أمان أمان
12-30-2013, 11:33 PM
http://www.assafir.com/Photos/Photos30-12-2013/124253.png
انور محمد
يمتد الروائي علاء الأسواني إلى التاريخ، تاريخ اختراع أوَّل سيارة في العالم التي أنجزها الألماني (كارل بنز) عام 1888 وقادتها زوجته (بيرتا)، لتكون محرِّضاً لمخيلته، يبحث بعدها عن أوَّل سيارة وصلت مصر في عام 1890، ثمَّ يحصي عدد السيارات في القاهرة إذ بلغ 110 سيارات وفي الإسكندرية 56 سيارة، حتى عام 1905، وهو ما دفع البريطانيين إلى إنشاء نادٍ للسيارات... كل هذا وغيره ليبرِّر لنفسه كتابة رواية «نادي السيارات» بمنتهى القسوة والتشفِّي من الشعب المصري، وقد حشاها بعشرات الشخصيات التي كان وجودها ميكانيكياً بدءاً من «الملك فاروق» الغارق في الملذَّات واللهو، إلى الأمير «شامل» الوطني المتعاطف مع الشعب ضد الملك المستبد.
إلى أسرة عبد العزيز همام أحد موظفي النادي - الذي أوَّل ما يصطدم مع (الكوو- قاسم محمد قاسم) عمود الرواية رئيس الخدم في النادي وفي كل القصور الملكية، وهو الذي يهابه الجميع باعتباره مربِّي الملك فاروق - يلقى حتفه، يصفِّيه، إلى ولديه كامل طالب الحقوق المُعارض والمُناهض للملك والانكليز والذي يحب الانكليزية «ميتسي» ويعقد قرانه عليها وهو في المعتقل، وصالحة التي تتزوَّج رجلاً مصاباً بالعجز الجنسي «عبد البر» ثمَّ تطلقه، إلى علي حمامة المتديِّن ولكن الغشِّاش، و«حميد» اليد اليُمنى للكوو ولكنه (الشاذ) جنسياً والذي يحرص الأسواني على أن يصف لنا أحاسيسه وهو يُلاط به، وجيمس رايت وهو يضاجع أوديت فتال، إلى مدير نادي السيارات وهو إنكليزي يتحوَّل هو الآخر إلى قوَّاد يطلب من ابنته أن تمارس أو يمارس معها الملك فاروق الجنس، وسعيد الذي يُرغم شقيقته على الزواج - ممارسة الجنس - مع أحد أثرياء مصر مقابل أن يكون شريكاً له في مصنع رغم أنَّه عنِّين ومدمن مخدرات. هذا عدا إصرار علاء الأسواني - وإن يكن للأمانة الواقعية - على تصوير المصريين باختلاف طبقاتهم وانتماءاتهم وهم في حالة تحشيش، أي في حالة غياب الوعي.
تكتب عن مجتمع الشاذين جنسياً، عن مجتمع الحشاشين، عن حثالة البشر، عن النخب السياسية والرأسمالية، تمتدحها أو تهجوها، تكشف عريها أو عظمتها، هذا شأنك، لكن أن ترى الجميع بمنظار واحد لا يرى غير الأسوَد، فهذا هو التطرُّف. فالأسواني صوَّر الشاذين على انهم متحللون ومتفسِّخون، مع انه في الواقع هناك شاذون جنسياً (دافنشي، أوسكار وايلد وغيرهما)، لكنَّهم مبدعون وعميقو التفكير. فالعلاقات الجنسية على أشكالها هي في نهاية المطاف نشـدان للذَّة الحسِّية حتى لو افتقدت الحب والحب الإيثاري. ثمَّ ما هذا (الكوو) الذي لا يجرؤ أحد من شخصيات الرواية على مصارعته.
على انَّ الأسواني كان يصوِّر مثل حامل الكاميرا وليس مثل حامل الريشة. إذ بقي الصراع في الرواية (ذهنياً)، أعصابنا لم تُستفز ولم تُستثر حتى وهو يصف تلك العلاقات الجنسية الشاذة والمحرَّمة التي ملأت مساحات ومساحات من الرواية، وحتى حين تُطلق تلك الرصاصة على جبين (الكوو) ومن ثم يسقط ميتاً كحلٍّ بوليسي لإنهاء أحداث الرواية.
ثمَّة ملل وملل كان يتسرَّب إلينا و نحن نقرأ، فالأسواني كأنَّه يريد في روايته أن يكون أديباً ومؤرِّخاً ومنظِّراً ومفكِّراً و(نجماً) وربَّما رئيساً. وهذا ما تلمسناه في الرواية. هل مصر هي الجحيم؟ أين مصر الزراعية؟ الصناعية؟ الثقافة؟ الفكر؟ وهل مصر لا تنتج إلا الطغاة أمثال الكوو؟
علاء الأسواني في»نادي السيارات» يحيلنا على التسفيل لكنَّه لا يصف، وهذا أقل ما يمكن في السرد؟ ماذا يريد الأسواني؟ من قبل قرأنا محفوظ وإدوار الخراط، بل قرأنا محمد عبد الحليم عبد الله وإحسان عبد القدوس وكنَّا وكانوا يعرفون ماذا يريدون ونريد، لكنَّ أحداً منهم لم ينكِّل بالمصريين مثلما فعل علاء الأسواني في هذه الرواية.
