مرتاح
03-07-2005, 01:04 AM
المشكلة تبدأ صغيرة ثم تتحول إلى إدمان
لكل منا علاقاته الأسرية التي نحرص أشد الحرص على استمرارها، نحاول قدر ما نستطيع السير بها حتى تصل بنا لبر الأمان، ولكن ربما تعترض طريقنا بعض المشاكل التي قد نعيرها الاهتمام اللازم، وقد نتجاهلها لأنها لا تشكل عائقا أمام استمرار الحياة، لكنها ربما تكبر وتصبح مرضا يصعب استئصاله.
هذه المشكلات التي كان يراها البعض على أنها لا تستحق الذكر أو حتى لا تستحق أن يلتفت أحد إليها، وصلتنا رسائل كثيرة بخصوصها تحمل هموما نصفها ألم ونصفها الباقي عدم اهتمام وعدم مبالاة، جميع الأطراف يلقي بعضهم اللوم على بعضهم الآخر.
القضية تبدأ صغيرة بحجم شاشة كمبيوتر محمول، أو شاشة إنترنت مثبتة في مقهى.
رجل أو إمرأة، يجلس أو تجلس أمام الشاشة ليبدأ الدخول في عالم لا متناه من المعلومات والصور والحكايات من كل شيء يخطر أو لا يخطر على البال.
العملية تتكرر يوميا، لكن الأخطر أن الدقائق العشر أمام الشاشة الساحرة تقفز رويدا رويدا إلى نصف ساعة ثم ساعة وإلى ساعات وساعات حتى تمتص من أمامها وتحويه بداخلها ويصبح أسيرا لها ليعيش الاثنان الشاشة والعين كالمعشوق والعاشق ويتحول هذا العشق الى إدمان، وهي قمة العلاقة السلبية بين الشاشة والإنسان.
هذه الحالة تجعل من عاشق الشاشة ومدمنها يعيش في عالم معزول عن الآخرين، حيث تتكسر العلاقات الاسرية، ويضعف الاهتمام بالصداقات والعلاقات الاجتماعية، وتتحول العلاقات وتتفاوت بشكل عام من إنسان إلى انسان لتصبح من إنسان إلى «شيء».
الظروف التي تدفع بالإدمان على شاشات الكمبيوتر والانترنت مختلفة ومتنوعة لكن يبقى المهم أن لا تحل المشاكل بأسلوب الهروب الى الأمام أو بمعنى أن أترك المشكلة وأترك معها عيني تتسمران على الشاشة.
«القبس» ألقت الضوء على هذه القضية وأجرت لقاءات مع المعنيين بها.
البداية كانت لقاء في أحد مقاهي الانترنت حيث كان هذا اللقاء مع حمدان خلف البالغ من العمر 32 عاما وهو متزوج.
> منذ متى وأنت تجلس هنا خلف شاشة الكمبيوتر؟
ـ منذ ما يقارب الثماني ساعات.
> لماذا؟
ـ بصراحة أحب الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر، والابحار في عالم الانترنت، أتجول به، استكشف العلوم الحديثة، وأتقصى المعلومات حتى أجدها وأجد مبتغاي.
> الى متى؟
ـ الى مالا نهاية.
> وماذا عن أسرتك، وعن ادائك لواجباتك في رعاية ابنائك ومتابعة واجباتهم الدراسية، وكيف تحافظ على مستواهم المعيشي وأنت تجلس خلف جهاز الكمبيوتر لأكثر من ثماني ساعات؟
ـ أخوي بصراحة مللت من مشاكل زوجتي، فهي لا تملك سوى الطلبات ولا تعرف غير اختلاق المشاكل بسبب أو بدون سبب، لذا قررت الهروب منها تحت غطاء اكتساب المعلومات.
> هل تعتقد أن هذا الهروب هو الحل؟
ـ نعم، أهرب منها الى الإنترنت أفضل من هروبي الى اشياء أخرى او ان اتجه الى المشروبات الروحية أو المخدرات.
