المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لندن.. لندن.. لندن وما يدريك ما لندن؟!



مسافر
10-11-2013, 11:49 AM
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2013/10/10/491228.jpg (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2013/10/10/491228.jpg)

فخري شهاب



http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/authorblock/authors/49468.jpg

الاسم: فخري شهاب


لعرب الخليج، والكويتيين والكويتيات خاصة، ولع غريب بلندن، لا يعدله ولع بفيينا أو كوبنهاكن أو نيويورك أو أي مدينة أخرى! هذه المدينة الغامضة، الواسعة، المغتصة بالجموع، المشهود لها برداءة الطقس، والغلاء الفاحش معاً، هي قبلة العائلات الخليجية، وليس ولع العرب بلندن لما تحفل به من متاحف، أو دور للكتب أو مكتبات عامة ممتلئة بالنادر من المخطوطات، أو مسارح المدينة أو مناظراتهاالسياسية، أو محاضراتها العلمية، أو ندواتها الشعرية، أو جامعاتها، ولا لسهولة الوصول منها إلى الريف الإنكليزي المشهور بسحره، بل لمطاعمها الشرقية (!)، ومخازن الأزياء في «بوند ستريت وأكسفورد ستريت، وحديقة هايد بارك، ومرأى الحرس الملكي، نعم، ولا تنسَ حديقة الحيوانات، ودولاب لندن، ومتحف الشمع، وليالي لندن المفعمة بالملذات والمفاجآت.

لندن أكثر من واحدة

غير أن للندن صوراً وخصائص أخرى تخفى على المرابطين في «أجوير رود» من أبناء يُعرب، ولذا فسأعرض اليوم هنا جوانب من الحياة في العاصمة البريطانية يجهلها كثيرون من الزائرين
العرب.

ولكن قبل البدء بتقديم لندن يجب أن أحدد ماذا أريد الكلام عنه: فهناك لندن في قلب لندن، والاثنتان مستقلتان ومقتربتان في آن واحد، هناك لندن عاصمة المملكة المتحدة، ومقر الحكومة، وعلى رأسها جلالة الملكة، وموطن أقدم برلمان في العالم، هذه لندن التي يعرفها أغلب الزائرين العرب، وهي مختلفة اختلافاً لا يصدق عن بقية الجزيرة البريطانية. ففي قلب هذه المدينة الواسعة (مساحتها أقل من 3 كلم2 ويسكنها نحو 8.5 ملايين نسمة) تقوم ما يسمى بـ«المدينة» وهي مدينة أسسها الرومان، تمتد أصولها إلى القرن الذي ولد فيه السيد المسيح، وهي نواة العاصمة الكبرى بل قلبها النابض على الأصح.

هذه لندن الصغرى، العاصمة المالية التي استبعدها هنا لأحصر الحديث عن المدينة الأكبر التي يعرف بعض جوانبها ويهواها العرب، والتي يعرفها ولا يستطيبها كثيرون آخرون.

مدينة دولية

العاصمة الكبرى مقسمة إدارياً إلى 32 محلة (أو فريج /فريق -County)، لكل منها تنظيم إداري مستقل، ولكن تربطها جميعاً روابط إدارية (قانونية) توحدها، وهذا تعقيد بريطاني دافعه إصرار كل «محلة أو فريج» أن يخضع لتنظيمات يقرها سكان «الفريج» أنفسهم، سمّها ديموقراطية مصغرة (إن أردت)!

والعاصمة البريطانية (لندن الكبرى)، وإن تكن عاصمة المملكة المتحدة، فهي مدينة «دولية» (تشبه نيويورك) مختلفة عن بقية أرجاء المملكة، في لغاتها (نعم لغاتها بالجمع)، وفي تكوينها الاقتصادي، وتركيبها السكاني والديني، وفي مشكلات عمالتها، ودخولها، ومستوى الأسعار فيها، وفي إدارتها المحلية، وبعبارة أخرى لندن هي عاصمة دولة لا يربطها ببريطانيا إلا الجغرافية والتاريخ.

