المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بمناسبة ذكرى مولده الشريف...نبذة عن حياة الامام علي الهادي العاشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام



كوثر
10-22-2013, 06:41 AM
تصادف اليوم ذكرى ولادة الامام ابي الحسن علي بن محمد الهادي العاشر من ائمة اهل البيت (ع) الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا وبهذه المناسبة نعرض نبذة مختصرة من حياته الشريفة.


طهران (فارس)

ولد الامام الهادي في المدينة المنورة في النصف من ذي الحجة عام 212 هـ ووالده الامام الجواد التاسع من ائمة اهل البيت (ع) الذين صرح بهم الرسول الاكرم (ص)، كما ورد في امهات مصادر جميع الفرق الاسلامية لاسيما الصحاح الستة حيث ورد عن الرسول محمد (ص) بالفاظ عديدة ومعنى مشترك ان "الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش" ، و"الاوصياء من بعدي اثنا عشر آخرهم قائمهم وهم من ولد فاطمة" ، "والائمة من بعدي اثنا عشر كعدد نقباء بني اسرائيل" ، ولايتسع المقام لذكر جميع الاحاديث بهذا المعنى لانها كثيرة ومتواترة ومن شاء فليراجع مصادر الحديث الشريف عند فرق المسلمين.

والدة الامام الهادي السيدة سمانة المغربية التي كانت آية في التقوى والايمان والزهد في الدنيا بعصرها ولاعجب في ذلك فقد اختارها الله تعالى لتكون أمّا لهذا الامام المعصوم والحجة على العالمين.

ويكفي في فضلها ومرتبتها ماشهد به ولدها الامام علي الهادي (ع) حيث روى احد اصحابه ورواة حديثه وهو علي بن مهزيار أن الامام (ع) قال: «أمي عارفة بحقي وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبّار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين».

وكنية الامام : أبو الحسن ، ويكنى في كتب الحديث عن اهل البيت أبو الحسن الثالث ، ولقّب الامام بالنقي، الهادي، النجيب، المرتضى، العالم، الفقيه، الناصح، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتقي، المتوكل، العسكري، المفتاح. وأشهر القابه الهادي.

وورد في وصف الامام (ع) انه ربع القامة، وسيع الحاجبين، له وجه حسن، يميل إلى الحمرة والبياض.

ولم يعش الامام فترة طويلة حيث لم يتجاوز عمره الشريف 42 سنة وقيل 40 سنة وكانت مدة امامته نحو 33 سنة اي انه استلمها بعد استشهاد ابيه الامام محمد الجواد وعمره الشريف نحو ست او ثمان سنوات فقط في عام 220 هـ ولاعجب في ذلك فان ائمة اهل البيت لافرق بين كبيرهم وكهلهم وصغيرهم فقد ورثوا العلم من جدهم المصطفى (ص) ولم يرد مطلقا ان احدهم عجز عن الرد على سؤال وجه اليهم طيلة حياتهم الشريفة من اولهم الامام علي المرتضى لغاية آخرهم الامام الثاني عشر الحجة المنتطر (عج) كما لم يرد عنهم اي اختلاف مع بعضهم البعض وهو مايؤكد حجيتهم وامامتهم على الناس.

امتاز العصر الذي عاش فيه الامام الهادي بعدة امور اهمها تشديد الضغوط والقمع على اتباع اهل البيت (ع) وشيعتهم في كافة الامصار والمدن الاسلامية وزجهم في السجون وتعرضهم للتعذيب والقتل لالسبب سوى حبهم للامام علي وابنائه الائمة الطاهرين (ع) ، وكذلك تعرض الامام الهادي (ع) للمضايقات الشديدة والاذى من قبل سلطات بني العباس في المدينة المنورة حيث كان يمنع من القاء محاضراته ودروسه على طلابه في حرم جده الرسول (ص) اذ ينظر الى التفاف الناس ومراجعاتهم اليه لحل مشاكلهم الدينية والدنيوية بمثابة تجمع لمعارضي خليفة بني العباس وهو ماحسبوه خطرا على سلطانهم.

