المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هي أسباب فشل الكبد في المنطقة العربية



جمال
02-25-2005, 12:22 PM
ترجع إلى ملوثات البيئة والتهابات الكبد الفيروسية


الكبد هو أعظم غدة في جسم الانسان.. حيث يؤدي دوراً أساسياً وهاماً جداً في حياته.. ولا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونه.. ونظراً لأهمية معرفة خصائص هذا العضو الهام وكيفية صيانته وعلاجه إن اصابته علة.. التقت «الشرق الأوسط» بالدكتور محمد الوحش جراح واستشاري زراعة الكبد بالمملكة المتحدة (انجلترا) الذي زار مصر اخيرا، وكان هذا الحوار:

* قبل أن نتطرق إلى الحديث عن زراعة الكبد وتطوراتها هلا تحدثنا عن وظائف الكبد؟
ـ الكبد هو أكبر عضو في جسم الانسان.. وموقعه في الجانب الأيمن الأعلى من الجسم مباشرة تحت الاضلاع اليمنى وله وظائف عديدة، ويعتبر المايسترو للجسم فهو يدخل في عملية التوازن العام للجسد، فهو هام في كيفية تكوين الدم وتحويل البروتينات والدهنيات والقضاء على بعض السموم وافراز بعض الخمائر، كما أنه يفرز بعض الدفاعات الجسدية، والتي ان نقصت أدت إلى ظهور أمراض والتهابات مختلفة، وهو الذي يصنع السائل المداوي الذي يساعد على هضم المواد الغذائية وخاصة المواد الدهنية.. وأنه لا يمكن الاستفادة من أكثر المواد الغذائية إلا بعد تدخل عمل الكبد السليم الذي يحول أكثر هذه المواد إلى عناصر مفيدة للجسم. ولولا هذا العمل لأصبحنا عرضة لتراكم النفايات والمواد السامة، كما أن أكثر المواد الكيميائية المتناولة عن طريق الفم يحد من درجة تسممها نتيجة عمل الكبد، أيضاً هو مخزن الطاقة بالجسم، فإذن كل كبد سليم وغير مريض ينتج عنه عمل جسدي سليم.

* وماهي أسباب فشل الكبد، وهل هي وراثية أم بيئية؟
ـ الأسباب كثيرة.. فالكبد عضو عليه عبء كبير جداً نظراً للوظائف الكثيرة التي يقوم بها داخل الجسم.. وهو عرضة للاصابة بأمراض كثيرة أكثر من أعضاء أخرى.. وللكبد جهد وطاقة محدودة وقد تعتري خلاياه بعض الخلل لأسباب مرضية أو لأسباب تقدم السن.. وعموماً الأسباب كثيرة ولا نستطيع أن نحصرها في العوامل الوراثية أو البيئية.. فهناك أسباب منتشرة أكثر في الدول الغربية وهي المتعلقة بالجينات الوراثية كالتليف الناتج عن الخلل في الافراز المراري داخل الكبد، وأيضاً الضيق الخلقي في القنوات المرارية والتي تؤدي حتماً إلى فشل تام في وظائف الكبد، وتليف الكبد الكحولي من أهم أنواع التليف في الغرب ولكن ليس كل من يشرب الكحول يحدث له التهاب كبدي انما هناك من تكون قدرتهم ضعيفة على تحمل الكحول فنجدهم يصابون بالتهاب كبدي يؤدي مع الزمن إلى الفشل الكبدي.

* المنطقة العربية
* أما في المنطقة العربية فترجع أسباب الفشل إلى ملوثات البيئة وإلى ممارسات خاطئة كتعاطي أدوية لفترة طويلة، أيضاً البلهارسيا المعوية، والتهابات الكبد الفيروسية بأنواعها الثلاثة (أيه، وبي، وسي) والتي تنتشر في العالم كله وبشكل أوسع في بلاد العالم الثالث وأخطرها التهاب فيروس (سي) وفيروس (بي). التهاب الفيروس (سي) منتشر بنسبة أعلى خاصة في مصر خاصة بالمقارنة ببقية دول العالم بما فيها الدول الأفريقية. أما الفيروس (إيه) فلا يسبب تليف الكبد ويتم الشفاء منه.

لكن النوع (بي) يعتبر أخطر من النوع (سي) وترجع سبب الاصابة به إلى استخدام محاقن ملوثة اذ عن طريق نقل مشتقات دم ملوثة من استخدام أدوات ملوثة في طب الأسنان أيضاً عن طريق عمليات الختان في الأطفال التي تتم عن طريق أشخاص غير متخصصين واستخدامهم أدوات غير معقمة، وثقب آذان البنات عند حلاق الصحة لما في ذلك من خطر يعرضهم للعدوى بالفيروسات، أيضاً حالات الولادة في الريف المصري عن طريق (الداية) واستخدامها أدوات لم يتم تعقيمها بطريقة سليمة.

