المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سورية خذلت الأعراب والعربان وبعض العرب أيضا



فاطمي
09-17-2013, 06:45 AM
من قلم : د. عمر ظاهر ...عرب تايمز

http://www.arabtimes.com/portal/authors/omardahir%20116x1601.jpg د. عمر ظاهر
omardhahir@yahoo.dk


22 October 2011 كاتب واستاذ جامعي من العراق مقيم في اوروبا


Centre for Contemporary Middle East Studies

University of Southern Denmark (SDU)

Email: dhahir@sdu.dk

http://www.sdu.dk/


تلك النغمة النشاز التي عزفها، ورقص على إيقاعاتها نعاج الجزيرة، وتيوسها، وأعرابها، وعربانها طويلا، ما زلنا نتذكرها .. سورية لم تفعل شيئا لتحرير الجولان! أخرسْنا تخرصاتهم وقتها حين قلنا لمن لا يعي شيئا مما يسمع إن كان حقا، أو باطلا إن سورية خسرت الجولان والعرب جمعٌ، وأناشيدهم الوطنية والقومية تصم الآذان، وأخبار جبهات صمودهم، وتصديهم تلعلع على الصفحات الأولى للصحف يوم كانت الحرب ضد إسرائيل يسمونها "الصراع العربي الصهيوني"، العرب من الخليج حتى المحيط، فلماذا صار استرجاعها مهمة سورية وحدها،

وقد أصبحت وحدها في مواجهة الصهيونية التي انتقلت إلى جانبها جيوش العرب، ومواردهم، وجمالهم، وتيوسهم عبر التطبيع، والتحالف سرا وعلانية؟ لماذا سورية وحدها، وقد تكبلت مصر باتفاقات كامب ديفيد، وتفرغ جيش العراق العظيم لحماية البوابة الشرقية للعرب لدفع خطر الثورة الإسلامية في إيران عن أولاد أعمام إسرائيل في الخليج؟

لماذا الشماتة بسورية لعدم تمكنها من استعادة الجولان في زمن انحطاط العرب، بينما جزر تيران التابعة لكيان آل سعود المصطنع لا يتذكرها أحد ولا يذكر بها؟ ألم يتم احتلالها في نفس الأيام الستة مع الجولان وسيناء؟

النغمة النشاز عادت لتُعزَف من جديد، هذه المرة حول "السلاح الكيمياوي". الغريب هذه المرة أن من يرقص على تلك النغمة هم عرب أيضا، وليسوا فقط من الأعراب، والعربان، والتيوس، والنعاج. إنهم يكادون يموتون كمدا لأن سورية "تنازلت" للعدو عن السلاح الكيمياوي، ولم تستدرج أمريكا إلى الحرب لتجعل من سورية فيتنام أخرى. يا سلام

بكل أمانة، العرب لا يستحون! أنا لا أقصد هؤلاء الذين يشعرون بالاحباط لأن خطة العدوان الشامل على سورية قد أحبطت، إذ كانوا ينتظرون بكل سفالة السفلة والأنذال أن تنزل صواريخ التوماهوك على مواقع الجيش السوري، وتفتح لهم الطريق إلى قلب دمشق. هؤلاء لا عتب عليهم، فهم الذين تشدقوا في بداية "ثورتهم" بالجولان، وانتهوا بـ "ثورتهم" مستعدين حتى لتقديم كل سورية، ومكة، والمدينة، لإسرائيل بعد أن تنازلوا لها عن القدس. لا أمنية لهم إلا سقوط سورية بأي ثمن. هؤلاء يسمونهم بالعربية الفصحى "سقط المتاع". إنهم كاولية الثورات، ولا يستحقون حتى الرد.

إن من لا يستحي هو العربي الذي ليس من أولئك، لكنه يجلس في دفء صالة بيته، ويكتب متأسفا، ومولولا عن تراجع سورية أمام العدوان الأمريكي. مثل هؤلاء العرب يستحقون أن يقال عنهم إنهم لا يستحون لثلاثة أسباب على الأقل:

أولا) إنهم يتحدثون وكأن سورية لم تكن في مواجهة العدوان الأمريكي الشامل من سنتين ونصف السنة، وكأن من تقاتلهم سورية هم هؤلاء الأوباش المستوردون من كل مزابل الدنيا. لا يا سادة هؤلاء بألوفهم المؤلفة كان الجيش السوري سيسحقهم خلال أيام. إن بقاءهم على

الأرض السورية طال لأن وراءهم إسرائيل، وأمريكا، وفرنسا، وبريطانيا بكل جبروتهم، وتمويلهم وتجنيدهم فقط من قطر ومن كيان آل سعود المصطنع. هل نسيتم أن أوباما بنفسه كان منذ أكثر من سنتين ناطقا رسميا باسم هؤلاء الإرهابيين، وكان يعلن بانتظام أن أيام الأسد في الحكم باتت معدودة، وأن الأسد فقد شرعيته؟ ها هو أوباما يعترف مرغما، بينما سورية توقع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية، بشرعية نظام الأسد وببقائه إلى ما شاء الله. ليس هؤلاء "المجاهدون" من يقاتل سورية، وإنما هي أمريكا تقاتل بهم سورية. على بعض الكتاب العرب تصحيح معلوماتهم حول المواجهة بين سورية وأمريكا.