نموذج آخر
النموذج الآخر كان أحد مدمني الانترنت كما عرفه صاحب مقهى الانترنت، حيث انه يجلس الى فترة تزيد عن ثماني عشرة ساعة.
> عدنان عيسى، متزوج وعمره 37 سنة وبسؤاله عن كيفية جلوسه طوال هذه الفترة امام جهاز الكمبيوتر دون أن يشعر بملل قال:
ـ أخي إن هذا العالم هو أحب شيء الى نفسي، وهو بمنزلة الحياة لي حتى أنني كلما ذهبت الى منزلي وجلست بين أبنائي اشتاق إليه لدرجة أنني أبقى ليومين متتاليين دون أكل حتى لا يفوتني شيء.
> ما الذي تخاف أن يفوتك؟
ـ أنا مدمن برامج المحادثة بأنواعها، الصوتية والكتابية، ويطلقون علي مراقب هذه الفرق الصوتية، وقد وكلني صاحب هذه الغرفة بمتابعة ما يدور بها، وأنا تعهدت له أن أحافظ على النظام بها، وأن أطرد كل من يسيء إلى أحد الموجودين فهذه أمانة وأنت تعرف معنى الأمانة.
> ولكنك تجاهلت أمانة رعايتك لاسرتك وابنائك وهي الأمانة الحقيقية التي سوف تحاسب عليها يوم القيامة.
ـ أخي أنا لم ألجأ إلى هذه البرامج إلا بعد أن ضقت ذرعا بأسرتي هذه فإن أبنائي كثيرو المشاكل، وبعدين زوجتي عند أهلي وما تطلبه أخواتي يوفرنه لها.
> ولكن لكل إنسان دور بالحياة فهل تعتقد أن دورك هو مراقبة غرفة المحادثة فقط وتجاهل دورك الأسري والاجتماعي؟
ـ أولا ليس لدي أصدقاء لأنني تركتهم منذ فترة، وهذا الدور الذي تتكلم عنه أمانة، والأمانة لم تتحملها الجبال فكيف لي أن أخون أمانة صاحب هذه الغرفة «غرفة المحادثة» بأن أترك الحبل على الغارب وأدع المتطفلين يهدمون هذه الغرفة.. أجبني؟
> ولكنك تركت الحبل على الغارب عندما وضعت أبناءك وزوجتك لدى أهلك وكأنك زدتهم مسؤولية، فأين دورك وأنت تقول انها أمانة والأمانة لم تتحملها الجبال؟
ـ عفوا شكلك قاعد تنصحني وأنا لا أحب أحدا غريبا ينصحني، ولمعلوماتك زوجتي واخوتي وحتى والدتي أصابهم الملل وهم ينصحونني حتى اقتنعوا بأنني لا أقدر على ترك هذا العالم.
متزوج حديثاً
وهذا نموذج آخر أيضا لمدمن إنترنت يقول إنه يفضل ذكر اسمه بأبو ناصر «26 عاماً متزوج حديثا» وبسؤاله عن مدة جلوسه خلف جهاز الكمبيوتر وهل استفاد منه أم لم يستفد قال:
ـ بصراحة كانت مدة جلوسي في البداية أكثر من عشر ساعات، أما الآن فإنها لا تتعدى الساعات الخمس، والانترنت اعتبره سلاحا ذا حدين، والواحد يقدر ان يستفيد منه بجوانب كثيرة من حياته وإن أساء استخدامه فإنه سوف يندم.
> كيف يندم وماذا تقصد من هذه الكلمة؟
ـ أخي، سابقا كنت متزوجا ولدي ابن ولكن زوجتي السابقة لم تتحمل غيابي المستمر عنها فطلبت الطلاق وكان لها ما طلبت.
> ألم تفكر بابنك وما الذنب الذي اقترفه؟
ـ لا يؤلمني بهذه الدنيا سوى أنني أرى ابني يتربى عند شخص آخر، وهو ليس له ذنب سوى أنني والده، وإلا ما الذنب الذي تعتقد أن يقوم به طفل لم يتعد عمره السنوات الأربع.
> اذا أنت نادم على إهمالك وضياع أسرتك؟
ـ نعم أشد الندم.