أنور محمد
انور محمد
يمتد الروائي علاء الأسواني إلى التاريخ، تاريخ اختراع أوَّل سيارة في العالم التي أنجزها الألماني (كارل بنز) عام 1888 وقادتها زوجته (بيرتا)، لتكون محرِّضاً لمخيلته، يبحث بعدها عن أوَّل سيارة وصلت مصر في عام 1890، ثمَّ يحصي عدد السيارات في القاهرة إذ بلغ 110 سيارات وفي الإسكندرية 56 سيارة، حتى عام 1905، وهو ما دفع البريطانيين إلى إنشاء نادٍ للسيارات... كل هذا وغيره ليبرِّر لنفسه كتابة رواية «نادي السيارات» بمنتهى القسوة والتشفِّي من الشعب المصري، وقد حشاها بعشرات الشخصيات التي كان وجودها ميكانيكياً بدءاً من «الملك فاروق» الغارق في الملذَّات واللهو، إلى الأمير «شامل» الوطني المتعاطف مع الشعب ضد الملك المستبد.
إلى أسرة عبد العزيز همام أحد موظفي النادي - الذي أوَّل ما يصطدم مع (الكوو- قاسم محمد قاسم) عمود الرواية رئيس الخدم في النادي وفي كل القصور الملكية، وهو الذي يهابه الجميع باعتباره مربِّي الملك فاروق - يلقى حتفه، يصفِّيه، إلى ولديه كامل طالب الحقوق المُعارض والمُناهض للملك والانكليز والذي يحب الانكليزية «ميتسي» ويعقد قرانه عليها وهو في المعتقل، وصالحة التي تتزوَّج رجلاً مصاباً بالعجز الجنسي «عبد البر» ثمَّ تطلقه، إلى علي حمامة المتديِّن ولكن الغشِّاش، و«حميد» اليد اليُمنى للكوو ولكنه (الشاذ) جنسياً والذي يحرص الأسواني على أن يصف لنا أحاسيسه وهو يُلاط به، وجيمس رايت وهو يضاجع أوديت فتال، إلى مدير نادي السيارات وهو إنكليزي يتحوَّل هو الآخر إلى قوَّاد يطلب من ابنته أن تمارس أو يمارس معها الملك فاروق الجنس، وسعيد الذي يُرغم شقيقته على الزواج - ممارسة الجنس - مع أحد أثرياء مصر مقابل أن يكون شريكاً له في مصنع رغم أنَّه عنِّين ومدمن مخدرات. هذا عدا إصرار علاء الأسواني - وإن يكن للأمانة الواقعية - على تصوير المصريين باختلاف طبقاتهم وانتماءاتهم وهم في حالة تحشيش، أي في حالة غياب الوعي.
تكتب عن مجتمع الشاذين جنسياً، عن مجتمع الحشاشين، عن حثالة البشر، عن النخب السياسية والرأسمالية، تمتدحها أو تهجوها، تكشف عريها أو عظمتها، هذا شأنك، لكن أن ترى الجميع بمنظار واحد لا يرى غير الأسوَد، فهذا هو التطرُّف. فالأسواني صوَّر الشاذين على انهم متحللون ومتفسِّخون، مع انه في الواقع هناك شاذون جنسياً (دافنشي، أوسكار وايلد وغيرهما)، لكنَّهم مبدعون وعميقو التفكير. فالعلاقات الجنسية على أشكالها هي في نهاية المطاف نشـدان للذَّة الحسِّية حتى لو افتقدت الحب والحب الإيثاري. ثمَّ ما هذا (الكوو) الذي لا يجرؤ أحد من شخصيات الرواية على مصارعته.
على انَّ الأسواني كان يصوِّر مثل حامل الكاميرا وليس مثل حامل الريشة. إذ بقي الصراع في الرواية (ذهنياً)، أعصابنا لم تُستفز ولم تُستثر حتى وهو يصف تلك العلاقات الجنسية الشاذة والمحرَّمة التي ملأت مساحات ومساحات من الرواية، وحتى حين تُطلق تلك الرصاصة على جبين (الكوو) ومن ثم يسقط ميتاً كحلٍّ بوليسي لإنهاء أحداث الرواية.
ثمَّة ملل وملل كان يتسرَّب إلينا و نحن نقرأ، فالأسواني كأنَّه يريد في روايته أن يكون أديباً ومؤرِّخاً ومنظِّراً ومفكِّراً و(نجماً) وربَّما رئيساً. وهذا ما تلمسناه في الرواية. هل مصر هي الجحيم؟ أين مصر الزراعية؟ الصناعية؟ الثقافة؟ الفكر؟ وهل مصر لا تنتج إلا الطغاة أمثال الكوو؟
علاء الأسواني في»نادي السيارات» يحيلنا على التسفيل لكنَّه لا يصف، وهذا أقل ما يمكن في السرد؟ ماذا يريد الأسواني؟ من قبل قرأنا محفوظ وإدوار الخراط، بل قرأنا محمد عبد الحليم عبد الله وإحسان عبد القدوس وكنَّا وكانوا يعرفون ماذا يريدون ونريد، لكنَّ أحداً منهم لم ينكِّل بالمصريين مثلما فعل علاء الأسواني في هذه الرواية.
أنور محمد