المهدى
02-19-2005, 12:42 PM
عدنان حسين
بالطبع ليس ابراهيم الاشيقر (الجعفري) واحمد الجلبي وعادل عبد المهدي افضل من في العراق من رجال ونساء لكي ينحصر الخيار بينهم فقط لتولي رئاسة الحكومة الانتقالية التي يفترض ان تتشكل الشهر المقبل بعد التئام الجمعية الوطنية الانتقالية. ففي العراق تحتشد الكفاءات في شتى الاختصاصات، وبينها السياسية، احتشادا، وبالامكان تشكيل عشرين حكومة من ارفع مستوى من هذه الكفاءات.. لكنها لعبة الديمقراطية التي لم يتعرف العالم بعد الى ما هو افضل منها، فمن قواعد هذه اللعبة ان تتولى الاغلبية المنتخبة السلطة لفترة من الوقت محددة في القانون الاساسي. والاغلبية الفائزة في الانتخابات ليست بالضرورة افضل من الاقلية الخاسرة، كما ان زعامة الاغلبية ليست حتما افضل ما لدى هذه الاغلبية.
وعلى اية حال فاذا كان لا مناص للعراقيين من اختيار احد الثلاثة، الجعفري والجلبي وعبد المهدي، دون غيرهم فان الخيار الانسب والاصلح في هذه المرحلة هو الذي استبعدته لائحة «الائتلاف العراقي الموحد» من سباقها في بداية انطلاقته: عبد المهدي.
الجعفري رجل دين غير معمم وزعيم حزب ديني ـ طائفي.. متعصب لدينه وطائفته وحزبه. والعراق في هذا الوقت لا يلزمه حاكم من هذا النوع، هو في الجوهر صورة من حكام العراق السابقين منذ نوري السعيد حتى صدام حسين. فضلا عن هذا لم يثبت الجعفري خلال ترؤسه مجلس الحكم وتوليه منصب نائب الرئيس بعد ذلك انه رجل دولة من الطراز الذي تمس اليه حاجة العراق في الوقت الراهن. واكثر من هذا ان الجعفري لم يبرهن على وطنية عراقية اقوى من عصبويته الطائفية، فالعراقيون لم يشهدوا له موقفا صلبا حيال التدخلات الايرانية المفضوحة المتواصلة حتى الان في الشؤون الداخلية للعراق.
اما الجلبي فمشكلته اكبر بكثير، فهو ذو ماض اقل ما يقال فيه انه ملتبس: لم يعش طويلا في العراق.. لم يكابد ما كابده الآخرون ممن عانوا عسف دكتاتورية صدام حسين.. محكوم عليه في قضية جنائية... غير مرغوب فيه من معظم جيران العراق، وليس الاردن وحده، والعراق يحتاج امس الحاجة الى جيرانه والوفاق معهم الان وفي المستقبل، والان اكثر من المستقبل. وبعدما كان مواليا بتطرف للولايات المتحدة يظهر الجلبي الآن ولاء لإيران (لمصالحه في الواقع) بطريقة يتردد في التعبير عنها حتى زعماء المنظمات الشيعية الاكثر صلة بالاجهزة الايرانية. وزيادة على هذا كله فان الجلبي اعلن عدة مرات في الماضي انه لا يطمع في أي منصب في عراق ما بعد صدام حسين وان مهمته ستنتهي بتحرير العراق من صدام. واذا ما تولى الجلبي رئاسة الحكومة الانتقالية او أي منصب آخر سيظل العراقيون يشكون في أي وعد يعطيه او أي عهد يقطعه على نفسه. وبالطبع سيكون للعراقيين كل الحق في ذلك.
عبد المهدي سياسي متدين، متحرر من قيود التعصب الديني او الطائفي او السياسي.. اختصاصي (تكنوقراط) في الميدان الاهم: الاقتصاد.. يبدو متواضعا، وهذا شأن كل ذي كفاءة.. تاريخه الشخصي لا ينطوي على ما يشين.. له علاقات حسنة مع دوائر اوروبية يحتاج العراق الى انخراطها في عملية اعادة إعماره سياسيا واقتصاديا، وموازنة النفوذ الاميركي، والعراق في وضعه الراهن أحوج الى قادة من طراز عبد المهدي اكثر مما من طراز الجعفري والجلبي، وستكون خسارة للعراق ولـ «الائتلاف» نفسه ألا يقع الخيار على عبد المهدي ما دام هذا الخيار محصورا بين هؤلاء الثلاثة وحدهم.
