المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من حكايات الشعوب (الفلاح والنمر والثعلب)



Osama
03-09-2005, 08:55 AM
كان يا ما كان, منذ سالفِ الأوان, يوجد هندي عجوز يقوم بحرث أرضه. كان يحرثها بمحراث قديم وثقيل مكون من صار يجره ثوران, كان الرجل ينادي الثورين باسميهما ليحمسهما على العمل ويقودهما بصيحات يفهمانها:

- شد يا ثور!... شق الأرض, كولورادو!... ارجع يا ثور!

كان منهمكًا في عمله لدرجة أنه لم ينتبه إلى وجود عدو مرعب: كان نمر قد تخطى وثبًا أسوار المزرعة وأخذ يقترب منه في صمت.

توقف الرجل عن العمل وبدأ الثوران في الارتعاد من الخوف.

قال النمر: جئت لتعطيني ثورًا آكله.

رد الفلاح مرعوبًا: أوه, لا! يا سيدي النمر لا أستطيع إعطاءك أيًا منهما, إنني أحبهما كثيرًا.

- إذن فلتعطني الاثنين.

- من فضلك يا سيدي النمر, لا تؤذني هكذا. كن رحيمًا بي.

أجاب النمر وهو يستعد للوثب على الضحيّة: ألتهمك إذن مع الثورين وكل شيء?

أجاب الفلاح بائسًا: لا يا سيدي النمر, كيف تأكلني وأسرتي فقيرة وفي حاجة إليّ وإلى الثورين.

- سألتهمك معهما.

- لا يا سيدي, كيف ستلتهمني?

وظلا بين آكلك ولا تأكلني حتى مرّ بالقرب منهما ثعلب سمع المناقشة وعزم على إنقاذ الرجل. فاختبأ خلف شجرة كثيفة وبصوت غليظ وقوي صاح فيه:

- يا صديقي, ألم تر النمر مارًا من هنا? إنني أبحث عنه ومعي مائتا كلب لكي نقتله.

فزع النمر فزعًا شديدًا وانكمش على نفسه قدر استطاعته قابعًا بلا حراك وملتصقًا بالأرض.

قال النمر هامسًا للرجل وهو معتقد أن الأمر يتعلق فعلاً بقناص نمور: قل له إنك لم ترني, إذا وشيت بي سألتهمك.

- لا يا سيدي, لم أر النمر منذ وقت طويل.

- كيف لم تره يا صديقي, وما هذه الكومة التي بجوارك? إنها تبدو نمرًا راقدًا.

قال النمر: قل له, من فضلك, إنها بذور فاصوليا.

قال الفلاح: إنها بذور فاصوليا يا سيدي, أحضرتها لكي أزرعها.

- إذا كانت بذور فاصوليا, ضعها إذن داخل هذا الجوال الجلدي الذي هناك بجوارك.

توسل النمر للرجل قائلاً: ضعني في الجوال بسرعة من فضلك, لا تضيّع الوقت.

وضع الرجل النمر في الجوال بأسرع ما يمكن وأجابه:

- ها هو يا سيدي, ها هو, أترى كيف أطيعك.

- اربط يا صديقي الجوال برباط حتى لا تسقط منه البذور.

قال النمر للفلاح: اربط الجوال ولكن اترك به فتحة.

ربط الرجل الجوال بإحكام قدر استطاعته.

- إن هذا الجوال يبدو منتفخًا يا صديقي, افرده قليلا بطرف البلطة, لا تبطئ.

قال النمر : افتعل أنك تضربني ولكن انتبه ألا تلمسني فسوف ألتهمك بمجرد أن يذهب صائد النمور.

تناول الرجل البلطة وضرب بكل قوته النمر فوق رأسه ولم يتركه إلا جثة هامدة.

وهكذا أنقذ مكر الثعلب الرجل وغلب وحشية النمر.