> كيف تقول أنك نادم وأنت تكرر الخطأ السابق نفسه في حياتك الجديدة؟
ـ لا هذه (زوجته) غير تلك الأولى فهي لديها ابناء من زوجها السابق وتحمد ربها أنني أصرف على ابنائها.
> ألا تفكر في أن تنجب منها أطفالا؟
ـ زوجتي حامل.
> إذا سوف تكرر الخطأ نفسه؟
ـ لا، قلت لك هذه تحمد ربها أني أصرف على ابنائها ومجبرة على السكوت والصبر.
البيت للنوم
وكذلك بسؤال المواطن محمد جاسم «32 سنة ـ متزوج».. منذ متى كانت بداياتك بدخول عالم الانترنت فاجاب:
ـ منذ سنة 1999.
> وكم ساعة تقضي خلف جهاز الكمبيوتر؟
ـ في البداية كنت أقضي ما يتجاوز العشر ساعات، أما الآن فلا يتعدى جلوسي الاربع ساعات.
> كيف تقضي اربع ساعات خلف جهاز الكمبيوتر وأنت متزوج؟
ـ في السابق لم أكن منظما جيدا لوقتي حيث يتشابك الوقت معي لدرجة أنني كدت أفصل من عملي بسبب عدم تنظيم وقتي، أما الآن فجدول حياتي منظم.. فأنا أذهب للبيت فقط للنوم.
> وهل تعتبر هذا تنظيما، وأين دورك في رعاية ابنائك؟
ـ تركت هذا الدور لزوجتي وهي تعرف كيف تدير أمور بيتها.
عالم خيال
وفي هذه المرة كان اللقاء مع إحدى زوجات مدمني الانترنت أم علي وبسؤالها عن معاناة زوجة مدمن الانترنت قالت:
ـ زوجة مدمن الانترنت تعاني أشد من معاناة مدمن المخدرات.
> كيف هذا، ألك أن تفسري لنا هذا الموضوع؟
ـ نعم.. مدمن المخدرات ربما يعتبر ميتا وهو حي لذا لا تعتمد عليه أسرته بشيء، وجل همها معالجته من هذا الإدمان، أما مدمن الانترنت فإنه يعيش في عالم الخيال ولا توجد طريقة لعلاجه من وجهة نظري إلا بوجود طبيب نفساني والذي يرفض مدمن الانترنت الذهاب إليه لقناعته بعدم مرضه أو إدمانه.
> ما هي أبرز المشاكل التي تعانينها؟
ـ تعاني زوجة مدمن الإنترنت من مشاكل كثيرة فهذا المدمن ترك كل مسؤولياته على عاتق زوجته، كما هي حالتي الآن، فأنا أعاني الأمرين، اولا تربية الأبناء، وثانيا توفير العيش الكريم لهم، فأنا أذهب الى اللجان الخيرية لكي أحصل على قوت أبنائي وزوجي لا يهمه سوى الحديث عن علاقته بأصدقائه وصديقاته بالإنترنت متجاهلا حاجة أبنائه للحديث معهم ومراقبته لهم ومتابعة واجباتهم المدرسية.
> وبعد هذا الحديث تعتقدين ما هو الحل؟
ـ بصراحة لا أجد أمامي حلا سوى أن أصبر عسى أن يكتب الله لي فرجا من عنده.
وبعد اللقاء مع السيدة ام علي كان الحديث مع السيدة ماجدة أم سارة وهي ايضا زوجة أحد مدمني الانترنت..
نعم إدمان
> هل تعتقدين أنه يوجد إدمان للانترنت؟
ـ نعم.. وأنا اعتبره بأنه أصعب نوع من أنواع الإدمان.
> كيف هو إدمان الإنترنت اوضحي لو سمحت؟
ـ تزوجت منذ سنة وفي الشهر الأول من زواجي ذهبت أنا وزوجي إلى ماليزيا وكانت صدمتي بغياب زوجي المستمر خصوصا اننا نعتبر في شهر العسل، وعندما راقبته وجدته يذهب الى مقهى الانترنت الذي يقع في الفندق نفسه الذي كنا نسكن فيه، ويجلس ساعات طوالا أمامه غير مبال ماذا يعني شهر العسل للزوجة.
