المهدى
02-19-2005, 12:56 PM
حسام السكري: المستهلك العربي أصبح حريصا على كون المعلومة المقدمة إليه متجردة من الأهواء والارتباطات السياسية
http://www.asharqalawsat.com/2005/02/19/images/tvsupplement.283839.jpg
في الثالث من يناير (كانون الثاني) عام 1938 م انطلق بث هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) باللغة العربية، وبدأ المواطنون في مختلف البلدان العربية يستمعون الي «اذاعة لندن العربية» التي كانت موجهة خصيصا للعرب لإطلاعهم علي مجريات الاحداث خصوصا وان طبول الحرب العالمية الثانية بدأت تقرع قبل ذلك بقليل. وكان لاحتلال هتلر للنمسا في مارس (اذار) 1938 ثم تشيكوسلوفاكيا وبولندا في العام الموالي، ثم تهديد ايطاليا ـ حليفة المانيا ـ بغزو البانيا سببا مباشرا في اعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على دول المحور.
وهذا الوضع زاد من اهتمام العرب بـ(هنا لندن) باللغة العربية والتي كانت ضمن فترات اذاعية موجهة الى ما عرف انذاك بالشرق الادني (ايران وتركيا والعرب) حيث تبث لكل منهم بلغته. وكان اول من كلف بتسيير برامج هذه الاذاعة البريطانية الموجهة للعرب هو ستيوارت بيروني،اما نشرات الاخبار فكانت من مسؤولية رئيس التحرير وقتها وهو ايه. اس. كالفيرت. وبقيت الاذاعة العربية عبارة عن وحدة ضمن قسم الشرق الادنى حتى ازمة قناة السويس عام 1956 م.التي استلزمت توسيع الاذاعة وزيادة ساعات بثها الى 12 ساعة منذ تولى غوردون ووترفيلد ادارة الاذاعة ( والذي يعتبره اغلب زملائه اول رئيس للقسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية ) كقسم مستقل بذاته.
وتوالى على رئاسة اذاعة «بي. بي. سي العربية» منذ بدء عملها في 3 من يناير 1938 وحتى هذا الوقت 14 مديرا لم يكن بينهم عربي سوى حسام السكري المدير الحالي الذي تمت تسميته مديرا قبل نهاية العام الماضي 2004 وباشر مهامه قبل بضعة اسابيع. «الشرق الاوسط» التقت الدكتور حسام السكري في مبنى الـ«بي.بي.سي» بمنطقة بوش هاوس وسط لندن وكان معه هذا الحوار:
* عند انطلاق (هنا لندن) العربية قبل 67 سنة كان الهدف من الاذاعة غيره الان فما هي التطورات او التعديلات التي طرأت على «الهدف» خصوصا في تكاثر المحطات الاذاعية (المسموعة والمشاهدة)التي تبث من دون قيود؟ ـ نحن الان لا نقول الاذاعة، ولكننا نقول القسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية نظرا لان طبيعة خدمات «بي.بي.سي» الان هي خدمات اذاعية وخدمات على شبكة الإنترنت. وتحدد الهدف في جملة من المحاور اهمها : تقديم المعلومة للمستمع العربي ولمستخدم الإنترنت العربي. واصبحنا نهتم بالجانب التعليمي والتربوي من خلال خدمات تعليمية مباشرة مثل تعليم اللغة الانجليزية على الشبكة او في الاذاعة، او حتى من خلال الطريقة والكيفية التي نتعامل بها مع الأخبار التي نحرص على ان يكون فيها جانب تثقيفي.
واصبحنا نحرص على ان نقدم للمستمع ولمستخدم شبكة المعلومات نوعا من المتعة ولا اقول التسلية. حيث ان فكرتنا في هذا الاتجاه لا تتمثل فقط في نقل المعلومات ولكن في صياغتها يشكل يجعل الاستماع للاذاعة او تصفح موقعها على الإنترنت عملية ممتعة.
