المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صحافي أمريكي يتحدث عن انطباعته عن الدكتور الجعفري



سياسى
03-06-2005, 09:55 AM
الجعفري كما بدا على دعوة غداء غير رسمية: عاطفي .. صريح أحيانا مضلل أحيانا أخرى .. وأجوبته ملتبسة واستطرادية

بغداد: كارييل مورفي *
واشنطن بوست

اعترف الرجل الذي يريد أن يقود أول حكومة عراقية منتخبة ديمقراطيا خلال أكثر من خمسين عاما أنه يبكي احيانا، مؤكدا انه لا يشعر بالخجل من هذا.

قال إبراهيم الجعفري «أنا إنسان عملي. الله خلق فينا معدة لأن هناك طعاما. ونحن نعطش لا هناك ماء. والله خلق الدموع لغرض محدد: اظهار العاطفة. وإذا غمرتكم عاطفة ولم تسفكوا الدموع فهذا يعني أن هناك شيئا غير طبيعي فيكم... الحياة بدون عاطفة لا معنى لها». من النادر أن تجد سياسيا عربيا يحمل أفكارا شخصية كهذه. وقد دعا الجعفري الذي يحتل حاليا منصب نائب رئيس الجمهورية ويعد المرشح الرئيسي لتولي رئاسة الحكومة العراقية المقبلة، مجموعة من الصحافيين الأميركيين على وجبة الغداء أول من أمس في بيته الواقع داخل المنطقة الخضراء ببغداد والذي يتمتع بحماية كبيرة.

ظل الطبيب البالغ من العمر 58 سنة وزعيم حزب الدعوة الديني يجيب لمدة ثلاث ساعات عن أسئلة تناولت مختلف القضايا ابتداء من تفسيره للشريعة الإسلامية وانتهاء بمسألة أن يكون محبا للطبخ (هو لا يحب ذلك) ومرورا بالكتاب الذي يقرأه حاليا.
يقرأ الجعفري حاليا مذكرات الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون «حياتي»، وهو يجده «ممتعا جدا».
اعتبر أحد مساعدي الجعفري أن اللقاء فرصة للصحافيين الأميركيين كي يعرفوا السياسي العراقي بشكل أفضل. ومن خلال غداء غير رسمي تضمن السمك والدجاج والكباب، أظهر الجعفري سمة الكرم المعروفة منذ امد طويل عن العراقيين.
كان الجعفري جالسا عند طاولة الطعام في غرفة تقع بالطابق الثاني وبدا في أحاديثه أحيانا صريحا جدا لكن في أحيان أخرى مضللا. اجاب على بعض الأسئلة بأجوبة شديدة الالتباس أو راح في استطرادات بعيدة كثيرا عن المواضيع المطروحة. وعلى الرغم من معرفته للإنجليزية فضل الجعفري التحدث بالعربية.

كذلك كان الجعفري صبورا ومتفاعلا وواقعيا جدا. وعند انتهاء الغداء طلب من نادل أن يجلب بضعة صناديق من الحلوى العربية إلى الطاولة والتي قام بفتحها بنفسه ثم مررها على الجالسين. وحينما توقف جهاز تسجيل أحد المراسلين قام الجعفري بكل بساطة بقلب الشريط ثم الضغط على زر التشغيل.

إبراهيم الجعفري رشحه الى رئاسة الحكومة الانتقالية «الائتلاف العراقي الموحد» الذي يتكون بالدرجة الأساسية من تنظيمات شيعية. وقد حقق هذا الائتلاف أكثرية بسيطة في انتخابات 30 يناير (كانون الثاني) الماضي. وحاليا يقوم الائتلاف بمفاوضات معقدة مع تنظيمات سياسية عراقية أخرى للحصول على دعم كاف يضمن له الحصول على منصب رئيس الحكومة.العديد من العراقيين يرون الجعفري رجلا صادقا ومتدينا. لكن أحيانا يعبرون عن تحفظهم تجاهه لكونه لا يمتلك شخصية قوية بما فيه الكفاية لقيادة العراق.

وأول التحديات التي ستواجهها الحكومة العراقية الجديدة هو قمع التمرد الدموي الذي مزق البلد. وتجاه ذلك قال الجعفري إن هزيمة التمرد ستتطلب تزويد اجهزة الأمن بعدد أكبر من الناس المدربين والمسلحين بشكل أفضل. قال وهو يحمل في يده صحنا أبيض صغيرا «لنر من هم أولئك المتمردون»، وأضاف وهو يشير إلى وسط صحنه «هناك أقلية من السنّة، وحول هؤلاء هناك عدد أكبر أغلبهم من الشباب الذين يتعاطفون مع التمرد، لكنهم أناس جيدون».