> هل يعاني من مشكلة معينة تجعله يهرب إلى مقاهي الانترنت؟ وبصراحة هل أنت تضايقينه بالكلام؟
ـ أخي، إجمالي الحديث معه منذ سنة لا يتعدى مائة كلمة تقريبا، فكيف أضايقه وأنا لا أتكلم معه أصلا إلا ما ندر.
> أتعتقدين لماذا، وهل هو مدمن انترنت قديم؟
ـ أعتقد أن هذا العالم الالكتروني يستهويه وبصراحة وأثناء خطبته لي قال لي أهله أنه يحب جهاز الكمبيوتر مما جعلني أنظر إليه كأنه مهندس كمبيوتر، أو انه إنسان مثقف ولم أتوقع أن يصل حبه لهذا الجهاز الى هذه الدرجة التي لا تطاق.
> وما الحل بنظرك؟
ـ حقيقة لا أعرف، ولكن لدي أمل في أن هذا الإدمان سوف ينتهي في يوم من الأيام، ولكن خوفي يصب في أنني قد لا أملك الصبر حتى يشفى من هذا الإدمان.
ناظم المسباح: يسبب ضررا.. فهو حرام
في ضوء القضية استفسرت «القبس» من الشيخ ناظم المسباح عن رأي الشرع بإهمال الرجل لبيته وأسرته بسبب الجلوس المطول خلف جهاز الكمبيوتر في مقاهي الانترنت فأجاب:
إن الله يأمر بالعدل والمساواة وأن يعطي الزوج لزوجته حقها كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، إن لنفسك وأهلك عليك حقا، والإطالة في الجلوس خلف جهاز الكمبيوتر وإهمال الزوج لبيته يعتبر مخالفا للشرع كما أمر ديننا الحنيف وان تعدى الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر فانه يسبب ضررا ويعتبر حراما لقول الرسول، عليه الصلاة والسلام، لا ضرر ولا ضرار، ولأن المرأة تريد من زوجها الجلوس معها والحديث بكافة الأمور الدينية والدنيوية وهذا من حق الزوجة على زوجها.
عواطف عبدالله: هل هذا الإهمال يجوز.. افتوا لي
تقول السيدة عواطف عبدالله التي ما أن سئلت عن معاناتها مع الانترنت حتى أجابت والحزن باد عليها والتأثر واضح كوضوح الشمس.
«يفترض أن يكون هذا التطور لصالح البشرية وليس لخرابها، زوجي أحد من أساء استخدام الانترنت فهو أصبح لا يبالي بمتطلباتنا وأصبح لديه إهمال شديد بأقل واجباته الاسرية والاجتماعية، فإنه منذ أن بدأ بالدخول الى عالم الانترنت وعلاقاتنا الاجتماعية شبه منقطعة بمن هم حولنا، وأصبح همه الوحيد هو الدخول الى هذا العالم وأنا لم أقدر على التحمل أكثر، حيث أنني ابلغت ذويه بالمشكلة التي أعانيها، ولكن دون فائدة وانني عبر جريدتكم الغراء أطلب فتوى عن مدى رأي الشرع بإهمال الزوج لواجباته الأسرية وأشكركم.
خوف من المواجهة
أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د.خضر البارون ان المسمى الآخر لمدمني الانترنت أو هذا المرض هو فوبيا الخوف كمرض خوف السقوط من علو والخوف من الظلام فهؤلاء يخافون المواجهة الاجتماعية لذا تجدهم يهربون الى الجلوس خلف جهاز الكمبيوتر خشية مواجهة المجتمع كما ان الاطالة في الجلوس تتعب العمود الفقري للانسان والرقبة وتضعف النظر بالاضافة الى انهم يتعمدون دائما الى تهميش علاقاتهم الاجتماعية والأسرية ولا يشعرون بما يحيطهم وأقدم لهم نصيحة بأن ينتهبوا الى علاقتهم الأسرية ويقوموا بتجديد علاقاتهم الاجتماعية.
