المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خوارج قرن مابعد العشرين : الاصولية الثقافية



المهدى
02-21-2005, 04:53 PM
كتابات - عبداللطيف الحرز

اذن عمل اتباع اسامة بن لادن والزرقاوي ومقتدى الصدر ومن شابههم , ليس (( مبرء للذمة )) من الناحية الفقهية والشرعية فهولاء الزعماء ليسوا بفقهاء ولامختصين في منهج علمي في البحث والاجتهاد , وبالتالي فهي حركات لاتمثل قراءة للنص الديني . فالقراءة تتطلب دراية بالمقروء وليس توظيف له كشعار وخطب وبيانات حماسية وتعبوية تجعل من الله والنبي والائمة شعار لها (= حزب الله ... جيش المهدي ... انصار الاسلام ... الخ ) كدرع يغطي نواياها وفشلها في تحقيق مراداتها الدنيوية في الزعامة وحب الظهور , وقتل البطالة المقنعة ومدارة الفشل النفسي واضفاء صفة القداسة والشرعية على اعمالها وممارساتها .

بل هو عمل يعتبر ((حراما )) لانه تقول على الله ونبيه من غير وجهة حق ولا سعي وبذل جهد في تفهم النصوص الدينية . وعليه فالمخطأ هنا ليس فاقد للثواب وانما مستحق للعقاب اساسا( = واذا لم يقنع ذلك فنقول ببساطة ان الحركات السنية المسلحة لاتعمد العمل طبقا للفتاوى المذاهب المعروفة , فيما مقتدى الصدر وغيره من الشيعة فهم لايتبعون الاجتهاد ولا الاحتياط ولا التقليد الفقهي , في عملهم هذا في حين ان المذهب الشيعي يحصر براءة الذمة باحد هذه الطرق الثلاث , وانت ان تأملت اكثر ستجد ان هنالك اكثر من دليل يضاف بواسطة جمع الدليل الاول الى الثاني ) .

ان الانجرار خلف هذه الزعمات ليس عائد الى الايمان بمنزلتهم العلمية , فغالبية هولاء ليس لهم كتاب ومؤلفات اصلا (= مثل اسامة بن لادن والزرقاوي ومقتدى الصدر ) . التبعية هنا ناشئة بسبب امر غير مكتوب .. وهذا الامر غير المكتوب يتمثل بامرين :

الاول هو تراكمات المفاهيم المغلوطة والناقصة عن المصطلحات الدينية بسبب وعاظ المساجد والحسينيات وقصاصات الكتب التي تطبع بكثرة والتي هي مجرد تجميع للاحاديث والروايات وتقديم شرح شفوي لها من دون دراية بمنهج ولا تحقيق بمسلك . وهو امر بتعاقب الازمان وتلاحق الاجيال اصبح له خزينة عملاقة من المخيال الديني المتشابك من روايات موضوعة واحاديث ضعيفة ومبتورة وايات وروايات مسطحة التفسير . وقد زاد من تفاقم الامر قصور مناهج التعليم وشيوع الامية بشكليها : البدائي (= عدم القدرة على القراءة والكتابة ) والثقافي(= عدم الوعي بالواقع الراهن ومناهجه الحديثة في المعرفة ) . ولهذا تجد ان هذه الزعامات تعمد على كونها ابن فلان وصديق فلان ومرتبط بهذه العائلة او تلك , وليس على اطروحة فكرية يفترض ان يقدمها ويكتبها بنفسه ( وليس بواسطة اصدقائه وبعد مضي سنوات على مشيخته , كمافعل مقتدى الصدر مثلا , اما بقية الحركات الدينية فهي حتى الان ليس لها سوى الصراخ فقط ) .

