المهدى
02-21-2005, 04:47 PM
كتابات - جمال حافظ واعي
منذ قملة توفيق الخديوي إلى قمل صدام حسين تنام الأجيال على أزمنة الجرب في التاريخ السياسي القديم والحديث ، فحين قامت ثورة احمد عرابي ضد الغزاة والمحتلين في بدايات القرن الماضي قام توفيق الخديوي حاكم مصر في ذلك الوقت باستدعاء الإنكليز لاحتلال بلده للقضاء على الثورة العرابية الوطنية ،
فخاطبه الشعب المصري بلهجته المحلية التلقائية :
يا توفيق يا وش القملهْ مين قال لك تعمل دي العملهْ0اما صدام حسين فقد استسلم استسلاما مطلقا لمن يفلّي شعر رأسه ليخرج منه القمل الذي تناسل فيه بشراهة ليحكي حكاية ذلنا وخيبتنا0
ان علاقة القمل بالإنسان يرجع تاريخها كما يقول المؤرخون إلى آلاف السنين ، ومما ينسب إلى إنجيل برنابا قوله : ان كل قملة كانت على إنسان حبا في الله
تتحول إلى لؤلؤة !!
وجاء في القران الكريم في سورة الأعراف الآية 133 : (( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فأستكبروا وكانوا قوما مجرمين ))0 اما مفسرو الأحلام فيقولون : من رأى في منامه ان الناس يجمعون القمل أو يأكلونه دون ضرر فربما يدل ذلك على أرزاق تُساق إليهم؟! يتنزه القمل على خرائط الأجساد في تتابع لا مثيل له ، ارتال تسير بخطى واثقة وكأنها في مهرجان يومي ، زحف متواتر ، ونزيف لا ينقطع ، فهو أشبه بالمحارب الذي يؤمن بقضيته ولا يغادر ساحة المعركة إلا بجثته !!قال أحد الشعراء ساخرا من قبيلة تميم ومن حروب القبائل القملية :
ولو ان برغوثا على ظهر قملةٍ كرّ على صفّي تميم لولتِ0وما تزال صرخة - شفنجتون - أحد الأبطال الإبادة في التاريخ الأمريكي تملأ الآفاق حيث قال : اقتلوا الهنود الحمر واسلخوا جلودهم ، لا تتركوا صغيرا ولا كبيرا فالقمل لا يفقس إلا من بيوض القمل !!ولأن القملة صديقتي ولي معها علاقة وطيدة توطدت عبر الأيام والليالي قررت ذات يوم الدخول إلى عالمها الخاص واستنطاقها واليكم ما جرى بيننا من حوار :
** إلى أية سلالة وراثية تنتمين ؟
القملة : نحن ننتمي إلى سلالة السياسيين وكلانا يصنع الجرب ولكن الفرق بيننا هو ان السياسيين يصنعون جرب العقول اما نحن فنصنع جرب الاجساد0
** لماذا خارطة السياسة ميدانك الأرحب ؟
القملة : وذلك حسب اعتقادي بأن مستعمرات القمل لا تتشكل إلا في خارطة السياسة وان القمل هو الوجه الأخر غير المعلن لتاريخ السياسة0
** هل ان عيشك الطفيلي على الآخرين غريزة ؟
القملة : لا ، وانما بيئة تتوفر فيها مستلزمات المرعى الذي يوفره ميدان التآمر على الغريزة0
** صديقتك في الصغر النملة ، تحدثت مع نبي الله سليمان ، مع من تحدثتِ ؟
القملة : اننا نتحدث دائما مع الطغاة من اجل توسيع رقعة السجون والمعتقلات0
** لو أُعطيت السلطة ماذا تفعلين ؟
القملة : لا اكتمك سرا سأشرع قانونا اعتبر فيه قلع الأظافر فريضة مقدسة ، ومع مرور الزمن تترسخ في اللاوعي الجمعي ، وبذلك نضمن تدفق سلالات القمل دون