لكل منا علاقاته الأسرية التي نحرص أشد الحرص على استمرارها، نحاول قدر ما نستطيع السير بها حتى تصل بنا لبر الأمان، ولكن ربما تعترض طريقنا بعض المشاكل التي قد نعيرها الاهتمام اللازم، وقد نتجاهلها لأنها لا تشكل عائقا أمام استمرار الحياة، لكنها ربما تكبر وتصبح مرضا يصعب استئصاله.
هذه المشكلات التي كان يراها البعض على أنها لا تستحق الذكر أو حتى لا تستحق أن يلتفت أحد إليها، وصلتنا رسائل كثيرة بخصوصها تحمل هموما نصفها ألم ونصفها الباقي عدم اهتمام وعدم مبالاة، جميع الأطراف يلقي بعضهم اللوم على بعضهم الآخر.
القضية تبدأ صغيرة بحجم شاشة كمبيوتر محمول، أو شاشة إنترنت مثبتة في مقهى.
رجل أو إمرأة، يجلس أو تجلس أمام الشاشة ليبدأ الدخول في عالم لا متناه من المعلومات والصور والحكايات من كل شيء يخطر أو لا يخطر على البال.
العملية تتكرر يوميا، لكن الأخطر أن الدقائق العشر أمام الشاشة الساحرة تقفز رويدا رويدا إلى نصف ساعة ثم ساعة وإلى ساعات وساعات حتى تمتص من أمامها وتحويه بداخلها ويصبح أسيرا لها ليعيش الاثنان الشاشة والعين كالمعشوق والعاشق ويتحول هذا العشق الى إدمان، وهي قمة العلاقة السلبية بين الشاشة والإنسان.
هذه الحالة تجعل من عاشق الشاشة ومدمنها يعيش في عالم معزول عن الآخرين، حيث تتكسر العلاقات الاسرية، ويضعف الاهتمام بالصداقات والعلاقات الاجتماعية، وتتحول العلاقات وتتفاوت بشكل عام من إنسان إلى انسان لتصبح من إنسان إلى «شيء».
الظروف التي تدفع بالإدمان على شاشات الكمبيوتر والانترنت مختلفة ومتنوعة لكن يبقى المهم أن لا تحل المشاكل بأسلوب الهروب الى الأمام أو بمعنى أن أترك المشكلة وأترك معها عيني تتسمران على الشاشة.
«القبس» ألقت الضوء على هذه القضية وأجرت لقاءات مع المعنيين بها.
البداية كانت لقاء في أحد مقاهي الانترنت حيث كان هذا اللقاء مع حمدان خلف البالغ من العمر 32 عاما وهو متزوج.
> منذ متى وأنت تجلس هنا خلف شاشة الكمبيوتر؟
ـ منذ ما يقارب الثماني ساعات.
> لماذا؟
ـ بصراحة أحب الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر، والابحار في عالم الانترنت، أتجول به، استكشف العلوم الحديثة، وأتقصى المعلومات حتى أجدها وأجد مبتغاي.
> الى متى؟
ـ الى مالا نهاية.
> وماذا عن أسرتك، وعن ادائك لواجباتك في رعاية ابنائك ومتابعة واجباتهم الدراسية، وكيف تحافظ على مستواهم المعيشي وأنت تجلس خلف جهاز الكمبيوتر لأكثر من ثماني ساعات؟
ـ أخوي بصراحة مللت من مشاكل زوجتي، فهي لا تملك سوى الطلبات ولا تعرف غير اختلاق المشاكل بسبب أو بدون سبب، لذا قررت الهروب منها تحت غطاء اكتساب المعلومات.
> هل تعتقد أن هذا الهروب هو الحل؟
ـ نعم، أهرب منها الى الإنترنت أفضل من هروبي الى اشياء أخرى او ان اتجه الى المشروبات الروحية أو المخدرات.
نموذج آخر
النموذج الآخر كان أحد مدمني الانترنت كما عرفه صاحب مقهى الانترنت، حيث انه يجلس الى فترة تزيد عن ثماني عشرة ساعة.
