المهدى
02-18-2005, 09:57 AM
كتب فاخر السلطان
في شهر محرم من كل عام، حيث يحيي المسلمون، وبخاصة الشيعة الامامية، ذكرى مقتل الحسين بن علي بن ابي طالب واهل بيته على يد جيش يزيد بن معاوية بن ابي سفيان في المعركة المعروفة باسم الطف في ارض كربلاء، تثار قضية الشعائر الحسينية لتتذكر «مصاب» الحسين بوصفه موضوع جدل واسع بين المسلمين وبالذات بين افراد المذهب الامامي، حيث يسير في منحى يعكس خلافا فكريا واسعا، اذ يطالب البعض باصلاح الشعائر ويرفض الاعتراف ببعضها مثل «التطبير» (ضرب الرؤوس والابدان بالسيوف والسلاسل الحادة الى حد إدمائها) كشعيرة دينية ذات دلالات شرعية وعقلية وآخر يقبلها الى حد معاكس في الدلالة للحالة الاولى وثالث لا يبالي بالطرفين ويطالب بصناعة فهم ديني جديد قائم على نقد تاريخ الرواية،
ففي الوقت الذي يقول فيه المرجع الشيعي الراحل محمد الشيرازي في كتابه المعنون بـ «عاشوراء والقرآن المهجور» عن جماعة من شيعة الهند زاروه في منزله بمدينة «قم» المقدسة في ايران، وجميعهم - على ما يذكر من الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين الخامسة والثلاثين والخامسة والاربعين وسألهم عن سبب مجيئهم فاخبروه أنهم سمعوا باسمه في الهند حينها وقرروا زيارته واخبروه انهم كانوا في الاصل من الهندوس وحكوا له قصة تشيعهم من خلال قصة الحسين بن علي وخلاصتها موضوعان يرتبطان بالحسين اولهما «التطبير» على الحسين وثانيهما: عزاء الدخول في النار حيث يهتف البعض بشعار «يا حسين» ويدوسون باقدامهم على الجمر!
يقول شيوخ دين شيعة، مثل ا لشيخ اللبناني حيدر حب الله، إن فريقا من كبار العلماء المصلحين، كان من اولهم محسن الامين، ومن آخرهم مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، وبينهم الكثير من العلماء كالمطهري ومحمد حسين فضل الله، سعوا الى اصلاح الشعائر الحسينية، وقد شكلت رسالة «التنزيه» للأمين عام 1346هـ منعطفا في التاريخ الحديث للطائفة الشيعية الامامية، على الرغم مما لاقاه صاحبها من حملات طالت المرجع الديني ابا الحسن الاصفهاني آنذاك لدفاعه عن آراء الأمين الاصلاحية.
ويقول حب الله إنه قد تتنوع جهات الاصلاح اللازمة في الشعائر الحسينية وامثالها، ويقف على رأسها ضرورة تصفية نصوص السيرة الحسينية التاريخية من الاكاذيب والاساطير التي اختلفت عبر الزمن، ولم يكن لها من وجود في مصادر الحديث ولا التاريخ ولا التراث، وانما صنعتها العقلية الشعبية او ما بحكمها. ويؤكد أن هذه الضرورة ضرورة علمية ومعرفية، كما انها ضرورة توعوية وتربوية في الوقت عينه.
ويضيف إنه «لا يعني ذلك أبدا تنحية كل نص تاريخي لا تستسيغه عقولنا العادية او تجده خلاف المألوف، وانما تنحية ما تقوم الشواهد التاريخية او العقلية او الشرعية او.. على نفيه، وفق منهج ينبغي تحديده على اسس علمية وضوابط منطقية، تخضع لنظريات مدروسة ومبرهن عليها في قراءة التاريخ، لا لأيديولوجيات مسقطة تهدف التزييف».
ويؤكد حب الله ان من عناصر الاصلاح الضرورية، اصلاح المظاهر العامة، واعادة النظر فيها وفق الموازين الشرعية والعقلية والانسانية، ثمة مظاهر يجب نقدها لتقديم صورة اكثر جمالية وتأثيرا في القلوب عن الثورة الحسينية، فمظاهر مثل التطبير، ووضع الاقفال على الابدان، وضرب السلاسل، واللطم العنيف المدمي، وشبه التعري الموجود احيانا والمشي على النيران، والزحف على ابواب المراقد المطهرة للمعصومين «ائمة الشيعة الاثني عشر»، ونعت الذات ببعض النعوت.. وغير ذلك من المظاهر، لم يقم عليها من وجهة نظرنا دليل شرعي، بل باتت اليوم سلاحا لتشويه المذهب الامامي في ارجاء المعمورة.