* تذكرون انه في زمن سيطرة «الراديو«كانت «هنا لندن» لا يكاد يخلو بيت او مصلحة من هذه العبارة سواء في الصباح او الظهيرة او المساء، ربما لانها كانت تقدم المعلومة في حينها وتكشف الكثير مما تحاول بعض الجهات التستر عنه، وقد عبر عن ذلك الفن العربي حينما ورد في نص مسرحي عربي: «افتح الراديو ع اذاعة لندن يا ولد تا نسمع اخبار الضيعة!»، فما مصير هذه المكانة؟
وهل تأثرت بتزايد اتشار القنوات الفضائية، اعني هل انحسر عدد مستمعيكم؟ ـ بي.بي.سي العربية لها جمهور واسع، ومرتبط بالإذاعة منذ زمن طويل. لكن سوق الاعلام اليوم تغيرت معالمه. ففي الماضي كانت الخيارات محدودة. ولم يكن هناك سوى خيارين:
اما «بي.بي.سي» العربية او اذاعة لندن كما كانت تسمى، واما الاعلام الرسمي الحكومي. ولكن في العقد الماضي، وربما بعد دخول عصر الفضائيات التي استتبع دخولها تغيّر طبيعة تقديم المادة الاعلامية حتى في التلفزيونات الحكومية.
اي اننا اصبحنا نشاهد في وسائل الاعلام الحكومية والرسمية الان محاولة لبث اشكال من المناقشة، والبرامج الحوارية. الى جانب نقل الاخبار (الى حد ما بشكل مباشر، وربما اسرع عن ذي قبل. ولكن تظل هناك حاجة لـ«بي.بي.سي» لان ما يقدم اليوم في سوق الاعلام، وحتى من خلال الفضائيات التي كان تأتير بي.بي.سي عليها واضحا منذ انشاء تلفزيون بي.بي.سي العربي عام 1994 وحتى عام 1996.
فمدرسة بي.بي.سي هي التي خرجت معظم كوادر العمل الصحافي الاذاعي التي سيرت فيما بعد الفضائيات العربية. واعتقد ان الحاجة ملحة لتفهم ان المستهلك العربي اصبح حريصا على ان تكون المعلومة المقدمة اليه متجردة بقدر كبير من الاهواء ومن الارتباطات السياسية، وهذه هي رؤية بي.بي.سي العربية، لاننا ندرك جيدا ان المنافسة كبيرة علي وقت المستمع والمشاهد ومتصفح الإنترنت ايضا. فاليوم ليس فيه اكثر من 24 ساعة، والساعات المتاحة للاستمتاع والمشاهدة محدودة، وبالطبع هناك انماط من الاستهلاك للمعلومة تختلف باختلاف الوقت.
ففي المساء تكون هناك غلبة للمشاهدة التلفزيونية لان جل الناس يعودون الى منازلهم ويتناولون طعامهم ويشاهدون التلفزيون. اما الفترة الصباحية فهي الوقت المناسب الذي بدأنا نركز جهودنا علي الاستفادة منه بالوصول الى اكبر قدر من المستمعين والمتصفحين خلال ما يعرف بفترة الافطار الصباحي التي تتباين وتختلف بتباين واختلاف الاوقات في العالم العربي، ونركز في هذه الفترة علي تقديم وجبات برامجية اخرى نعتقد انها جذابة وممتعة، ومتميزة للمستمع العربي الذي يفضل الاستماع اليها في بي.بي.سي العربية عن مشاهدة الفضائيات.