ويضيف د. محمد الوحش: على الرغم من أن الفيروس (بي) أشرس من الفيروس (سي) لكن بدأت مشكلته تقل وذلك لوجود تطعيم له ويؤخذ على ثلاث جرعات وهو متوفر في جميع الدول العربية وموجود مجاناً في مصر يأخذ الطفل جرعة والثانية بعد شهر والثالثة بعد 6 أشهر، لكن المشكلة الحقيقية الموجودة عندنا اننا حتى الآن لم نتوصل لتطعيمات خاصة بالفيروس (سي) وهذا بسبب تركيب الفيروس نفسه لأن لديه القدرة على تغيير أو تعديد نظام الأحماض الأمينية لذلك نحن غير قادرين أن نعرف له تركيبة ثانية فهو يحتوي على ستة أنواع مختلفة تسمى جينو تايب (Jeno Types). وعموماً فإن مشاكل الكبد الخطيرة الناتجة عن الاصابات بالفيروسات لاتحدث إلا بعد مرور أكثر من 20 عاماً من العدوى، لذلك لا يجب أن يفزع الفرد عندما يعلم باصابته بفيروس (سي).

أما عن أعراض فشل الكبد فيقول د. الوحش: الحقيقة اذا أصيب الكبد بالفشل الكبدي عندئذ لا يجب أن يفزع الإنسان لأن الكبد يتميز بقدرة عجيبة على تجديد خلاياه، فإذا أزيل ثلاثة أرباعه، فإن الربع الباقي يكون قادراً على تكاثر خلاياه بسرعة، بحيث يعود إلى حجمه الطبيعي في فترة وجيزة جداً.. فهو عضو مميز لأنه يستطيع أن يقوم بوظائفه الرئيسية من دون أن يعطي أي علامات للاصابة إلى أن يفقد 90% من خلاياه بمعنى أنه يستطيع أن يقوم بوظائفه ويخدم الجسم بنسبة 10% فقط من اجمالي خلاياه.. لكن المرحلة الحرجة الخطيرة للكبد هي عندما يفقد خلاياه ويفقد القدرة على تجديد هذه الخلايا.

لذلك ليس هناك أعراض في المرحلة المبكرة ولكن هناك مؤشرات وعدة تغيرات عند المريض أهمها الإحساس الدائم بالتعب والارهاق خاصة عند بذل أي مجهود حتى ان المريض لايمكن مواصلة ساعتين أو ثلاثة من دون أن يأخذ قسطاً من الراحة. وقد لايشكو مريض الفشل الكبدي من شيء ويشخص المرض فقط عند اجراء الفحص لأي سبب مرضي آخر، ولكن مع تطور المرض يظهر تورم بالقدمين وانتفاخ بالبطن، واصفرار بالعينين، وعدم القدرة على التركيز ونزف دوالي المريء.

زراعة الكبد

* هل تطورت زراعة الكبد بشكل كاف الآن؟
ـ زراعة الكبد قديمة جداً بدأت على عدة مراحل أولها المرحلة المختبرية وهي التجارب على الحيوانات في عام 1955 على يد عالم أميركي اسمه (وولش) الذي بدأ زراعة الكبد في الكلاب. لكن، أبو زراعة الكبد في العالم هو البروفيسور (توماس استارزل) بدأها في عام 1961 في الولايات المتحدة الأميركية على 7 حالات ولم تكن ناجحة بالقدر الكافي لأنهم توفوا بعد عام من اجراء العملية، لكن أول نجاح حقيقي لعملية زراعة الكبد كان عام 1963 لطفل عمره 11 عاما وكان يعاني من أورام في الكبد وتم زرع كبد جديد له وهذا الطفل تعدى مرحلة السنة ومن هنا دخلنا في بدايات نجاح العمل لزراعة الكبد وهذه البدايات مرة بمراحل كثيرة متعلقة بالتكنيك (الآلية) ومراحل متعلقة بكيفية حفظ الكبد ومراحل متعلقة بالأدوات التي تستخدم في الزراعة والأخطر من ذلك مثبطات المناعة حتى لا يرفض الكبد من الجسم.