اما الامر الثاني الذي هو ليس بامر كتابي ولانظري , هو : الواقع الخارجي للفرد المسلم والعربي والشرقي . فماهو المنتظر من اناس يشاهدون صمت العمامات الكبيرة تتجاهل مرجعهم السابق ولم تعطي كلمة اعتذار او توضيح لمسلكهم معه (= اتباع محمد صادق الصدر ) ... وماذا عساك ان تنظر من اُناس كانوا الغالبية الذين يموتون في حروب الرئيس في الامس والمعارضة اليوم , فيتم تجاهلهم بالمضي بمنح المناصب والمخصصات على اساس الانتماء الحزبي او الفئوي ... هولاء الذين لاتمنح لهم الخدمات المدنية اختيارا , يتم تجنيدهم في الحروب الزاما .. وعليهم ان يتبرعوا بالدم والاولاد والاموال لدولة تتوارثها هذه الاحزاب كَرة ومعارضتها كرة اخرى...

ماذا تنظر من اناس دستورهم مؤقت .. وحكومتهم مؤقته وعلمهم مؤقت .. لكن محنتهم دائمة متجددة ؟! ... مسؤولين يدخلون البلد مع جنود الاسكندر المعاصر , يرفلون بالثياب والنساء والبيوت المؤثثة .. وهم انقطع عنهم صوت الرئيس مؤقتا .. لكن الكهرباء قد انقطعت قبله وبعده .... وخارج العراق والبلدان الاخرى حالها لايخفى .. والمحنة في هذه الدول متشابهة كتشابه كثبان الرمال فيها .. هولاء الملثمين ليس جميعهم غبي ساذج ... الكثير منهم يعرف جيدا من هو اسامة بن لادن وماهو وزن مقتدى الصدر .. لكن انظر الى بيوت اهل الاحساء والقطيف وكيف ان مناصب الدولة وكبار الاعمال خالية من اسماء اهل هذه المدن .. وانظر الى خرابات بيوت فقراء البصرة .. وحال الاقضية في الناصرية والعمارة ومدينة الثورة في بغداد .. تعرف ماهو المشترك الذي يجعل عمل الملشيات السنية والشيعية متشابها ... هولاء ليسوا جميعا حمقى وفاقدين للتعليم والثقافة ... وانما هو الانسان حينما تضيق عليه سبل العيش ويأخذه القنوط ويرى الفلم السياسي هو فلم واحد وابطاله ومخرجيه ومنتجيه من ذات عائلة واحدة .

كان زعيم السفسطة في يونان القديمة ((كوركياس)) قانط من تجديد الامور وتفعيلها . اذ كان يعتقد بانه لايوجد شيء حقيقي في العالم ولو فرضنا انه وجد فانه لايمكن معرفته ولو تمت معرفته لما امكن توصيفه واقامة الدليل والبرهان عليه ... وهذا القنوط كان سببه الاساسي تلاعب النخبة بالعلم وجعلها غطاءا لاغراضهم الخاصة .. وهو ذات الامر يتكرر هنا :

فالحركات الاسلامية المسلحة ومن يتبعها , لاتؤمن بالشرعية السياسية (= ذات شعار الخوارج : لاحكم الا لله , وهو ماعبر عنه ادب الاخوان المسلمين والتيارات السنية بالحاكمية المطلقة لله , وهو ذات مبدئ ولاية الفقيه لدى الشيعة ) .. فهذه الحركات ترى ان جميع النظريات والانشطة والمؤتمرات والمباحثات السياسية, امر لاوجود له ولو وجدت فهي مجرد خدعة لاغير اذ لاشيء مشخص لها يمكن ان يكون ظابطا نحاسب به جميع الاطراف .. وتعزيز مني لهذا المنطق نذكر مثال قريب هو قرار المحكمة الدولية بادانة جدار الفصل العنصري الاسرائيلي .. القرار ضرب عرض الحائط .. ماذا لو كان القرار لصالح اسرئيل وخالفه العرب ..

