كاكاو
10-23-2013, 11:32 PM
مدير الهيئة العامة للصناعة اقتنع أن مشكلة القطاع الحكومي «أعمق مما تتصور»
http://www.alraimedia.com/Resources/ArticlesPictures/2013/10/23/138245337002200660gfdg0_main.jpg (http://www.alraimedia.com/Resources/ArticlesPictures/2013/10/23/138245337002200660gfdg0.jpg)
براك الصبيح ... «هيئة الصناعة» ليست «زين» ..
| كتب رضا السناري |
لم يستغرق الأمر أكثر من أشهر قليلة حتى يُدرك برّاك الصبيح بالملموس ما هو الفرق بين الهيئة العامة للصناعة وشركة زين. الفرق كبير إلى درجة أن الرجل يفكّر جدياً بأن يرمي يمين الطلاق الثاني على الحكومة!
ليس سرّاً أن الصبيح تولّى منصب المدير العام لهيئة الصناعة على مضض قبل عام، بعد أن كان قد رمى يمين الطلاق الاول على المناصب الحكومية بعد أيام قليلة قضاها رئيساً لمجلس إدارة الخطوط الوطنية الكويتية. ولذلك قد لا تكون استقالته مفاجأة كبيرة لمن يعرف كيف يفكّر الرجل، لكن الخبر سيكون مؤشراً آخر على عمق مشكلة الإدارة العامة وعقم جهود الإصلاح.
يتردد من مصادر حكومية أن الصبيح فاتح مسؤولين حكوميين في شأن الاستقالة عارضاً عليهم «الأسباب المستعصية» التي تدفعه للاعتقاد أنه «لو أتى ستيف جوبز إلى هذا المنصب فلن يحصد إلا الفشل»، وهو حتى الآن يواجه محاولات لثنيه عن «يأسه».
القريبون من الصبيح يعرفون الظروف التي حنث فيها الصبيح بيمين الطلاق الأول للحكومة. قبل نحو سنة، جاءه عرض التعيين مديرا للهيئة العامة للصناعة من وزير التجارة والصناعة انس الصالح الذي كان يبحث عن شخصية مشهود لها بالقيادة والكفاءة الإدارية لتقود الهيئة بدينامية القطاع الخاص. لم تكن بين الرجلين أي معرفة سابقة، لكن الوعود التي قطعها الصالح بتسهيل المهمة أقنعت الصبيح بأن في الحكومة من يبذل جهداً إصلاحياً يستحق المساهمة فيه.
لم تمض اسابيع قليلة على تعيينه في «الهيئة» حتى اكتشف الصبيح ان ازمة المؤسسات الحكومية أكبر من طاقات وزير إصلاحي شاب، بل هي «معششة» في النظام الحكومي والثقافة التي تحكمه، ومتجذرة في الموظفين بمختلف درجاتهم الوظيفية. فإذا كنت تحتاج مثلا إلى اتخاذ قرار بنقل موظف لا ترى وجهه إلا في المناسبات السعيدة، فعليك ان تنتبه إلى انك ستصطدم ببيروقراطية قوانين الخدمة المدنية، فما بالك اذا كانت خطتك للاصلاح تتطلب اتخاذ قرارات استراتيجية. وإذا قررت تطبيق نظام البصمة على موظفين لا يزورون الهيئة إلا «كل سنة مرة»، فستجد من يخرج في تظاهرة «َضد الظلم»، أو في أحسن الأحوال يُخرج لك بالقانون ويضعه في وجهك، ليقول لك إن من أمضى 20 عاماً في الوظيفة معفى من البصمة! وكأنه إعفاء كامل من الدوام، وتحويل الراتب إلى منحة شهرية!
ربما كان الصبيح يدرك جيدا انه سيواجه البيروقراطية في «هيئة الصناعة» الا انه لم يتصور ان أداء «الهيئة» لا يزال يعاني الكثير من الضعف ليس بسبب غياب الرؤية القادرة على انقاذ «الهيئة» من موروثها المتراكم من التحديات والتعقيدات الراهنة امام الصناعيين، وانما يرجع الى عدم وجود هامش حرية حقيقي لصانع القرار في المؤسسة لاتخاذ ما ينبغي اتخاذه من اجل احداث عملية الاصلاح التي يستهدفها.