ان يقصعها أحد0
** هل تبصرين وجهك في المرآة ؟
القملة : نعم إذا كانت القذارة تسيل من الوجوه الملتصقة بها0
** هل هناك مستعمرات للقمل تشبه مستعمراتكم ؟
القملة : انها مستعمرات البشر الذين أدمنوا التناسل مثلنا إلى جوار المستنقعات الراكدة ورائحة الجثث0
** لماذا لا تستوطنين صلعة الرجل ؟
القملة : نحن نتجنب الأماكن المكشوفة التي تستدرجنا للانزلاق المجاني0
** ماذا يعني لك ان تكوني في باروكة مستعارة ؟
القملة : منفى مؤقت أو مناورة اقتضتها الضرورة القاهرة0
** ماهو خط سيرك البياني ؟
القملة : هو نفس خط سير الملثم الذي يستتر بالظلام ولزوجة لهاثه وأنفاسه الملوثة ليرتمي على ضحيته0
** هل للقمل راية ؟
القملة : وهي منقوعة بالدم وفصول الجرب التي تبقّع وجه الشمس0
** ماذا يحصل لو اصطدم رأسان مأهولان بالقمل ؟
القملة : سيتبادل المقاتلون القمليون مواقعهم0
** لماذا لا تتحرش القملة برأس الروبوت ؟
القملة : ذلك لأن هناك الكثيرين الذين أُجبروا على ان يحملوها نيابة عنه0
** هل للأنفس مثلما للأجساد قملها ، ومتى يستشرس ؟
القملة : نعم ، ويستشرس في النوايا التي تفوح منها رائحة العفونة والغدر0
** هل هناك علاقات متبادلة بين أنواع القمل ؟
القملة : في المجتمعات البدائية تكون هذه العلاقات وطيدة إذ يتنقل القمل مابين الأجساد بحرية اما في المجتمعات الراقية فيستوطن القمل الأنفس ويتم التعبير عن العلاقة هنا بالرمز لا بالاتصال المباشر0
** هل تسرق القملة أفكار الرجل المستوطنة في رأسه ؟
القملة : نعم ، خصوصا إذا كانت هذه الرأس مجبولة على الطاعة العمياء وتبقى وفية له والى آخر قطرة من دمه0
** ماذا لو كانت مقاليد جميع الأمور مرتهنة برأس واحد ؟
القملة : سيقوم بمعاملة الرعية على انهم قمل ويقصعهم كما يقصع الآخرون القمل0
** أيهما أكثر فتكا قملة العقل أم عقل القملة ؟
القملة : قملة العقل هي أساطير ترسخت كحلول نهائية لكل الأشياء ، اما عقل القملة فيعني المراوحة في ذات المستنقع0
استراليا
jawaai@yahoo.co.uk
منذ قملة توفيق الخديوي إلى قمل صدام حسين تنام الأجيال على أزمنة الجرب في التاريخ السياسي القديم والحديث ، فحين قامت ثورة احمد عرابي ضد الغزاة والمحتلين في بدايات القرن الماضي قام توفيق الخديوي حاكم مصر في ذلك الوقت باستدعاء الإنكليز لاحتلال بلده للقضاء على الثورة العرابية الوطنية ،
فخاطبه الشعب المصري بلهجته المحلية التلقائية :
يا توفيق يا وش القملهْ مين قال لك تعمل دي العملهْ0اما صدام حسين فقد استسلم استسلاما مطلقا لمن يفلّي شعر رأسه ليخرج منه القمل الذي تناسل فيه بشراهة ليحكي حكاية ذلنا وخيبتنا0
ان علاقة القمل بالإنسان يرجع تاريخها كما يقول المؤرخون إلى آلاف السنين ، ومما ينسب إلى إنجيل برنابا قوله : ان كل قملة كانت على إنسان حبا في الله
تتحول إلى لؤلؤة !!