> عدنان عيسى، متزوج وعمره 37 سنة وبسؤاله عن كيفية جلوسه طوال هذه الفترة امام جهاز الكمبيوتر دون أن يشعر بملل قال:
ـ أخي إن هذا العالم هو أحب شيء الى نفسي، وهو بمنزلة الحياة لي حتى أنني كلما ذهبت الى منزلي وجلست بين أبنائي اشتاق إليه لدرجة أنني أبقى ليومين متتاليين دون أكل حتى لا يفوتني شيء.
> ما الذي تخاف أن يفوتك؟
ـ أنا مدمن برامج المحادثة بأنواعها، الصوتية والكتابية، ويطلقون علي مراقب هذه الفرق الصوتية، وقد وكلني صاحب هذه الغرفة بمتابعة ما يدور بها، وأنا تعهدت له أن أحافظ على النظام بها، وأن أطرد كل من يسيء إلى أحد الموجودين فهذه أمانة وأنت تعرف معنى الأمانة.
> ولكنك تجاهلت أمانة رعايتك لاسرتك وابنائك وهي الأمانة الحقيقية التي سوف تحاسب عليها يوم القيامة.
ـ أخي أنا لم ألجأ إلى هذه البرامج إلا بعد أن ضقت ذرعا بأسرتي هذه فإن أبنائي كثيرو المشاكل، وبعدين زوجتي عند أهلي وما تطلبه أخواتي يوفرنه لها.
> ولكن لكل إنسان دور بالحياة فهل تعتقد أن دورك هو مراقبة غرفة المحادثة فقط وتجاهل دورك الأسري والاجتماعي؟
ـ أولا ليس لدي أصدقاء لأنني تركتهم منذ فترة، وهذا الدور الذي تتكلم عنه أمانة، والأمانة لم تتحملها الجبال فكيف لي أن أخون أمانة صاحب هذه الغرفة «غرفة المحادثة» بأن أترك الحبل على الغارب وأدع المتطفلين يهدمون هذه الغرفة.. أجبني؟
> ولكنك تركت الحبل على الغارب عندما وضعت أبناءك وزوجتك لدى أهلك وكأنك زدتهم مسؤولية، فأين دورك وأنت تقول انها أمانة والأمانة لم تتحملها الجبال؟
ـ عفوا شكلك قاعد تنصحني وأنا لا أحب أحدا غريبا ينصحني، ولمعلوماتك زوجتي واخوتي وحتى والدتي أصابهم الملل وهم ينصحونني حتى اقتنعوا بأنني لا أقدر على ترك هذا العالم.
متزوج حديثاً
وهذا نموذج آخر أيضا لمدمن إنترنت يقول إنه يفضل ذكر اسمه بأبو ناصر «26 عاماً متزوج حديثا» وبسؤاله عن مدة جلوسه خلف جهاز الكمبيوتر وهل استفاد منه أم لم يستفد قال:
ـ بصراحة كانت مدة جلوسي في البداية أكثر من عشر ساعات، أما الآن فإنها لا تتعدى الساعات الخمس، والانترنت اعتبره سلاحا ذا حدين، والواحد يقدر ان يستفيد منه بجوانب كثيرة من حياته وإن أساء استخدامه فإنه سوف يندم.
> كيف يندم وماذا تقصد من هذه الكلمة؟
ـ أخي، سابقا كنت متزوجا ولدي ابن ولكن زوجتي السابقة لم تتحمل غيابي المستمر عنها فطلبت الطلاق وكان لها ما طلبت.
> ألم تفكر بابنك وما الذنب الذي اقترفه؟
ـ لا يؤلمني بهذه الدنيا سوى أنني أرى ابني يتربى عند شخص آخر، وهو ليس له ذنب سوى أنني والده، وإلا ما الذنب الذي تعتقد أن يقوم به طفل لم يتعد عمره السنوات الأربع.
> اذا أنت نادم على إهمالك وضياع أسرتك؟
ـ نعم أشد الندم.
