المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسألة الشيعية في لبنان ..... نبيه البرجي



القمر الاول
03-02-2014, 01:05 PM
02 آذار، 2014

نبيه البرجي - الديار


http://www.charlesayoub.com/public/uploads/images/96533950744196773.jpg


هل العنوان منطقي و ضروري ام انه اشكالي وفي غير محله: المسألة الشيعية في لبنان؟
الذين يعترضون او يعارضون المسار الراهن للطائفة يقولون انه آن الاوان للخروج من تلك «اللحظة الاغريقية»، اي من ثقافة العباءة السوداء، وقد وًضعنا على خط التماس مع الغيب، فيما من يقرأ جدليا القواعد الفلسفية للمذهب الشيعي يلاحظ انه يأتي بأساتذة الامل لا بأساتذة البكاء...

إياهم يقولون ايضا ان الطائفة التي تحولت الى ظاهرة اسطورية تستقطب انظار، واحاسيس الجميع، عندما دحرت الاحتلال الاسرائيلي، ما لبثت ان وقعت في مشكلتين قاتلتين: التوظيف الفوضوي لفائض القوة، والانزلاق العبثي الى الصراعات الجيوسياسية في المنطقة. الظاهرة الاسطورية تلاشت، وبدت الطائفة، بكل امكاناتها، وبكل آلامها، الخلاقة كما لو انها تقف وحيدة في العراء.

انها في حرب مع الجميع، وتحت شعار ذلك الشيء الذي يدعى، تجاوزا، القضية الفلسطينية التي انتهت او انهاها العرب في ذلك اليوم من عام 1948، وما بقي لا يعدو كونه إما ارتدادات رومانسية، او ارتدادات خادعة، لذلك اليوم...

هؤلاء يعتبرون ان الطائفة في لبنان اقوى بكثير من ان تكون ورقة في مهب الريح، بل وفي مهب الرياح. ابناؤها الذين قطعوا الادغال بالطريقة نفسها التي قطعوا الازمنة انتجوا تلك النخب الفذة في الثقافة او في المال، و في فترة قياسية، هم الذين حرروا الارض وهزموا اسرائيل. اما ما قدم من مال او من سلاح، فلا يبرر، في حال من الاحوال، سياسة التبعية او سياسة الارتهان...

المعارضون والمعترضون ليسوا كلهم يتحدثون بلغة قابلة للنقاش. كثيرون منهم إما انهم سقطوا في غواية المال الذي ينهمر عليهم او انهم ضحايا الانانيات القاتلة، فثمة من اقصي عن السلطة، وثمة من لم يعد يجد له مكانا. انتقل بتلك الطريقة الكاريكاتورية الى الخندق الآخر. هذا يلاحظ بجلاء على صفحات الجرائد كما على الشاشات، دون اي اقتراحات منطقية، بل غالبا ما يكتبون او يتكلمون باظافرهم لا بأصابعهم ولا بالسنتهم..

جلنا على عدد من المراجع السياسية و الدينية. لا ريب ان هناك مآخذ منطقية على المسار الراهن، والى حد الحديث عن «اللوثة الايديولوجية» في هذا المسار. ولكن أليست الظروف القاهرة تفرض سياسات محددة وربما مغلقة، او حديدية، احياناً؟..

لا احد ينفي ان تاريخ الطائفة مثقل بالاحزان. والبعض يرى ان الدعوة الى تحييد التاريخ كما لو انها الدعوة الى تحييد الله. ولكن ماذا عن تأثير الجغرافيا في الاتجاهات السياسية والثورية للطائفة التي حققت في سنوات او في عقود ما لا يمكن تصوره، اذ قيض للشيعة ان يكونوا في الجنوب على تخوم اسرائيل وفي البقاع على تخوم سوريا. هكذا فرض على شيعة لبنان ان يتداخلوا، دراميا، مع ازمة الشرق الاوسط...
أليسوا هم من شرعوا ابواب بيوتهم امام الفدائيين الفلسطينيين، ليذوقوا الامرين لاحقا على ايدي الاسرائيليين و الفلسطينيين معاً، بعد تحول الثورة الفلسطينية الى حالة فولكلورية، ودون الدخول في تلك التفاصيل المدمرة، ضد الجنوبيين او ضد اللبنانيين عموماً؟