ويطالب حب الله بإصلاح وتطوير آليات عرض الثورة الحسينية «فليست المجالس العزائية المتداولة هي السبيل الوحيد لنشر ثقافة الثورة، بل قد استجدت طرق يمكن اضافتها الى ما كان، فادخال الثورة الحسينية الى دور السينما، والى التلفزيون والفضائيات والكمبيوتر، وللاطفال والشبان، قصة ورواية وحكاية وكلها وسائل جديدة يمكن توفيرها لخدمة الاهداف الحسينية الكبرى».
ومحمد حسين فضل الله، الذي سبق ذكره، تعرض لحملة حادة جراء اعلانه رسميا حرمة ضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسلاسل، طالت انتقاداته ايضا نصوص السيرة الحسينية باعتبار ان المجالس الحسينية من ابرز وجوه الاحتفال، وذلك من خلال رفض كل اشكال التحريف او المبالغة في سرد الوقائع التاريخية، حيث دعا الى نقد النصوص علميا وموضوعيا لاعادتها الى واقعيتها قدر الامكان.
يقول فضل الله ان المطهري في كتابه «الملحمة الحسينية» اثار كثيرا من علامات الاستفهام حول كثير من الروايات، ويعتقد فضل الله ان عرض السيرة الان اصبح يصطدم بالكثير من القضايا والقصص والاجواء التي يمكن ان تثير علامات الاستفهام.
ويضيف «لعل حجة الكثيرين ممن يرفضون الدخول في النقد العلمي الموضوعي لمثل هذه القصص او الاحاديث، ان المسألة هي من المسائل التي يراد بها اثارة المأساة، وليست هناك اية مشكلة تتصل بالجانب العقيدي، او تتصل بالقضايا السلبية في واقع السلوك الاسلامي في خط القضية الحسينية، ولا سيما ان هذا قد يستثير الكثير من ردات الفعل الشعبية، باعتبار ان الكثير من هذه المفاهيم دخلت في عمق الحس الشعبي».
ويضيف «لكننا لا نوافق هؤلاء، ونجد ان من الضروري نقد نص السيرة الحسينية، كنقد اي نص تاريخي، لان التاريخ وان ابتعد عنا فهو قد دخل في وجداننا الثقافي، واحساسنا الديني، وحركتنا السياسية، وبناء على ذلك فعندما نقدم بعض الصورة غير الواقعية، على انها تمثل الشرعية، باعتبار انها تنسب الى الحسين، الامام الذي يعتبر قوله وفعله يمثلان الخط الشرعي الصحيح، فإن ذلك سوف يدخل حتى في حركتنا الثورية فيما هو شرعي وما هو غير شرعي».
في شهر محرم من كل عام، حيث يحيي المسلمون، وبخاصة الشيعة الامامية، ذكرى مقتل الحسين بن علي بن ابي طالب واهل بيته على يد جيش يزيد بن معاوية بن ابي سفيان في المعركة المعروفة باسم الطف في ارض كربلاء، تثار قضية الشعائر الحسينية لتتذكر «مصاب» الحسين بوصفه موضوع جدل واسع بين المسلمين وبالذات بين افراد المذهب الامامي، حيث يسير في منحى يعكس خلافا فكريا واسعا، اذ يطالب البعض باصلاح الشعائر ويرفض الاعتراف ببعضها مثل «التطبير» (ضرب الرؤوس والابدان بالسيوف والسلاسل الحادة الى حد إدمائها) كشعيرة دينية ذات دلالات شرعية وعقلية وآخر يقبلها الى حد معاكس في الدلالة للحالة الاولى وثالث لا يبالي بالطرفين ويطالب بصناعة فهم ديني جديد قائم على نقد تاريخ الرواية،
ففي الوقت الذي يقول فيه المرجع الشيعي الراحل محمد الشيرازي في كتابه المعنون بـ «عاشوراء والقرآن المهجور» عن جماعة من شيعة الهند زاروه في منزله بمدينة «قم» المقدسة في ايران، وجميعهم - على ما يذكر من الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين الخامسة والثلاثين والخامسة والاربعين وسألهم عن سبب مجيئهم فاخبروه أنهم سمعوا باسمه في الهند حينها وقرروا زيارته واخبروه انهم كانوا في الاصل من الهندوس وحكوا له قصة تشيعهم من خلال قصة الحسين بن علي وخلاصتها موضوعان يرتبطان بالحسين اولهما «التطبير» على الحسين وثانيهما: عزاء الدخول في النار حيث يهتف البعض بشعار «يا حسين» ويدوسون باقدامهم على الجمر!
يقول شيوخ دين شيعة، مثل ا لشيخ اللبناني حيدر حب الله، إن فريقا من كبار العلماء المصلحين، كان من اولهم محسن الامين، ومن آخرهم مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي، وبينهم الكثير من العلماء كالمطهري ومحمد حسين فضل الله، سعوا الى اصلاح الشعائر الحسينية، وقد شكلت رسالة «التنزيه» للأمين عام 1346هـ منعطفا في التاريخ الحديث للطائفة الشيعية الامامية، على الرغم مما لاقاه صاحبها من حملات طالت المرجع الديني ابا الحسن الاصفهاني آنذاك لدفاعه عن آراء الأمين الاصلاحية.
