المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حالات طلاق وخلع بعد الستين والأسباب مسكوت عنها



مجاهدون
02-17-2005, 04:33 PM
طلاق خريف العمر


طلاق كبار السن حالة خاصة جدا من حالات «الفشل الزوجي» وأكثرها إيلاما للنفس، نظرا للعشرة الطويلة ولوجود أبناء كبار وغير ذلك من الأمور.
فإذا كانت الشريعة الإسلامية تجيز الطلاق لاستحالة العشرة بين الزوجين وتعتبره أبغض الحلال عند الله، فما الذي يدفع كبار السن إلى اعتباره الحل الوحيد، وكيف ينظرون إلى ما تبقى من سنين العمر بلا شريك بعد أن ذهب الشباب وحل المشيب؟

ربما يكون مقبولا أن تطلب الزوجة الشابة الطلاق بعدما أن تكتشف بخل زوجها الشديد، ولكن أن تطلب زوجة بلغت من العمر 62 عاما الطلاق من زوجها لأنها «لا تطيقه» فهذا ما لا يصدقه عقل، مع أنه حصل فعلا مع السيدة «ك.ح» التي فاجأت ابنيها بمجرد أن انتهى حفل زفاف أصغر أبنائها بقولها «الآن وبعد أن أتممت رسالتي على خير وجه، أطلب منكم أن تخلصوني من هذا الرجل». لم يصدق الابن الأكبر، وهو طبيب وله ثلاثة أبناء، ما سمعه من أمه العجوز، لكنها عادت لتؤكد أنها ترغب في الطلاق من أبيهم وعندما سألها عن السبب، أجابت بكل ثقة وقوة «لقد تحملته رغما عني طوال أكثر من 40 عاما من أجلكم. دفعت الثمن من شبابي وصحتي وأريد أن اقضي باقي عمري في هدوء بعد كل هذه السنوات من المعاناة».
وبالفعل أصرت الأم (الجدة) على الطلاق وانتقلت بإرادتها للعيش في شقة كانت قد ورثتها من أهلها.

أما الحالة التي تدعو للأسف فعلا فهي تلك التي شكت منها السيدة «ف.م»، 54 عاما، التي فوجئت بورقة طلاق غيابي تصلها من زوجها البالغ من العمر 70 عاما. والمؤسف أنه لم يكتف بهذا الأمر، بل أرسل يطالبها بإخلاء الشقة لأنه سيتزوج من فتاة صغيرة. طبعا فضلا عن الصدمة النفسية التي أصابتها، وجدت نفسها فجأة ومن دون مقدمات بلا مأوى، خاصة أن ابنها الوحيد متزوج في إحدى الدول الأوروبية، كما أن أحدا من أهلها لم يبق حيا ليرعاها، فضلا عن تدهور صحتها. وهناك حالات أخرى لا تقل مأساوية وغرابة، مثل حالة الخلع التي رفعتها زوجة في الثانية والستين من العمر، بعد أن رفض الزوج والأبناء طلبها بالطلاق، حفاظا على وظائفهم لأنهم في «مراكز حساسة». وفي جلسة الصلح التي تمت بينهما في المحكمة، رفضت كل محاولات الإصلاح. والحقيقة أن أكثر ما يثير الدهشة في حالات طلاق كبار السن هو «الإصرار» وعدم التراجع من الطرف الذي اتخذ القرار، وهذا الأمر لمسه المحامي عمرو الذكي، من خلال الحالات التي مرت عليه. ويؤكد أن الخلافات الزوجية موجودة بين الصغار والكبار على حد سواء «غير أن خبرة الكبار في الحياة جعلتنا نتعود منهم الحكمة، وننتظر أن تكون بيوتهم أشد صلابة في مواجهة الخلاف، لكن من خلال حالات الطلاق المتأخر التي واجهتني، أن هناك تراكمات قد تدفع الزوجة إلى مقاضاة زوجها لطلب الطلاق بغض النظر عما سيقال حولها، أو لأنها أصبحت لا تخشى على شيء بعد أن تزوج الأبناء».

وربما لهذا السبب يرى الدكتور مختار حسين، أستاذ الطب النفسي، أن تراكم الانفعالات لدى أي طرف، أخطر ما يهدد العلاقات الزوجية، لأنها تتحول إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، ولا تضع حسابات العقل أمام قرارها. وفي بعض الحالات يكون هناك إحساس متنام لدى كبار السن بقرب النهاية والرغبة في التخلص من أي ضغوط نفسية، واغتنام فرص الراحة والمتعة. لكن في أحيان أخرى نجد نوعا من المراهقة المتأخرة يصيب بعض الرجال، ولنفس السبب: الاحساس بنهاية الرحلة، خاصة بعد زواج الأبناء، ويحاول الزوج المسن البحث عن وسيلة تعيده إلى سنوات شبابه، فينفر من شريكة عمره إن كبرت ويرى في أي فتاة صغيرة إطالة لسنواته شبابه. هذه الحالات تستوجب تدخل الأبناء ومساعدة الآباء على إيجاد مشروعات مستقبلية تمنحهم الأمل وتمكنهم من الاستمتاع وتقبل المرحلة الحالية.

وتوصي الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، بضرورة تواصل الأبناء مع آبائهم، وعدم الانشغال عنهم، فقد يجد الآباء في أحفادهم رسالة أخرى تشعرهم بأن دورهم لم ينته، وأن الأسرة الكبيرة تحتاج إليهم.

ويحذر الدكتور معوض إبراهيم، من كبار علماء الأزهر الشريف، من مغبة الطلاق بين كبار السن، ويقول إن الطلاق يهتز له عرش الرحمن، فإن الذين عاشوا من الزواج والزوجات ووصلوا إلى أعلى السلم وجب عليهم ألا يلقوا سمعا لأي داع من دواعي الطلاق، فهو في هذه المرحلة أشد بغضا وقبحا. ويقول الله تعالى «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة». فما أحوج الزوجين للمودة والرحمة بعد أن يتقدم بهما العمر، ويصير كل منهما صديقا حميما للآخر.