* تسرب الكثير من كوادر الـ«بي.بي.سي» العربية الى المحطات الفضائية المنشأة حديثا فما هي خططكم بشأن بناء كوادر جديدة لها نفس تميز الكوادر المتسربة؟ ـ ما يوصف بانه «تسرب» لكوادر الـ«بي.بي.سي» لاعتبره ظاهرة صحية، وهي تمنحنا فرصة لتجديد قوى الانتاج البشرية داخل المؤسسة بانخراط المزيد من العاملين في مدرستنا الاعلامية. وعلى جانب اخر اعتبره جزءا من اسهام بي.بي.سي الاجتماعي والتقني في الحقل الاعلامي. فان يصل اناس الى درجة عالية من الكفاءة تجعل المؤسسات الاخرى تجتذبهم للعمل لديها مسألة لا تزعجنا بل تجعلنا فخورين باننا نشرنا مفهومنا الإعلامي من خلال انتشار كوادرنا في مؤسسات أخرى.
* هذا يعني انه لديكم خطة لتكوين كفاءات جديدة تدعم مصدر فخركم وتميز اصوات «هنا لندن» التي تنطلق عبر الاثير كما حدث في السنين الماضية من ـ على سبيل المثال مديحة المدفعي وهدى الرشيد والمرحومين محمد مصطفى رمضان وماجد سرحان، ورشاد رمضان وحسن معوض وغيرهم ممن تطول قائمة اسمائهم؟
ـ نحن الان في سبيل تجديد صوت بي.بي.سي لادراكنا ان طبيعة الارسال وطبيعة التلقي اختلفت. ففي الماضي كنا نحتاج الى مذيعين لهم ثقلهم، ولهم شخصية وسلطة على المستمع!!. ولا اتصور ان هذه الوضعية يكن استمرارها في العصر الحالي. فربما نغير الرسالة الان الى مذيع ودود.
* في السابق كان هناك نوع من الارتياب بين اذاعتكم وبين الانظمة العربية لاعتقاد الكثير من تلك الانظمة انكم تمارسون عليها شيئا من الفضيحة. فهل لديكم مخطط لـ«تحسين» علاقتكم مع الانظمة اجمالا، والعربية على وجه الخصوص؟
ـ مخططاتنا بشكل عام لا يوجد فيها اية عدوانية لا مع نظام عربي بعينه ولا مع الأنظمة العربية جميعها، فنحن هدفنا هو التغطية بشكل حيادي. ولا نأخذ موقفا من قضية محددة حتى ولو كانت في ظاهرها قضية ايجابية، بمعنى اننا عندما نتلقى تقارير منظمات حقوق الانسان او جمعيات متابعة السجناء فاننا نضع هذه التقارير امام المعنيين بها من الدول ليردوا عليها، يناقشوها، يفندوها، يصححوا ما بها من التباسات، ونترك للمستمع ما اذا كان سيقتنع بهذا الجانب او ذاك. ولا توجد لدينا نية او رغبة في ان يفهم ان لنا علاقات غير صديقة مع اية جهة من الجهات سواء كانت حكومية ام غير حكومية.
واختتم الدكتور حواره مع «الشرق الاوسط» بالتأكيد علي نقطتين جوهريتين. الاولى ان تغطية الـ«بي.بي.سي» في العالم العربي تركزت في الماضي علي الجوانب السياسية، ما يعني ان ثمة تقصيرا في حق المستمع والمشاهد العربي الذي تطور مستوى وعيه بقضايا العلوم والتقنية. والثانية اعطاء مساحة للمستمع والداخل على الموقع الإلكتروني حتى يكون فاعلا في سبيل انتفاء احتكار الاعلاميين لوسائل الاعلام المستمرة منذ عقود، وهو الامر الذي بدأ في الزوال، ولا بد ان يزول نهائيا. وفي هذا السياق فان كلمة (بث) اصبحت كلمة غير منصفة لانها تعني البث في اتجاه واحد ونحن هنا نريدها ان تكون عملية ديناميكية متبادلة. وما يقدمه مستمعونا والداخلون على موقعنا اصبح الان جزءا حقيقيا من عملية الانتاج في بي.بي.سي لان العملية لم تعد محصورة في استقراء اراء المستمعين فيما تقدمه الاذاعة فقط بل اصبحت اكثر تفاعلا. واصبحوا يشاركون. بل هم الذين يختارون الموضوعات التي سنفتح الحوار حولها.