> كيف تقول أنك نادم وأنت تكرر الخطأ السابق نفسه في حياتك الجديدة؟
ـ لا هذه (زوجته) غير تلك الأولى فهي لديها ابناء من زوجها السابق وتحمد ربها أنني أصرف على ابنائها.
> ألا تفكر في أن تنجب منها أطفالا؟
ـ زوجتي حامل.
> إذا سوف تكرر الخطأ نفسه؟
ـ لا، قلت لك هذه تحمد ربها أني أصرف على ابنائها ومجبرة على السكوت والصبر.
البيت للنوم
وكذلك بسؤال المواطن محمد جاسم «32 سنة ـ متزوج».. منذ متى كانت بداياتك بدخول عالم الانترنت فاجاب:
ـ منذ سنة 1999.
> وكم ساعة تقضي خلف جهاز الكمبيوتر؟
ـ في البداية كنت أقضي ما يتجاوز العشر ساعات، أما الآن فلا يتعدى جلوسي الاربع ساعات.
> كيف تقضي اربع ساعات خلف جهاز الكمبيوتر وأنت متزوج؟
ـ في السابق لم أكن منظما جيدا لوقتي حيث يتشابك الوقت معي لدرجة أنني كدت أفصل من عملي بسبب عدم تنظيم وقتي، أما الآن فجدول حياتي منظم.. فأنا أذهب للبيت فقط للنوم.
> وهل تعتبر هذا تنظيما، وأين دورك في رعاية ابنائك؟
ـ تركت هذا الدور لزوجتي وهي تعرف كيف تدير أمور بيتها.
عالم خيال
وفي هذه المرة كان اللقاء مع إحدى زوجات مدمني الانترنت أم علي وبسؤالها عن معاناة زوجة مدمن الانترنت قالت:
ـ زوجة مدمن الانترنت تعاني أشد من معاناة مدمن المخدرات.
> كيف هذا، ألك أن تفسري لنا هذا الموضوع؟
ـ نعم.. مدمن المخدرات ربما يعتبر ميتا وهو حي لذا لا تعتمد عليه أسرته بشيء، وجل همها معالجته من هذا الإدمان، أما مدمن الانترنت فإنه يعيش في عالم الخيال ولا توجد طريقة لعلاجه من وجهة نظري إلا بوجود طبيب نفساني والذي يرفض مدمن الانترنت الذهاب إليه لقناعته بعدم مرضه أو إدمانه.
> ما هي أبرز المشاكل التي تعانينها؟
ـ تعاني زوجة مدمن الإنترنت من مشاكل كثيرة فهذا المدمن ترك كل مسؤولياته على عاتق زوجته، كما هي حالتي الآن، فأنا أعاني الأمرين، اولا تربية الأبناء، وثانيا توفير العيش الكريم لهم، فأنا أذهب الى اللجان الخيرية لكي أحصل على قوت أبنائي وزوجي لا يهمه سوى الحديث عن علاقته بأصدقائه وصديقاته بالإنترنت متجاهلا حاجة أبنائه للحديث معهم ومراقبته لهم ومتابعة واجباتهم المدرسية.
> وبعد هذا الحديث تعتقدين ما هو الحل؟
ـ بصراحة لا أجد أمامي حلا سوى أن أصبر عسى أن يكتب الله لي فرجا من عنده.
وبعد اللقاء مع السيدة ام علي كان الحديث مع السيدة ماجدة أم سارة وهي ايضا زوجة أحد مدمني الانترنت..
نعم إدمان
> هل تعتقدين أنه يوجد إدمان للانترنت؟
ـ نعم.. وأنا اعتبره بأنه أصعب نوع من أنواع الإدمان.
> كيف هو إدمان الإنترنت اوضحي لو سمحت؟
ـ تزوجت منذ سنة وفي الشهر الأول من زواجي ذهبت أنا وزوجي إلى ماليزيا وكانت صدمتي بغياب زوجي المستمر خصوصا اننا نعتبر في شهر العسل، وعندما راقبته وجدته يذهب الى مقهى الانترنت الذي يقع في الفندق نفسه الذي كنا نسكن فيه، ويجلس ساعات طوالا أمامه غير مبال ماذا يعني شهر العسل للزوجة.