ويقول حب الله إنه قد تتنوع جهات الاصلاح اللازمة في الشعائر الحسينية وامثالها، ويقف على رأسها ضرورة تصفية نصوص السيرة الحسينية التاريخية من الاكاذيب والاساطير التي اختلفت عبر الزمن، ولم يكن لها من وجود في مصادر الحديث ولا التاريخ ولا التراث، وانما صنعتها العقلية الشعبية او ما بحكمها. ويؤكد أن هذه الضرورة ضرورة علمية ومعرفية، كما انها ضرورة توعوية وتربوية في الوقت عينه.
ويضيف إنه «لا يعني ذلك أبدا تنحية كل نص تاريخي لا تستسيغه عقولنا العادية او تجده خلاف المألوف، وانما تنحية ما تقوم الشواهد التاريخية او العقلية او الشرعية او.. على نفيه، وفق منهج ينبغي تحديده على اسس علمية وضوابط منطقية، تخضع لنظريات مدروسة ومبرهن عليها في قراءة التاريخ، لا لأيديولوجيات مسقطة تهدف التزييف».
ويؤكد حب الله ان من عناصر الاصلاح الضرورية، اصلاح المظاهر العامة، واعادة النظر فيها وفق الموازين الشرعية والعقلية والانسانية، ثمة مظاهر يجب نقدها لتقديم صورة اكثر جمالية وتأثيرا في القلوب عن الثورة الحسينية، فمظاهر مثل التطبير، ووضع الاقفال على الابدان، وضرب السلاسل، واللطم العنيف المدمي، وشبه التعري الموجود احيانا والمشي على النيران، والزحف على ابواب المراقد المطهرة للمعصومين «ائمة الشيعة الاثني عشر»، ونعت الذات ببعض النعوت.. وغير ذلك من المظاهر، لم يقم عليها من وجهة نظرنا دليل شرعي، بل باتت اليوم سلاحا لتشويه المذهب الامامي في ارجاء المعمورة.
ويطالب حب الله بإصلاح وتطوير آليات عرض الثورة الحسينية «فليست المجالس العزائية المتداولة هي السبيل الوحيد لنشر ثقافة الثورة، بل قد استجدت طرق يمكن اضافتها الى ما كان، فادخال الثورة الحسينية الى دور السينما، والى التلفزيون والفضائيات والكمبيوتر، وللاطفال والشبان، قصة ورواية وحكاية وكلها وسائل جديدة يمكن توفيرها لخدمة الاهداف الحسينية الكبرى».
ومحمد حسين فضل الله، الذي سبق ذكره، تعرض لحملة حادة جراء اعلانه رسميا حرمة ضرب الرؤوس بالسيوف والظهور بالسلاسل، طالت انتقاداته ايضا نصوص السيرة الحسينية باعتبار ان المجالس الحسينية من ابرز وجوه الاحتفال، وذلك من خلال رفض كل اشكال التحريف او المبالغة في سرد الوقائع التاريخية، حيث دعا الى نقد النصوص علميا وموضوعيا لاعادتها الى واقعيتها قدر الامكان.
يقول فضل الله ان المطهري في كتابه «الملحمة الحسينية» اثار كثيرا من علامات الاستفهام حول كثير من الروايات، ويعتقد فضل الله ان عرض السيرة الان اصبح يصطدم بالكثير من القضايا والقصص والاجواء التي يمكن ان تثير علامات الاستفهام.
ويضيف «لعل حجة الكثيرين ممن يرفضون الدخول في النقد العلمي الموضوعي لمثل هذه القصص او الاحاديث، ان المسألة هي من المسائل التي يراد بها اثارة المأساة، وليست هناك اية مشكلة تتصل بالجانب العقيدي، او تتصل بالقضايا السلبية في واقع السلوك الاسلامي في خط القضية الحسينية، ولا سيما ان هذا قد يستثير الكثير من ردات الفعل الشعبية، باعتبار ان الكثير من هذه المفاهيم دخلت في عمق الحس الشعبي».
ويضيف «لكننا لا نوافق هؤلاء، ونجد ان من الضروري نقد نص السيرة الحسينية، كنقد اي نص تاريخي، لان التاريخ وان ابتعد عنا فهو قد دخل في وجداننا الثقافي، واحساسنا الديني، وحركتنا السياسية، وبناء على ذلك فعندما نقدم بعض الصورة غير الواقعية، على انها تمثل الشرعية، باعتبار انها تنسب الى الحسين، الامام الذي يعتبر قوله وفعله يمثلان الخط الشرعي الصحيح، فإن ذلك سوف يدخل حتى في حركتنا الثورية فيما هو شرعي وما هو غير شرعي».