فهل كان بالامكان ضربه عرض الحائط ايضا ؟! ... هذه الضائقة المادية في الحياة اليومية الشخصية , وهذا الاستعباد والاضطهاد الدولي العام جعل الكثير من الافراد يشعرون انهم في محجر عقلي , وليس في دولة .. هذا الانهيار النفسي يجعل الانسان يبحث عن قشة يستشبث بها كي لايغرق في هلوساته النفسية وغضبه واحباطه الداخلي , وهنا تأتي مرحلة البحث عن نموذج (( طاهر )) في مقابل الواقع (( المدنس )) لذا يكفي ان يكون مقتدى الصدر ينتمي لعائلة النبي ... ويكفي ان اسمامة بن لادن غير مرتبط باحد اطراف واحزاب هذا الواقع , ليكونان طاهرين صالحين للقيادة . وقل ذات الامر بالنسبة للسيستاني , فالرجل استمد رمزيته لا من كونه له تاريخ في المشاركة السياسية سابقا , وانما على العكس , هو احتل هذه المرتبة بواسطة كونه ليس جزءا من الواقع ... وهو سيبقى في ذات المنزلة بمقدار اصراره في المشاركة الفعلية ... الامر ليس علما ولا ثقافة .. كي نسأل من هو الاعلم ومن هو صاحب الخبرة ...

ونحن قد ذكرنا في القسم الاول من هذه المقالة بان حتى المجنون لايقول عن نفسه مجنون .. هنالك عملية تطهير للذات دائما , وبما ان الامور السلبية امر واقعي لامحيص عنه , وهذا الامر للابد له من علة اوجدته وتقوم على ابقائه , لذا تحصر الحركات الدينية الامر بطهارة الهوية وكون الاخر هو العدو المتآمر , ولنذكر هنا مثال صغير على ذلك : يقول الخميني في كتابه الوصية الالهية السياسية (( .. جملة المخططات التي تركت - وللاسف - اثرها الكبير في مختلف البلدان وفي بلدنا العزيز - والتي مازالت بعض اثارها باقية بنسب كبيرة - هي جعل الدول المستعمرة تعيش حالة فقدان الهوية والانبهار بالغرب والشرق[= عل الخميني هنا يشير هنا الى اللبرالية الامريكية والشيوعية السوفيتية خصوصا في ذلك الوقت ] (..) وتجعل الارتباط باحدهما امرا مفروضا لايمكن الفرار منه .

والحديث حول هذه المؤامرات حديث محزن طويل )) .. هنا اي علاقة ولو على مستوى ارتباط ما هي مؤامرة . هناك يأس ليس من الاخر وانما من الواقع برمته , وعليه فالعنصر الصالح هو من يعتقد بكفرهذا الواقع والقائمين عليه وفيه . وعليه فنحن بحاجة الى لغة (( تربوية )) اكثر من (( العلمية )) كي نعيد هولاء الى التفكير بطريقة واقعية صحية , بدل هذا المنهج المرضي والعصابي في التعامل مع الازمات القديمة والمستجدة . ... فنحن شأنا ام ابينا لابد ان نعترف بان هولاء المسلحون لم يهبطا علينا من المريخ وانما هم اخي واخوك ... عمي وعمك .. صديقي وصديقك .. علينا ان نقف بلغة اقل حساسية منهم كي لايستمر الامر فعل وردة فعل , نقول عنهم جهال فيقولون عنا باننا كفره وهلم جرى .. هولاء يفكرون بطريقة الخميني بان تحرير القدس هو عبر بغداد ... لذا نقول لهم بتواضع : هاهي القدس وبغداد ... دمار أثر دمار .. وحريق اثر حريق ... الصهونية ازدادت حصونها متانة , وامريكا وبريطانيا تسلبان ماتريدان , وبعد كل تفجير جديد يزداد الامر سهولة لهم وعسر علينا .. الارض تضيع وامريكا لم تخسر شبر واحد ... وعدد ضحيانا وعدد جنودهم الذين قتلوا امر غير قابل للقياس .. فاي منفعة حققتم وكم هول خسائر بنا انجزتم؟!