ولم تكتف السلطات العباسية بالمضايقات والاعتداءات والاذى على الامام (ع) واهل بيته وانصاره حتى صدر امر المتوكل العباسي بترحيل الامام الهادي (ع) من مدينة جده المصطفى (ص) الى سامراء شمال بغداد عاصمة سلاطين بني العباس يومذاك ليكون تحت الرقابة الشديدة والمباشرة للسلطات.

ولا داعي أن نثقل ذهن القارى‏ء بمدى حقد هؤلاء على أهل البيت عليهم السلام ويكفي أن نعرف أن المتوكل العباسي هو من أمر بهدم قبر الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.
ثم هدم كل بناء حول القبر وأجرى الماء عليه إلا أنَّ الماء قد دار حول القبر ولم يصل إليه ومن ثم سمي بالحائر، وقد خرجت من القبر الشريف رائحة طيبة لم يشم الناس عطراً مثلها.

ولذلك قال بعض الشعراء هجاء في حق المتوكل:
باللّه إن كانت أميه قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوماً
فلقد أتاه بنو أبيه بمثله هذا لعمري قبره مهدوماً
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميماً

وعاصر الامام الهادي (ع) سلاطين بني العباس التالين:
المعتصم (حكم 8 سنوات، 227هـ).
الواثق (5 سنوات و223) 9هـ.
المتوكل (14 سنة) 247هـ.
المستنصر(ستة أشهر) 248هـ.
والمستعين(سنتان وقيل ثلاث سنوات و9 أشهر) 252هـ.
والمعتز (8 سنوات و6 أشهر) 258هـ.
واستشهد الإمام عليه السلام بدس السم اليه في عهده سنة 254هـ في 3 رجب وقيل سنة 250 هـ.