ولن يكون بإمكان الحكومة أن تؤثر على نواة التمرد لكن بإمكانها أن تؤثر على وجهات نظر مجموعة أكبر من الناس حولهم عن طريق «تمثيل جيد» للسنّة في الحكومة الجديدة.
وقال إن ذلك كان أحد الأسباب وراء بناء الجسور مع الأقلية السنية التي رفضت أكثريتها المشاركة في التصويت في انتخابات 30 يناير. مع ذلك كما قال «نحن نميز بوضوح ما بين أولئك الذين قاطعوا الانتخابات وأولئك الذين أرادوا قتل الانتخابات». وأضاف ان من الممكن احترام المجموعة الأولى باعتبار ان المقاطعة حق ديمقراطي. أما بالنسبة لأولئك الذين أرادوا إجهاض الانتخابات من خلال العنف فقال الجعفري «نحن نستطيع التفاوض معهم كي يسلموا أسلحتهم. لكن ذلك لا يعني أننا سنسمح لهم أن يكونوا جزءا من العملية السياسية».

وحينما سئل الجعفري حول تفسيره للشريعة قال إن الاختلاف في التفسير والتأويل مقبول.. «بما يخص الانسان المسلم فإننا سنقوم بكل ما هو ضروري بطريقة معاصرة وحضارية، وهو سيكون لديه حرية في الاعتقاد وحرية في الطريقة التي يتعامل بها مع اقتصاده وحرية في التعبير عن آرائه السياسية».

وفي ما يخص النساء المسلمات وما إذا سيكون مطلوبا منهن تغطية رؤوسهن وعدم السفور أمام الملأ، قال الجعفري إن المرأة لها «كامل الحرية فيما إذا كانت تريد أن تغطي شعرها أم لا. وهذا الشيء صحيح أيضا إذا كانت تريد أن تغطي شعرها. هي لديها الحرية الكاملة للقيام بذلك. أنا لدي بعض القريبات اللواتي لا يضعن وشاحا على رؤوسهن وهن يأتين لزيارتي ونخرج معا... هذا هو حق النساء في الاختيار».

زوجة الجعفري تضع وشاحا على رأسها حسبما قال «ليس لأنها زوجتي بل لأنها هي اختارت هذا». لكن حينما ضغطنا عليه لمعرفة ما إذا كان على الدولة أن تعاقب تصرفا شخصيا ما مثل الخيانة الزوجية قدم إجابات مبهمة تلتف حول المسألة. وأخيرا قال علي الكاظمي نائب رئيس الفريق العامل معه إن الجعفري يعني أن «البرلمان هو الذي سيقيِّم ما إذا كانت هذه القضية أو تلك يجب اعتبارها ضد القانون أو في اطار القانون... إنه أمر متروك للبرلمان.. إنه أمر لا تحدده السلطة التنفيذية». ويؤيد حزب الدعوة الذي انتمى الجعفري إليه معظم سنوات حياته حكومة يكون للدين نفوذ عليها. لكن في لقاء الجمعة شدد الجعفري على الحاجة للاعتراف بالتنوع الاثني والديني للعراق، وقال موضحا «حينما كتبوا في الدستور الانتقالي (قانون ادارة الدولة) أن دين الدولة هو الإسلام فهذا يعكس الحقيقة الديموغرافية المتمثلة بأن أغلبية سكان هذا البلد هم مسلمون. في الوقت نفسه هناك انفتاح في الدستور يسمح ببناء الجسور مع العراقيين غير المسلمين».

غادر الجعفري العراق مع زوجته وولديه الصغيرين عام 1980 خوفا على حياته. قال متذكرا إن «آخر شخص ودعته كان أمي». وتم إعدام خمسة من أقاربه بمن فيهم أخوه. لكن خسارة عائلته «لا شيء قياسا بمعاناة العراقيين» تحت حكم صدام حسين.

في المنفى حيث ولدت له ثلاث بنات عاش الجعفري أولا في إيران ثم انتقل إلى لندن، وعاد إلى العراق في عام 2003 بعد فترة قصيرة من الغزو الأميركي للعراق. قال «كانت هناك مشاعر جارفة في قلبي وجسدي عند عودتي إلى العراق بعد 23 عاما وشهرين». وكان أول شيء قام به هو السفر إلى كربلاء مسقط رأسه لرؤية قبر أمه التي ماتت بعد أسابيع قليلة من هرب ابنها من العراق. قال الجعفري «زرت أمي، لكن هذه المرة في المقبرة». وبذكر امه تبللت عينا الجعفري بالدموع. أضاف «إذا كان علي أن ألخص حياتي فهي تلخص بكلمة واحدة: الحب. الحب وحده. الله يحب الناس ونحن نحب الله».