... .......................

............................

ان تكون لغة هذه الحركات هي لغة ساخنة وعنيفة ليس بامر مستغرب فهي لاتملك غير ذلك , وانما المشكلة ان الاطراف الاخرى تستخدم ذات اللغة ايضا . فالاطراف السياسية الاخرى غير مستعدة للدخول في الناقش ولا تقبل بمراجعة افعالها واعادة النظر فيها . في حين اننا نجد ان الكادر الثقافي يتبنى ذات النسق , فالمثقف هنا لايطرح فكرة , وانما فتوى ثقافية , تماما مثل الفتوى الفقهية , ومن لم يلتزم بها (= بفكرته حول الشعر .. او الدين او الدولة او الفن او المرأة او ... الخ ) فهو متخلف رجعي . وعليه فنحن هنا لسنا امام راي ووجهة نظر , وانما نحن امام اصوليات ثقافية تعد الخروج عن بياناتها الشعرية والثقافية كفرا وتجاوزا على رواد الابداع , الذين هم فقهاء الثقافة ومراجعها , وبذلك تضحى الثقافة مقدسة وتابو ايضا (= ارهاب ثقافي وفكري) , تماما كما تكفر حركات الارهاب السياسي من لايتوافق معها.

والمشكلة تتعقد حينما نجد ان المثقف تنتهي ثقافته ما ان نصل الى امور تخص مذهبه الديني الذي ينحدر منه , فانت تجد مالك بن نبي يطرح محمد عبدالوهاب مجدد , فيما كلمات طه حسين تتبدل حينما يجري الحديث عن علي بن ابي طالب وعمربن الخطاب , وفي زمننا هذا تجد ان عبدالله العروي طرح عبدالعزيز بن سعود (( حداثويا )) , فيما ابو يعرب المرزوقي يعتبر ابن تيمة عقلانيا , وقل ذات الامر بالجابري الذي كنس الظلام والتخلف وحصرها في الزاوية الشيعية فقط , وحتى مجلده الاخير من نقد العقل العربي (= العقل الاخلاقي ) حينما يأتي على ابن تيمية يقفز ويطرحه نموذج للتسامح ومن دون ان يتطرق الى مؤلفاته نهائيا, في حين انه عرض كتب كل مؤلف بشكل مفصل وباسهاب . هنا المثقف هو داخل في هذه اللعبة وليس خارج منها بل هو احد الجهات في تغذيتها ايضا .

الامر لايختص بالمثقف فقط , بل هو متجذر حتى في اقطاب العلم ورمزه , يقول الخميني في كتابه الوصية الالهية , حينما يحث اساتذة الجامعة وطلاب الحوزة على تبني فكرته المذكورة اعلاه , ناصحا لهم باقصاء من يخالفهم الرأي : (( ويتأكد هذا الامر بالنسبة للاساتذة فإن وجد بينهم من يهدف الى ايجاد الانحراف فليرشدوه وان لم يستجب فلينبذوه وليطردوه من قاعة درسه , وهذه الوصية موجهة ايضا الى الروحانيين وطلاب العلوم الدينية وبنسبة اكبر )) . وبالفعل الايراينون طردوا روجيه غارودي حينما القى ماحضرة عندهم , فيما اعتدوا الى عبدالكريم سروش , ولم تشفع لشريعة مداري مرجعيته من قبل ولم تنفع المؤلفات الضخمة في نظرية ولاية الفقيه لمنتظري من بعد . وهو امر جرى قديما حينما تناقش الشريف المرتضى مع المعري بشكل غير مؤدب فتم القاء المعري خارج الدرس .