أما علومه ومعارفه الواسعة فنسجل هنا الرواية التالية نموذجا عن سعة اطلاعه في باب معرفة الله عزوجل وعلمه الواسع بآيات القرآن الكريم:
عن فتح بن يزيد الجرجاني قال: ضمني وأبا الحسن طريق منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق، فسمعته وهو يقول: «من اتقى الله يُتقى، ومن أطاع الله يُطاع».
قال: فتلطفت إلى الوصول إليه، فسلمت عليه.
فرد عليّ السلام وأمرني بالجلوس، وأول ما ابتدأني به أن قال: «يا فتح، من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق. وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وأنى يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به، جل عما يصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى في قربه، وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيّف الكيف فلا يقال: كيف، وأيّن الأين فلا يقال: أين؛ إذ هو منقطع الكيفية والأينية، هو الواحد الأحد الصمد ] لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ[ فجل جلاله.
أم كيف يوصف بكنهه محمد وقد قرنه الجليل باسمه وشركه في عطائه وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته؛ إذ يقول: ] وما نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ[ .
وقال يحكي قول من ترك طاعته وهو يعذبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها: ( يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وأَطَعْنَا الرَّسُولا).
قال فتح: فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه، فسلمت عليه، فرد عليّ السلام.
فقلت: يا ابن رسول الله، أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي؟
قال: «سل وإن شرحتها فلي، وإن أمسكتها فلي، فصحح نظرك وتثبت في مسألتك، وأصغ إلى جوابها سمعك، ولا تسأل مسألة تعنت، واعتن بما تعتني به، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، منهيان عن الغش، وأما الذي اختلج في صدرك ليلتك فإن شاء العالم أنبأك بإذن الله، إن الله لم (يظهر عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم، وكل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه؛ كيلا تخلو أرضه من حجة، يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته.
يا فتح، عسى الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك، وشككك في بعض ما أنبأتك، حتى أراد أزالتك عن طريق الله وصراطه
المستقيم، فقلت من أيقنت أنهم كذا، فهم أرباب، معاذ الله، إنهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله، داخرون راغبون، فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به».
فقلت: جعلت فداك فرجت عني وكشفت ما لبس الملعون عليّ بشرحك، فقد كان أوقع بخلدي أنكم أرباب.
قال: فسجد أبو الحسن (ع) وهو يقول في سجوده: «راغما لك يا خالقي، داخرا خاضعا».
قال: فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي.
ثم قال (ع) : «يا فتح، كدت أن تُهلك وتَهلك، وما ضر عيسى إذا هلك من هلك، فاذهب إذا شئت رحمك الله».
قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف الله عني من اللبس بأنهم هم، وحمدت الله على ما قدرت عليه، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متك وبين يديه حنطة مقلوة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان في خلدي: أنه لا ينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك آفة، والإمام غير مئوف.
فقال: «اجلس يا فتح، فإن لنا بالرسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون ] ويَمْشُونَ فِي الأَسْواقِ[ (28) وكل جسم مغذو بهذا، إلا الخالق الرازق؛ لأنه جسم الأجسام، وهو لم يجسم، ولم يجزأ بتناه، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرأ من ذاته ما ركب في ذات من جسمه الواحد الأحد الصمد الذي ] لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ[ (29) منشئ الأشياء، مجسم الأجسام، ] وهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[ (30)، ] اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ (31) الرءوف الرحيم، تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. لو كان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب، ولا الخالق من المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، ولكنه فرق بينه وبين جسمه، وشيء الأشياء إذ كان لا يشبهه شيء يرى، ولا يشبه شيئا».
ومن معاجز الامام (ع) وكراماته الرواية التالية التي تبين تأييد الله سبحانه وتعالى للائمة الهداة بجنود كجدهم المصطفى (ص) كما ورد في القرآن الكريم (وأيده بجنود لم تروها) :
فقد روى أن المتوكل العباسي أمر عسكره وهم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأى أن يملأ كل واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر ويجعلوا بعضه على بعض في وسط برية واسعة هناك.
ففعلوا، فلما صار مثل جبل عظيم صعد فوقه واستدعى أبا الحسن (ع) وأستصعده وقال: استحضرتك لنظارة خيولي، وكان أمرهم أن يلبسوا التجافيف ويحملوا الأسلحة، وقد عرضوا بأحسن زينة وأتم عدة وأعظم هيبة، وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه، وكان خوفه من أبي الحسن (ع) أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج عليه.
فقال له أبو الحسن (ع) : «وهل تريد أن أعرض عليك عسكري؟»
