المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التفاؤل مفتاح الصحة الجيدة



تشكرات
07-29-2013, 01:10 AM
http://www.alqabas.com.kw:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2013/07/28/472231.gif (http://www.alqabas.com.kw/sites/default/files/article/original/2013/07/28/472231.gif)






فؤاد سلامة





حين تتسم بالمرح وتتعامل مع الحياة بالتفاؤل وتقابل الأوقات الصعبة بمزاج طيب، لا تقتصر النتائج على أن تكتسب حب كل من حولك، بل تكتسب أيضاً حب قلبك، لأنك تسدي له معروفاً لا يقدَّر بثمن، فصفاتك هذه تبعده وتبعد الشرايين أيضاً عن الأمراض وتحفظ الجميع في حالة صحية طيبة. هذا ما تؤكده دراسة نُشرت مطلع شهر يوليو الجاري في المجلة الأميركية لأمراض القلب للبروفيسورة ليزا يانك، أستاذة الطب الباطني في كلية الطب، التابعة لجامعة جون هوبكنز العريقة.
تقول البروفيسورة ليزا يانك في دراستها إن المرح والبهجة والتفاؤل صفات تحمي صحة القلب، وتقلل احتمالات إصابته بالنوبات وغيرها من المشاكل الصحية.
وتضيف أن للمزاج الطيب تأثيراً إيجابياً على الحالة الصحية للإنسان، وذلك من خلال متابعة الأوضاع الصحية لألف وأربعمائة وثلاثة وثمانين شخصاً يتمتعون بصحة جيدة، ومقارنتهم ببضعة آلاف يعانون بدرجات متفاوتة من أمراض القلب، على الرغم من أن الجميع، الأصحاء والمرضى، لم يتجاوزوا الستين من العمر. وخضع المشاركون في الدراسة لمتابعة دقيقة طوال خمسة وعشرين عاماً لمعرفة العلاقة بين الوراثة وتصلّب الشرايين، كانوا خلالها يملأون استمارات دورية عن أوضاعهم الصحية وما إذا كانوا راضين عن حياتهم، وعن مستوى قلقهم من هذه الأوضاع، وهل هم متفائلون أو متشائمون في حياتهم.
بعد مضي اثني عشر عاماً على بدء الدراسة لاحظ المشرفون أن 208 من المشاركين باتوا يعانون من مشاكل في الشريان التاجي، وتأكدوا من أن أولئك الذين تتسم شخصياتهم ومواقفهم بالإيجابية والتفاؤل والمرح كانت احتمالات إصابتهم بمثل هذه المشاكل الصحية أقل من غيرهم بنسبة الثلث تقريباً.
ليس هذا فقط، فقد تبين للمشرفين على الدراسة أن المشاركين المحتمل إصابتهم بمشاكل الشرايين، لكنهم واجهوا الموقف بالمرح والتفاؤل، حققوا تقدماً وتحسّنت أوضاعهم الصحية بنسبة %50 مقابل أولئك الذين واجهوا الموقف بالتشاؤم والوجوم.

التفاؤل مفتاح سحري
في شهر فبراير الماضي نشرت مجلة العلوم النفسية نتائج دراسة أثبتت وجود علاقة بين التفكير الإيجابي في الحياة والحالة الصحية الجيدة، فالتفاؤل كما تقول الدراسة يمكن أن يكون المفتاح السحري للصحة الجيدة وللعمر المديد أيضاً.
تقول الباحثة في كلية الطب لجامعة هارفارد جوليا بويم إن الصحة الجيدة لا تقتصر فقط على غياب الأمراض، بل على الطريقة التي ننظر فيها إلى الحياة ومتغيراتها، فالتفاؤل والسعادة والمرح يمكن أن تحمي القلب والشرايين من الأمراض ويمكن أن تقلل احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية أيضاً.
تمضي هذه الباحثة فتقول إن السعداء والمتفائلين وأصحاب المزاج الطيب والمرح في الحياة غالباً ما يتصرفون بطريقة صحية.. يمارسون الرياضة ويحرصون على تناول الصحي والمفيد من الطعام وينامون لساعات كافية وينخرطون في نشاطات اجتماعية.

