مجاهدون
02-26-2005, 02:56 PM
كتب عبدالله العتيبي
حين تذهب إلى احدى الديوانيات في الكويت، من الطبيعي ان تسمع أثناء الحوار اسماء مثل «بومحمد، بوناصر، بوراشد، وبوحسين»، لكن من النادر أن تسمع بـ «أبوالدرداء، أبوقتادة، أبوحفص، أو أبو البراء»!
وصلت هذه الأسماء الى الكويت اخيرا، فلم تكن متداولة من قبل، وان كانت في معظمها أسماء مهمة في التاريخ الاسلامي، لكنها جاءت بعد ظهور الجماعات المتطرفة، وتفشي ظاهرة الإرهاب في البلاد، كما تبين في القاب أعضاء الجماعات الارهابية، كالمتهم المتواري عن الانظار محسن الفضلي الملقب بـ«أبوحفص»، ومحمد الدوسري المسجون في قضية الشبكة التخريبية ويلقب بـ«أبو البراء»!، وهم يسيرون على خطى المنظمات الإرهابية الرئيسية كالقاعدة وغيرها، وأسماء قادتها أبومصعب الزرقاوي وسواه من الارهابيين الأشهر.
استاذ العلوم السياسية والباحث في الشؤون الاسلامية الدكتور احمد البغدادي يؤكد ان هذه الاسماء «برزت مع ظهور ما سمي بالصحوة الاسلامية، بدأت اجتماعيا، لإحياء التراث والعودة الى السلف، إذ يقال ان الرسول كان يكنى بأبي القاسم، فالتكني بالإسلام أفضل من الأسم المجرد، على اعتبار ان الكنية جزء من التقليد الاسلامي أو النبوي ان جاز التعبير، ومع التيارات السلفية تحديداً، حصلت استعادة لأسماء الصحابة، وصار المنتمون لهذه التنظيمات يسمون أولادهم أو يكنون أنفسهم بهذه الاسماء».
ويرى الدكتور البغدادي ان «الجماعات الارهابية او التي تسمي نفسها جهادية وجدت ان هذه الاسماء مناسبة لها، فهي تفيد في أكثر من جانب، منها ادخال التراث الديني في صلب المفاهيم الاجتماعية، وايضا استخدامها في عملية الاخفاء كأسماء حركية، ووصل الامر الى حد انك لا تعرف الاشخاص، وكأن الحديث يجري عن اشباح، لكنهم بالطبع داخل الخلية يعرفون بعضهم جيدا، علما بأن هذا الاسلوب معمول به في السلفية الجهادية فقط، بينما في التنظيمات الاسلامية الاخرى كجماعة الاخوان المسلمين وحزب التحرير والتكفير والهجرة فلا يستخدم هذا الأسلوب».
ويقول عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي «في ما يتعلق باستخدام هذه الاسماء الحركية من قبل المجموعات المتطرفة هناك غايتان، الاولى: اخفاء حقيقة شخصية من ينضم الى هذه المجموعات واستبدالها بأسماء يتميز بها عن غيره ويخفي بها حقيقته، اما الغاية الثانية فلأن هذه الالقاب تحمل معاني اسلامية يعتقد من يتسمون بها انهم يماثلون هذه الشخصيات، ويتبعون منهجيتها وسلوكها، وفي الحقيقة ليس لهم نصيب من هذه الالقاب في اعمالهم المتطرفة الا الاسم، والنبي عليه الصلاة والسلام كان قد زكى اصحابه، حيث قال «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم».
واضاف الدكتور الطبطبائي «ليست المشكلة في الالقاب التي يتسمون بها، المشكلة الحقيقية عند هؤلاء تكمن في عدم متابعة النهج الحقيقي للرسول، عليه الصلاة والسلام، واعطاء انطباعات سلبية عن هذه الاسماء التي لها تاريخها المشرف في التراث الاسلامي».