http://www.asharqalawsat.com/2005/02/19/images/tvsupplement.283839.jpg
في الثالث من يناير (كانون الثاني) عام 1938 م انطلق بث هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) باللغة العربية، وبدأ المواطنون في مختلف البلدان العربية يستمعون الي «اذاعة لندن العربية» التي كانت موجهة خصيصا للعرب لإطلاعهم علي مجريات الاحداث خصوصا وان طبول الحرب العالمية الثانية بدأت تقرع قبل ذلك بقليل. وكان لاحتلال هتلر للنمسا في مارس (اذار) 1938 ثم تشيكوسلوفاكيا وبولندا في العام الموالي، ثم تهديد ايطاليا ـ حليفة المانيا ـ بغزو البانيا سببا مباشرا في اعلان بريطانيا وفرنسا الحرب على دول المحور.
وهذا الوضع زاد من اهتمام العرب بـ(هنا لندن) باللغة العربية والتي كانت ضمن فترات اذاعية موجهة الى ما عرف انذاك بالشرق الادني (ايران وتركيا والعرب) حيث تبث لكل منهم بلغته. وكان اول من كلف بتسيير برامج هذه الاذاعة البريطانية الموجهة للعرب هو ستيوارت بيروني،اما نشرات الاخبار فكانت من مسؤولية رئيس التحرير وقتها وهو ايه. اس. كالفيرت. وبقيت الاذاعة العربية عبارة عن وحدة ضمن قسم الشرق الادنى حتى ازمة قناة السويس عام 1956 م.التي استلزمت توسيع الاذاعة وزيادة ساعات بثها الى 12 ساعة منذ تولى غوردون ووترفيلد ادارة الاذاعة ( والذي يعتبره اغلب زملائه اول رئيس للقسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية ) كقسم مستقل بذاته.
وتوالى على رئاسة اذاعة «بي. بي. سي العربية» منذ بدء عملها في 3 من يناير 1938 وحتى هذا الوقت 14 مديرا لم يكن بينهم عربي سوى حسام السكري المدير الحالي الذي تمت تسميته مديرا قبل نهاية العام الماضي 2004 وباشر مهامه قبل بضعة اسابيع. «الشرق الاوسط» التقت الدكتور حسام السكري في مبنى الـ«بي.بي.سي» بمنطقة بوش هاوس وسط لندن وكان معه هذا الحوار:
* عند انطلاق (هنا لندن) العربية قبل 67 سنة كان الهدف من الاذاعة غيره الان فما هي التطورات او التعديلات التي طرأت على «الهدف» خصوصا في تكاثر المحطات الاذاعية (المسموعة والمشاهدة)التي تبث من دون قيود؟ ـ نحن الان لا نقول الاذاعة، ولكننا نقول القسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية نظرا لان طبيعة خدمات «بي.بي.سي» الان هي خدمات اذاعية وخدمات على شبكة الإنترنت. وتحدد الهدف في جملة من المحاور اهمها : تقديم المعلومة للمستمع العربي ولمستخدم الإنترنت العربي. واصبحنا نهتم بالجانب التعليمي والتربوي من خلال خدمات تعليمية مباشرة مثل تعليم اللغة الانجليزية على الشبكة او في الاذاعة، او حتى من خلال الطريقة والكيفية التي نتعامل بها مع الأخبار التي نحرص على ان يكون فيها جانب تثقيفي.
واصبحنا نحرص على ان نقدم للمستمع ولمستخدم شبكة المعلومات نوعا من المتعة ولا اقول التسلية. حيث ان فكرتنا في هذا الاتجاه لا تتمثل فقط في نقل المعلومات ولكن في صياغتها يشكل يجعل الاستماع للاذاعة او تصفح موقعها على الإنترنت عملية ممتعة.