بل نحن نجد هذه اللغة العنيفة حتى لدى من هو ابعد الناس عن السياسية , فمثلا, تجد محمد حسين الطباطبائي( الذي اشتهر بهدوئه وعلميته ) في المقالة الثانية من كتابه اصول الفسفه (= هذا الكتاب ثالث ثلاثه مهمة في ملفات الطباطبائي , وقد ترجم ثلاث مرات الى العربية بواسطة جعفر السبحاني ومنعم الخاقاني وعمار ابو رغيف , وانا اعتمد هنا ترجمة السبحاني لكونها جرت في زمن المؤلف وقد اطلع عليها ومدحها ) , حيث تراه يقول : (( .. كتب بعض الماديين حول بحثه عن المسالك الفلسفية فصلا طويلا فخلط الغث بالسمين والصحيح بالزائف واخذ يعرف اصحاب تلك المسالك الذين هم ائمة العلوم (...) كيف رضى ان يعد ائمة العلم من زمرة السفسطائيين ويعرفهم بانهم اصحاب خيال (...) ان من الظلم الفاحش ان ينال من كرامتهم ويقع فيهم الجاهل الغر . فلا يعبأ بماستفاد منهم وماشبهه بعمل صبي نشأ في حجر ابيه وتربى في حضن امه حتى اذا بلغ مبلغ النطق اخذ يشتمهما بوقاحة وجلفة ...)) . اما صاحب التعليقة على الكتاب اعني مرتضى مطهري فهو, مثلا, حينما يأتي على ذكر الفيسلوف الكبير (( شوبنهاور)) ويلخص ببضع اسطر مذهبه في الوجود والاسرة والمجتمع والسعادة فيقول : (( ... الى غير ذلك من افكار واراء تافهة تحكي انحراف الرجل )) .. الطباطبائي هنا لايلتفت الى انه استخدم الخيال نفسه الذي ذمه هذا الرجل , ولاحاجة لان نقول ان قلة الادب لدى مطهري يريد عليها كلام الطباطبائي هنا نفسه !! .

اما اذا اردنا عرض كلمات السياب والبياتي وبلند الحيدري وماقبلهما وبعدهما من الشعراء .. فاننا سنورد لغة عنيفة تصل حد التشاتم الصريح واللغة السوقية المنحطة في الكلام . وعليه فالاصولية الثقافية لاتقل تخلفا وارهابيتا ودمارا من الارهاب الديني والسياسي , ولا عجب فكلاهما يرتويان من منبع واحد .

.................................................. ....

.................................................. ......

(( ليس من ادلة

رغبة ضد رغبة

وارادة ضد ارادة

وقتل مسبوق بسخرية

المقتول من قاتله , السخرية

المحرضة

على القتل

من يستطيع ان يخمن ؟

ليس من ادلة للادانة

لامسرح الجريمة

ولا اداة القتل

ولا الدافع

ولا هذيان القاتل في نومه

ولكن

قد تنشظر رغبة الجاني الى

رغبات واشية

وقد تأخذ الرغبات اشكالا

متعددة , عندها الفعل في النهاية أنما ما الجدوى ان اتضح الجرم في النهاية

وليس ثمة سوى الجاني مع رغبات متعددة ))

هذه القصيدة لرعد عبدالقادر تم نشرها لاول مرة يوم امس في بغداد , و هي بذلك تكون ,من دون قصد, جوابا لحادث لبنان الدموي , وكأن العراق يصر على ان يجعل الشعر لغته دائما , فيفرح شعرا ويبكي شعرا , ويسأل ويجيب ويعاتب شعرا