كما لاحظ الدكتور البغدادي ان اللجوء الى هذه الاسماء «يتصل من جهة اخرى بالاقليات عندما يريدون فرض ثقافتهم، أو كما تفعل الجماعات الاسلامية عندما تحاول تمييز نفسها في المجتمع، بدءا باللحية والدشداشة القصيرة والغترة دون العقال وكذلك بالاسم».
تسعى الجماعات الدينية السلفية خصوصا، لجلب الماضي الى الحاضر عبر اختيار مثل هذه الاسماء، وهي تمارس ما يسميه سيد قطب في كتابه «معالم في الطريق» نوعا من «العزلة» عن «المحيط الغارق في الجاهلية»، في اشارة الى المجتمع، لبدء عملية البعث الاسلامي، فيبرز الاسم ومعه التراث واسماء الصحابة، وهذا يسحب معه أسئلة اخرى مثل: من هو هذا الصحابي؟ وهم يختارون الاسماء غير المألوفة على الاذن المعاصرة، فما هي نسبة ان تطلق على ابنك اسم «الدرداء» أو «قتادة».
المناداة بالكنية كانت شائعة في أوساط التنظيمات الفلسطينية ايضا، لكن لأسباب حركية وأمنية، وفي معظم الاحيان يكون الاسم مستعارا كالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات «ابوعمار» الذي توفي من دون ان يكون لديه ابن بهذا الاسم، وكان يطلق عليه اسم «الختيار»، وفي دول الخليج العربية بصورة خاصة تحول الامر الى تقليد، ففي معظم الدول العربية ينادونك مثلا «الاستاذ، الدكتور، او الاخ فلان» اما في الخليج فيجري التخاطب باسم الابن «ابوناصر او ابواحمد» وعلى هذا النحو، كنوع من الاحترام.
اما في الكويت، فسيظل مستغربا ومثيرا للتندر ان يدخل احدهم ديوانية، وهو يقول لصديق له «مساك الله بالخير ابوالدرداء» فيرد عليه الآخر «الله بالخير بوعكرمة»!.
حين تذهب إلى احدى الديوانيات في الكويت، من الطبيعي ان تسمع أثناء الحوار اسماء مثل «بومحمد، بوناصر، بوراشد، وبوحسين»، لكن من النادر أن تسمع بـ «أبوالدرداء، أبوقتادة، أبوحفص، أو أبو البراء»!
وصلت هذه الأسماء الى الكويت اخيرا، فلم تكن متداولة من قبل، وان كانت في معظمها أسماء مهمة في التاريخ الاسلامي، لكنها جاءت بعد ظهور الجماعات المتطرفة، وتفشي ظاهرة الإرهاب في البلاد، كما تبين في القاب أعضاء الجماعات الارهابية، كالمتهم المتواري عن الانظار محسن الفضلي الملقب بـ«أبوحفص»، ومحمد الدوسري المسجون في قضية الشبكة التخريبية ويلقب بـ«أبو البراء»!، وهم يسيرون على خطى المنظمات الإرهابية الرئيسية كالقاعدة وغيرها، وأسماء قادتها أبومصعب الزرقاوي وسواه من الارهابيين الأشهر.
استاذ العلوم السياسية والباحث في الشؤون الاسلامية الدكتور احمد البغدادي يؤكد ان هذه الاسماء «برزت مع ظهور ما سمي بالصحوة الاسلامية، بدأت اجتماعيا، لإحياء التراث والعودة الى السلف، إذ يقال ان الرسول كان يكنى بأبي القاسم، فالتكني بالإسلام أفضل من الأسم المجرد، على اعتبار ان الكنية جزء من التقليد الاسلامي أو النبوي ان جاز التعبير، ومع التيارات السلفية تحديداً، حصلت استعادة لأسماء الصحابة، وصار المنتمون لهذه التنظيمات يسمون أولادهم أو يكنون أنفسهم بهذه الاسماء».