قال: نعم.
فدعا الله سبحانه، فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون.
فغشي على المتوكل.
فلما أفاق قال أبو الحسن (ع) : «نحن لا ننافسكم في الدنيا، نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شيء مما تظن».
وهذا الامر وغيره جعل سلطات بني العباس تخشى من الامام الهادي (ع) فقد كان المتوكل يخاف من التفاف الناس حوله فكان يضيّق عليه ويؤذيه باستمرار، وقد أسكن الإمام (ع) في منطقة العسكر ليراقب تحركاته (ع) من قرب، وربما استدعى الإمام (ع) ليلاً وأمر جلاوزته بأن يهجموا على دار الإمام ويأتوا به على حاله!.
ونقل الوشاة إلى المتوكل أن الامام الهادي (ع) يعد العدة للانقضاض على السلطة الحاكمة وانه يخفي في منزله كتباً وسلاحاً ارسلها شيعته واتباعه في قم ، فبعث المتوكل إليه جنوده من الأتراك فهجموا على داره ليلاً، الا انهم لم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجّه إلى الله تعالى يتلو القرآن الكريم.
ولم يبال الجنود بتوجه الامام الى الله وانشغاله بالعبادة وحملوه على تلك الحالة إلى سيدهم وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة..
وكان المتوكل جالساً مع ندماءه واصحابه وهم يشربون الخمر فدخل الامام (ع) والكأس في السلطان، فلما رأى المتوكل الإمام (ع) هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه، وناوله الكأس التي كانت في يده!
فقال (ع) : «والله ما يخامر لحمي ودمي قط، فاعفني».
فأعفاه.
فقال المتوكل: أنشدني شعراً.
فقال (ع) : إني قليل الرواية للشعر.
فقال: لابد.
فأنشده (ع) وهو جالس عنده:
باتوا على قلل الأجبال تحـــرسـهم
غلب الرجال فلم تنفعهم القــــــلل
واستنـزلوا بعد عز من معاقـــلهم
وأسكنوا حفراً يا بئسما نزلــــــوا
ناداهم صارخ من بعد دفنـــــــــهم
أين الأساور والتيجان والحـــــلل
أين الوجوه التي كانت منعـــــــمة
من دونها تضرب الأستـار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم
تلك الوجوه عليها الــــدود تقتـــتل
قد طال ما أكلوا دهراً وقد شربوا
وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد اُكلوا
فلما انتهى الامام من انشاده الشعر بكى المتوكل وبكى الحاضرون واضطر الى اعادة الامام (ع) الى منزله الا ان السلطات لم تتورع عن توجيه الاساءات الى الامام حيث اسكنته في منطقة سيئة الصيت بسامراء تدعى خان الصعاليك.
فقد ورد عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن (ع) فقلت له: جعلت فداك في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع، خان الصعاليك؟
فقال: «ههنا أنت يا ابن سعيد» ثم أومأ بيده وقال: «انظر».
فنظرت، فإذا أنا بروضات آنقات وروضات ناصرات فيهن خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون وأطيار وظباء وأنهار تفور، فحار بصري والهاً، وحسرت عيني.
فقال (ع) : «حيث كنا فهذا لنا عتيد ولسنا في خان الصعاليك».
إن المراقب لسيرة الإمام الهادي عليه السلام يعرف أن الإمام استخدم منهجاً تربوياً متكاملاً من أجل بناء مجتمع صالح وتقديم نموذج إيماني كان يمثله أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم وماورد من احاديث عن الامام (ع) تكشف اهتمامه بالجانب الروحي والاخلاقي من اجل بناء شخصية تتمتع بذات المواصفات التي جاهد من اجلها جده الرسول الاكرم (ص) وهو مايتضح جليا في التماثل بين الاحاديث الشريفة عن الرسول (ص) واهل بيته وابناءه الكرام.
1- "إن اللّه إذا أراد بعبد خيراً، إذا عوتب قبل"
2- "من أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين، ومن أسخط الخالق فلييقن أن يحلّ به سخط المخلوقين".
3- "من أمن مكر اللّه وأليم عذابه أخذه تكبّر حتى يحل به قضاؤه ونافذ أمره، ومن كان على بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قرّض ونشر"
واعتمد الإمام وسائل عديدة للبناء الروحي لشخصية الانسان في بعدها الاجتماعي منها:
الرسائل المكتوبة ومساعيه في ربط الناس بالائمة الهداة المعصومين عبر ظاهرة الزيارة فقد صدر عنه (الزيارة الجامعة، وزيارة أمير المؤمنين يوم الغدير، وزيارات متعددة اخرى) تكشف اسلوبه الرائع في بيان مواصفات الائمة بصورة تفصيلية ودورهم القيادي على مختلف الصعد لاسيما زيارة الجامعة الكبيرة التي تعد من ابلغ واوسع ماسجل في هذا الباب.
كما اعتمد الامام الهادي (ع) نظام الوكلاء من اجل مساعدة اتباع اهل البيت في المدن الاخرى في حل مشاكلهم والاجابة على اشكالاياتهم ومن ابرزهم السيد عبد العظيم الحسني في مدينة ري (تقع في جنوب طهران حاليا) وعلي بن جعفر الوكيل، وقد سُعي به إلى المتوكل فقبض عليه وحبس، وقضى فترة طويلة في السجن. وإبراهيم بن محمد الهمداني وغيرهم. وكذلك لتمهيد اذهان اتباع اهل البيت وشيعتهم لغيبة حفيده الامام المهدي المنتظر (عج) الذي سار على ذات نهج جده في عصر الغيبة الصغرى ومن ثم بدأ عهد النواب والوكلاء بمواصفات عامة في عهد الغيبة الكبرى كما هو الحال الآن.
وكان الوكلاء يتولون تنظيم عملية الاتصال بين الإمام عليه السلام والشيعة، خصوصاً في الموارد التالية:
1- استلام اموال الخمس والزكاة من الشيعة وإيصالها للإمام عليه السلام.
2- الإجابة على المسائل الفقهية والعقائدية.
3 - التعريف بالإمام عليه السلام وتمهيد الأرضية له.
وكان ارتباط هؤلاء بالإمام عليه السلام يتم غالباً من خلال كتب يرسلونها إليه مع من يوثق به.