* تذكرون انه في زمن سيطرة «الراديو«كانت «هنا لندن» لا يكاد يخلو بيت او مصلحة من هذه العبارة سواء في الصباح او الظهيرة او المساء، ربما لانها كانت تقدم المعلومة في حينها وتكشف الكثير مما تحاول بعض الجهات التستر عنه، وقد عبر عن ذلك الفن العربي حينما ورد في نص مسرحي عربي: «افتح الراديو ع اذاعة لندن يا ولد تا نسمع اخبار الضيعة!»، فما مصير هذه المكانة؟
وهل تأثرت بتزايد اتشار القنوات الفضائية، اعني هل انحسر عدد مستمعيكم؟ ـ بي.بي.سي العربية لها جمهور واسع، ومرتبط بالإذاعة منذ زمن طويل. لكن سوق الاعلام اليوم تغيرت معالمه. ففي الماضي كانت الخيارات محدودة. ولم يكن هناك سوى خيارين:
اما «بي.بي.سي» العربية او اذاعة لندن كما كانت تسمى، واما الاعلام الرسمي الحكومي. ولكن في العقد الماضي، وربما بعد دخول عصر الفضائيات التي استتبع دخولها تغيّر طبيعة تقديم المادة الاعلامية حتى في التلفزيونات الحكومية.
اي اننا اصبحنا نشاهد في وسائل الاعلام الحكومية والرسمية الان محاولة لبث اشكال من المناقشة، والبرامج الحوارية. الى جانب نقل الاخبار (الى حد ما بشكل مباشر، وربما اسرع عن ذي قبل. ولكن تظل هناك حاجة لـ«بي.بي.سي» لان ما يقدم اليوم في سوق الاعلام، وحتى من خلال الفضائيات التي كان تأتير بي.بي.سي عليها واضحا منذ انشاء تلفزيون بي.بي.سي العربي عام 1994 وحتى عام 1996.
فمدرسة بي.بي.سي هي التي خرجت معظم كوادر العمل الصحافي الاذاعي التي سيرت فيما بعد الفضائيات العربية. واعتقد ان الحاجة ملحة لتفهم ان المستهلك العربي اصبح حريصا على ان تكون المعلومة المقدمة اليه متجردة بقدر كبير من الاهواء ومن الارتباطات السياسية، وهذه هي رؤية بي.بي.سي العربية، لاننا ندرك جيدا ان المنافسة كبيرة علي وقت المستمع والمشاهد ومتصفح الإنترنت ايضا. فاليوم ليس فيه اكثر من 24 ساعة، والساعات المتاحة للاستمتاع والمشاهدة محدودة، وبالطبع هناك انماط من الاستهلاك للمعلومة تختلف باختلاف الوقت.
ففي المساء تكون هناك غلبة للمشاهدة التلفزيونية لان جل الناس يعودون الى منازلهم ويتناولون طعامهم ويشاهدون التلفزيون. اما الفترة الصباحية فهي الوقت المناسب الذي بدأنا نركز جهودنا علي الاستفادة منه بالوصول الى اكبر قدر من المستمعين والمتصفحين خلال ما يعرف بفترة الافطار الصباحي التي تتباين وتختلف بتباين واختلاف الاوقات في العالم العربي، ونركز في هذه الفترة علي تقديم وجبات برامجية اخرى نعتقد انها جذابة وممتعة، ومتميزة للمستمع العربي الذي يفضل الاستماع اليها في بي.بي.سي العربية عن مشاهدة الفضائيات.
* تسرب الكثير من كوادر الـ«بي.بي.سي» العربية الى المحطات الفضائية المنشأة حديثا فما هي خططكم بشأن بناء كوادر جديدة لها نفس تميز الكوادر المتسربة؟ ـ ما يوصف بانه «تسرب» لكوادر الـ«بي.بي.سي» لاعتبره ظاهرة صحية، وهي تمنحنا فرصة لتجديد قوى الانتاج البشرية داخل المؤسسة بانخراط المزيد من العاملين في مدرستنا الاعلامية. وعلى جانب اخر اعتبره جزءا من اسهام بي.بي.سي الاجتماعي والتقني في الحقل الاعلامي. فان يصل اناس الى درجة عالية من الكفاءة تجعل المؤسسات الاخرى تجتذبهم للعمل لديها مسألة لا تزعجنا بل تجعلنا فخورين باننا نشرنا مفهومنا الإعلامي من خلال انتشار كوادرنا في مؤسسات أخرى.
