المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محسن شعلان يكتب: ثمن الدم.. والرئيس المسخرة!



أمير الدهاء
08-25-2013, 06:56 PM
السبت 24 أغسطس 2013


http://dostorasly.com/uploadedimages/Sections/Opinion/big/864604.jpg


بقلم / محسن شعلان - الدستور الاصلي

حين حوصر معمر القذافى فى صحراء ليبيا، ومُزّق جسده بالأسلحة البيضاء والسوداء التى انهالت عليه بلا هوادة وبوحشية مفرطة جعلته يترنح غارقا فى دمائه، لا تشفع له توسلاته فى طلب الرحمة والتوقف عن التمثيل بجسده الذى فارقته الحياة ولم تفارقه ركلات الأقدام ونهش السكاكين.. امتعض المصريون يومها واقشعرّت أجسادهم من فرط الوحشية وانعدام الرحمة وغياب منطق القانون.. وقالوا بالفُم المليان وبثقة بالغة «لا.. نحن المصريون لا نفعل ذلك مطلقا.. ولا حتى فى أعتى لحظات الغضب!»

ويبدو أن نظرية استبعاد هذا السلوك الوحشى الدموى عن شعوب بعينها وإلصاقه بشكل مرسل بشعوب أخرى، ما هو إلاّ نظرية خاطئة مقحفة، غير دقيقة القياس أو المعايير. وليس للظرف التاريخى شأن فى حدوث ذلك على هذا النحو البربرى، فكم من ثورات قامت فى مصر، ولم يكن العنف الدموى سمة لها، اللهم إلاّ من بعض هؤلاء الذين سقطوا غدرا برصاص الأمن وقوات الاحتلال الإنجليزى فى أثناء ثورة 1919.. أمّا ثورة 23 يوليو 52 فكانت ثورة بيضاء لم تُرَق فيها نقطة دماء واحدة.. كما أن كل مشاهد الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات التى مرّت بها مصر، وبالتحديد فى عهود عبد الناصر والسادات وحتى فى عهد مبارك لم تَسِل بحور من دماء نتيجة طعن بأسلحة بيضاء ولا سيوف ولا رشاشات ولا بنادق آلية.. إلاّ وكان الإخوان أيضا طرفا فيه، من قريب أو بعيد، وبنفس الخسّة والجبن والتوارى خلف المشهد كحريق القاهرة 1952. أو فى مجموعة الاغتيالات التى أحصاها التاريخ على أيديهم. كما أنهم أيضا أصحاب الباع الطويل فى ما شاهدته مصر من مذابح طارئة لم يعتد عليها شعبنا المسالم، مثل مذابح السائحين فى الأقصر ودهب ونويبع وفندق أوروبا بشارع الهرم، ومقهى على بابا فى ميدان التحرير وفى منطقة خان الخليلى بحى الحسين.. وهم أيضا وراء مذبحة الكلية الفنية العسكرية.... ومقتل الرئيس أنور السادات، ومحاولة اغتيال عبد الناصر فى المنشية ومبارك فى إثيوبيا.

كل هذا يؤكد تماما مدى غياب سمو وتحضّر ونقاء فولت كهرباء العقل الذى سكنته الخفافيش، وغابت عنه ثقافات التحضّر ولو بمفهومها الفطرى، وتشوّشت بداخله عقيدة خربة سيطرت عليها إحكام إغلاق محابس العطف والتسامح والرحمة واللين.. وانفلتت فى تسيّب سافر لإطلاق عنان الشر والعنف والكراهية لتصبح سلاحا طاغيا تتشبّس به أيدى طائشة عمياء محتقنة بالجهل والعدوان، مدّعية لعدل مائل مشوّه، وقصاصا أجوفا لا يقف على منطق أو على حقيقة واقعة.

فكم كان صادما لمصر والمصريين هذا المشهد الدموى لمذبحة أبنائنا فى رفح مرتين، كليهما أبشع من الآخر، وشهداء الشرطة فى قسم كرداسة الذى فاق مشهد قتل معمر القذافى وتعدّاه بمراحل.. ثم توالت مشاهد أخرى عديدة أكثر بشاعة فى أسوان والفيوم.. ضحايا هذه المجازر هم من رجال الشرطة، من أولادنا وأهلينا.. شاهدناهم وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، مُلقَون على الأرض، غارقين فى بحيرة من دمائهم الطاهرة الشجاعة.. يحاط بهم دوى من أصوات موتورة تسبّهم وتلعنهم وتكبّر على ذبحهم غير عابئة بتألمهم واستغاثتهم واستجدائهم للرحمة، إلى درجة أن يشير أحدهم طالبا شربة ماء قبل أن تفيض روحه إلى بارئها، ولكن هيهات.. فالقاتل صخرى القلب، معتم الضمير، أغلق عقله على أنه حامى حمى الإسلام من هؤلاء الكفرة الفجرة.. أو هكذا قال لهم مرشدهم وبلتاجيهم وصفوتهم وزمرهم وشاطرهم وحازمهم وعاصمهم، وكل أباطرة الشر والجهل وسفّاحى المنظمة الإرهابية ضليعة الإجرام.

الثمن... نريد الثمن.. وكل مصر تنتظر.. فلم يتبق إلاّ الثمن.. ثمن الدماء الشريفة التى أهدرت غدرا وظلما ووحشية بشراهة الجائع المتوّق إلى نهش قلب هذا الوطن وفلذة أكباده.. دم استباحته خرافات الدجّالين النصّابين أباطرة التآمر على مصر وشعبها وأمنها، فتمادت حرقا وقتلا وترويعا.

لقد انزعج أوباما (الرئيس المسّخرة) لمشهد القبض على محمد بديع مرشد الإرهاب.. وتناسى مشهد القبض على صدام حسين على أيدى جنوده الذين راحوا يفتحون فمه ويتفقدون أسنانه ويفلّون شعر رأسه ولحيته فى مشهد ذليل، ضاربين بكل حقوق الإنسان والحيوان عرض الحائط.

ثم تناسى مشهد إعدام صدام بشكل حصرى، وعلى الهواء مباشرة حيث كسر عنقه شنقا فى عيد الأضحى، وإمعانا فى إذلال العرب والمسلمين.. ثم تناسى نشر صور قُصى وعُدى ابنى صدام وهما مقتولين ببشاعة... وغير ذلك كثير لا حصر له.. فأرجو أن تضع فى عيينك ملاّحات بملحها، وأن تخرس تماما أيها الرئيس المسخرة... ودعنا نقتص لدماء شهداء أبرياء شاركت أنت بنفسك وتآمرك فى سفكها.


http://www.dostorasly.com/news/view.aspx?cdate=24082013&id=25cad869-a375-4d7f-af20-6ed2317cdf69