العلاقة بين الوكلاء والناس
لقد نظم الإمام عليه السلام العلاقة بين الوكلاء أنفسهم، بحيث يبقى كل وكيل ضمن دائرة عمله بشكل منظم من دون التعرض لدائرة عمل الاخر، وقد كتب عليه السلام كتاباً وجهه إلى أيوب بن نوح وكان من وكلائه أمره فيه بعدم الاكثار بينه وبين أبي علي وكيل اخر وأن يلزم كل واحدٍ منهما ما وكل به وأمر بالقيام فيه في أمر ناحيته، وأوصى أبا علي ايضاً بمثل ما أوصى به أيوب، وطلب من الإثنين أن يتولى كل واحد منهما الشؤون المالية لما يليه من الشيعة وأن لا يقبلا شيئاً من أموال شيعة المناطق الأخرى.
ونظم عليه السلام كذلك العلاقة بين الوكيل وبين الشيعة المتواجدين في ناحيته، فاعتبر أن طاعة الوكيل هي طاعة له عليه السلام، ففي كتاب له عليه السلام عن أبي علي بن راشد يقول:
"فقد أوجب في طاعته طاعتي والخروج إلى عصيانه الخروج إلى عصياني فالزموا الطريق يأجركم الله ويزيدكم في فضله".
وأكد على ضرورة تمهيد الطريق أمام الوكيل وتسهيل مهمته، يقول عليه السلام:
"فعليك بالطاعة له والتسليم إليه جميع الحق قِبلك، وأن تحض موالي على ذلك وتعرفهم من ذلك ما يصير سبباً إلى عونه وكفايته فذلك توفير علينا ومحبوب لدينا ولك به جزاء من الله وأجر".

في شهادته (ع) مسموماً
لم تكتف السلطة العباسية بالمضايقات التي فرضتها على الامام في كل شؤونه بل سعت في القضاء عليه حيث استشهد الإمام الهادي (ع) مسموماً مظلوماً كآبائه الطاهرين (ع) وكان ذلك على يد المعتمد العباسي، في يوم الثلاثاء الثالث من رجب سنة 254هـ ، وقيل: يوم الاثنين لثلاث بقين من جمادى الآخرة نصف النهار، وله يومئذٍ أربعون سنة، وقيل: واحد وأربعون وسبعة أشهر.
وقد دفن في بيته بسامراء حيث مرقده الآن ، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
وكان من تسبيحه (ع) : «سبحان من هو دائم لا يسهو، سبحان من هو قائم لا يلهو، سبحان من هو غني لا يفتقر، سبحان الله وبحمده».



- See more at: http://arabic.farsnews.com/newstext.aspx?nn=9205178529#sthash.sxewyPym.dpuf