* هذا يعني انه لديكم خطة لتكوين كفاءات جديدة تدعم مصدر فخركم وتميز اصوات «هنا لندن» التي تنطلق عبر الاثير كما حدث في السنين الماضية من ـ على سبيل المثال مديحة المدفعي وهدى الرشيد والمرحومين محمد مصطفى رمضان وماجد سرحان، ورشاد رمضان وحسن معوض وغيرهم ممن تطول قائمة اسمائهم؟
ـ نحن الان في سبيل تجديد صوت بي.بي.سي لادراكنا ان طبيعة الارسال وطبيعة التلقي اختلفت. ففي الماضي كنا نحتاج الى مذيعين لهم ثقلهم، ولهم شخصية وسلطة على المستمع!!. ولا اتصور ان هذه الوضعية يكن استمرارها في العصر الحالي. فربما نغير الرسالة الان الى مذيع ودود.
* في السابق كان هناك نوع من الارتياب بين اذاعتكم وبين الانظمة العربية لاعتقاد الكثير من تلك الانظمة انكم تمارسون عليها شيئا من الفضيحة. فهل لديكم مخطط لـ«تحسين» علاقتكم مع الانظمة اجمالا، والعربية على وجه الخصوص؟
ـ مخططاتنا بشكل عام لا يوجد فيها اية عدوانية لا مع نظام عربي بعينه ولا مع الأنظمة العربية جميعها، فنحن هدفنا هو التغطية بشكل حيادي. ولا نأخذ موقفا من قضية محددة حتى ولو كانت في ظاهرها قضية ايجابية، بمعنى اننا عندما نتلقى تقارير منظمات حقوق الانسان او جمعيات متابعة السجناء فاننا نضع هذه التقارير امام المعنيين بها من الدول ليردوا عليها، يناقشوها، يفندوها، يصححوا ما بها من التباسات، ونترك للمستمع ما اذا كان سيقتنع بهذا الجانب او ذاك. ولا توجد لدينا نية او رغبة في ان يفهم ان لنا علاقات غير صديقة مع اية جهة من الجهات سواء كانت حكومية ام غير حكومية.
واختتم الدكتور حواره مع «الشرق الاوسط» بالتأكيد علي نقطتين جوهريتين. الاولى ان تغطية الـ«بي.بي.سي» في العالم العربي تركزت في الماضي علي الجوانب السياسية، ما يعني ان ثمة تقصيرا في حق المستمع والمشاهد العربي الذي تطور مستوى وعيه بقضايا العلوم والتقنية. والثانية اعطاء مساحة للمستمع والداخل على الموقع الإلكتروني حتى يكون فاعلا في سبيل انتفاء احتكار الاعلاميين لوسائل الاعلام المستمرة منذ عقود، وهو الامر الذي بدأ في الزوال، ولا بد ان يزول نهائيا. وفي هذا السياق فان كلمة (بث) اصبحت كلمة غير منصفة لانها تعني البث في اتجاه واحد ونحن هنا نريدها ان تكون عملية ديناميكية متبادلة. وما يقدمه مستمعونا والداخلون على موقعنا اصبح الان جزءا حقيقيا من عملية الانتاج في بي.بي.سي لان العملية لم تعد محصورة في استقراء اراء المستمعين فيما تقدمه الاذاعة فقط بل اصبحت اكثر تفاعلا. واصبحوا يشاركون. بل هم الذين يختارون الموضوعات التي سنفتح الحوار حولها.