وجاء في القران الكريم في سورة الأعراف الآية 133 : (( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فأستكبروا وكانوا قوما مجرمين ))0 اما مفسرو الأحلام فيقولون : من رأى في منامه ان الناس يجمعون القمل أو يأكلونه دون ضرر فربما يدل ذلك على أرزاق تُساق إليهم؟! يتنزه القمل على خرائط الأجساد في تتابع لا مثيل له ، ارتال تسير بخطى واثقة وكأنها في مهرجان يومي ، زحف متواتر ، ونزيف لا ينقطع ، فهو أشبه بالمحارب الذي يؤمن بقضيته ولا يغادر ساحة المعركة إلا بجثته !!قال أحد الشعراء ساخرا من قبيلة تميم ومن حروب القبائل القملية :
ولو ان برغوثا على ظهر قملةٍ كرّ على صفّي تميم لولتِ0وما تزال صرخة - شفنجتون - أحد الأبطال الإبادة في التاريخ الأمريكي تملأ الآفاق حيث قال : اقتلوا الهنود الحمر واسلخوا جلودهم ، لا تتركوا صغيرا ولا كبيرا فالقمل لا يفقس إلا من بيوض القمل !!ولأن القملة صديقتي ولي معها علاقة وطيدة توطدت عبر الأيام والليالي قررت ذات يوم الدخول إلى عالمها الخاص واستنطاقها واليكم ما جرى بيننا من حوار :
** إلى أية سلالة وراثية تنتمين ؟
القملة : نحن ننتمي إلى سلالة السياسيين وكلانا يصنع الجرب ولكن الفرق بيننا هو ان السياسيين يصنعون جرب العقول اما نحن فنصنع جرب الاجساد0
** لماذا خارطة السياسة ميدانك الأرحب ؟
القملة : وذلك حسب اعتقادي بأن مستعمرات القمل لا تتشكل إلا في خارطة السياسة وان القمل هو الوجه الأخر غير المعلن لتاريخ السياسة0
** هل ان عيشك الطفيلي على الآخرين غريزة ؟
القملة : لا ، وانما بيئة تتوفر فيها مستلزمات المرعى الذي يوفره ميدان التآمر على الغريزة0
** صديقتك في الصغر النملة ، تحدثت مع نبي الله سليمان ، مع من تحدثتِ ؟
القملة : اننا نتحدث دائما مع الطغاة من اجل توسيع رقعة السجون والمعتقلات0
** لو أُعطيت السلطة ماذا تفعلين ؟
القملة : لا اكتمك سرا سأشرع قانونا اعتبر فيه قلع الأظافر فريضة مقدسة ، ومع مرور الزمن تترسخ في اللاوعي الجمعي ، وبذلك نضمن تدفق سلالات القمل دون
ان يقصعها أحد0
** هل تبصرين وجهك في المرآة ؟
القملة : نعم إذا كانت القذارة تسيل من الوجوه الملتصقة بها0
** هل هناك مستعمرات للقمل تشبه مستعمراتكم ؟
القملة : انها مستعمرات البشر الذين أدمنوا التناسل مثلنا إلى جوار المستنقعات الراكدة ورائحة الجثث0
** لماذا لا تستوطنين صلعة الرجل ؟
القملة : نحن نتجنب الأماكن المكشوفة التي تستدرجنا للانزلاق المجاني0
** ماذا يعني لك ان تكوني في باروكة مستعارة ؟
القملة : منفى مؤقت أو مناورة اقتضتها الضرورة القاهرة0
** ماهو خط سيرك البياني ؟
القملة : هو نفس خط سير الملثم الذي يستتر بالظلام ولزوجة لهاثه وأنفاسه الملوثة ليرتمي على ضحيته0
** هل للقمل راية ؟
القملة : وهي منقوعة بالدم وفصول الجرب التي تبقّع وجه الشمس0
** ماذا يحصل لو اصطدم رأسان مأهولان بالقمل ؟
القملة : سيتبادل المقاتلون القمليون مواقعهم0
** لماذا لا تتحرش القملة برأس الروبوت ؟
القملة : ذلك لأن هناك الكثيرين الذين أُجبروا على ان يحملوها نيابة عنه0
** هل للأنفس مثلما للأجساد قملها ، ومتى يستشرس ؟
القملة : نعم ، ويستشرس في النوايا التي تفوح منها رائحة العفونة والغدر0
** هل هناك علاقات متبادلة بين أنواع القمل ؟
القملة : في المجتمعات البدائية تكون هذه العلاقات وطيدة إذ يتنقل القمل مابين الأجساد بحرية اما في المجتمعات الراقية فيستوطن القمل الأنفس ويتم التعبير عن العلاقة هنا بالرمز لا بالاتصال المباشر0
** هل تسرق القملة أفكار الرجل المستوطنة في رأسه ؟
القملة : نعم ، خصوصا إذا كانت هذه الرأس مجبولة على الطاعة العمياء وتبقى وفية له والى آخر قطرة من دمه0
** ماذا لو كانت مقاليد جميع الأمور مرتهنة برأس واحد ؟
القملة : سيقوم بمعاملة الرعية على انهم قمل ويقصعهم كما يقصع الآخرون القمل0
** أيهما أكثر فتكا قملة العقل أم عقل القملة ؟
القملة : قملة العقل هي أساطير ترسخت كحلول نهائية لكل الأشياء ، اما عقل القملة فيعني المراوحة في ذات المستنقع0
استراليا
jawaai@yahoo.co.uk