يقول الصبيح للقريبين منه صراحة إنه لا يفهم في السياسة كثيرا لكنه جاء للعمل الفني فقط، لكن تجربته في «الهيئة» علمته الكثير من فنون السياسة ليس اقلها ان الحديث عن الاصلاح في المؤسسات الحكومية ليس الا مجرد «كلام مكرر وقرار مؤجل»، مع حفظ الحق لغرفة التجارة والصناعة التي اطلقت هذا العنوان على احدى مؤتمراتها قبل 3 سنوات.
يعلم الصبيح جيدا ان وزير التجارة من اصحاب العقليات الاصلاحية الشابة، وانه عندما وعده الصالح بالدعم اللامحدود كان صادقا، والشاهد في دعمه المستمر للرجل طيلة الفترة الماضية.
فالمتابع للأحداث يعرف ان الصالح اطلق يد مجلس الادارة ويد الصبيح في كثير من المطارح التي كانت توصف سابقا «بعش الدبابير» منها تطبيق القانون على المخالفين، باقرار نزع 18 قسيمة غير مستغلة مرة واحدة وبجرة قلم واحدة من اصحابها، وبعضهم من أصحاب النفوذ، فجاء التنفيذ من الصبيح دون تردد وبغطاء سياسي من الصالح.
ربما يكون هدف شريحة واسعة من المسؤولين في تولي منصب قيادي حكومي معين، واحدا من ثلاث مغريات وربما يجمع احدهم بينها جميعا، وهي كسب مال اضافي او كسب وجاهة أو كسب انجاز معين، ومن يعرف الصبيح القادم من القطاع الخاص يعلم جيدا ان المغريات الثلاث غير مغرية للرجل.
وفي الملخص، انه ربما يقاوم الصالح استقالة الصبيح باقناعه بالاستمرار في منصبه لكسب مزيد من الوقت مع رجل يشابهه كثيرا لجهة الحرص على إدخال كفاءة القطاع الخاص إلى القطاع العام، لكن يبقى ان الصبيح مثله مثل العديد من الكفاءات الكويتية لا يزال يعاني في موقعه من دون امل في نجاته بما جاء من اجله للاصلاح.
والحل الذي بات سحريا لانهاء أزمة القرار الحكومي والمسؤولين اصحاب القرارات المرتعشة هو تغيير النمط الفكري التقليدي الذي يحكم منظومة العمل، واللجوء إلى الحلول غير التقليدية القادرة على إحداث الفرق للكويت.
http://www.alraimedia.com/Resources/ArticlesPictures/2013/10/23/138245337002200660gfdg0_main.jpg (http://www.alraimedia.com/Resources/ArticlesPictures/2013/10/23/138245337002200660gfdg0.jpg)
براك الصبيح ... «هيئة الصناعة» ليست «زين» ..
| كتب رضا السناري |
لم يستغرق الأمر أكثر من أشهر قليلة حتى يُدرك برّاك الصبيح بالملموس ما هو الفرق بين الهيئة العامة للصناعة وشركة زين. الفرق كبير إلى درجة أن الرجل يفكّر جدياً بأن يرمي يمين الطلاق الثاني على الحكومة!
ليس سرّاً أن الصبيح تولّى منصب المدير العام لهيئة الصناعة على مضض قبل عام، بعد أن كان قد رمى يمين الطلاق الاول على المناصب الحكومية بعد أيام قليلة قضاها رئيساً لمجلس إدارة الخطوط الوطنية الكويتية. ولذلك قد لا تكون استقالته مفاجأة كبيرة لمن يعرف كيف يفكّر الرجل، لكن الخبر سيكون مؤشراً آخر على عمق مشكلة الإدارة العامة وعقم جهود الإصلاح.
يتردد من مصادر حكومية أن الصبيح فاتح مسؤولين حكوميين في شأن الاستقالة عارضاً عليهم «الأسباب المستعصية» التي تدفعه للاعتقاد أنه «لو أتى ستيف جوبز إلى هذا المنصب فلن يحصد إلا الفشل»، وهو حتى الآن يواجه محاولات لثنيه عن «يأسه».
القريبون من الصبيح يعرفون الظروف التي حنث فيها الصبيح بيمين الطلاق الأول للحكومة. قبل نحو سنة، جاءه عرض التعيين مديرا للهيئة العامة للصناعة من وزير التجارة والصناعة انس الصالح الذي كان يبحث عن شخصية مشهود لها بالقيادة والكفاءة الإدارية لتقود الهيئة بدينامية القطاع الخاص. لم تكن بين الرجلين أي معرفة سابقة، لكن الوعود التي قطعها الصالح بتسهيل المهمة أقنعت الصبيح بأن في الحكومة من يبذل جهداً إصلاحياً يستحق المساهمة فيه.
