المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أفـكــارنـا الناجحة مظلومة!



Osama
03-09-2005, 08:51 AM
المهم أن نفكر ونشجع موظفينا على التفكير


كتب محمـد النغيمش:

الفكرة الجيدة نواة لمشروع ناجح، بشرط أن تجد آذانا صاغية. وإمبراطورية مقاهي ستاربكس الشهيرة تؤمن بهذا المبدأ، إذ استجابت لاقتراح جوهري لموظف فيها ساهم في وضعها على سلم النجاح المتواصل. ففي أوائل الثمانينيات سافر مدير التسويق هاورد شالتز إلى مدينة ميلان الإيطالية فأعجب أيما إعجاب بظاهرة انتشار آلات صنع قهوة الاسبرسو أو ما يسمى بالـ Coffee Bars، فاقترح فكرة نقل هذه الآلات إلى محلات ستاربكس بالولايات المتحدة فكانت انطلاقة النجاح لأشهر مقهى في العالم.


استجابة الملاك «لفكرة» موظف فتحت أبواب الربح والنجاح على مصراعيها. فبعد أن كان عدد مقاهي ستاربكس حتى نهاية الثمانينيات لا يتعدى 55 فرعا، تجاوزت الآن 8340 فرعا في شتى أنحاء المعمورة.

ولأن ملاك ومديري هذا المقهى المتميز يحترمون «أفكار» موظفيهم وآراء عملائهم، فقد استجابت الشركة لرغباتهم، في عام 1995، بإضافة خط منتجات جديد، حقق نجاحا مماثلا للاسبرسو الساخنة، وهو القهوة المثلجة والمخفوقة أو ما اشتهر باسم قهوة الـ Frappuccino لتعزز نجاح هذا المقهى العريق.

وقصة البيغ ماك (أشهر سندويتش في العالم) كانت اقتراحا تقدم به أحد أصحاب امتياز مطعم ماكدونالدزFranchisee إلى مالك المطعم ومؤسسه، في أواخر الستينيات، فأعجب به وأضافه إلى الوجبات الأخرى، فبيع منه حتى الآن أكثر من 14 مليار سندويتش. وحتى باقي وجبات هذا المطعم العائلي نالت نجاحا منقطع النظير بفضل الإنصات إلى أفكار الموظفين والعملاء. أتذكر عندما افتتح فرع ماكدونالدز في دولة الكويت عام 1994 (من أوائل فروع منطقة الشرق الأوسط) امتدت طوابير الزبائن إلى أكثر من 7 أميال على شارع الخليج العربي، حيث تقاطر نحو ذلك الفرع الوحيد آنذاك أكثر من 15 ألف شخص، حسب تأكيدات موقع المطعم الإلكتروني، وحسب ما رأته عيناي، حيث كنت أحد المنتظرين في طوابير خدمة السيارات لأكثر من 3 ساعات متواصلة!

بسبب حداثة بعض الأفكار أو لأنها غير مسبوقة فقد تنال رفضا مخيبا لآمال مقترحيها. غير أن المؤسسات الفطنة هي التي تتبنى الأفكار الجيدة، على رغم ما فيها من مجازفة، فقد تنجح وتحقق تفوقا باهرا. صاحب مصانع سيارات فورد الشهيرة تبنى فكرة بدت مستحيلة وكانت محل تندر لدى بعض العاملين وهي إنشاء «خطوط إنتاج إلكترونية»Assembly line غير المسبوقة في تاريخ المصانع، حيث كانت المصانع آنذاك تعتمد الصناعة اليدوية. أما فورد فطبق هذه الفكرة الذكية التي قللت عدد الموظفين ورفعت معدلات كفاءة المنتجات، وأصبحت طريقته المبتكرة اليوم عصب كل المصانع العالمية النشطة. وفكرة خطوط الإنتاج الإلكترونية، التي تردد بعض الموظفين في تطبيقها آنذاك بحجة خشيتهم على مستوى الجودة، أثبت الواقع تفوقها، إذ إن خطوط إنتاج الطائرات والصواريخ والسيارات الفارهة تقدم كل يوم أكفأ المنتجات على الإطلاق (أحيانا تصل نسبة الخطأ فيها إلى الصفر) بفضل فكرة خطوط الإنتاج.

وليس ضروريا أن تكون «الفكرة المقترحة» متكاملة الجوانب حتى يقبلها المسؤولون، فبإمكانهم الاستعانة بمتخصصين أو مهتمين آخرين لتطوير الفكرة، مع أهمية حفظ حق الموظف الذي اقترحها. بعض المديرين يعاقبون الموظف «برفض فكرته» لأنه لا يحسن تطبيقها عمليا! أحد الزملاء اقترح فكرة نسخ كل المراسلات الصادرة والواردة عبر ماسحة ضوئية إلكترونيةScanner بدلا من طريقة التخزين التقليدية في ملفات عديدة ضاقت بها أرفف الشركة. وقد استجاب المسؤولون لهذا الاقتراح الجيد ولم يطالبوه شخصيا بتطبيقه، فتطورت طريقة الأرشفة في الشركة، إذ صار بالإمكان الوصول إلى أي رسالة مؤرشفة في غضون ثوان معدودة، حتى في ظل غياب السكرتير أو مسؤول الأرشيف.

والذي استجاب لفكرة توصيل البيتزا إلى المنزل بسرعة عبر تقنية الفرن الساخن المتنقل يستحق الإشادة. فكرته بسيطة ولكنها وفرت على الزبائن وقتا ثمينا وجمعتهم وأسرهم على مائدة المنزل المريحة. ونجحت هذه الفكرة في الوصول إلى منازلنا بسرعة منافسة بذلك دوريات الشرطة والإسعاف والمطافئ البطيئة!

ما أجمل أن تفخر المؤسسات بأفكارها الناجحة النابعة من موظفيها، لا من مصدر خارجي مأجور. ولذا ينبغي ألا يثبط الموظفون المتحمسون عندما يقترحون أفكارا منقوصة أو أخرى غير قابلة للتطبيق في الوقت الراهن. فكل فكرة قابلة للتعديل حسب متطلبات العمل. المهم أن نفكر وأن نشجع موظفينا على التفكير، فالأفكار الجيدة في الدول المتقدمة تدفع لها مبالغ خيالية... لأنها مشروع نجاح منتظر.

mohammed@nughaimish.com