المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نجرؤ؟ .... سوسن الشاعر



Osama
03-09-2005, 09:06 AM
سوسن الشاعر

(عرض وزير الداخلية البحريني امام لجنتي الامن العام بمجلسي الشورى والنواب في جلسة سرية صوراً لبعض المسيرات الشيعية ايام عاشوراء وهي ترفع اعلاماً وصوراً لرموز ايرانية ولحزب الله) والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم الى متى تظل الطائفة الشيعية الكريمة في البحرين اسيرة لهذه القلة التي لا تريد ان يخرج الوطن من عنق الزجاجة؟

يبدو ان« ازمة الثقة» ما زالت واحدة من اهم عوائق مشاريع الصلح التي جرت على مر التاريخ بين طرفي النزاع السياسي التاريخي (النظام والطائفة الشيعية) وتسببت في وأد الكثير من المحاولات التي تقدم بها الخيرون من الطرفين، واليوم نحن نعيش واحدة من اهم وافضل تلك المحاولات واكثرها فرصا للنجاح، وذلك يعود لسببين ، اولهما حجم الخطوة التي تقدم بها النظام وثانيهما الاستجابة العفوية والكبيرة للغالبية العظمى من ابناء الطائفة الكريمة، ونحمد الله على هذه السنوات الاربع الاخيرة التي حملت في طياتها الكثير من النجاحات في ازالة حواجز وعوائق الثقة قام بها ايضا الطرفان.

حين يعرض النظام ادلة على تصرفات قلة من الطائفة الشيعية نجحت فيما سبق وما زالت تحاول ان تئد تلك المشاريع يضعنا امام مشكلة حقيقية، فما عادت المشكلة في وجود هذه القلة التي لم تقبل بالتسوية المشكلة الاساسية اليوم تتركز في كيفية فرز هذه القلة؟ ومن هو المسؤول عن فرزها؟ حتى نعالج واحدة من اهم عقبات ردم هوة الثقة بين طرفي النزاع واخر ما نتمناه ان يكون جهاز الاستخبارات في وطننا هو الذي يفرز هذه «القلة» التي خرجت عن الاجماع الوطني وتعمل على الاستفادة مما هو متوفر لها من اجواء الحرية لتحقيق اهدافها، واخر ما نتمناه ولن نقبل به هو ان تنجح تلك القلة باستفزاز القرار الامني غير المتعقل الذي لا يفرق بين مذنب وغير مذنب.

كلنا نعرف ان هناك فئة لم ترض، ولم تقبل بالتسوية، وليس من مصلحتها تثبيتها يقابلها اجماع كبير على التسوية حتى وان كان ضمنهم فئة اخرى صرحت بانها قبلت التسوية بشرط ان تعمل على استكمال الناقص من شروطها وان لا تكتفي بهذا الحد المهم الذي عزز الثقة في متانة هذا الصلح، ان هذا الشرط لم يكن عائقا امام النظام وترك الباب مفتوحا لتلك الفئة ان تعمل دون ضغوط.

انما المشكلة التي يواجهها النظام ان هاتين الفئتين «من رفض ومن قبل بشرط» تتحركان سياسيا معا في نفس الوقت وحول ذات المواضيع ضمن منطقة ضبابية الحدود غير واضحة المعالم، ساهمت الفئتان فيها بقصد او بدون قصد في غياب الخط الفاصل بينهما، اذ تبدو الصورة، وكان هناك تناغم بين الفئتين، بل احيانا تجد الفئة التي قبلت التسوية تبرر للفئة الاخرى تصرفاتها واقوالها بان تلك اراء شخصية، او تلك قلة من الصغار!! ثانيا يتحرك الاثنان بمعزل عن اهم اعتبار خاص بهذه المرحلة وهو «ازمة الثقة» مما يضع النظام امام التباس الاجندة فيعجز هو عن وضع الخط الفاصل في ردود فعله!