.. قتل غدرا الانسان مهما كان دينه ومذهبه ووجهة نظره هو عمل جبان وسخيف وبهيمي ... ولست ادري باي شيء يفخر قتلة رفيق الحريري في الامس ... في الامس ضجت لبنان باهلها لمصرع الحريري ... وقد تصدر خبر مقتله صحف الوطن العربي والشرق وبعض بلدان العالم ... خارج العراق الناس منقسمون بين متسائل عن الفاعل وبين لاطم وغاضب ... لكننا نحن اهل العراق كنا مستائين مرتين : مرة لمقتل الحريري فهو انسان مهما كانت تُهم خيانته واختلاساته ... ومرة حزنا وبكينا على انفسنا : فكم من زعيم لنا قُتل .. كم من رموز وطاقات واطفال ونساء وكوادر واساتذة وعلماء ... وكم .. وكم .. ... الكثير من العمليات نُفذت بايدٍ لبنانية , فيما شاركت الصحف والاذاعات اللبنانية اشقائها العرب , في وصف جميع تلكم الاغتيالات بانها (( مقاومة وجهاد )) ... الان ذات هذه الاذاعات والصحف توصم ذات الفعل بانه عمل ارهابي ... لماذا الامر في العراق جهاد وخارجه ارهاب ؟! ... الم تكن للحريري علاقات مع فرنسا وامريكا وبريطانيا ... فلماذا يكال الامر بمكيالين بين رجالات العراق ورجالات لبنان وبقية زعماء العرب ؟!

اعتقد انه رغم قساوة الامر وفداحته فان مقتل الحريري درس عملي للاذاعات والاقلام العربية , بان الدفاع عن ذهنية الخوارج امر ينقلب الى الضد دوما فالخوارج يكفرون الجميع ويلاستثنون احد ... هو درس عملي لجميع الاذاعات ( = وعلى راسها قناة الشر الجزيرة ) والصحف العربية التي طبلت وزمرة للاراهب في العراق ودعمته ونفخت في اسمه وكبرت من ادعاءات حجمه ... هذا درس عملي يحق لأهل العراق محاسبة جميع الصحف والاذاعات التي تزيد عدد مشاهديها بحماسيات دعم الارهاب في العراق من اجل ابقاء شاشاتها وصحفها ساخنة المشهد ... هو درس عملي للجميع : بان يعتذر بعضنا لبعض وان نراعي انسانيتنا وحق الوجود واختلاف الاراء ... وقديما قال استاذ الدهر والمعلم الابدي علي بن ابي طالب الذي هو العدو الاول للخوارج القدماء والمعاصرين , مقولته العميقة تلك: (( من سن سيف الظلم قُتل به )) ... وهو امر بدء بانعكاس الامر ضد الويات المتحدة الامريكية والسعودية واليوم لبنان , وغدا سوف يطال جميع من دافع عنه وفتح باب المساعدات له .

..... اللهم ارحم شهداء العراق واطفاله الذين لم تبالِ الصحف العربية بهم فهم ليسوا وزراء او مرتبطين باحد ... اللهم انتَ ربُ القرطاس والقلم , ورب موسى وبوذا وزرادشت وعيسى ومحمد وعلي وابو بكر وعمر والحسن والحسين والشافعي وابن حنبل ... اللهم انهم يقتلوننا و يدعون نصرتنا واُخوتنا ... اللهم لاترجعنا خوارج يضرب بعضنا البعض بالسيف ... اللهم انا نشكواليك الجباه السود واللحى الطويلة والثياب القصيرة .. فهم يستبيحون دمنا باسمك .. فاهدهم وارشدهم فهم قد خسروا الدنيا وسوف يخسرون الاخرة بسببنا ... اللهم ان هي الا فتنتك و ان هي الا آياتك المتشابهات التي يطلبها من في قلبه مرض و زيغ ابتغاء الزعامة والفتنة , اللهم يا رب العراق وخالق شعبه ... قلوب الاطفال كعبتك وبيتك فحمهم ونجّهم ... اللهم انا في شهرك المحرم هذا نستودعك دمائنا وارواحنا وقلوبنا .. فانا لاندعي الحق وانما نطلبه فابدل سلاح العرب ازهارا وعشبا , كي تهجرنا الغربان وتعود الى امها من المنفى , الفراشات ..... ياااااااااا رب.. . آمين



alnemer_1980@hotmail.com



(سدني- استراليا )