليس شخصًا عاديا, بل هو أسطورة وزعامة تاريخية. من جانبي لم أختلف مع هيكل على زعامة عبدالناصر, فقد كان بحق الشخصية الأبرز في العالم العربي, لكن الخلاف كان على التمادي في هذا التصور إلى درجة تحول فيها عبدالناصر من إنسان إلى نصف إله. ولدرجة أن الرجل نفسه صدق ذلك, فقد اعتاد في سنوات ما قبل هزيمة 1967 أن يرفع يده لكل من يستقبله بطريقة تبدو في الصور كأن الضيف يُقَبِّل يده.
لم أكن أصدق ما يفعله الرئيس إلى أن ذهبتُ مع وفد رجال أعمال أميركيين كانوا يستعدون للاستثمار في مشاريع صناعية واستثمارية ضخمة في مصر, وعندما صافحهم كان يرفع يده ويمدها بالقرب من وجه كلٍّ منهم, كأنه يطلب تقبيلها. وأحد الضيوف لفت نظري فتعمدت التركيز على تلك الحركة أثناء المغادرة, ثم تكرر المشهد مع شخصيات عربية وأجنبية عدة, كان مثل هذا السلوك مستحدثا ودخيلا على شخصية عبدالناصر التي نعرفها جميعًا, ولم أجد ما مبرره سوى دور هيكل في استكمال صناعة الأسطورة!
لو أضفنا رد الفعل الشعبي على قرار تأميم قناة السويس إلى نتائج عدوان ,1956 ثم الموقف الأميركي الغبي من تجميد قرض بناء السد العالي, نجد أنفسنا أمام مجموعة أحداث جمعتها الصدفة لتصب مباشرة في دفع عبدالناصر للتحول زعيما إقليميا.
في عام 1956 منح عبدالناصر قلادة النيل لغالبية رفاقه في الثورة, وبعد إعلان نتيجة الاستفتاء على الرئيس والدستور, تقدم أعضاء مجلس قيادة الثورة باستقالاتهم.
في ذلك الوقت كانت هناك بعض المواقف, منها أن جميع المحيطين بالرئيس لم يعد ينادونه بالألقاب التي اعتادوا أن يطلقوها عليه, اذ كانوا ينادونه باسمه مجردًا, أو أخ جمال, وأحيانًا “يا جيمي”, لكن فجأة أطلق عليه السادات لقب “ريس” ثم بدأ يطلب من الجميع أن يتوقفوا عن مناداة الرئيس بأي لقب غير “ريس”.
لكن حدث موقف لافت وفارق أيضًا, فقد فوجئنا أثناء افتتاح البرلمان أنه يصدر تعليماته بالدخول بمفرده من بوابة المجلس, وهنا وضع بداية جديدة لعلاقاته مع رفاقه في مجلس قيادة الثورة الذين انزووا جميعًا, وحملوا عبدالناصر المسؤولية بعد أن شعروا أن دورهم انتهى, ولم يعد مرغوبًا بوجودهم على الساحة السياسية. لقد كان الشك أبرز صفات عبدالناصر, لذلك كان حريصًا- رغم انشغاله- أن يقتني جهازًا خاصا ليتمكن من التنصت بنفسه على هواتف أقرب الناس إليه.
شك بالجميع, بما فيهم المشير عامر وأنا وهيكل أيضًا, وحتى أعضاء مكتبه وبعض أفراد أسرته, فقد كانت هناك أجهزة تتولى هذا الدور, وترسل إليه محتوى المكالمات فورا وبانتظام, فضلاً عن وجود طاقم في مكتبه يؤدي المهمة نفسها, إلا أنه لم يطمئن لكل هؤلاء, ومارس هذه الهواية بنفسه وبشكل دائم, مما يثبت أنه كان يعاني من الشك في كل مَن حوله.
كان المشير عكس عبدالناصر تمامًا في مثل هذه الأمور, هذا لا يعني أنه لم يكن يتخذ الاحتياطات اللازمة في أوقات الضرورة, لكن كانت صفة الشك غير موجودة لديه, وكان يفترض حسن الظن في الآخرين حتى يثبت العكس, أما عبدالناصر فكانت لديه المسألة معكوسة; حيث يفترض سوء الظن في الآخرين حتى يثبت العكس.
- See more at: http://al-seyassah.com/%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%86%d8%b5%d8%b1-%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%8a%d8%b2%d9%88%d8%af-%d8%b9%d8%a8%d8%af%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b5%d 8%b1-%d8%a8%d9%85%d8%b4%d8%a7%d9%87%d8%af-%d8%b3%d8%a7%d8%ae/#sthash.jGnAzDR5.dpuf