فما زالت اعتبارات من قبل بالتسوية خاضعة لضغوط الذين رفضوا التسوية اكثر مما هي خاضعة لاستحقاقات الصلح والهدنة، كي يبرهنوا للرافضين انهم ما تخلوا عن حقو الناس ومطالبهم وهم يعرفون انهم كمن يطلب من مريض خرج للتو من غرفة العمليات بالقيام بتمارين رياضية مرهقة، يثيرون اكثر المواضيع حساسية كلها دفعة واحدة وكلها تدعم بتأجيج المشاعر وفتح ملفات المرضى اكثر مما تدعم ببدائل وحلول مستقبلية عملية! غير مدركين انهم بذلك يضيقون الخناق كل مرة على خيارات النظام.

الكل بما فينا النظام مجمع على ان هناك نواقص نصية ونواقص حقوقية لابد من استكمالها والكل بما فينا النظام مجمع على الدور الرقابي الشعبي على اداء السلطة التنفيذية وهما استحقاقان يتعامل النظام معهما دون تشنج وبهدوء يعزز الثقة بين الطرفين، وما نحتاجه في هذه المرحلة الحالية الخطرة هو ان يتحمل المجتمع مسؤولية التوازن بين «ازمة الثقة» وبين استكمال تلك النواقص بشكل لا يخل بهذه او بتلك.

وما لم يتحرك ابناء الطائقة الشيعية وهما الطرف المعني بالنزاع بكل اطيافهم السياسية والحقوقية والدينية والشعبية الذين قبلوا الدخول في التجربة ويضعون - بايديهم لا بايدي احد غيرهم - الحد الفاصل بينهم وبين الذين يتحركون بمعزل عنهم محتمين بمظلة الطائفة فان الوطن كله يظل تحت رحمة هذه الفئة ومخططاتها، وطالما استمر سكوت الغالبية على هذه الاقلية فانه لن يتضح ما اذا كان السبب هو خوفا منها او مساندة لها بحيث يصعب على اي نظام عملية الفرز دون اللجوء للخيار الامني وهنا لا يمكن لاي احد ان يقيد خيارات اي نظام سياسي خاصة وهو مازال يعالج الهاجس الامني وتبعاته مع الاخذ في الاعتبار ان النظام ما زال الى هذه الساعة يتعامل مع كل الاستفزازات الامنية بحذر وهدوء وبتحرك محدود، واولها كان في عدم التدخل او الوقوف امام ادانة القضاء لوزارة الداخلية واخرها خيار سرية الجلسة التي عرضت فيها تلك الخروقات امام عدد محدود من النواب!

وهما امتحانان كبيران تعرض لهما النظام ونجح فيهما بجدارة، واعتقد بان هذا الحذر يخدم المرحلة الى حد كبير ونتمنى ان يحافظ النظام على هذا الهدوء الى اقصى حد ممكن مادامت تلك الخروقات لا تشكل خطرا ملموسا عليه او على الامن العام.

انما ما لم يشعر به النظام ان الطائفة محررة من قيود تلك القلة وغير خاضعة لاهوائها فان هاجس «ازمة الثقة» يظل عائقا امام المحاولة الحالية والتي تعتبر الاهم في تاريخ البحرين، ما لم تتحرك الفئة التي قبلت التسوية جديا لمعالجة ازمة الثقة مسنودة بالغالبية من ابناء الطائفة الكريمة للتخلص من ضغوط تلك القلة دون خوف من تهديداتها فاننا في ازمة اكبر واخطر.
من غير المعقول ان تبقى الطائفة كلها بنسائها ورجالها وشبابها من له علاقة بالسياسة ومن لا يعرف الف بائها رهينة للغوغائية؟ من جهة النظام ينظر لها بريبة لانها عاجزة الى اليوم عن الخروج من طوق هذه القلة، ومن جهة يضطر الجميع للخضوع لضغوط القلة التي تمارسها على كل من يتحرك منهم في اتجاه حل ازمة الثقة لتضعهم تحت نيران التهديد والمقاطعة والضغوط النفسية او تحت نظرة الريبة من النظام.

ان لم يتكاتف ابناء الطائفة الشيعية هم قبل غيرهم لمواجهة هذه القلة فان اي تحرك من خارجها لن يجدي ولن يدوم .. فهل تجرؤ؟