ويرى الدكتور البغدادي ان «الجماعات الارهابية او التي تسمي نفسها جهادية وجدت ان هذه الاسماء مناسبة لها، فهي تفيد في أكثر من جانب، منها ادخال التراث الديني في صلب المفاهيم الاجتماعية، وايضا استخدامها في عملية الاخفاء كأسماء حركية، ووصل الامر الى حد انك لا تعرف الاشخاص، وكأن الحديث يجري عن اشباح، لكنهم بالطبع داخل الخلية يعرفون بعضهم جيدا، علما بأن هذا الاسلوب معمول به في السلفية الجهادية فقط، بينما في التنظيمات الاسلامية الاخرى كجماعة الاخوان المسلمين وحزب التحرير والتكفير والهجرة فلا يستخدم هذا الأسلوب».
ويقول عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي «في ما يتعلق باستخدام هذه الاسماء الحركية من قبل المجموعات المتطرفة هناك غايتان، الاولى: اخفاء حقيقة شخصية من ينضم الى هذه المجموعات واستبدالها بأسماء يتميز بها عن غيره ويخفي بها حقيقته، اما الغاية الثانية فلأن هذه الالقاب تحمل معاني اسلامية يعتقد من يتسمون بها انهم يماثلون هذه الشخصيات، ويتبعون منهجيتها وسلوكها، وفي الحقيقة ليس لهم نصيب من هذه الالقاب في اعمالهم المتطرفة الا الاسم، والنبي عليه الصلاة والسلام كان قد زكى اصحابه، حيث قال «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم».
واضاف الدكتور الطبطبائي «ليست المشكلة في الالقاب التي يتسمون بها، المشكلة الحقيقية عند هؤلاء تكمن في عدم متابعة النهج الحقيقي للرسول، عليه الصلاة والسلام، واعطاء انطباعات سلبية عن هذه الاسماء التي لها تاريخها المشرف في التراث الاسلامي».
كما لاحظ الدكتور البغدادي ان اللجوء الى هذه الاسماء «يتصل من جهة اخرى بالاقليات عندما يريدون فرض ثقافتهم، أو كما تفعل الجماعات الاسلامية عندما تحاول تمييز نفسها في المجتمع، بدءا باللحية والدشداشة القصيرة والغترة دون العقال وكذلك بالاسم».
تسعى الجماعات الدينية السلفية خصوصا، لجلب الماضي الى الحاضر عبر اختيار مثل هذه الاسماء، وهي تمارس ما يسميه سيد قطب في كتابه «معالم في الطريق» نوعا من «العزلة» عن «المحيط الغارق في الجاهلية»، في اشارة الى المجتمع، لبدء عملية البعث الاسلامي، فيبرز الاسم ومعه التراث واسماء الصحابة، وهذا يسحب معه أسئلة اخرى مثل: من هو هذا الصحابي؟ وهم يختارون الاسماء غير المألوفة على الاذن المعاصرة، فما هي نسبة ان تطلق على ابنك اسم «الدرداء» أو «قتادة».
المناداة بالكنية كانت شائعة في أوساط التنظيمات الفلسطينية ايضا، لكن لأسباب حركية وأمنية، وفي معظم الاحيان يكون الاسم مستعارا كالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات «ابوعمار» الذي توفي من دون ان يكون لديه ابن بهذا الاسم، وكان يطلق عليه اسم «الختيار»، وفي دول الخليج العربية بصورة خاصة تحول الامر الى تقليد، ففي معظم الدول العربية ينادونك مثلا «الاستاذ، الدكتور، او الاخ فلان» اما في الخليج فيجري التخاطب باسم الابن «ابوناصر او ابواحمد» وعلى هذا النحو، كنوع من الاحترام.
اما في الكويت، فسيظل مستغربا ومثيرا للتندر ان يدخل احدهم ديوانية، وهو يقول لصديق له «مساك الله بالخير ابوالدرداء» فيرد عليه الآخر «الله بالخير بوعكرمة»!.