300 لغة

خذ اللغة، اللغة الرسمية في المملكة المتحدة هي الإنكليزية، ولكنك في لندن تستطيع أن تتكلم أياً من 300 لغة، منها الصينية والروسية والفارسية والبرتغالية والعربية والهندية (ولهجاتها وفروعها المختلفة) والبولندية والصومالية والفرنسية ولغات كثيرة أخرى لم يسمع بها عربي إلا في لندن، وإلا إذا أتيح له أن يرى بعض منشورات أحد فروع «بلدية» لندن.
وإذا اتهمني أحد بالمبالغة حين ذكرت أن في لندن 300 لغة، فله أن يراجع الإحصاءات الحكومية لعام 2011!

أما لون السكان، أو «إثنيتهم»، فلا يزيد عدد «البيض» – السكسون – على %45 من المجموع. أما البقية الباقية أي %55، فهم من السود والآسيويين والأوربيين.

%20 من الدخل

أو خذ بنية لندن الاقتصادية: فلندن وحدها تسهم بإنتاج %20 من الدخل القومي البريطاني، ولندن الكبرى هي المدينة البريطانية الوحيدة التي لا تواجه عجزاً ميزانياً، فضلاً عن أن معدل ما يسهم به الفرد في تركيب الدخل الوطني في لندن يزيد %70 على معدل ما يسهم به الفرد العامل خارجها منه (من معدل الدخل الوطني الفردي). وينعكس هذا الفرق بين لندن وبقية أجزاء المملكة في نمو اقتصاد المدينة الذي بلغ معدله ضعف المعدل الوطني! وللندن وحدها 480 مصرفاً فرعياً منتشرة في أرجاء العالم. وقد بيع في لندن أكبر كمية من البضائع (غير المأكولات) في العالم في سنة 2011.

وبينما تشكو بريطانيا من البطالة وكثرة المهاجرين إليها، نجد بيئة العمالة في لندن تتطلب المزيد من الوافدين إلى الحد الذي دعا عمدة المدينة الكبرى أن يطلب من الحكومة إصدار سمات دخول خاصة بلندن لتحل مشكلة ندرة بعض الكفاءات التي تحتاج إليها المدينة.

وتفخر لندن بأن فيها 43 جامعة، وأن مطاراتها تستقبل سنوياً أكبر عدد من المسافرين في العالم، وأن فيما يسمى بشقها الغربي EndWest ما لا يقل عن 40 مسرحاً، وأنها كانت بين سنة1831 وسنة 1925 أكبر مدينة في الدنيا.

أما عن التكوين الديني، فتظهر إحصائيات 2011 أن %12.4 من سكان لندن هم مسلمون، وهم يكوّنون ثالث أكبر كتلة دينية في المدينة، وفي لندن يقوم أكبر مسجد في أوربا الغربية، أما أبناء العم اليهود، فكتلتهم أصغر، (أقل من %2 من مجموع سكان لندن)، ولكنهم من أعرق الأقليات في المدينة، وهم يفخرون بأن معبدهم Synagogue في قلب المدينة قد استمر مفتوحاً للعبادة في أوروبا من غير انقطاع خلال الثلاثمائة سنة الماضية. فهم من أعرق الوافدين.


موطن الرغبات

لعل من الطريف أن نذكر أن «قاموس أوكسفورد» المشهور لا يعتبر لندن عاصمة إنكلترا بل عاصمة المملكة المتحدة، وذلك لسبب دستوري ينساه أكثر الناس، وهو أن إنكلترا هي ليست دولة مستقلة، منفردة، بل هي منطقة إدارية في دولة رباعية تضم إنكلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية تسمى رسمياً المملكة المتحدة.

يقال إن الثري يستوطن أي بلد يلبي رغباته فور الإعراب عنها، وليس في الدنيا مدينة أخرى تلبي طلباتك أسرع من لندن. وهذا سر انجذاب الأغنياء المفرطين في الغنى (البليونيريين) إلى لندن من كل حدب وصوب، وهذا ما جعل الأسعار عموماً، والعقارات خصوصاً، ترتفع بشكل جاوز الخيال!

من سئم لندن سئم الحياة

من مأثورات أقوال الناقد الأدبي الساخر د. جونسون إنه «من سئم لندن سئم الحياة»، وهذا يلخص ما يجذب الكثيرين إليها.