السبب والنتيجة
هناك إجماع بين المتخصصين على وجود علاقة بين التفاؤل والصحة الجيدة، لكن البعض منهم يتساءل: أيهما قبل الآخر: التفاؤل والإيجابية أم الصحة الجيدة، وهل التفاؤل يؤدي إلى الصحة الجيدة، أم أن الأخيرة تسبب التفاؤل؟
يقول المتسائلون إن التفكير الإيجابي ربما يكون هو الدافع للتصرف بطريقة صحية وصحيحة في الحياة، مما يعني في النهاية تحسين العديد من العوامل كضغط الدم مثلاً، وفي المقابل فقد يكون التصرف الصحي والصحيح وتحسّن ضغط الدم هما السبب وراء تحسّن الحالة النفسية. وفي ما يلي بعض النتائج الصحية للتفاؤل والتفكير الإيجابي في الحياة:

التفاؤل والكوليسترول
تقول دراسة لباحثين من كلية الطب التابعة لجامعة هارفارد، نُشرت مطلع عام 2013 في المجلة الأميركية لأمراض القلب، إن المتفائلين في حياتهم كانت علاقتهم بالكوليسترول أفضل من غيرهم.. فالكوليسترول الجيد أعلى والكوليسترول السيئ أقل. كما أن مستويات الدهون الثلاثية لديهم أفضل من مستوياتها لدى أصحاب النظرة التشاؤمية في الحياة.

جهاز المناعة
تقول دراسة إن التفاؤل في الحياة والاحتفاظ بفكرة وردية عن مستجداتها يؤثر بصورة إيجابية على الجهاز المناعي.. يقويه ويزيده مناعة في مواجهة الأخطار الصحية التي تهدد الجسم.
فبعد متابعة الأوضاع الصحية لبضع مئات من طلاب السنوات الجامعية الأولى، وهي سنوات غالباً ما تشهد نجاحات دراسية وإخفاقات أيضاً، تبين أن استجابة الأجهزة المناعية لديهم تعتمد على ما إذا كانوا إيجابيين أو سلبيين في حياتهم.

الجلطة الدماغية
في أوسع دراسة من نوعها لمعرفة العلاقة بين التفكير الإيجابي واحتمالات الإصابة بالجلطات الدماغية، تمت متابعة الأوضاع الصحية لستة آلاف و44 رجلاً وامرأة لم يسبق لأي منهم أن أصيب بجلطة. ووضع المشرفون على الدراسة سلماً للتفاؤل من ست عشرة درجة، ومع كل درجة يحققها المشارك تقل احتمالات إصابته بالجلطة بنسبة %9.
في ختام الدراسة تأكدت العلاقة بين التفاؤل وانخفاض مخاطر الإصابة بالجلطات الدماغية، وبين التشاؤم وازدياد هذه المخاطر.

المواقف الصعبة
حين يواجه المرء موقفاً صعباً غالباً ما يسيطر عليه التوتر، وبالتالي يصعب عليه التفكير بصورة إيجابية، لكن هذا بالضبط ما يفعله التفاؤل الذي يعمل على تحسين الوضع بتخفيف التوتر، كما تؤكد الباحثة باربرا فريدريكسون في دراسة تقول فيها إن الشخص المتفائل غالباً ما ينجح في تفكيره الإيجابي في الخروج من المواقف الصعبة بأقل الخسائر الممكنة.
وتضيف أن للتفاؤل تأثيراً إيجابياً على التعافي من ضغوط الحياة، فحين يخاطب المرء جموعاً من الناس، غالباً ما تتسارع نبضات قلبه بسبب التوتر الشديد الذي يسيطر عليه في مثل هذه المواقف، لكن تبين أن نبضات القلب سرعان ما تعود إلى معدلها الطبيعي في حال كان المرء إيجابياً في تفكيره ومتفائلاً في نظرته إلى الحياة.
وفي دراسة ثانية لعدد من المتخصصين في علم النفس تبين أن المتفائل بإمكاناته أكثر قدرة من غيره على حل ما يواجهه من مشاكل في المواقف الصعبة والمتوترة.

يطيل العمر
بعد كل هذه النتائج خلص الباحثون والمتخصصون إلى حقيقة أن التفاؤل في الحياة يطيل العمر أيضاً. فالتفاؤل يقوّي جهاز المناعة ويقلل مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والجلطات الدماغية وأمراض القلب والشرايين والكوليسترول، وفي النهاية يمكن القول بكل ثقة: إن التفاؤل يطيل العمر أيضاً.
وفي دراسة أجريت عام 2012 على مائتين وثلاثة وأربعين شخصاً من المعمرين الذين تجاوزوا المائة، بهدف الوقوف على أسباب طول أعمارهم، تبين، كما يقول الباحث الدكتور نير برازيلاي، أنهم يتميزون بصفات تعكس نظراتهم ومواقفهم الإيجابية والمتفائلة في الحياة.