> هل يعاني من مشكلة معينة تجعله يهرب إلى مقاهي الانترنت؟ وبصراحة هل أنت تضايقينه بالكلام؟
ـ أخي، إجمالي الحديث معه منذ سنة لا يتعدى مائة كلمة تقريبا، فكيف أضايقه وأنا لا أتكلم معه أصلا إلا ما ندر.
> أتعتقدين لماذا، وهل هو مدمن انترنت قديم؟
ـ أعتقد أن هذا العالم الالكتروني يستهويه وبصراحة وأثناء خطبته لي قال لي أهله أنه يحب جهاز الكمبيوتر مما جعلني أنظر إليه كأنه مهندس كمبيوتر، أو انه إنسان مثقف ولم أتوقع أن يصل حبه لهذا الجهاز الى هذه الدرجة التي لا تطاق.
> وما الحل بنظرك؟
ـ حقيقة لا أعرف، ولكن لدي أمل في أن هذا الإدمان سوف ينتهي في يوم من الأيام، ولكن خوفي يصب في أنني قد لا أملك الصبر حتى يشفى من هذا الإدمان.
ناظم المسباح: يسبب ضررا.. فهو حرام
في ضوء القضية استفسرت «القبس» من الشيخ ناظم المسباح عن رأي الشرع بإهمال الرجل لبيته وأسرته بسبب الجلوس المطول خلف جهاز الكمبيوتر في مقاهي الانترنت فأجاب:
إن الله يأمر بالعدل والمساواة وأن يعطي الزوج لزوجته حقها كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، إن لنفسك وأهلك عليك حقا، والإطالة في الجلوس خلف جهاز الكمبيوتر وإهمال الزوج لبيته يعتبر مخالفا للشرع كما أمر ديننا الحنيف وان تعدى الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر فانه يسبب ضررا ويعتبر حراما لقول الرسول، عليه الصلاة والسلام، لا ضرر ولا ضرار، ولأن المرأة تريد من زوجها الجلوس معها والحديث بكافة الأمور الدينية والدنيوية وهذا من حق الزوجة على زوجها.
عواطف عبدالله: هل هذا الإهمال يجوز.. افتوا لي
تقول السيدة عواطف عبدالله التي ما أن سئلت عن معاناتها مع الانترنت حتى أجابت والحزن باد عليها والتأثر واضح كوضوح الشمس.
«يفترض أن يكون هذا التطور لصالح البشرية وليس لخرابها، زوجي أحد من أساء استخدام الانترنت فهو أصبح لا يبالي بمتطلباتنا وأصبح لديه إهمال شديد بأقل واجباته الاسرية والاجتماعية، فإنه منذ أن بدأ بالدخول الى عالم الانترنت وعلاقاتنا الاجتماعية شبه منقطعة بمن هم حولنا، وأصبح همه الوحيد هو الدخول الى هذا العالم وأنا لم أقدر على التحمل أكثر، حيث أنني ابلغت ذويه بالمشكلة التي أعانيها، ولكن دون فائدة وانني عبر جريدتكم الغراء أطلب فتوى عن مدى رأي الشرع بإهمال الزوج لواجباته الأسرية وأشكركم.
خوف من المواجهة
أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د.خضر البارون ان المسمى الآخر لمدمني الانترنت أو هذا المرض هو فوبيا الخوف كمرض خوف السقوط من علو والخوف من الظلام فهؤلاء يخافون المواجهة الاجتماعية لذا تجدهم يهربون الى الجلوس خلف جهاز الكمبيوتر خشية مواجهة المجتمع كما ان الاطالة في الجلوس تتعب العمود الفقري للانسان والرقبة وتضعف النظر بالاضافة الى انهم يتعمدون دائما الى تهميش علاقاتهم الاجتماعية والأسرية ولا يشعرون بما يحيطهم وأقدم لهم نصيحة بأن ينتهبوا الى علاقتهم الأسرية ويقوموا بتجديد علاقاتهم الاجتماعية.