وبالرغم من ذلك، نسمع ان الشيعة لا يمكن الا ان يكونوا مع فلسطين ومع الفلسطينيين قوميا و دينيا و استراتيجيا بطبيعة الحال، و سيبقون كذلك مهما كان الثمن لان المسألة ترتبط بفلسفة الوجود كما بفلسفة المعتقد، ليشار الى ان حكومة بنيامين بيغن حين قررت غزو لبنان في عام 1982، قالت ان الغاية من العملية تفكيك الآلة العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية. حققت ذلك و تم ترحيل ياسر عرفات ومعه آلاف المقاتلين، فماذا حدث بعد ذلك؟

لنعد الى اتفاق 17 ايار 1982، ونتمعن في النص: وضع لبنان تحت الوصاية الاستراتيجية لاسرائيل. لم يعد الهدف تدمير الآلة العسكرية لمنظمة التحرير بل وضع اليد على لبنان، فكانت المقاومة التي استطاعت، عبر تلك التضحيات الهائلة، اجتثاث الجيش الاسرائيلي ودون التعرض بأي اذى للبنانيين الذين تعاملوا مع الاحتلال ورحلوا معه.


ألا تمثل تلك اللحظة ذروة النقاء الثوري مثلما هي ذروة المناقبية الثورية؟

ويقال ان الرفاق في الوطن يغفلون الآن تلك السنوات من العذاب ومن القهر، و حيث لم ينج بيت او عائلة من الدمار او من القتل، ودون ان يعني رحيل الاسرائيليين ان لبنان دخل في غياهب النسيان. و اذا كان للبعض ان ينسى مزارع شبعا و تلال كفرشوبا، فهل يمكن التغاضي عن تلك الوثائق والدراسات التي تؤكد على ذلك «الحلم الهستيري» بالسيطرة على الثروات المائية في لبنان، وعلى القمم الجبلية على انها، وكما اعتبرها ارييل شارون، الجدران الاستراتيجية لهيكل سليمان..

لا يمكن للطائفة، تاريخيا او جغرافيا، الا ان تكون ضد اسرائيل. هذا قدرها. للآخرين حساباتهم الاخرى ورهاناتهم على دولة تتأرجح بين لاس فيغاس ومونتي كارلو. لكن الاسرائيليين هم الاسرائيليون، وماذا ايضا عن النصف مليون فلسطيني في ظل التلاعب الايديولوجي والاستراتيجي الحالي؟
الشيعة ايضا على حدود سوريا. نسمع توضيحات تتعدى ما يقال عبر المنابر، اذ منذ الاشهر الاولى للازمة هناك بدأ التواصل بين «الاخوان المسلمين» و«الاخوان اليهود»، وعلى اساس عقد معاهدة بين دمشق وتل ابيب تتيح فرض الحصار على «حزب الله»، اي ان سوريا التي كانت داعمة اساسية لعملية التحرير ستنقض، ولمصلحة اسرائيل، على المواقع الحساسة للحزب في اقصى البقاع الشمالي و الشرقي، وربما على البقاع بأسره..

الذي حصل بعد ذلك لا يقل سوءاً وهولاً بطبيعة الحال، وهناك من يشير الى ما فعلته «طالبان» بالشيعة (الهازارا) في افغانستان. تحت مظلة التكفير تمت ابادة الآلاف، فماذا لو ان «طالبان» السورية، وسواء كانت تحت بيارق «داعش» ام تحت بيارق «جبهة النصرة»، استولت على مناطق الحدود مع لبنان، وبالتواطؤ مع جهات لبنانية اثبتت الوقائع تورطها، ومنذ اليوم الاول، في التعاون المفتوح مع المعارضة السورية المسلحة، فمن تراه ينفي ان تورا بورا تشكلت في الداخل اللبناني؟
العنوان منطقي وضروري، لكنه يحتاج الى بحث مستفيض. هذا غيض من فيض!!