لم تمض اسابيع قليلة على تعيينه في «الهيئة» حتى اكتشف الصبيح ان ازمة المؤسسات الحكومية أكبر من طاقات وزير إصلاحي شاب، بل هي «معششة» في النظام الحكومي والثقافة التي تحكمه، ومتجذرة في الموظفين بمختلف درجاتهم الوظيفية. فإذا كنت تحتاج مثلا إلى اتخاذ قرار بنقل موظف لا ترى وجهه إلا في المناسبات السعيدة، فعليك ان تنتبه إلى انك ستصطدم ببيروقراطية قوانين الخدمة المدنية، فما بالك اذا كانت خطتك للاصلاح تتطلب اتخاذ قرارات استراتيجية. وإذا قررت تطبيق نظام البصمة على موظفين لا يزورون الهيئة إلا «كل سنة مرة»، فستجد من يخرج في تظاهرة «َضد الظلم»، أو في أحسن الأحوال يُخرج لك بالقانون ويضعه في وجهك، ليقول لك إن من أمضى 20 عاماً في الوظيفة معفى من البصمة! وكأنه إعفاء كامل من الدوام، وتحويل الراتب إلى منحة شهرية!
ربما كان الصبيح يدرك جيدا انه سيواجه البيروقراطية في «هيئة الصناعة» الا انه لم يتصور ان أداء «الهيئة» لا يزال يعاني الكثير من الضعف ليس بسبب غياب الرؤية القادرة على انقاذ «الهيئة» من موروثها المتراكم من التحديات والتعقيدات الراهنة امام الصناعيين، وانما يرجع الى عدم وجود هامش حرية حقيقي لصانع القرار في المؤسسة لاتخاذ ما ينبغي اتخاذه من اجل احداث عملية الاصلاح التي يستهدفها.
يقول الصبيح للقريبين منه صراحة إنه لا يفهم في السياسة كثيرا لكنه جاء للعمل الفني فقط، لكن تجربته في «الهيئة» علمته الكثير من فنون السياسة ليس اقلها ان الحديث عن الاصلاح في المؤسسات الحكومية ليس الا مجرد «كلام مكرر وقرار مؤجل»، مع حفظ الحق لغرفة التجارة والصناعة التي اطلقت هذا العنوان على احدى مؤتمراتها قبل 3 سنوات.
يعلم الصبيح جيدا ان وزير التجارة من اصحاب العقليات الاصلاحية الشابة، وانه عندما وعده الصالح بالدعم اللامحدود كان صادقا، والشاهد في دعمه المستمر للرجل طيلة الفترة الماضية.
فالمتابع للأحداث يعرف ان الصالح اطلق يد مجلس الادارة ويد الصبيح في كثير من المطارح التي كانت توصف سابقا «بعش الدبابير» منها تطبيق القانون على المخالفين، باقرار نزع 18 قسيمة غير مستغلة مرة واحدة وبجرة قلم واحدة من اصحابها، وبعضهم من أصحاب النفوذ، فجاء التنفيذ من الصبيح دون تردد وبغطاء سياسي من الصالح.
ربما يكون هدف شريحة واسعة من المسؤولين في تولي منصب قيادي حكومي معين، واحدا من ثلاث مغريات وربما يجمع احدهم بينها جميعا، وهي كسب مال اضافي او كسب وجاهة أو كسب انجاز معين، ومن يعرف الصبيح القادم من القطاع الخاص يعلم جيدا ان المغريات الثلاث غير مغرية للرجل.
وفي الملخص، انه ربما يقاوم الصالح استقالة الصبيح باقناعه بالاستمرار في منصبه لكسب مزيد من الوقت مع رجل يشابهه كثيرا لجهة الحرص على إدخال كفاءة القطاع الخاص إلى القطاع العام، لكن يبقى ان الصبيح مثله مثل العديد من الكفاءات الكويتية لا يزال يعاني في موقعه من دون امل في نجاته بما جاء من اجله للاصلاح.
والحل الذي بات سحريا لانهاء أزمة القرار الحكومي والمسؤولين اصحاب القرارات المرتعشة هو تغيير النمط الفكري التقليدي الذي يحكم منظومة العمل، واللجوء إلى الحلول غير التقليدية القادرة على إحداث الفرق للكويت.