واليوم حدثت ثورة في زراعة الكبد وأصبحت تجرى بنجاح كبير على مستوى واسع حتى أصبحت من العمليات المعترف بها علمياً على المستوى الدولي على أنها العلاج الأمثل للمراحل المتأخرة من تليف الكبد ويوجد عندنا اليوم مرضى تعدوا 18 عاماً بعد زراعة الكبد، وتعتبر انجلترا من الدول الرائدة في هذا المجال بعد أميركا وأول زراعة كبد في انجلترا كانت عام 1967 في كمبردج على يد أبو زراعة الكبد في أوروبا وهو السير البروفيسور (روي كالن) ولكن لم تنجح زراعة الكبد في ذلك الوقت في جميع دول العالم مثل النجاح الذي تشهده الآن.. لأن العملية كانت تستغرق وقتاً طويلاً جداً لأننا لم نكن نستطيع أن نحفظ الكبد لمدة طويلة، أما الآن وبعد اختراع محاليل تحافظ على الكبد ويتم غسله بها ثم تغليفه في صندوق ثلج ممكن أن يحفظ لمدة 36 ساعة ويبقى صالح للزراعة من دون أن يصيبه أي عطب.

أيضاً في الماضي كنا نعطي المريض كميات كبيرة من الكورتيزون مما كان يسبب له آثاراً جانبية خطيرة أما الآن فنحن نعطي المريض نوعاً واحداً فقط من مضادات الرفض وبعد 3 أشهر من اجراء العملية ممكن تخفض مضادات الرفض حتى النصف ويستمر المريض على نوعين وثلاثة من العقاقير مع المتابعة.

وأستطيع أن أقول أن مراحل زراعة الكبد مرت بمراحل عديدة منذ عام 1961 حتى وصلت اليوم إلى نتائج مبهرة تصل إلى 85% إلى 90% نجاحاً وهذا يعتبر انجازاً كبيراً جداً ابتداء من استخدام الأدوات الجراحية إلى فهم التركيب الترشيحي السليم للكبد بعد أن كان المفهوم السائد أنه يتكون من فصين فقط بل أنه يتكون من 8 فصوص يكملوا بعضاً.

* وهل هناك حالات لا تنجح معهما زراعة الكبد؟
ـ هناك فعلاً نسبة من المرضى لا تنجح معهم.. وهذه تمثل مشكلة خطيرة في المنطقة العربية، وذلك لعدم وجود الوعي الصحي العام عند الناس فالمريض يترك نفسه فريسة للمرض حتى مرحلة متأخرة جداً ثم يقررون زراعة كبد له هذا المريض الذي يأتي في النزع الأخير لا يتحمل الجراحة وممكن أن يموت في غرفة العمليات ولكن لكي تنجح العملية يجب أن تكون في المراحل الأولى قبل تدهور الكبد ومرحلة الغيبوبة والقيء الدموي.

لكن المشكلة الرئيسية في مسألة زراعة الكبد هي عدم توافر المتبرعين بالكبد.. فحتى خمس سنوات مضت كان يؤخذ كبد أشخاص حديثي الوفاة وتبرعوا بأعضائهم قبل الوفاة أو متوفين أكلينيكياً.. لكن يبقى هناك نسبة ممن يتبرعون بأعضائهم تظل قليلة على مستوى العالم بشكل عام وخاصة في بلاد العالم الثالث وهذا الموضوع مازال مثار جدل ونقاش في بعض الدول العربية.

ولكن السعودية تعتبر من الدول الرائدة في المنطقة في مجال زراعة الكبد وعندهم معترف بالوفاة الدماغية اذ الاكلينيكية ويوجد عندهم مركز كبير على أعلى مستوى في مدينة الرياض.

ثم جاءت الزراعة الجزئية وهي أن يتبرع انسان حي بجزء من كبده يتم زراعته لشخص آخر وبذلك انفتح المجال لزراعة الكبد في بلدان يندر فيها عدد المتبرعين، ومصر تعتبر من الدول التي لها باع كبير وطويل في هذه الخبرة لأنه غير معترف فيها بالوفاة الدماغية وتم حتى الآن ما يقرب من 150 حالة من متبرعين أحياء وكلها تمت بنجاح باهر.

* هل هناك مخاطر على المتبرع؟
ـ لا تسبب هذه العملية أي أضرار للشخص المتبرع لأننا نعرف أن الكبد السليم اذا تم استئصال جزء منه فإنه ينمو ذاتياً خلال فترة قصيرة ليصبح كاملاً لأن كما قلت سابقاً إن الله عز وجل اختص الكبد بميزتين: أنه يمكن أن يقوم بوظائفه بنسبة 10% من الخلايا وإنه عنده القدرة على أن يجدد خلاياه مرة أخرى خلال من 8 إلى 12 شهراً.