ثانيا) إنهم يثيرون الشكوك حول تماسك محور المقاومة وحول مدى التزام روسيا بتحالفها مع سورية، والتزام إيران تجاه المقاومة. هل أنتم أطفال يا بعض كتاب العرب؟ من علمكم أن الجنون يقابل بالجنون؟ من أوحى إليكم بأن تحالف روسيا مع سورية يعني تحقيق أحلامكم النرجسية؟ أم إنكم تريدون وأنتم جالسون في صالات بيوتكم متلفعين بالأغطية المخملية أن تقرروا سياسات الدول العظمى، والبلدان التي تواجه العدوان؟ ربما يحلم الواحد منكم أن يتصل به بوتين، أو الأسد، ويأخذ رأيه في قراراته لأنه كاتب يجيد تدبيج المقالات! إنها الطفولية في أجلى صورها. يا معشر الكتاب، نحن مهمتنا أن نقف مع الحق وضد الباطل، ولكن إياكم والظن بأن من يجيد الكتابة يجيد قيادة الأمم أيضا!

ثالثا) غريبة حقا هذه النزعة الدموية عند العرب، حتى عند بعض كتّابهم، فهم يعتبرونها مجرد تسلية رؤية مشاهد الدم، والقتل، على شاشة التلفزيون بينما هم يتناولون عشاءهم بين أسرهم وأهلهم، ثم يختلون إلى أنفسهم ليكتبوا مقالاتهم الثورية! وكأن في داخل كل عربي "مجاهد" يريد أن يرى هذه المشاهد طالما لا تطال أحدا من أهلهم والأقربين إليهم.

يا إخوان. شعب سورية غارق في الدماء، وقطع الرؤوس، وذبح الأطفال. شعب سورية يتعرض للتدمير، والقتل والتشريد، بصورة لم يسبقها في التاريخ إلا ما حصل في العراق بعد الاحتلال الأمريكي الشرير عام 2003.

علينا ككتاب ندعي الإنسانية أن نقف احتراما، وإجلالا لكل من يبذل ذرة من الجهد لتجنيب هذا الشعب المزيد من المعاناة. لا تطلبوا من قيادة سورية أن تجعل شعبها يعاني ويلات أكبر وأكثر كي تشبع رغبات أقلامكم إلى التغني بالبطولة والشهادة. إن البطولة هي أن تواجه العدوان حين لا يكون بد من ذلك، أما أن تستجلب الحرب والدمار على شعبك، ولا تعمل على تفاديه، فمؤسف جدا أن يكون أمرا يدعو إليه كاتب.

نقف بكل قوة مع شعب سورية، ولكن يجب أن نثق بحكمة القيادة السورية وحرصها على تجنيب شعبها المزيد الذي يمكن تفاديه. إنها أقدر من كل الآخرين على تقدير ما هو في مصلحة سورية.

لكل غبي وأحمق يجب أن يقال إن أمريكا حين كانت قادرة على غزو العراق لم يستطع إيقاف الغزو تنازل صدام حسين عن كل ما كان يملكه من سلاح حتى الصواريخ غير الكيمياوية التي مداها خمسة عشر كيلومترا فقط. لا يحتاج المرء ليكون خبيرا عسكريا، أو ستراتيجيا ليدرك أن سورية لم تصمد خلال سنتين ونصف السنة تجاه أبشع عدوان امبريالي – إسرائيلي - عربي بفضل السلاح الكيمياوي. سورية صمدت، وستصمد وتنتصر لأنها لديها مقومات الصمود.

أما لأولئك الذين يرون أوباما وقد خرج من محنته السورية بسواد وجهه (لا أعني أبدا سواد بشرته، ولن أغمز من قناة إنسان للون بشرته) ويريدون أن يريحوا مرضا في أنفسهم بأن يقولوا إن سورية قد تنازلت فأقول: سبحان الله. ما حاجة سورية للسلاح الكيمياوي "والأشقاء" في شبه الجزيرة العربية عندهم ترسانات منها، وعندهم الأكثر فتكا منها وهم لا ينوون التخلي عنها؟