a.hussein@asharqalawsat.com
بالطبع ليس ابراهيم الاشيقر (الجعفري) واحمد الجلبي وعادل عبد المهدي افضل من في العراق من رجال ونساء لكي ينحصر الخيار بينهم فقط لتولي رئاسة الحكومة الانتقالية التي يفترض ان تتشكل الشهر المقبل بعد التئام الجمعية الوطنية الانتقالية. ففي العراق تحتشد الكفاءات في شتى الاختصاصات، وبينها السياسية، احتشادا، وبالامكان تشكيل عشرين حكومة من ارفع مستوى من هذه الكفاءات.. لكنها لعبة الديمقراطية التي لم يتعرف العالم بعد الى ما هو افضل منها، فمن قواعد هذه اللعبة ان تتولى الاغلبية المنتخبة السلطة لفترة من الوقت محددة في القانون الاساسي. والاغلبية الفائزة في الانتخابات ليست بالضرورة افضل من الاقلية الخاسرة، كما ان زعامة الاغلبية ليست حتما افضل ما لدى هذه الاغلبية.
وعلى اية حال فاذا كان لا مناص للعراقيين من اختيار احد الثلاثة، الجعفري والجلبي وعبد المهدي، دون غيرهم فان الخيار الانسب والاصلح في هذه المرحلة هو الذي استبعدته لائحة «الائتلاف العراقي الموحد» من سباقها في بداية انطلاقته: عبد المهدي.
الجعفري رجل دين غير معمم وزعيم حزب ديني ـ طائفي.. متعصب لدينه وطائفته وحزبه. والعراق في هذا الوقت لا يلزمه حاكم من هذا النوع، هو في الجوهر صورة من حكام العراق السابقين منذ نوري السعيد حتى صدام حسين. فضلا عن هذا لم يثبت الجعفري خلال ترؤسه مجلس الحكم وتوليه منصب نائب الرئيس بعد ذلك انه رجل دولة من الطراز الذي تمس اليه حاجة العراق في الوقت الراهن. واكثر من هذا ان الجعفري لم يبرهن على وطنية عراقية اقوى من عصبويته الطائفية، فالعراقيون لم يشهدوا له موقفا صلبا حيال التدخلات الايرانية المفضوحة المتواصلة حتى الان في الشؤون الداخلية للعراق.
اما الجلبي فمشكلته اكبر بكثير، فهو ذو ماض اقل ما يقال فيه انه ملتبس: لم يعش طويلا في العراق.. لم يكابد ما كابده الآخرون ممن عانوا عسف دكتاتورية صدام حسين.. محكوم عليه في قضية جنائية... غير مرغوب فيه من معظم جيران العراق، وليس الاردن وحده، والعراق يحتاج امس الحاجة الى جيرانه والوفاق معهم الان وفي المستقبل، والان اكثر من المستقبل. وبعدما كان مواليا بتطرف للولايات المتحدة يظهر الجلبي الآن ولاء لإيران (لمصالحه في الواقع) بطريقة يتردد في التعبير عنها حتى زعماء المنظمات الشيعية الاكثر صلة بالاجهزة الايرانية. وزيادة على هذا كله فان الجلبي اعلن عدة مرات في الماضي انه لا يطمع في أي منصب في عراق ما بعد صدام حسين وان مهمته ستنتهي بتحرير العراق من صدام. واذا ما تولى الجلبي رئاسة الحكومة الانتقالية او أي منصب آخر سيظل العراقيون يشكون في أي وعد يعطيه او أي عهد يقطعه على نفسه. وبالطبع سيكون للعراقيين كل الحق في ذلك.
عبد المهدي سياسي متدين، متحرر من قيود التعصب الديني او الطائفي او السياسي.. اختصاصي (تكنوقراط) في الميدان الاهم: الاقتصاد.. يبدو متواضعا، وهذا شأن كل ذي كفاءة.. تاريخه الشخصي لا ينطوي على ما يشين.. له علاقات حسنة مع دوائر اوروبية يحتاج العراق الى انخراطها في عملية اعادة إعماره سياسيا واقتصاديا، وموازنة النفوذ الاميركي، والعراق في وضعه الراهن أحوج الى قادة من طراز عبد المهدي اكثر مما من طراز الجعفري والجلبي، وستكون خسارة للعراق ولـ «الائتلاف» نفسه ألا يقع الخيار على عبد المهدي ما دام هذا الخيار محصورا بين هؤلاء الثلاثة وحدهم.
a.hussein@asharqalawsat.com